لم تكن هاينش تايكي قد سمعت من قبل بهذا المرض الوراثي، البطئ التطور، والذي يؤدي بمرور الوقت إلى خلل في السير. إلا أن الأمر ليس مستغربا، فهو واحد من الأمراض الغريبة المزمنة. وفقا لعرف الأطباء يعتبر المرض غريبا أو نادرا إذا كان معدل الإصابة به لا يزيد عن خمسة بين كل 10 آلاف.
توضح الدكتورة كريستين موندلوس من جمعية "تحالف مقاومة الأمراض المزمنة النادرة" أنه "يوجد حوالي 8000 مرض نادر ، ولا يمكن لطبيب واحد أن يعرف كل هذه الأمراض. وتضيف "بدلاً من ذلك، يتم تصنيف المرضى غالبًا على أن الحالة نفسية أو عصبية".
وقد يستغرق تشخيص الحالة بصورة صحيحة في المتوسط نحو 7 سنوات في مثل هذه الأمراض، ولهذا تقدم جمعية دكتورة موندلوس الدعم والمشورة للأطباء، وتواصل مع الخبراء، وتنشر الأبحاث ونتائجها الأكثر ابتكارا.
من جانبها توضح أبحاث وزارة الصحة الألمانية أن نحو 80% من الأمراض النادرة والغريبة وراثي، والقليل منها متوافر له علاج، وينطبق هذا أيضا على الشلل العصبي الوراثي التشنجي، الناتج خلل في أعصاب النخاع الشوكي. تعلق هاينش تايكي "لكي يواسوني، قالوا لي في العيادة إنني لن أموت من هذا المرض". ولكن صعوبة المشي تزداد يوما بعد يوم ومشاكل التوازن في تدهور مستمر. اضطرت للاستقالة من عملها كسكرتيرة منذ عام 2002، وتتحرك بواسطة مشاية. كما تضيف "لاحظت مؤخرا أن صوتي أصبح أبطأ، كما بدأت أعاني من تشنجات في الذراعين واليدين".
تقول هناك عدة أنواع من الشلل العصبي التشنجي الوراثي، وريما أعاني أشدها تعقيدا. ويرجع ذلك لأنه ربما لا يوجد تشخيص نهائي 100% للمرض. هناك خلل ما في أحد الجينات، ولكن العلماء لم يحددوا نوعه بعد". وتعرب هاينيش تايكي عن أسفها قائلة "أنا مريضة ولكن لم يتم رصد أي شيء".
في البداية، راودها شعور بأنها كانت الوحيدة التي تعاني من هذا المرض. ولكن وجدت على الإنترنت، مجموعة مساعدة ذاتية. "كنت سعيدة لأنني وجدت آخرين كانوا يمرون بنفس الشيء". انضمت منذ عام 2002، هي وزوجها إلى مجموعة من الأشخاص الذين يعانون من مرض الـ HSP يشمل أفراد أسر المرضى وينظم اجتماعات دورية يقدم فيها المختصون تقريراً عن التقدم المحرز من خلال الأبحاث.
تبرز الدكتورة مونلدوس أهمية مجموعات المساعدة الذاتية. "الطبيب يقوم بالتشخيص ويوصي بالعلاج، ولكنه لا يسعه قول شي شيء بخصوص أسلوب الحياة مع هذه الأمراض. هذا لا يستطيع القيام به سوى المرضى بأنفسهم". تؤكد الأخصائية "إنه مبهر كم الطاقة والبهجة التي تنتقل بين المرضى خلال جلسات هذه المجموعات".
يقول زوج هاينيش تايكي "لا يمكن أن نخفي رؤوسنا في الرمال". زوجته لا تفعل ذلك. تم إجراء عملية جراحية لها بطريقة خاصة لتصحيح وضع القدمين وأصابع القدمين. هذا التدخل لا يقاوم أصل المرض، لكنه يحسن أعراضه. "هدفي هو أن أخطو بضع خطوات بحرية"، تقول المرأة. ولهذا فهي تتدرب كل يوم.
يذكر أنه في عام 2016 تمكن فريق من علماء الأحياء من تحديد الطفرات الجينية التي تسبب الشلل التشنجي الوراثي (HSP)، وهي مجموعة من الاضطرابات الموروثة التي تسبب ضعفًا تدريجيًّا وتصلبًا في عضلات الساق. هذا الاكتشاف قد يحسّن المسح والعلاج الجيني. ويُعتقد أن أكثر من 70 جينًا هي المسؤولة عن الشلل التشنجي الوراثي، ولكن تبقى أدوارها المحددة في هذا المرض غير معروفة.
عن طريق وضع التسلسل الوراثي للأفراد المصابين، عثر علماء من جامعة ماكجيل، كندا، وجامعة محمد الخامس في المغرب، على طفرات في جين يعرف باسم CAPN1 يعمل على ترميز calpain 1 وهو بروتين مفعّل بالكالسيوم، وُجد منتشرًا جدًّا في الدماغ1، حيث تؤدي واحدة من هذه الطفرات إلى تراكم calpain 1 غير المفعّل في الدماغ.
وقد أدى تعطيل جينات مماثلة لـCAPN1 في الديدان، وذبابة الفاكهة، وأجنة أسماك الزرد إلى إحداث تأثيرات الشلل التشنجي الوراثي لدى هذه الحيوانات، مؤكدًا الصلة بين طفرات الجين CAPN1 والشلل التشنجي الوراثي.