نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

( أيهما أخطر؟ )

24/04/2024 - محمد الرميحي*

إيران.. من يزرع الريح يحصد العاصفة

23/04/2024 - نظام مير محمدي

وقاحة استراتيجية مذهلة

21/04/2024 - راغدة درغام

التعميم بوصفه "تخبيصة" العقل الأولى

18/04/2024 - مصطفى تاج الدين الموسى

رسائل النيران بين إيران وإسرائيل

15/04/2024 - محمد مختار الشَنقيطي

جنوب لبنان.. بعد غزة

06/04/2024 - عبد الوهاب بدرخان

غزة والأخلاق العابرة للحدود والأرباح

06/04/2024 - عدنان عبد الرزاق

نزار قباني وتلاميذ غزة

06/04/2024 - صبحي حديدي

حرب لإخراج إيران من سوريا

06/04/2024 - محمد قواص


ارتفاع طلب الصين على الصويا يعرض أحراش الأمازون للخطر




شنتورين (البرتغال) – يقع حوض نهر تاباخوس بولاية بارا البرازيلية، شمال ولاية ماتو جروسو، في قلب أحراش الأمازون البرية. ولكن في السنوات الأخيرة ، شهدت هذه المنطقة المنعزلة تغييرات عميقة ترجع في جزء كبير منها إلى التوسع في الصناعات الزراعية، وخاصة القائمة على محصول الصويا، والتي دمرت مساحات شاسعة من غابات السافانا وغابات الأمازون المطيرة.


تقع قرية أكيزال في الوادي حيث يلتقي نهرا تاباخوس والأمازون، وهي إحدى القرى التي تشكل جزءًا من إقليم موندوروكي موطن تجمعات من السكان الأصليين، الذين عاشوا منذ قرون في هذه المنطقة من شمال البرازيل. يشكو جوزيهنيلدو زعيم القبيلة من أن "المزروعات التهمت مساحات شاسعة من الأحراش، مما أثر على قدرة السكان على الاكتفاء الذاتي من الغذاء والمياه. الحياة في ظل محصول الصويا، عبارة عن صراع يومي من أجل البقاء، نفقد شيئا فشيئا بيئتنا الحيوية". تعتبر البرازيل ثاني منتج للصويا على مستوى العالم حيث بلغ حجم انتاج موسم 2017/2018 نحو 117 مليون طنا من حبوب الصويا. وقد تتسبب التوترات التجارية المتزايدة بين الصين والولايات المتحدة في زيادة المعدل السريع بالفعل لإزالة الغابات من تلك المنطقة التي تعتبر رئة الكوكب، حيث فرض كلا البلدين بحلول منتصف عام 2018 ، تعريفة جمركية على بعض السلع التبادلية، بما في ذلك فول الصويا على وجه الخصوص، وهو أحد صادرات الولايات المتحدة الرئيسية إلى الصين. ومن ثم خلال عام 2018 ، انخفضت صادرات فول الصويا الأمريكي إلى الصين بمقدار النصف. قبل بضعة أيام انتهت الجولة الأخيرة من المفاوضات بين البلدين دون اتفاق. وفرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عقوبات جديدة، ردت عليها بكين بإجراءات انتقامية. ومما لا شك فيه أن هذا الوضع سوف يشجع المنتجين البرازيليين على زيادة إنتاج الصويا، مما سوف يزيد من عواقب الوضع الوخيم على غابات الأمازون. يقول ريتشارد فوكس الباحث في علوم المناخ بمعهد كارلسروه الألماني للتكنولوجيا (KIT) "نخشى إزالة الغابات على نطاق واسع نتيجة للحرب التجارية"، مضيفا "في السابق أدت زيادة الطلب العالمي على الصويا لحدوث ظاهرة إزالة الغابات بصورة حتمية لتوفير أراضي كافية صالحة للزراعة". ويدرس فوكس جنبا إلى جنب مع زملائه، الآثار المحتملة لهذا التحول في تجارة فول الصويا العالمية. مؤكدا في مقال نشرته مجلة "ناتشر" المتخصصة أن الحرب التجارية هي كارثة بالنسبة لغابات الأمازون، محذرا أنه في أسوأ الأحوال ستحتاج البرازيل 9ر12 مليون هكتارا إضافيا من الأراضي الزراعية، أي مساحة بحجم اليونان تقريبا، لتلبية احتياجات الصين من الصويا. يستخدم 80 في المئة من فول الصويا الذي تستورده الصين في إنتاج الزيوت والأعلاف الموجهة لتغذية حيوانات التربية الصناعية. فقط 20 في المئة يستخدم مباشرة للاستهلاك الآدمي. وتقلل الصين باستمرار من زراعة الصويا محليا، على اعتبار أن المستورد أقل تكلفة، ولهذا تراجعت المساحة المنزرعة بهذا المحصول بنسبة 25 بالمئة مقارنة بعام 2000. وتحصل الصين على 75 في المئة من احتياجاتها من الصويا من البرازيل. وبلغ حجم وارداتها الأخيرة من الولايات المتحدة 6ر37 مليون طنا، وإذا أرادت الصين استيراد نفس الكمية من البرازيل، فإنه يتعين على البلد اللاتيني زيادة المساحة المنزرعة بالمحصول بنسبة 39 في المئة. يقول فوكس "البرازيل هي الدولة الوحيدة التي يمكنها زيادة إنتاجها من فول الصويا بهذه السرعة". "عادة ، تتحول المراعي إلى أراض صالحة للزراعة ثم يتم قطع الغابات لاستيعاب الماشية". تتم مصادرة الأراضي بشكل غير رسمي، حيث لا يولي المزارعون في كثير من الأحيان سوى اعتبار ضئيل للسكان الأصليين أو المناطق المحمية. ومن الشائع طرد السكان من خلال التلاعب بسندات الملكية بناءً على وثائق مزورة. وقد يصل الأمر في بعض الأحيان إلى النزاع المسلح. وبالفعل منذ مطلع العام الجاري، اغتيل أحد عشر شخصا على الأقل خلال منازعات على الأرض، وفقا لبيانات للهيئة الفلاحية للأراضي في البرازيل. وسوف يكون لتدمير غابات الأمازون المطيرة عواقب وخيمة على الكوكب، حيث ستؤدي إزالة الغابات لانبعاث كميات هائلة من ثاني أكسيد الكربون وتسرع من ظاهرة الاحتباس الحراري. ومن ثم يرى فوكس أنه يتعين على المستهلكين أن يتحملوا المسؤولية تجاه إزالة الغابات من الأحراش الاستوائية المطيرة لإتاحة مساحات جديدة سواء للزراعة أو للرعي. كما يرى أيضا ضرورة تقليل استهلاك اللحوم، حيث يقول إنه على سبيل المثال، دول الاتحاد الأوروبي يجب أن تفرض رسوما أعلى على لحوم الحيوانات التي تربى في مراعي الصويا أو واردة من مناطق أحراش استوائية. وهكذا فإن السعر سيتضمن التكلفة البيئية. حتى الآن، كانت الفترة بين عامي 1995 و 2004 أكثر السنوات التي كانت فيها إزالة الغابات على أشدها في البرازيل، حيث فقد ثلاثة ملايين هكتار من الغابات. بناءً على هذا المعدل، كان بوسع البرازيل توفير مساحة كافية لتلبية احتياجات الصين خلال ما يزيد قليلاً عن أربع سنوات. وحتى إذا استأنفت الصين إنتاجها الخاص أو وسعت مشتريات الصويا من كبار المنتجين الآخرين، مثل الأرجنتين، فإن حسابات علماء KIT تتوقع أن البرازيل ستضطر إلى إزالة 7ر5 ملايين هكتارا أخرى، وهي مساحة بحجم كرواتيا. وتشير التوقعات إلى وجود احتمالات قوية لأن يحظى الطلب الصيني على فول الصويا بمباركة الحكومة البرازيلية الجديدة، أخذا في الاعتبار أن الرئيس اليميني المتطرف جير بولسنارو يتعامل مع أحراش الأمازون، الغابة البكر ورئة الكوكب، باعتبارها أرضا ميتة اقتصاديًا ويريد الاستفادة بشكل أكبر من منطقة الأمازون في المستقبل. وقد أكد بولسنارو في أكثر من مناسبة أن " الرخاء والازدهار يقبعان تحت أراضي السكان الأصليين". وتأكيدا على زواج المال بالسلطة في حكومة بولسنارو دون أدنى مراعاة لحقوق السكان الأصليين أو لتداعيات سياسات الشركات على ظاهرة الاحتباس الحراري والتغير المناخي، عين الرئيس اليميني المتطرف النائبة تيريزا كريستينا كوريا، وهي سيدة أعمال لها مصالح قوية في الاستيلاء على أراضي السكان الأصليين، وشرعت قوانين تبيح استخدام مبيدات مدمرة للأحراش والبيئة الحيوية للكثير من كائنتها، للإشراف على أراضي السكان الأصليين. من جانبهم يعتبر السكان الأصليون بقرية أكيزال الصويا نوعا من اللعنات. يقول باولو دا سيلفا بيشيرا "كانت أحراش الأمازون تحيطنا في الماضي، وكان لدينا الكثير من الأسماك والفواكه"، فيما يتطلع إلى الحقل الضخم الممتد على مرمى البصر على مقربة عشرة أمتار من منزله. ويضيف "أما الآن فقد لوثت المبيدات مياه النهر وسممت الأسماك والتربة".

دنيس دويتمان و أنجيليكا انجلر
الثلاثاء 28 ماي 2019