ما يجري في كل بقعة اليوم في سوريا قصة صمود إعجازي، داريا والمعضمية والغوطة ودرعا وحماه وشمال حمص واللاذقية وحلب وكل محيطها، جيوشٌ كانت لتُهزم لكننا صامدون، حتى لو خسرنا قليلاً هنا أو هناك، سنتوازن ونستعيد المبادرة، وإن أردتم ان تتأكدوا فتابعوا قصص الصمود الإعجازية اليوم في كل بقعة أمام كل هذه الهجمة الوحشية، قصف في كل زاوية وبالكاد يتقدم الأعداء، ومن سمع ليس كمن رأى، فإذا هالنا ما نسمع، فكيف بما يجري على الأرض وسنستعيد بعد زمن كل ما خسرناه بإذن الله.
في المرة الأولى كدنا نسقط النظام فدخل الإيرانيون، في الثانية كدنا نسقط النظام والإيرانيين فدخل الروس ومعهم من وراء ستار الأمريكان وبعض الأوربيين ونصف العالم ونصف العرب والمسلمين وكل أنذال الأرض، واليوم بعد أن نتوازن ونمتص الهجمة الحالية كما فعلنا سابقاً فستأتي الثالثة، وفي الثالثة لن ينقذ النظام وحلفائه أحد بإذن الله.
لست خائفاً على الثورة السورية، نعم نمر بمرحلة صعبةٍ جداً لكنها ليست أكثر صعوبة من تلك الأيام عندما انطلقت الثورة سلمية وكان النظام يصطادنا كالعصافير ولا حول لنا ولا قوة إلا “ما لنا غيرك يا الله” وتقدمنا منتصرين، وليست أصعب من المعارك الأولى بسلاحنا البسيط والنظام لا زال بكل جبروته وتقدمنا منتصرين، وليست أصعب من دخول الإرهابيين الإيرانيين وأدواتهم علناً برضى دولي أمريكي وتخاذل حلفائنا فتراجعنا قليلاً ثم عدنا منتصرين وكدنا نسقط النظام، وأخيراً دخل الأنذال الروس ووقف كل من حولنا عاجزين خائفين خلفنا، وكما انتصرنا بالأمس ستنتصر غداً بإذن الله، أنا واثقٌ بما لدينا وواثقٌ بما هو نحن، لدينا ثوار سوريون يحسدهم صحابة رسول الله، لدينا شعب سوري أصيل عظيم يصنع معجزة لم يشهد لها التاريخ مثيلاً، والأهم أننا نثق بأن الله بإذنه لن يخزينا، ولن يخزي أمثال هكذا ثوار وهكذا شعب نصره على مدى خمس سنوات مضت وسينصره غداً بإذن الله، وما يجري على الأرض اليوم ليس هزيمة بل صموداً إعجازياً بطعم النصر، وقريباً سنتوازن ونمتص الهجمة ونجد طرقاً أخرى ونستمر كما فعلنا سابقاً لنعود من جديد للهجوم واستئصال النظام نهائيا وإلى الأبد هذه المرة، فاصبروا وأنتم الأعلون.
كلما احتجتم مزيداً من التصميم والغضب استعرضوا جرائم النظام، راجعوا المقاطع المصورة والصور، عودوا إلى ما فعلوه من جرائم ومجازر وشماتة وتشبيح وسرقة وإهانة، تذكروا كيف داسوا أهلنا في البيضا وبعد عام ونصف ذبحوهم، تذكروا مجازر بانياس ودرايا والحولة ومجزرة الكيماوي وكيف كانوا جميعاً يرقصون فرحاً بكبيرهم وصغيرهم رجالهم ونسائهم، تذكروا شهداء الجوع في الزبداني ومضايا واليرموك والغوطة والمعضمية وحمص القديمة والوعر، تذكروا الإهانة لمعتقدكم وقرآنكم ومساجدكم، تذكروا شهدائكم تحت القصف وكيف كان مؤيدي النظام يرقصون فرحاً ويرتمون شكراً تحت أقدام الروس الذين يقصفون مستشفياتنا ومدارسنا، تذكروا شهداءنا وهم يموتون ألف مرة تحت التعذيب، تذكروا عشرات آلاف المغتصبات، تذكروا حمزة الخطيب وثامر الشرعي وأطفال درعا وأن من قتلوهم لا زالوا يتلقون الأوسمة، تذكروا كم حلم المعتقلين الراحلون والمصطفون المنتظرين مصيرهم بلحظة تحرير.
تذكرا، حتى اللحظة لم يعترفوا يوماً بكبيرهم وصغيرهم بحقكم في بعض الكرامة، لم يعترفوا بأن هناك ثورة، بل لا زالوا يقولون خلف كبيرهم السفاح إنها إرهاب، تذكروا أنه حتى اللحظة لا يجرؤ أحد منكم يعيش في المناطق التي يحتلها النظام أن يقول كلمة نقد مهما كانت صغيرة خجولة، لا يستطيع أن يتعاطف مع ماساة إخوته على بعد بضع مئات من الأمتار فالويل والثبور والتخوين والاعتقال ينتظره إن لم يرقص فرحاً مع كل قذيفة تقتل طفلاً منكم.
كلما احتجتم لطاقة للاستمرار اعلموا أن لا عودة ولا عدالة ولا حقوق إلا بالاستمرار مهما كان الثمن، لا تتوهموا أن هناك تسوية ممكنة، فلا تستسلموا للمثبطين والمستسلمين والحالمين، وتذكروا، كلما زاد قتل أطفالنا رقصوا فرحاً فمن الذي يجرب استثارة عواطفهم؟ من الذي يشق صفوفكم ويثبطكم وأنتم في قلب معركة وجود لا ترحم، قاتلوا في أي موقع كنتم به، بالسلاح بالفكرة بالصوت بالصبر وبالتصميم على المتابعة دون تسويات حتى استئصال النظام الطائفي بكل تفاصيله، قاتلوا وأنتم على يقين أن ظهركم للحائط مع هذا النظام وحلفاءه الذين ينتظرون لحظة ضعفنا ليفتكوا بنا نهائياً وليكون ما حصل لنا حتى الآن مزحة أمام ما ينتظرنا من هؤلاء الأنذال، وتذكروا أن مؤيدي النظام الطائفيين ينتظرون لحظة ضعفكم ليجهزوا عليكم ويستولوا على سورياكم بدون أهلها، بدونكم، تذكروا أن لا عودة إلى سوريانا مادام فيها النظام وحلفاؤه ومؤيديه الباحثين عن استئصالكم.
هؤلاء ومؤيديهم أعداء سفلة لا دين لهم ولا أخلاق ولا وطنية، هم حثالة ما أنتج التاريخ فلا تتوقعوا خيراً منهم، هل سمعتم قذراً منهم قال كلمة تعاطف بحقنا منذ خمس سنوات ونحن نتعرض لكل هذا الظلم، بل يقولون بنفس واحد كلما عانينا ومات أبناؤنا “بيستاهلوا”، سمعتها بأذني من طائفية قالت عن حمزة الخطيب “بيستاهل لأنو قليل ترباية”، لم ولن يكونوا شركاء في الوطن، وفالوطن يئن من قذارتهم وفسادهم وعمالتهم، اختاروا أن أن يحتلوه ويطردونا منه وهو لنا، فأحرى بنا ان نحرره ونرميهم خارجه.
تذكروا، إما أن تنتصروا عسكرياً أو تخسروا كل شيء، إما أن تسحقوهم أو سيسحقونكم كما يسعون جاهدين منذ خمس سنوات، إما أن تنظفوا سوريا منهم أو لن تعودوا أبداً إلى بلادكم، وسيحتلون بيوتكم كما يجرى في كل مكان هجروكم منه، وحمص واللاذقية وجبالها تصرخ بذلك هذه الأيام، ستضيع دماء معتقليكم ولن يخرج معتقل ولن تحصلوا على شيء إلا الذل، سيرقص القتلة واللصوص على أجسادكم، تذكروا كل ذلك لتحملوا في قلوبكم تصميماُ لن تستطيع قوى الأرض هزيمته، تذكروا اننا نقاتل وظهرنا للحائط وهنا مكمن قوتنا بعد الاتكال على الله إنها معركة وجود لا تسوية فيها كما اختارها النظام ومؤيديه وحلفاؤه، إما كل شيء أو لاشيء، فماذا تختارون؟ وتذكروا أن لا مجال للتوقف ولو قبل خطوة، فإما نحن أو النظام، إما كل شيء أو لا شيء، هكذا يفكر أعدائنا وهكذا علينا أن نفكر، وبعون الله سننتصر.
كلما احتجتم لما يؤكد لكم أن النصر قادم بإذن الله مهما تكالبت المؤامرات وحاولوا تصوير انتكاسة هنا أو هناك على أنها نهاية العالم، تذكروا كيف كنا أذلاء منذ خمس سنوات وكيف نحن اليوم وكيف هو النظام الطائفي وأجهزته اليوم فئران وخدم أذلاء لفئران إيرانيين وروس،
استعرضوا الشهداء والمعتقلين والمتظاهرين والمقاتلين وكيف كانوا ولا زالوا يرون الأمر، تذكروا أن الشهداء الذي رحلوا منذ بدأت الثورة والذين رحلوا اليوم وهم يقاتلون لم يكونوا ليقاتلوا لولا إيمانهم بالنصر، وكأني بهم يقولون الآن من العلياء: حملناكم الأمانة بعدنا فلا تخذلونا وتضيعوا دمنا وتضحياتنا واصبروا إن الله معنا والنصر آت، والله لن يخذل من حمل في قلبه وروحه “ما لنا غيرك يا لله”، وكونوا على يقين اننا سننتصر، فالله مولانا ومولاهم الشيطان، شعارنا “ما لنا غيرك يا الله” وشعارهم العمالة لكل الأنذال مثلهم، لكن اعلموا أن القابض على ثورته اليوم كالقابض على الجمر، فعودوا إلى ثورتكم وانتظروا نصر الله.
-----------------
فواز تللو – سياسي وباحث سوري
برلين – ألمانيا 15/02/2016