
ابو القاسم الشابي رحل صغيرا وخلف جدالا طويلا
في بيت الحكمة كان الإختتام بمائوية الشابي، لكن الإحتفالية لم تسلم من سهام خرجت على ما انطوت عليه المناسبة من حكمة...
لكن،،،
لماذا صار إسم أبي القاسم الشابي يمثل حالة إشكالية من بين شعراء تونس كلهم على مدى مائة سنة مضت؟ هل يوجد في شعره ما يرشحه لهذا البقاء الإشكالي الخالد؟ أم أن إتصاله بالشرق العربي ووسائله الإعلامية خاصة في مصر عبر مجلة أبوللو وجماعتها وعلى رأسهم الشاعر أحمد زكي أبو شادي سبب في ذلك؟ هل كان الشابي بارعا في عملية الوصول للآخرين مستخدما جميع أنواع الإتصال المتاحة في عصره على قلتها، كالاتصال الجماهيري وكتابة القصائد السياسية المباشرة أو الغزلية الجاذبة أو كتابة الرسائل الإخوانية وكمراسلة المجلات والشعراء والتقديم للكتب والمجموعات الشعرية وخاصة مجموعة احمد زكي ابو شادي "الينبوع"؟ هل كان للمرأة دور في تخليد هذا الإسم حين دفن سرها في أعماق تجربته الشعرية دون أن يفصح عن محركاتها المختلفة في شتى قصائده الشعرية؟
أم هل كان للعقدة التي خلفتها سيرته المتصلة في نفوس ممّن جاؤوا من بعده من الشعراء دور في هذه الاشكالية؟ وماذا عن موت الشاعر المبكر وحياته القصيرة هل كانا سببين في ذلك التوهج الواسع الانتشار تعويضا عن قصر العمر وسرعة الاجل؟ مالذي يثير شعراء اليوم في مسألة الإهتمام بالشابي في تونس بشكل خاص، هل هم يعبّرون عن إهمال الدوائر الثقافية الرسمية وغير الرسمية لهم عن طريق التصدي لمن تهتم به هذه الدوائر وفي مقدمتهم أبو القاسم الشابي؟ أم أنهم يغارون من شهرته وديمومة ذكره وإتساع صيته الذي سبقهم الشابي فيه للمشرق العربي وإلى العالم حتى كاد يصبح الشابي ظاهرة عالمية لا عربية فحسب؟ إن الإجابة على مثل هذه الأسلئلة وسواها يجعل من الشابي حالة شمولية تجمع في بعديها عددا لا يحصى من الأسباب التي رشحته للبقاء الطويل بل للخلود في الزمن المفتوح.
انه من الشعراء الذين تمثل تجاربهم ظاهرة واضحة و مركبة الأسباب، خاصة إذا أضفنا المرحلة التي ينتمي إليها الشابي في الربع الأول من القرن الماضي حيث كانت النهضة العربية في نزوع نحو التأصل والتحديث والصعود.
إن أي حدث يمسّ الشابي في السنوات الأخيرة أو أي مناسبة تهتم به وبأدبه، تكون عرضة للتنازع حولها من فريقين متقابلين أحدها يدافع عنها والثاني يتصدى للفريق الأول نكاية في الشابي وغيرة منه، ومن آخر هذه المناسبات الندوة التي عقدت ببيت الحكمة إحتفالا بإختتام مائوية الشابي(24/02/1909 – 09/10/ 1934) التي إنطلقت في اليوم الموافق لمولده في مسقط رأسه مدينة توزر في 24 فبراير 2009، واختتمت في تونس التي توفي بها في اليوم الموافق لوفاته أيضا 9 أكتوبر 2009.
حيث دعي الى هذه الندوة التي تواصلت على مدى ثلاثة أيام عدد من الباحثين التونسيين والعرب بالإضافة إلى بعض الشعراء، وأمام هذه الندوة تجدد الحوار الخلافي حول الإهتمام بالشابي، فجندت وإنبرت الأقلام تملأ الصحافة بالمواقف التي تتصدى فيها إلى المنظمين وآليات التنظيم واستبعاد عدد كبير من الأكادميين المختصين في دراسة الشابي ودعوة من لم يكن له أي بحث أو إهتمام بالشابي قبل هذه الندوة من الأخوة العرب.
الخصام على الشابي ومن أجل الشابي ظل السّمة التي تعرف أدباء تونس،
البعض يتذمر عدم دعوته لحضور الإحتفالية، ومجموعة أخرى ترى في حالها أحقية الإحتفال بالشابي، ومجموعة ثالثة ترى وجود مبالغة في الإهتمام بالشابي على حساب الشعراء الآخرين، وأظن أن الشابي لم يتحرك في قبره طوال الخمسة والسعبين سنة عمر رقدته الأبدية في قبره مثلما تقلب هذه الأيام.
قد يكون في حديث البعض شىء من الصحة، أي أولئك الذين لم تتم دعوتهم خاصة أعضاء "لجنة التفكير" التي خططت لمائوية الشابي، وهذه جزئية صغيرة تذوب في بحر الإيجابيات، وهي إهتمام العرب بالشابي وكان ينبغي لجميع المهتمين بالشابي أن يقبلوا ذاتيا على الحضور في الأقل دون الحاجة إلى دعوة للإحتفاء بإبن جلدتهم وشاعرهم الأبرز الذي عرفه الوطن العربي قبل غيره.
رغم أن الحكمة التي كان من المفروض أن يتصف بها "بيتها" أن لا تجعل مثل هذه الأمور الصغيرة تخدش مجهودها الكبير وتتسبب في التقليل من شأن الندوة.
جميل أن تلتف العائلة التونسية حول إبنها ولكن من الأجمل أن تدعى كل العائلة العربية إلى الإحتفال بشاعر تونس والعرب جميعا، فممّا لا ريب فيه أن الشابي أصبح ملكا للثقافة العربية وهذا شرف لتونس ولأي بلد يقدم مادة ثقافية ومنتوجا إبداعيا لكل العرب، فالجغرافيا تلد التاريخ وتتركه للتحولات الكبرى والتحولات الكبرى لها علاقة بجميع العرب.
قد يكون الشابي واحدا ممّن يجعلون تونس تنادي العرب بصوته، فهو تجسيد للوحدة العربية، ولو ظل الشابي تونسيا فقط لمات تاريخيا في حدود الجغرافيا الضيقة كما تقلص ذكر سواه من شعراء تونس المعاصرين له على المستوى العربي، ولكن رغم ذلك فالشابي تونسي حتى العظم، لذلك صار عربيا إلى أبعد مدى وإنسانيا دون حدود لأنه بهذه التونسية تغتني الثقافة العربية، ولأن الثقافة العربية تغتني بالخصائص التونسية التي جسدتها تجربة الشابي.
إن تجربة مثل تجربة الشابي، ينبغي أن تعمم على الثقافة والمثقفين العرب وهذا شرف لتونس، فلولا إنزراع الشابي في الأفق العربي عبر مجلة أبوللو ونشرها لقصائه على صفحاتها إبتداء من رائعته الشعرية "صلوات في هيكل الحب" 1933 ، لما أصبح بهذه الشهرة وظاهرة في الثقافة العربية فلماذا يحرم الشابي في موته ممّا لم يحرم نفسه منه في حياته.
وكان جديرا بالشعراء التونسيين جميعا المساهمة في إختتام مائوية الشابي ولو بالحضور لكي يتجاوزوا العقدة الثقافية التي تروج عنهم، بأنهم يغارون من الشابي وقد إعتبروه الشجرة التي حجبت وراءها غابة الشعر والشعراء في تونس .
وكان يمكن لبيت الحكمة أن يوسع من أبعاد الإحتفال، بفتح مجال جديد للشعراء الذين يناقشون ظاهرة الشابي حين تتم دعوتهم إلى ذلك، ويجلسون على مائدة مستديرة دون أن يقتصر دوره على دعوة البعض منهم كما تمّ لالقاء نماذج من شعرهم، وكان ذلك منتظرا من بيت يتصف بالحكمة.
لكن،،، إلى متى يظل الشابي الشجرة التي تحجب الغابة ولا تدل علها؟؟؟
لكن،،،
لماذا صار إسم أبي القاسم الشابي يمثل حالة إشكالية من بين شعراء تونس كلهم على مدى مائة سنة مضت؟ هل يوجد في شعره ما يرشحه لهذا البقاء الإشكالي الخالد؟ أم أن إتصاله بالشرق العربي ووسائله الإعلامية خاصة في مصر عبر مجلة أبوللو وجماعتها وعلى رأسهم الشاعر أحمد زكي أبو شادي سبب في ذلك؟ هل كان الشابي بارعا في عملية الوصول للآخرين مستخدما جميع أنواع الإتصال المتاحة في عصره على قلتها، كالاتصال الجماهيري وكتابة القصائد السياسية المباشرة أو الغزلية الجاذبة أو كتابة الرسائل الإخوانية وكمراسلة المجلات والشعراء والتقديم للكتب والمجموعات الشعرية وخاصة مجموعة احمد زكي ابو شادي "الينبوع"؟ هل كان للمرأة دور في تخليد هذا الإسم حين دفن سرها في أعماق تجربته الشعرية دون أن يفصح عن محركاتها المختلفة في شتى قصائده الشعرية؟
أم هل كان للعقدة التي خلفتها سيرته المتصلة في نفوس ممّن جاؤوا من بعده من الشعراء دور في هذه الاشكالية؟ وماذا عن موت الشاعر المبكر وحياته القصيرة هل كانا سببين في ذلك التوهج الواسع الانتشار تعويضا عن قصر العمر وسرعة الاجل؟ مالذي يثير شعراء اليوم في مسألة الإهتمام بالشابي في تونس بشكل خاص، هل هم يعبّرون عن إهمال الدوائر الثقافية الرسمية وغير الرسمية لهم عن طريق التصدي لمن تهتم به هذه الدوائر وفي مقدمتهم أبو القاسم الشابي؟ أم أنهم يغارون من شهرته وديمومة ذكره وإتساع صيته الذي سبقهم الشابي فيه للمشرق العربي وإلى العالم حتى كاد يصبح الشابي ظاهرة عالمية لا عربية فحسب؟ إن الإجابة على مثل هذه الأسلئلة وسواها يجعل من الشابي حالة شمولية تجمع في بعديها عددا لا يحصى من الأسباب التي رشحته للبقاء الطويل بل للخلود في الزمن المفتوح.
انه من الشعراء الذين تمثل تجاربهم ظاهرة واضحة و مركبة الأسباب، خاصة إذا أضفنا المرحلة التي ينتمي إليها الشابي في الربع الأول من القرن الماضي حيث كانت النهضة العربية في نزوع نحو التأصل والتحديث والصعود.
إن أي حدث يمسّ الشابي في السنوات الأخيرة أو أي مناسبة تهتم به وبأدبه، تكون عرضة للتنازع حولها من فريقين متقابلين أحدها يدافع عنها والثاني يتصدى للفريق الأول نكاية في الشابي وغيرة منه، ومن آخر هذه المناسبات الندوة التي عقدت ببيت الحكمة إحتفالا بإختتام مائوية الشابي(24/02/1909 – 09/10/ 1934) التي إنطلقت في اليوم الموافق لمولده في مسقط رأسه مدينة توزر في 24 فبراير 2009، واختتمت في تونس التي توفي بها في اليوم الموافق لوفاته أيضا 9 أكتوبر 2009.
حيث دعي الى هذه الندوة التي تواصلت على مدى ثلاثة أيام عدد من الباحثين التونسيين والعرب بالإضافة إلى بعض الشعراء، وأمام هذه الندوة تجدد الحوار الخلافي حول الإهتمام بالشابي، فجندت وإنبرت الأقلام تملأ الصحافة بالمواقف التي تتصدى فيها إلى المنظمين وآليات التنظيم واستبعاد عدد كبير من الأكادميين المختصين في دراسة الشابي ودعوة من لم يكن له أي بحث أو إهتمام بالشابي قبل هذه الندوة من الأخوة العرب.
الخصام على الشابي ومن أجل الشابي ظل السّمة التي تعرف أدباء تونس،
البعض يتذمر عدم دعوته لحضور الإحتفالية، ومجموعة أخرى ترى في حالها أحقية الإحتفال بالشابي، ومجموعة ثالثة ترى وجود مبالغة في الإهتمام بالشابي على حساب الشعراء الآخرين، وأظن أن الشابي لم يتحرك في قبره طوال الخمسة والسعبين سنة عمر رقدته الأبدية في قبره مثلما تقلب هذه الأيام.
قد يكون في حديث البعض شىء من الصحة، أي أولئك الذين لم تتم دعوتهم خاصة أعضاء "لجنة التفكير" التي خططت لمائوية الشابي، وهذه جزئية صغيرة تذوب في بحر الإيجابيات، وهي إهتمام العرب بالشابي وكان ينبغي لجميع المهتمين بالشابي أن يقبلوا ذاتيا على الحضور في الأقل دون الحاجة إلى دعوة للإحتفاء بإبن جلدتهم وشاعرهم الأبرز الذي عرفه الوطن العربي قبل غيره.
رغم أن الحكمة التي كان من المفروض أن يتصف بها "بيتها" أن لا تجعل مثل هذه الأمور الصغيرة تخدش مجهودها الكبير وتتسبب في التقليل من شأن الندوة.
جميل أن تلتف العائلة التونسية حول إبنها ولكن من الأجمل أن تدعى كل العائلة العربية إلى الإحتفال بشاعر تونس والعرب جميعا، فممّا لا ريب فيه أن الشابي أصبح ملكا للثقافة العربية وهذا شرف لتونس ولأي بلد يقدم مادة ثقافية ومنتوجا إبداعيا لكل العرب، فالجغرافيا تلد التاريخ وتتركه للتحولات الكبرى والتحولات الكبرى لها علاقة بجميع العرب.
قد يكون الشابي واحدا ممّن يجعلون تونس تنادي العرب بصوته، فهو تجسيد للوحدة العربية، ولو ظل الشابي تونسيا فقط لمات تاريخيا في حدود الجغرافيا الضيقة كما تقلص ذكر سواه من شعراء تونس المعاصرين له على المستوى العربي، ولكن رغم ذلك فالشابي تونسي حتى العظم، لذلك صار عربيا إلى أبعد مدى وإنسانيا دون حدود لأنه بهذه التونسية تغتني الثقافة العربية، ولأن الثقافة العربية تغتني بالخصائص التونسية التي جسدتها تجربة الشابي.
إن تجربة مثل تجربة الشابي، ينبغي أن تعمم على الثقافة والمثقفين العرب وهذا شرف لتونس، فلولا إنزراع الشابي في الأفق العربي عبر مجلة أبوللو ونشرها لقصائه على صفحاتها إبتداء من رائعته الشعرية "صلوات في هيكل الحب" 1933 ، لما أصبح بهذه الشهرة وظاهرة في الثقافة العربية فلماذا يحرم الشابي في موته ممّا لم يحرم نفسه منه في حياته.
وكان جديرا بالشعراء التونسيين جميعا المساهمة في إختتام مائوية الشابي ولو بالحضور لكي يتجاوزوا العقدة الثقافية التي تروج عنهم، بأنهم يغارون من الشابي وقد إعتبروه الشجرة التي حجبت وراءها غابة الشعر والشعراء في تونس .
وكان يمكن لبيت الحكمة أن يوسع من أبعاد الإحتفال، بفتح مجال جديد للشعراء الذين يناقشون ظاهرة الشابي حين تتم دعوتهم إلى ذلك، ويجلسون على مائدة مستديرة دون أن يقتصر دوره على دعوة البعض منهم كما تمّ لالقاء نماذج من شعرهم، وكان ذلك منتظرا من بيت يتصف بالحكمة.
لكن،،، إلى متى يظل الشابي الشجرة التي تحجب الغابة ولا تدل علها؟؟؟