نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

التعميم بوصفه "تخبيصة" العقل الأولى

18/04/2024 - مصطفى تاج الدين الموسى

رسائل النيران بين إيران وإسرائيل

15/04/2024 - محمد مختار الشَنقيطي

جنوب لبنان.. بعد غزة

06/04/2024 - عبد الوهاب بدرخان

غزة والأخلاق العابرة للحدود والأرباح

06/04/2024 - عدنان عبد الرزاق

نزار قباني وتلاميذ غزة

06/04/2024 - صبحي حديدي

حرب لإخراج إيران من سوريا

06/04/2024 - محمد قواص

على هامش رواية ياسر عبد ربه

04/04/2024 - حازم صاغية


الأناقة تخفي المعاناة: ..معاناة راقصات الباليه مع أحذية الساتان




ميونيخ – تحلم كثير من الفتيات الصغار بارتداء حذاء راقصة الباليه الستان ذي الأشرطة الحريرية والنعل المسطح والطرف المدبب. لونه في الغالب وردي فاتح، وتشد أشرطته برومانسية شديدة إلى الكاحل، وكلما كانت مقدمته مدببة كلما برزت أناقة الراقصة ورقة أسلوبها وهي تتألق على المسرح مرتدية هذا الحذاء الأنيق وكأنها فراشة لا تكاد تلامس الأرض أصلا.


ميليسا هايدن
ميليسا هايدن

 

بعيدا عن أحلام الأطفال الوردية، بالنسبة لراقصات البالية المحترفات، يمثل هذا الحذاء بمواصفاته هذه جزءا من زي العمل الرسمي، الذي يرتدينه لساعات طوال خلال البروفات وتجارب العروض والعروض الفنية الرسمية. ومن أول الأمور المؤلمة التي تتوارى خلف سحر وأناقة عالم الباليه، أن الراقصة المحترفة تستهلك نحو ثمان أزواج من هذه الأحذية المدببة في الشهر.
وبالفعل يوجد منصب شديد الخصوصية في فرقة باليه بفاريا الرسمي بميونيخ، وهو منصب رئيس قسم أحذية الباليه، نظرا لأن كل راقصة من أعضاء الفرقة الثلاثية تنتعل ماركة معينة، ويجب أخذ قياس أقدام كل واحدة منهن للحذاء الذي سترتديه على حدة وبمنتهى الدقة.
تحرص شيفرين فيروليير، راقصة الفرقة الأولى، على التأكد بنفسها من وجود عدد كافٍ من الأزواج الجديدة في خزانة أحذية الباليه بحجرة تبديل الملابس الخاصة بها. وكل عضوة في الفرقة لديها خزانة خاصة تحتفظ فيها بالأحذية الجديدة تحسبا لأي طارئ. تستخدم الأحذية الأقدم أولا، ويتم الاحتفاظ بالجديدة، من منطلق أنه كلما كانت أقدم، كلما كانت أكثر صلابة وتستطيع الراقصات استعمالها بسهولة.
من جانبها تؤكد صوفي سمبسون من مصنع فريد الإنجليزي لتصنيع أحذية الباليه "هذا الحذاء له عمر افتراضي"، وتوضح لإحدى الراقصات بعض التعليمات الأساسية عن طريقة استخدامه وافضل الأوضاع والحركات لكي تحصل منه على نتيجة جيدة.
تدور الراقصة على أطراف أصابعها حتى تشكل أقدامها خطا مستقيما مفرودا تماما، ثم تفرد ركبتيها بقوة وتتوج الحركة بالوقوف تماما على أطراف أصابعها. وبعين خبير تقرر سمبسون في ثوان إذا كان الحذاء مناسبا للراقصة أم لا، وهل تحتاج زوجا أكبر أو أصغر، وهل هو ضيق للغاية أم واسع، والأهم من ذلك، إذا كانت القدم تحتاج إلى حماية أكبر أم لا.
على سبيل المثال، بالنسبة لإحدى الراقصات قد يستلزم الأمر بطانة داخلية صلبة مستديمة، في حين تحتاج راقصة أخرى نعلا مختلفا لكي يمكنها من بسط القدم بدون بمشاكل. هناك بعض الراقصات يتطابق مشط قدمهن مع الطرف المدبب بصورة مثالية، وهناك راقصات أصابع مشط أقدامهن أقصر من المعتاد. وهناك من تحتاج أقدامهن تقصير الجانبين لأسباب جمالية، وهناك من تحتجن أن يكون الجزء الخلفي أعلى من المعتاد لكي لا تتزحلقن. ومن ثم توضح سمبسون أن "كل الأحذية لها نفس المواصفات والمكونات، ولكن التفاصيل النهائية هي التي تختلف".
يستغرق تصنيع زوج واحد من أحذية الباليه، ثلاثة أسابيع، ويتطلب الأمر اشتراك خمسة عشر شخصا. وفي العادة تتعامل كل راقصة مع صانع أحذية واحد لا تغيره لسنوات طويلة، وهي رفاهية لا تقدر عليها إلا الراقصات المحترفات بالفرق المهمة فقط. ويستلزم الأمر سنوات لكي تشعر الراقصات بالارتياح والرضا التام مع أحذيتها، ففي بعض الأحيان قد تلجأ راقصات لطرق الحذاء في بعض المناطق لكي يصبح أكثر ليونة أو تستخدمن الغراء لكي تزدن من صلابته.
أما هدف سمبسون فيكمن في صناعة زوج الأحذية المثالي لكل راقصة، مؤكدة أن هذا لا يتعلق بالجانب الجمالي فقط، بل يتعداه إلى صحة الراقصة، لأنه في بعض الأحيان قد تصاب أقدامهن بتمزقات في الأربطة وشروخ نتيجة الحمل الزائد، أو للسقوط لأن النعل كان ألين من المعتاد أو لتشوه أصابع القدم لأن الحذاء كان أصلب أو أضيق من المعتاد.
تنتصب الراقصات، تقفزن، وتدرن في الهواء وتسكن حركاتهن فجأة حين يقفن على أطراف أصابعهن بمشط قدم مفرود ومشدود تماما وكل هذا في مساحة لا تتجاوز أحيانا ستة سنتيمترات، إنه أمر شاق ومرهق للغاية، ولأنهن يقمن بهذا كثيرا، فإنه يمكن أن يكون أي شيء باستثناء أن يكون مريحا. ولهذا فإن خلف الصورة البراقة لراقصة البالية الرومانسية الحالية، توجد أقدام متورمة أصابعها ملتوية وأظافرها محتقنه من الدم المحبوس بسبب الضغط الزائد أو مكسورة، بخلاف الكالو والكدمات.
تلجأ بعد الراقصات لاستخدام فواصل بين الأصابع أو بطانات لتخفيف الضغط، وقد يستخدمون بطانات السليكون المتوافرة على نطاق تجاري واسع، وأحيانا أقماع من القطن، وقد يصل الأمر لاستخدام ورق التواليت.
تقول فيروليير وهي تمارس الباليه منذ كانت في السادسة من
عمرها، وهي الآن في الثانية والأربعين "لم أعثر على حذاء الباليه المناسب على مدار 37 عاما"، وتعتبر نفسها الآن جدة في عالم الباليه. زميلتها في الفرقة بريشكا زيسل في الثالثة والعشرين من عمرها، ومع ذلك فقدت الأمل في العثور على الحذاء المثالي وتصفه بأنه "الحذاء الذي يجعل الضغط محتملا على أقل تقدير".

الكي ريختر
الاربعاء 30 سبتمبر 2020