نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

انهيار إمبراطورية إيران

17/06/2025 - براءة الحمدو

حزب حاكم جديد في سورية

08/06/2025 - بشير البكر

المفتي قبلان صاحب الرؤية

02/06/2025 - يوسف بزي

المثقف من قرامشي إلى «تويتر»

24/05/2025 - د. عبدالله الغذامي :

التانغو" فوق حطام المنطقة

22/05/2025 - عالية منصور

واقع الديمقراطية في سورية الجديدة

09/05/2025 - مضر رياض الدبس


لماذا ذكّرت الولايات اميركا بمكافأتها المتعلقة بزعيم"تحرير الشام"؟




أعادت الولايات المتحدة الأمريكية هذا الاسبوع التذكير بالمكافأة التي أعلنت عنها في وقت سابق، لمن يدلي بمعلومات عن زعيم هيئة تحرير الشام "أبو محمد الجولاني".
ونشر برنامج "مكافآت من أجل العدالة" التابع لوزارة الخارجية الأمريكية تغريدة عبر حسابه في تويتر جاء فيها أن "الجولاني يتظاهر بالاهتمام بسوريا لكن لناس لم ينسوا جرائم تنظيمه جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام) بحقهم".
وأشار إلى أن وزارة الخارجية الأمريكية تبحث عن معلومات حول القائد الأعلى لتنظيم هيئة تحرير الشام، "المسؤولة عن جرائم كثيرة بحق السوريين".



وخصص البرنامج رقماً للتواصل معه، ودعا إلى المساعدة في تحديد مكان الجولاني، من خلال إرسال المعلومات إلى برنامج مكافآت من أجل العدالة عبر برامج سكنال أو واتساب أو تلغرام.
وليست المرة الأولى التي تعلن فيها الولايات المتحدة عن مكافآت لقاء معلومات عن الجولاني، ففي شهر أيار/ مايو عام 2017 رصدت واشنطن لأول مرة مبلغ 10 ملايين دولار لمن يرسل معلومات تؤدي للتعرف على "الجولاني" أو تحديد مكانه، ثم أعلنت عن المكافأة ذاتها في شهر تشرين الأول/ أكتوبر عام 2019.
ولاقى الإعلان الأخير يوم أمس ردود فعل متباينة، وقد اعتبرت شريحة كبيرة من السوريين أن الولايات المتحدة غير عاجزة عن تحديد مكان "أبو محمد الجولاني"، واغتياله أو إلقاء القبض عليه في حال أرادت ذلك.
وتطرق مغردون إلى العمليات الأمنية التي نفذها الجيش الأمريكي خلال الأشهر الماضية في إدلب، والتي طالت زعيم تنظيم الدولة "أبو بكر البغدادي"، وشخصيات قيادية في تنظيم "حراس الدين" المرتبط بتنظيم القاعدة، حيث أكدوا أن من استطاع الوصول إلى شخصيات غير معروفة للشارع السوري، لن يعجز عن الوصول إلى "الجولاني" الذي كثف من تحركاته مؤخراً في أسواق إدلب والمناطق العامة.
ورأى الخبير في مجال الحركات الإسلامية "حسن أبو هنية" أن وضع الجولاني على قائمة المطلوبين لبرنامج مكافآت من أجل العدالة يأتي في السياق الطبيعي، حيث تعمل الولايات المتحدة بشكل سنوي على تحديث المعلومات ومراجعتها، كما تعيد التقييم للمنظمات أو الأشخاص الموضوعين على قائمة الإرهاب في أمريكا.
وأشار "أبو هنية" خلال حديثه لـ"نداء سوريا" إلى أن الحدث لا يحمل دلالات كبيرة، فالولايات المتحدة الأمريكية لا تزال تعتبر "هيئة تحرير الشام"، منظمة إرهابية رغم كل التحولات التي أجرتها، كتغيير اسمها من جبهة النصرة إلى جبهة فتح الشام ثم هيئة تحرير الشام.
وأضاف: "أحيانا كان يُعاد التقييم من باب الأولويات، حيث كانت أولوية أمريكا في لحظة من اللحظات تنظيم الدولة، وفي مرحلة لاحقة أصبحت الأولوية تنظيم حراس الدين، فضلاً عن مجموعات محددة داخل هيئة تحرير الشام، تصنفها واشنطن بالأكثر راديكالية، مثل مجموعة خراسان".
وربما تكون الدلالة الأبرز في الإعلان الجديد، أن جميع المحاولات التي أجراها الجولاني لتقديم نفسه أو منظمته كـ "جماعة معتدلة" لم تنجح، حسب "أبو هنية".
وشدد على أن أولوية الاستهداف بالنسبة للولايات المتحدة هي تنظيما "الدولة"، و "حراس الدين"، بينما هم ليسوا في عجلة من أمرهم حيال "الجولاني".
لماذا ذكّرت الولايات المتحدة بمكافأتها؟
اعتبر الأستاذ الجامعي والمطلع على ملف الجماعات الجهادية د. "محمد نور حمدان" أن إعادة الولايات المتحدة التذكير بالمكافأة لقاء معلومات عن "الجولاني"، يأتي من باب البروباغندا الإعلامية التي ترغب أمريكا خلاها بتحقيق عدة غايات، وأولها التأكيد على أنها ما زالت تعتبر هيئة تحرير الشام "منظمة إرهابية"، بالرغم من النشاط الذي مارسته في السنوات الأخيرة لنفي هذه التهمة عنها، وبالرغم من النشاط الذي قام به زعيمها "الجولاني" ليثبت للعالم أنه ليس إرهابياً، وقد قدم في هذا الصدد خدمات كثيرة منها تصفية قيادات من "حراس الدين" تعتبر أكثر تطرفاً من "الجولاني".
ومن جهة أخرى ذكر "حمدان" خلال حديثه لـ"نداء سوريا" أن واشنطن ربما تريد توجيه رسالة لتركيا من خلال الإعلان، تتمثل بأن أنقرة تقوم بحماية "تنظيم إرهابي" في إدلب على اعتبار أن المنطقة تحت حمايتها، وأن عليها العمل على تصفية هذا الملف.
وتابع "حمدان": "هذه الرسالة ربما تكون سبباً في مزيد من التوترات والصراعات بين القوى الكبرى في إدلب".
بدوره وصف الكاتب والصحافي السوري "عقيل حسين" الخطوة بـ"المفاجئة"، خاصة أنها تأتي بعد سلسلة مؤشرات كانت توحي بأن الولايات المتحدة يمكن أن تتصالح مع وجود "هيئة تحرير الشام"، ليس باعتبارها أمراً سورياً واقعاً فقط، بل لما قامت به "تحرير الشام" على مدار السنوات الأربع الماضية لتبديد مخاوف الغرب من ارتباطاتها وأهدافها وفكرها.

وآخِر المؤشرات التي كانت تدل على تبدُّل رؤية الولايات المتحدة من الهيئة، كان رفع واشنطن اسم الحركة الإسلامية التركستانية من قوائم الإرهاب، الأمر الذي زاد من احتمالات رفع اسم الهيئة أيضاً، خاصة في ضوء العلاقات الوثيقة جداً بين "تحرير الشام" والجهاديين التركستان.
وتريد الولايات المتحدة توجيه عدة رسائل من هذه الخطوة، وذكر "حسين" خلال حديثه لـ"نداء سوريا" أن إحدى الرسائل هي تأكيد جدية أمريكا في الإبقاء على الهيئة كمنظمة إرهابية.
وتوقع "حسين" أيضاً أن تكون رسالة لتركيا رداً على إصرار أنقرة على عدم قبول الحوار مع "حزب الاتحاد الديمقراطي الكردستاني" المسيطر على شمال شرقي سوريا باعتباره فرعاً لحزب العمال الكردستاني المصنف إرهابياً، خاصة أن "هيئة تحرير الشام" باتت تعتبر جزءاً من القوى المرتبطة بتركيا في سوريا.
ما مدى جديّة أمريكا باستهداف "الجولاني"؟
أفاد "حسين" بأن مبلغ المكافأة كبير جداً ولا يتناسب مع الخطر الذي يشكله "أبو محمد الجولاني" على مصالح الولايات المتحدة أو الغرب.
واستطرد بالقول: "ادعاء واشنطن أن دافعها في اتخاذ هذا القرار هو الجرائم التي ارتكبتها هيئة تحرير الشام بحق السوريين هو تبرير لا يُصرف في سوق السياسة وتشابكات الصراع في سوريا".
ولفت إلى أن أمريكا تستطيع الوصول للجولاني الذي ظهر إلى العلن بشكل مكثف مؤخراً بسهولة أكثر من تلك الشخصيات الجهادية الراديكالية وخاصة في تنظيم "حراس الدين"، ما يؤكد الأبعاد والرسائل غير المباشرة من وراء هذه الخطوة أمريكيّاً.
وأما "حمدان" فقد أشار إلى أن "الجولاني" ورقة محروقة بيد الدول، وأن أمريكا قادرة على التخلص منه متى رغبت بذلك، مضيفاً: "ومن قضى على داعش الذي كان يسيطر على مساحات واسعة من سوريا والعراق بأشهر قليلة يستطيع القضاء على هيئة تحرير الشام التي تنحصر في منطقة صغيرة، ولكن معركة إدلب يتم تأجيلها للمناورة السياسية بين الدول إلى مصير ربما يصبح واضحاً مع استلام الديمقراطيين الحكم في الولايات المتحدة الأمريكية".
وأردف "حمدان" بأن الإعلان الأمريكي يشكِّل خيبة أمل لـ"هيئة تحرير الشام" التي سعت جاهدةً في الفترة الأخيرة للحصول على اعتراف دولي من خلال فتح الصحافة والإعلام في مناطقها وإجراء حوارات مع صحف أوروبية وتغيير خطاب الجولاني والترويج بأنه حركة مستقلة عن تنظيم القاعدة، وذلك لرفع اسمها من قائمة المنظمات الإرهابية، مضيفاً أن أمريكا لن تعتبر "الهيئة" حركة مقاومة شعبية أو وطنية أو محلية.
وفي قراءته للخطوة، يعتبر الباحث في مركز جسور للدراسات "مجد كيلاني" أن رصد مكافأة لمن يدلي بمعلومات عن "الجولاني" لا يعدو عن كونه رسالة سياسية من الجانب الأمريكي بأن تنظيم "هيئة تحرير الشام" وقائده "الجولاني" ما زال يمثل القاعدة، وعلى الرغم من أن اسم التنظيم تغير إلا أن الشخصيات الإشكالية ما زالت موجودة على رأسها "الجولاني" نفسه.
وأفاد "كيلاني" في حديثه لـ"نداء سوريا" بأن "الجولاني" حاول إظهار شيء من الشعبوية في الفترة السابقة، بعكس الحقيقة وهي أنه لا يأمن على نفسه الظهور بشكل كبير ويسير في منطقة إدلب بشكل متخفٍّ، وعلى الأغلب ترافقه حراسة أمنية مشددة رغم استبعاد فكرة استهدافه في الوقت الحالي.
وأوضح أن الحصول على معلومات عن تحركات "الجولاني" تعد أسهل نسبياً بالمقارنة مع قيادات "حراس الدين" كونهم قليلي الظهور.
وختم: "بالإمكان أن نستنتج أنه من غير الممكن في الوقت الراهن قيام أي تعاون أو تنسيق بين الولايات المتحدة الأمريكية وبين هيئة تحرير الشام بشكل عامّ والقيادة الموجودة بشكل خاصّ".
يُشار إلى أن إعادة التذكير بالمكافأة يأتي بعد أيام من تأكيد تقارير استخباراتية وجود تعاون بين الولايات المتحدة الأمريكية وهيئة تحرير الشام، في إطار محاولات الأخيرة لنزع صفة الإرهاب عن نفسها، ذلك بالتزامن مع تأكيد "المرصد الإستراتيجي" في تقرير له قبل أيام أن قيادة العمليات الخاصة في الجيش الأمريكي نفذت عمليات ضد تنظيم "حُرّاس الدين" في إدلب، وهو ما من شأنه أن يخدم "تحرير الشام"، التي تسعى لتفكيك التنظيم.
وقد أكد الباحث في شؤون الجماعات الجهادية "عرابي عبد الحي عرابي" في تصريح سابق لـ"نداء سوريا" أن "هيئة تحرير الشام" أجرت اتصالات مع الولايات المتحدة وبريطانيا، وأبدت رغبتها برفع اسمها من على قوائم الإرهاب.

نداء سوريا - مكافآت من اجل العدالة
الخميس 3 ديسمبر 2020