تم إيقاف أقسام اللغات الأجنبية مؤقتا على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

المسار التفاوضي بين الحكومة السورية وقسد.. إلى أين؟

01/10/2025 - العقيد عبدالجبار العكيدي

أعيدوا لنا العلم

18/09/2025 - أحمد أبازيد

عودة روسية قوية إلى سوريا

17/09/2025 - بكر صدقي

لعبة إسرائيل في سوريا

10/09/2025 - غازي العريضي

من التهميش إلى الفاشية

10/09/2025 - انس حمدون

الوطنية السورية وبدائلها

04/09/2025 - ياسين الحاج صالح


أطفال المكسيك يهربون من الفقر إلى عالم المخدرات والقتل




مكسيكوسيتي - خوان كارلوس سالازار - " كل العمل الذي أعرفه هو القتل "، هذا ما يقوله دراجو وهو قاتل مأجور ويعترف أنه ارتكب أكثر من مئة عملية قتل منذ أن انضم إلى عصابة إجرامية وهو في الثانية عشرة من عمره.


قُصّر يتنفسون العنف منذ اليوم الذي ولدوا فيه
قُصّر يتنفسون العنف منذ اليوم الذي ولدوا فيه
ويدور حوار بين إثنين آخرين من أفراد العصابة حيث يقول أحدهما ويدعى إل بوريس لزميله إل جيورو البالغ من العمر 16 عاما والذي انضم حديثا إلى العصابة " إنك ستعمل كمرتزق، هل أنت على علم بذلك ؟ "، ويضيف موضحا " إن المرتزق يقتل بناء على أوامر، وسنخبرك بهوية الشخص الذي ستقتله، وعليك أن تقتله بلا رحمة ".

وهذه الروايات عن دراجو وإل بوريس هي جزء من بحث صحفي وأكاديمي حول عمليات المرتزقة التي يقوم بها الأطفال.

ويصف معد البحث الصحفي خوليو شيرير هؤلاء الأطفال المرتزقة بأنهم " قصر يتنفسون العنف منذ اليوم الذي ولدوا فيه "، أما الباحثة في علم الإجتماع روزانا ريجويللو فتقول عنهم " إنهم الوجه المخيف " لموجة العنف التي تهز المكسيك طوال الأعوام الأربعة الماضية.

وجمع خوليو شيرير في كتابه الذي صدر بعنوان " قصص الموت والفساد " روايات تمزق القلوب حكاها القتلة الصغار الذين اعتقدوا أن الجريمة ستعطيهم مخرجا من الفقر المدقع والعنف المنزلي الذي يعانون منه.

ويقول شيرير عن أحد القتلة المرتزقة الصغار ويدعى جيرمان ويبلغ من العمر 17 عاما إنه يزهق الأرواح بلا مبالاة وبدم بارد ودون أن تعرق يداه أو أن تشعر معدته بالألم، وبدون أن ترتجف قدماه ولو للحظة واحدة.

وقد تحدثت الباحثة ريجويللو إلى فتى يافع من المرتزقة يدعى " بيتو " يبلغ من العمر 16 عاما وأخبرها بأنه في كل مرة يستخدم فيها بندقيته من طراز كلاشينكوف لقتل ضحية كان يردد عبارة سمعها من رئيسه تقول : " الرب راعيني ".

وأشارت شبكة حقوق الأطفال بالمكسيك إلى أنه ليست ثمة إحصاءات رسمية حول ممارسة الأطفال والمراهقين لعمليات الجريمة المنظمة، ومع ذلك ذكر تقرير أكاديمي حديث أن نحو 30 ألفا منهم متورطون في 22 نوعا من الجرائم بدءا من الإتجار في المخدرات إلى الابتزاز والقتل.

وتؤكد ريجويللو أنه ليست هناك إحصائيات موثوق فيها، ويرجع السبب في ذلك غالبا إلى أن السلطات المكسيكية لا تعلن هذه الإحصائيات، ومع ذلك تقول إن 67 في المئة من عمليات القتل ترتبط بشكل مباشر بتهريب المخدرات ويرتكبها أشخاص تقل أعمارهم عن 25 عاما على الرغم من أنه ليس من الواضح عدد القصر منهم، كما تورطت في هذه العمليات عصابات دولية لتهريب المخدرات.

ويتردد أن " مارا سالفاتروشا " وهو جيش للمرتزقة يقال إنه مرتبط بعصابة " لوس زيتاس " تمكن من تجنيد 35 ألف طفل ومراهق من الولايات المتحدة وعدة دول في أمريكا الوسطى.

ويستخدم جيش " إم 18 " الذي يتردد أنه يعمل لصالح كارتل سينالوا للمخدرات نحو ثمانية آلاف قاصر، ويقول خوان كارلوس رينا وهو صحفي آخر أجرى أبحاثا حول هذا الموضوع ليضمه الكتاب الذي اصدره بعنوان " اعترافات مرتزق " إن أعدادا كثيرة من الصغار مسلحة لأنه من السهل شر اء السلاح، ويضيف إن هؤلاء القصر لا يقومون بأعمال المرتزقة بالضرورة ولكنهم يعملون بالإتجار بالمخدرات ، غير أن هذا النشاط هو مجرد خطوة على الطريق.

وترى روزانا ريجويللو أن جلب القصر إلى حلبة عصابات المخدرات بدأ عندما انشطرت هذه العصابات إلى خلايا مستقلة قبل وقت قصير من شن الرئيس المكسيكي فيليبي كالديرون " الحرب على المخدرات ".

وتقول إن هذه الحرب جعلت الصغار عناصر جاذبة للغاية بالنسبة لمهربي المخدرات، وهؤلاء القصر هم في الغالب من الأطفال الفقراء ، والشيء الوحيد الذي يمتلكونه ويعرضونه للحصول على المال هو القدرة على المخاطرة.

وفي تقريرهما بعنوان " الأطفال والصراع المسلح في المكسيك " قال الباحثان فاليريا جيريميا وخوان مارتن بيريز جارسيا " عندما يجتمع عدم وجود خيارات في الحياة مع سهولة الدخول إلى عالم المخدرات والسلاح وعندما يملأ العنف جو الأحياء السكنية " تصبح الجريمة المنظمة " خيارا جذابا بالنسبة للصغار ".

بينما يقول شيرير إنه ما دام الصغار يتعرضون للإخضاع بالعنف يصبح ملوك المخدرات نماذج يمكن الاقتداء بها، وقد ألف شيرير كتابا أيضا يحكي قصة مهربة المخدرات المسجونة ساندرا أفيلا بيلتران بعنوان " ملكة المحيط الهادي " وهو نفس اللقب الذي اشتهرت به هذه الشخصية النسائية شبه الأسطورية في المكسيك التي دخلت عالم تهريب المخدرات الذي يحتكره الرجال.

وترى ريجويللو التي ألفت كتابا بعنوان " الموت ليس كافيا " يدور حول المرتزقة الأطفال إن زعماء عصابات تهريب المخدرات يمارسون نفوذا كبيرا بسبب " قدرة لوردات المخدرات الفائقة على خلق ثقافة كاملة ".

وتقول إن هذه الثقافة تترك تأثيرا ليس على الأطفال وصغار السن فحسب ولكن على المجتمع بكامله، بينما يوجه شيرير الإتهام بأن الرئيس كالديرون قاد المكسيك إلى حرب منبوذة كان الضرر الموازي لها يتمثل في " موت الأبرياء وعمليات الإختطاف وبتر أعضاء من الجسد وعدد لا يحصى من الكوارث الإنسانية التي يتعذر التوصل إلى حل لها بسبب عواصف العنف ".

وتتفق ريجويللو أيضا مع الرأي القائل بأن الحرب على المخدرات التي حصدت أرواح 36 ألف شخص خلال أربع سنوات كانت قضية خاسرة.

وتقول إنه لا يمكن لأي طرف أن ينتصر في هذه الحرب، وستكون نتيجتها الخسارة لنا جميعا.

وتضيف إن المشكلة هي أنك لا تستطيع أن تستخدم طلقات الرصاص لكي تقاتل " جنودا على عقيدة صادقة " مثلما هو الحال مع هؤلاء الشباب، وإذا قتلت واحدا سيظهر لك خمسة آخرين.

وتؤكد ريجويللو أن هذه الحرب لن تحقق شيئا بل ستزداد سوءا لأنه لا يتم بشكل صحيح معالجة المشكلات الأساسية وهي الفساد وعدم محاسبة المخطئين، وما دامت الأخطاء مستمرة فيمكنك أن تأخذ كل دبابات الجيش وتنزل بها إلى الشوارع بينما ستستمر أعمال العنف التي يقوم بها الصغار

خوان كارلوس سالازار
الاحد 15 مايو 2011