نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

التعميم بوصفه "تخبيصة" العقل الأولى

18/04/2024 - مصطفى تاج الدين الموسى

رسائل النيران بين إيران وإسرائيل

15/04/2024 - محمد مختار الشَنقيطي

جنوب لبنان.. بعد غزة

06/04/2024 - عبد الوهاب بدرخان

غزة والأخلاق العابرة للحدود والأرباح

06/04/2024 - عدنان عبد الرزاق

نزار قباني وتلاميذ غزة

06/04/2024 - صبحي حديدي

حرب لإخراج إيران من سوريا

06/04/2024 - محمد قواص

على هامش رواية ياسر عبد ربه

04/04/2024 - حازم صاغية


ألف إمرأة دخلن عالم الاجرام حديثا...ثقافة القتل العمد وتصفية الحسابات في المجتمع الجزائري




الجزائر - انشراح سعدي - "ومن الغضب ما قتل " لا يمكن أن يمر يوم على المواطن الجزائري دون أن يسمع بجريمة قتل عمدي في أحيائه أو مدنه أو قراه ،جريمة أقل ما يمكن أن يقال عن أسبابها أنها تافهة ولا منطق فيها وسوى أنها إحدى مخلفات العشرية السوداء التي جعلت الموت في بلد المليون والنصف مليون شهيد حكاية يرددها الناس في المقاهي والجلسات وينسوها في حينها ليلتفتوا لحكاية أخرى .


الصورة التقليدية لنساء الجزائر
الصورة التقليدية لنساء الجزائر
جرائم على الطريقة الأجاثاكريستية أبطالها ليسوا بالضرورة رجالا بل في كثير من الأحيان نساء وأطفال قادهم الغضب مرة والحسد مرة وتصفية الحسابات مرات إلى إضافة فصول لم تكتبها أجاثاكرستي في "ميس ماربل" و"أغنية الموت".

أفادت دراسة قامت بها خلية الاتصال بجهاز أمن الدرك الوطني الجزائري أن أكثر من ألف امرأة دخلن عالم الإجرام خلال السنوات الأخيرة. وهذا ما يجعلني ابدأ بقصة العمة التي أنكرت أمر حصول شقيقها على نصيب يفوق نصيبها في الإرث، رغم أن عملية التقسيم تمت وفق طريقة الشرعية الإسلامية ، فللذكر ضعف حظ الأنثى ، واقتاتت على ما زينه لها الشّيطان لترتكب جريمة فظيعة في حق ابن أخيها الذي لم يتجاوز سبع سنوات ،فكانت فاتورة حسدها ثقيلة جدا دفع ثمنها الابن بعد أن خنقته أمام أبنائها، لتعترف الجانية أمام المحكمة بأنها اقترفت جريمتها تحت تأثير الحسد!

ومن بين القضايا التي ما زال الشارع الجزائري يتحدث عنها هي القضية التي أجلتها محكمة الجنايات لمجلس قضاء بومرداس شرق العاصمة الجزائر والمتمثلة في محاكمة المدعو ''ب. توفيق''و المتهم بجناية القتل العمدي، في جريمة هزت بلدية عين طاية (25شرق العاصمة الجزائر)، وراح ضحيتها طفل في السابعة من عمره انتهت حياته بطريقة بشعة على يد المتهم.

تعود وقائع القضية إلى تاريخ 7 ديسمبر 2008، عندما تلقت مصالح الأمن الحضرى لبلدية عين طاية مكالمة هاتفية، تفيد أن المتهم قام باختطاف طفل قاصر كان متوجها إلى المدرسة الابتدائية، وجره إلى داخل منزله بشارع بن مهيدي في بلدية عين طاية.
و تنقلت مصالح الأمن الحضري إلى عين المكان، حسب قرار الإحالة، حيث وجدت طفلا يغرق في الدماء، وبقربه شخص بالغ يحمل في يده قضيبا حديديا ملطخا بالدم، حاول لحظة وصول أفراد الشرطة منعهم من الوصول إلى الضحية، قبل أن يحاول الفرار، لكن عناصر الشرطة تمكنت من القبض عليه مباشرة.
ووجدت جثة الطفل منكلا بها بشكل مأساوي، حيث كان رأس الطفل مهشما، وأجزاء من عظام جمجمته اندثرت، حسب قرار الإحالة، وأكد تقرير الطبيب أن الوفاة كانت نتيجة العنف.

القاتل اعترف بما نسب إليه، مصرحا بكل برودة دم أنه قتل الطفل انتقاما من والده الذي كان في خلاف معه منذ سنوات، ولأن الحقد أعماه لم يجد وسيلة سوى الانتقام بقتل طفل بريء.
ولم يتوان القاتل عن الاعتراف في كل مراحل التحقيق على مستوى نيابة محكمة الرويبة، أنه كان يترصد الطفل، وأثبتت الخبرات الطبية أن المتهم في كامل قواه العقلية، ويتحمل المسؤولية الجزائية.

ولا يمكنني أن أمر دون أن ترجعني ذاكرتي الممتلئة بعشرات القصص، إلى قصة تعود إلى شهر رمضان السابق أين أطلق مواطن بالطريق السريع المؤدي إلى مطار الجزائر رصاصة على مواطن آخر وضعا بذلك نهاية لحياته لسبب واحد هو أن الضحية تجاوزه بسيارته وضيق الطرق أمام الجاني ، وقال الجاني إنه قتله لأنه أخره عن موعد الدخول إلى بيته للإفطار.

وفي نفس الشهر الفضيل وبالعاصمة الجزائر خلف طائر الحسون قتيلا وتفاصيل القصة تعود إلى أن أحد باعة العصافير استشاط غيظا عندما وضع أحد الزبائن أحد أقفاصه بعنف، حيث حز هذا السلوك في نفس البائع المولع بعصافيره، لاسيما وأنه يتعب كثيرا في الحصول عليها، فكانت نتيجة الغضب غياب الوعي الذي دفعه مباشرة إلى القتل ولم يشفي غليله إلا حينما مات الرجل بين يديه.

كما شهدت مؤخرا مدينة بومرداس حادثة قتل راح ضحيتها شيخ بعد أن تلقى طعنة من قبل شاب يقطن بالقرب من مسكنه، وورد في حيثيات القضية أن الضحية وضع كمية من الرمل أمام مسكن الجاني، فنشب خلاف بينهما انتهى بجريمة قتل عمدي، ليتضح أثناء المحاكمة أن الرمل لم يكن سوى القطرة التي أفاضت كأس الحقد الكامن بين الجارين.

وومن القضايا التي تناولتها الصحافة الجزائرية وتابعتها عن كثب هي قضية الطفل المكفول الذي الذي قتل والدته وشقيقيه، وقيل أنه نفذ جريمته بعد أن أدرك أنه ليس الابن الحقيقي للعائلة، خاصة وأن شكوك أفراد الأسرة حامت حوله اثر اكتشافهم أمر اختفاء بعض المجوهرات من المنزل، إذ وضع نهاية لحياة الرجل الذي رباه وابنه فقط لأنه اكتشف هذه الحقيقة .
واهتزت مدينة عين الدفلة الواقعة 250كم غرب العاصمة الجزائر لقصة محمد وثلاث أطفال الذين تعرضوا إلى الاغتصاب من طرف جماعة سيدي راشد الذين قتلوا محمد بعد أن قال انه تعرف على الملثم الذي كان يريد أن يمارس الفاحشة معه.

تعود حيثيات القصة حسب ما تناولتها الصحف الجزائرية إلى السبت الأسود أين قرر الأطفال الأربعة الخروج من منازلهم والاستمتاع بعطلة نهاية الأسبوع في الغابة التي كانوا معتادين على الذهاب إليها، لكن ليسوا متعودين على التوغل فيها، الغابة معروفة بالاعتداءات ونشاط عصابة بني راشد، نسبة إلى بلدية بني راشد الواقعة مباشرة بعد الجبل عناصر العصابة، حسب أحد أولياء الضحايا من ذوي السوابق العدلية والمبحوث عن بعضهم منذ مدة، هاربون ويتنقلون عبر شعب وعرة بين الجبل المتميز بكثافة الغطاء النباتي، المتكون أساسا من أشجار البلوط والصنوبر والكرز، قطع الأطفال حوالي كيلومتر ونصف، وهي المسافة التي قطعها الأطفال الأربعة بعد جدل بينهم، وانطلق الأربعة ومعهم خبز وماء، التقوا بمجموعة من الشبان تتراوح أعمارهم بين 32 و35 سنة، أحدهم حسب مصادر محلية متزوج وله أطفال. عند اجتيازهم لمكان تواجد العصابة التي كانت تترصد، طلب أحدهم الماء من الأطفال فأعطوه وطلب آخر الخبز فمنحوه كذلك، وأثناء الأكل وتجاذب أطراف الحديث وتعرّف العصابة على الأطفال،قال"م• محمد" إن إثنين من الستة المشكلين للمجموعة كانوا ملثمين، مما أثار حفيظة الأطفال الذين قرروا هذه المرة عودة أدراجهم، لكن العصابة بدأت تنجز مخططها، حيث يروي الضحايا بأن فردين من العصابة بدآ في رميهما بالحصى الصغيرة بأسلوب استفزازي، وضربهم بشكل خفيف على ظهورهم بالعصي، يدعون بذلك أنهم يلهون معهم ويمازحونهم فقط، ثم اقترحوا عليهم أن يذهبوا لنزع البلوط الذي أينع ثمره في الأشجار هذه السنة مبكرا، وهي الفكرة التي قبلها الأطفال على مضض و شعر الأطفال بالأمان قليلا عندما اختفى العناصر الثلاثة الملثمين عن أنظارهم، بينما هم يشقون طريقهم نحو أشجار البلوط المثمرة ليجنوا حظا منها لأهلهم لكن بعد توغل الجميع داخل الغابة وبعيدا عن الأعين، عاد أفراد العصابة المختفين إلى الظهور وهناك يقول ''بلال'' ظهرت نيتهم الحقيقية ''فبدأوا في ضربنا بالعصي وتجريد اثنين منا من ساعتينا وانفرد كل اثنين منهم بواحد منا'' ويقول "م• محمد" الذي تم تعذيبه بالضرب والاعتداء عليه بالسكين من طرف أحدهم الذي ولحسن حظه لم يخترق سوى ثيابه، قبل أن يأخذ بالقوة أفراد العصابة، أصدقاءه إلى وجهات مخفية متقاربة للاعتداء جنسيا عليهم، وبينما بقي هو لوحده تحت طائل التهديد بأن لا يبرح مكانه حتى يأذنوا له، سمع المرحوم صديقه وهو يقول لأحد الملثمين ''لقد تعرفت عليك''، وهنا استل الجاني الملثم خنجرا وطعنه به في صدره مخترقا القفص إلى الصدر ثم إلى فخذه، في هذه الأثناء قال "م• محمد" كيف سقط صديقه أرضا، وبدأ في التقيؤ ''لقد رأيته كيف كان يخرج الطعام من معدته ممزوجا بالدماء لم أصدق ما كنت أرى''. في هذه الأثناء وعندما جاء الجاني إلى أصدقائه راكضا يقول لهم ''أطلقوا سراح الجميع صديقهم يموت''• في هذه الأثناء انطلق (م• محمد) الذي كان الشاهد الوحيد على طعن صديقه أمام عينيه بعد أن حاول تصفيته من قبل نفس المعتدي، لكنه تمكن من الإفلات من قبضتهم بعدما جرى، يقول، نحو واحد كيلومتر من الغابة، ليصل إلى أول بيت عند السفح، ويبلغ أحدهم بالجريمة.

من جهة أخرى حلقات من مسلسل جرائم القتل العمدي في تزايد مستمر بمدينة العلمة بولاية ولاية سطيف حيث سجلت ما بين شهر جويلية وشهر أوت 07 جرائم قتل.
وكانت أولى الجرائم التي راح ضحيتها ضحيتين من عائلة واحدة وهما امرأة حامل في الشهر السابع وشقيقها اللذين قتلا على يد ابن عمهما بسبب كوب من البن، والسبب أنهما شربتا كوب لبن كان يود شربه فقتلهما ولم يتمالك غضبه.
أما الثانية فراحت ضحيتها شابة مغتربة في عقدها الثاني على يد شقيقها، الذي قام بحرقها ورميها في قبو العمارة التي يقطنان بها لأنها لم تتمكن من تامين شهادة لإيوائه في فرنسا.
ومسرح الجرائم في مدينة سطيف التي تعرف بالدعارة وجرائم القتل قام شاب لم يتجاوز سنه 16 سنة، بتوجيه عدة طعنات في مناطق مختلفة لشاب يبلغ من العمر 25 سنة دون أن يفصح عن أسباب فعلته.
وجريمة مماثلة حدثت قام شخص ذو سوابق عدلية بتوجيه عدة طعنات لزوجته متحججا أنه قتلها بدافع خيانة زوجية، حسبما صرح به لدى مصالح الشرطة،مثلما راح ضحية جريمة قتل كهل في العقد الخامس من عمره، قتل بسب قطعة ارض.

وبهذا الصدد تقول الأستاذة فائزة طاهري محامية معتمدة لدى مجلس القضاء بعد أكثر من عقد قضاه الجزائريون في مكافحة أعمال وممارسات إرهابية، انفجرت ما تسمّى «الجريمة "التي انتشرت بقوة في الجزائر، من أعمال سرقة وخطف واغتصاب وترويج للمخدرات، و تصفيات جسدية لأتفه الأسباب فلقد تعايش الفرد الجزائري مع خبر الموت إلى أن أصبح أمرا عاديا بسب المذابح الجماعية والتفجيرات وأصبح القتل الفردي الذي لم تكن تعرفه الجزائر قبل العشرية السوداء أمرا عاديا خصوصا وأن من مخلفات هذه العشرية التصدع في مبادئ المجتمع وانهيار القيم وشيوع ثقافة المنفعة الخاصة على حسباب جثث الناس ، وأصبح الفرد الجزائري لا يخاف من القوانين .


انشراح سعدي
الثلاثاء 10 نونبر 2009