نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

المثقف من قرامشي إلى «تويتر»

24/05/2025 - د. عبدالله الغذامي :

التانغو" فوق حطام المنطقة

22/05/2025 - عالية منصور

واقع الديمقراطية في سورية الجديدة

09/05/2025 - مضر رياض الدبس

(سوريا بين حرب أهلية ومشاريع تقسيم؟)

05/05/2025 - عبدالوهاب بدرخان

دلالات التصعيد الإسرائيلي في سوريا

04/05/2025 - العميد المتقاعد مصطفى الشيخ

السياسة المزدوجة

25/04/2025 - لمى قنوت


أزهار لها لغتها ....الدولة أهملت الزهور و اللبنانيون يستخدمونها من باب اللياقة




بيروت - فاديا عازار - استخدم اللبنانيون لغة الأزهار في أدبياتهم وممارساتهم ، فأستعاروا رمزيتها وحملوها حقيقة مشاعرهم تجاه الآخرين ، في الأفراح والأتراح ، لكن تقديمها في المناسبات تحول إلى عادة يمارسها الناس على الغالب ، بحكم اللّياقة


مجموعة من الأزهار معروضة للبيع في أحد المحلات ببيروت
مجموعة من الأزهار معروضة للبيع في أحد المحلات ببيروت
ودخلت الأزهار ، في واقع الأمر، مجال عاداتهم الإجتماعية ، منذ سبعينيات القرن الماضي ، حسب التقديرات ، وانتشرت في العديد من المناسبات الإجتماعية عادة تقديمها ، بعيداً عن الإهتمام أحياناً بصدق المشاعر .

وترافق تقديم الأزهار في المناسبات الإجتماعية مع نمو قطاع زراعة الأزهار وتجارتها ، الذي تأثر سلباً بحالة عدم الاستقرار الأمني والسياسي والإقتصادي التي شهدها لبنان في العقود الماضية .

وعلى الرغم من أهمية الأزهار ، في حياة اللبنانيين ، بقي قطاع زراعة الأزهار في لبنان بعيداً عن عناية الدولة التي لم تقدم لمزارعيه أي معونة مادية أوحتى استشارية .

وقال المهندس الزراعي جهاد شرابية صاحب مؤسسة جاردن آرت لإنتاج وبيع الأزهار لوكالة الأنباء الالمانية (د.ب.أ) " إن قطاع زراعة الأزهار في لبنان مهمل كلياً من قبل الدولة التي لا تقوم حتى بتوجيه المزارعين وكل ما نراه حالياً في لبنان هو نتيجة مجهود فردي يقوم به المزارع الذي تواجهه الكثير من الصعوبات "، مضيفاً أن العديد من البلدان المتقدمة سبقت لبنان في إنتاج الأزهار "والسبب يعود إلى حالة اللاستقرارالتي عانى منها لبنان طويلاً ولا زال".ً

وأشار إلى أن "لبنان ينتج أكثر من 80 بالمئة من أزهاره في فترة الصيف وخاصة الورد ، أما في الشتاء الذي يمتد لفترة أربعة أشهر منذ بداية كانون الأول وحتى نهاية آذار فيستورد لبنان أكثر من نصف أزهاره من الخارج" .

وتابع"تقسم ألأزهار في لبنان إلى ثلاث فئات بحسب جودتها فهناك الجيدة جداً التي تكون أسعارها باهظة خاصةً في المناسبات ، وهذه تنتجها محال الأزهار الكبرى ، وهناك المتوسطة التي تكون أسعارها أيضاً مقبولة ، وهناك الرديئة التي تنخفض أسعارها ، أما الأكثر مبيعاً فهي الباهظة الثمن والرديثة ، وربما تناسب ذلك مع حجم الفئات الإجتماعية التي يتشكل منها المجتمع اللبناني ، حيث الفئة المتوسطة فيه باتت شبه مندثرة".

وقال شرابية "إن اللبنانيين يستهلكون الأزهار خاصةَ في الأعياد أما في الأيام العادية فقلةُ منهم تشتري الأزهار ، ويحتل عيد الأم المرتبة الأعلى في بيع الأزهار ، يأتي بعده عيد الحب ومن ثم الميلاد وباقي الأعياد ثم المناسبات الإجتماعية ".

ويشتري اللبنانيون الأزهــار في العديد من المناسبات كافتتاح مكتب جديد أو التهنئة بشراء منزل أو تهنئة العائدين من السفر أو التهنئة بمولود جديد أو بنجاح عملية جراحية أو بالشفاء والتهنئة بالأعياد المختلفة الدينية والأجتماعية وأهمها "عيد الأم" و"عيد الحب" أو "التعبير عن الإعزاز والتقدير" وفي "الزواج" أو"الدفن" حيث تدخل عادة شراء الأزهار للمتوفى لدى بعض الفئات من اللبنانيين كتعبير عن المحبة والتقدير .

وقالت المربية نللّي التي فضّلت عدم ذكر اسمها كاملاً لوكالة الأنباء الألمانية (د .ب.أ )"الورد بالنسبة إليّ هو العنصرالأجمل في الطبيعة ، ولا أجد أجمل منه كهدية أقدمها في المناسبات ".

وأضافت نللي"لم تكن عادة تقديم الأزهار معروفة كثيراً لدى أبناء الجيلين الماضيين ، وربما يرجع ذلك إلى الظروف الإقتصادية أو الأمنية التي مرّ بها لبنان وأهمها الحرب الأهلية ، أما اليوم ، فيمكننا القول أن عادة تقديم الأزهار باتت الأكثر انتشاراً ، بعد تراجع عادة تقديم بعض المأكولات (الحلويات على الغالب ) في المناسبات ".

وتابعت نللي " لقد تحولت الأزهار إلى لغة تعبير يسعى الإنسان من خلالها إلى توجيه رسالة غير مباشرة ، يكون لها وقعاً أقوى بكثير من الرسالة المباشرة ، فالرجل عندما يقدم باقة ورد إلى زوجته ، لا تقوى الكلمات مهما حملها من مشاعر على التعبير عما تحمله هذه الباقة من رمزية وجمال ".

وقالت "أحياناً يكون لإختيار ألوان الأزهار رمزيته أيضاً ، فاللون الأحمر كما هو معروف يرمز إلى الحب ، بينما يرمز الأصفر إلى الغيرة والأبيض إلى الطهارة والنقاوة ....".

وتشير بعض الدراسات إلى أن استخدام الأزهار في المناسبات يتم بحسب رمزيتها ، فالوردة الحمراء المتفتحة الأوراق ترمز إلى الجمال، وهي مستخدمة في الأعراس وللتعبير عن الحب والشغف وكذلك "الأليوم والأوركيدي "، أما اتحاد اللونين الأحمر والأبيض في باقة واحدة فيشير إلى الرغبة في الإتحاد مع الآخر، والورد الأصفر يعبر عن الغيرة، فيما يعبّر "الإيريس" الأصفر عن الشغف، وفي المآتم تستخدم زهرة "الكريزنتان" وخاصة البيضاء.

وقالت الطالبة الجامعية تَفي شَبَطي لوكالة الأنباء الألمانية (د. ب.أ ) " إن الأزهار موجودة في الطبيعة وليس لها أي معنى ، نحن البشر حمّلناها معاني الحب والنقاء.. لأن الإنسان وخاصة في زمننا هذا يفتقر إلى التعبير الصادق ، وهو يبحث باستمرار عن وسائل يعبر بها عن مشاعر إفتراضية في معظم الأحيان".

وأضافت " أهديت أمي الأزهار في عيدها لياقةً ، ولأنها هي تحب الأزهار ، أما بالنسبة إلي ، فالأزهار لا تعني لي الكثير ، لأن الإنسان هو الذي يحدد قيمة الأشياء بحيث تعظم هذه القيمة أو تصغر تبعاً لحاجته ".

وتابعت شَبطي" باتت العلاقات الإجتماعية القائمة على الصدق والقيم الإنسانية ، وتعاطي الناس مع بعضهم البعض على أساس الصدق نادرةً جداً في لبنان ، حتى لا أقول مفقودة . فالأزهار مكانها في الطبيعة وكذلك الحيوانات التي بات اللبنانيون يهدون صغارها أيضاً في المناسبات ".

وقالت " بالنسبة إلي تدخل عادة تقديم الأزهار في المناسبات ، في إطار التحول الذي أصاب المجتمع. وهي في معظم الأحيان نوع من أنواع التكاذب الإجتماعي بهدف تحقيق مكاسب مادية أولاً ثم معنوية ".

ولفتت شَبطي إلى أن " الإنسان يستعير من الطبيعة عناصرها لأننا في زمن تطغى عليه المادة ، ولا قدرة للإنسان على التعبير المباشر عن مشاعره لأنه غير صادق في الغالب ، فضلاً عن أن اختيار الأزهار يخضع أيضاً للقيمة المادية ، فباقة الأزهار من محل معروف بـ (الكبير) تختلف عن قيمتها من محل (عادي ) ، مع أن الأزهار هي نفسها ".

وتختلف كلفة الأزهارفي لبنان باختلاف أنواعها وكميتها ، وباختلاف المناسبة أيضاً ، وتتراوح كلفة تزيين الأعراس مثلاً بين 1500 دولار ومئة ألف دولار ، أوأكثر ، بحسب المساحة المراد تزيينها .

وبالرغم من ابتعاد اللبنانيين حالياً عن الطبيعة بشكل عام ، بحكم التحول الذي طال جوانب الحياة في لبنان ، تبقى الأزهار لغةَ يستخدمونها ويرسلون بواسطة ألوانها المختلفة وأنواعها المتعددة إضافة إلى طرق تقديمها، رسائل عديدة في الحب والعتاب والتقدير

فاديا عازار
الاحد 3 أبريل 2011