نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

التعميم بوصفه "تخبيصة" العقل الأولى

18/04/2024 - مصطفى تاج الدين الموسى

رسائل النيران بين إيران وإسرائيل

15/04/2024 - محمد مختار الشَنقيطي

جنوب لبنان.. بعد غزة

06/04/2024 - عبد الوهاب بدرخان

غزة والأخلاق العابرة للحدود والأرباح

06/04/2024 - عدنان عبد الرزاق

نزار قباني وتلاميذ غزة

06/04/2024 - صبحي حديدي

حرب لإخراج إيران من سوريا

06/04/2024 - محمد قواص

على هامش رواية ياسر عبد ربه

04/04/2024 - حازم صاغية


أصوات معارضة فى السودان : الثورة بدأت توا




الخرطوم – وسط حر الخرطوم الخانق، تجلس مجموعة من الشباب على أسرة في حجرة صغيرة مطلية جدرانها باللون القرمزي. أحدهم يضع ذراعه في جبيرة معلقة إلى عنقه، بينما يضع آخر ضمادة على كتفه الأيمن، حيث تلقى طلقة رصاص، بينما يرفع ثالث قميصه كاشفا عن ظهر أصابته الجروح نتاج ضرب الهراوات. على الجانب الآخر من الباب، تحمل الرياح الساخنة القادمة من الخارج الكثير من غبار الطريق. يلف المكان كله صمت مطبق، فقد استجابت الجماهير لنداء المعارضة الدخول في إضراب شامل، أصاب البلاد بالكامل بالشلل التام.


كان عمار محمد الحسن /18 عاما/ وصديقاه عبد الرحيم وعلي إدريس متواجدين حين قامت قوات الأمن باستخدام القوة الوحشية لفض الاعتصام السلمي الاحتجاجي، أمام مقر قوات الجيش، حيث ظل المتظاهرون معتصمين لأسابيع في مخيمات بوسط العاصمة السودانية. أطلقت قوات الأمن الرصاص، وضربت ولاحقت المتظاهرين، أحرقت المخيمات وألقت بالجثث في النيل. ويشير تقرير إحدى المنظمات إلى أن أكثر من مئة شخص لقوا مصرعهم. ومنذ ذلك الحين، قام المجلس العسكري المسيطر على مقاليد الأمور منذ خلع الرئيس السابق، عمر البشير بتقييد الدخول على الانترنت، خوفا من تجدد الدعوة لمزيد من الاحتجاجات. وعند طرح السؤال: هل نجحت هذه الممارسات في قمع آخر ثورات العالم العربي؟ أجاب إدريس: "على الإطلاق. الثورة بدأت توا". قمع السودان، المعزول دوليا لسنوات، المعارضة وحالته الاقتصادية يرثى لها. أدت الاحتجاجات الجماهيرية لسكانه المحبطين إلى انقلاب عسكري في نيسان/ أبريل الماضي تم فيه عزل الرئيس عمر البشير بعد بقائه في السلطة لفترة امتدت لـ30 عامًا. انتشرت الحالة الثورية بسرعة بين 41 مليون نسمة في هذا البلد في شمال شرق إفريقيا. لم يرد المتظاهرون حكومة عسكرية. وطالبوا بحكومة مدنية واستمروا في الاعتصام أمام مقر الجيش في وسط الخرطوم. وفي الـثالث من حزيران/يونيو ، بعد انهيار المفاوضات بين الجنرالات والمعارضة لتشكيل حكومة انتقالية، اجتاحت قوات الأمن مقر الاعتصام. يتذكر إدريس: "جاءوا بالمركبات من ثلاث جهات مختلفة وحاصروا الناس، وبدأوا بإطلاق النار عندما لاذ بعض المتظاهرين بالفرار". لجأ إدريس لمبنى تابع لقوات الأمن، مؤكدا أنهم بدأوا في ضربه لكنه تمكن من الفرار. تم فض الاعتصام بالقوة والعنف على يد قوات الدعم السريع (RSF)، على الرغم من أن السكان في السودان يشيرون إليهم باسم الوحدة التي ينتمي إليها معظم أفرادها، سابقا: الجنجويد. فخلال الصراع في دارفور، كانت هذه الميليشيا العربية مسؤولة عن ارتكاب جرائم وحشية ضد السكان، قائد هذه القوات، هو محمد حمدان دغلو، والذي يطلق على نفسه اسم "حميدتي"، هو الرجل الثاني في المجلس العسكري الذي تولى مقاليد السلطة حاليا في البلاد. يبدو أن كل شيء يشير إلى أن قوات حميدتي المخيفة تسيطر على وسط الخرطوم. توجد في الشوارع والميادين الرئيسية في المدينة، شاحنات صغيرة تابعة لقوات الدعم السريع تفصل بينها بضعة أمتار، موضوع عليها منصات تحمل مدافع رشاشة مزودة بأحزمة ذخيرة تتدلى منها على كلا الجانبين. ويحظر تصويرها. ينام الجنود في الجزء الخلفي من المركبات أو يجلسون بجانبها في ظلال الأشجار. يطهو بعضهم الطعام، والبعض الآخر يغسل الملابس. عندما يؤذن للصلاة في جميع أنحاء المدينة، يؤديها البعض على سجاد صغير وبجوارههم أسلحتهم. أمام المقر الرئيسي، توجد فقط آثار قليلة من الاعتصام السلمي الذي استمر لمدة أسابيع وأصبح رمزا للثورة. تمت إزالة العديد من الرسوم التوضيحية وملصقات المحتجين من الجدران. في بعض النقاط، يمكن رؤية آثار ناجمة عن بقايا النار على الأرض - حيث يُحتمل أن تكون الخيام قد احترقت. يوجد الآن العديد من مركبات قوات الدعم السريع في الفناء محل المستشفى الميداني الذي كان مقاما للمتظاهرين. يحظى المجلس العسكري بدعم المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة. لكن المعارضة لا تفقد الأمل ودعت في التاسع من الشهر الجاري لإضراب عام، بهدف الضغط على الجنرالات لتسليم السلطة إلى حكومة مدنية انتقالية. يسود المدينة الآن هدوء حذر، كما لو كان الناس يحبسون أنفاسهم. بالكاد يمكن رؤية حفنة من السيارات والأشخاص في الشوارع ، بينما يستمر إغلاق معظم المتاجر والمطاعم. وفي بعض المناطق، مثل أم درمان الشمالية، يقيم المتظاهرون حواجز بالحجارة لمنع مرور قوات الأمن. وبالرغم من هدمها مرارا وتكرارا ، يتم إعادة بنائها مرة أخرى. ولكن، إلى متى يمكن الحفاظ على هذا الوضع؟ بصرف النظر عن بعض التصريحات على شبكات التواصل الاجتماعي فيسبوك وتويتر، فقد تم احتواء المعارضة منذ الأعمال الوحشية للجيش. لا يمكن الاتصال بالأعضاء الرئيسيين في التحالف النقابي، من قوى الحرية والتغيير التي دعت إلى تنظيم الاحتجاجات الضخمة في الأشهر الأخيرة. يعتقد البعض أن المعارضة مذعورة. يقول آخرون إن الأمر يحتاج إلى وقت لوضع استراتيجية جديدة. أما فيما يختص بحالة كلا من إدريس والحسن وعبدالرحيم ، فهم مستعدون للعودة إلى الشوارع للتظاهر. هنا، في منزل عائلة الحسن الصغير في حي البري، يشعرون الآن بمزيد من القوة والثقة بالنفس. يقول الشباب بفخر: "قوات الدعم السريع خائفون جدًا من القدوم إلى هنا"، فيما يؤكد الحسن بإصرار مواصلة الكفاح لأنه من وجهة نظره "الإبقاء على المجلس العسكري في السلطة يعد أسوأ من البشير ذاته".

جيويا فورستر
الثلاثاء 2 يوليوز 2019