وماذا قصد بالشراكة التي يرفضها الغرب من أيّ دولة أو تجمّع دوليّ؟ ثمّ حمّل هذا الرفض مسؤوليّة الصراعات الإقليميّة التي انعكست حرباً في سوريا. والشراكة التي يتحدّث عنها على الصعيد الدوليّ الكبير هي بين مَن ومَن؟ في الوقت الذي تنسّق فيه روسيا والولايات المتحدة أصلاً عمليّاتهما على الأرض إلى حدٍّ كبير.
وهل حقّاً أنّ الهدف الأساس للمخطّطات التآمريّة على سوريا كان الدستور، بغية استبداله بدستورٍ طائفيّ؟ هذا خاصّة بعدما تمّ تثبيت علمانيّة الدولة السورية بقرارٍ من مجلس الأمن على يد مجموعة العمل الدوليّة في فيينا. وكان ذلك حدثاً لا يُستهان به.
ولماذا كلّ هذا الإسهاب في الحديث عمّا يجري في جنيف إذا لم يكن هناك تفاوضٌ أصلاً؟ وإذا لم يكن هناك «أطراف أخرى» لهذا التفاوض، إلاّ «لضرورات الشعر»؟
ثمّ لماذا كلّ هذه الإطالة والإصرار على «ورقة المبادئ» التي تمّ طرحها من طرفه لتشكّل «أساساً للمحادثات»؟ خاصّة أنّ هذه الورقة لم يتمّ نشرها وربّما لم يطّلع عليها أغلب النوّاب قبل الخطاب. ولماذا لا يتمّ طرح هذه «المبادئ» بشفافيّة على الرأي العام السوريّ؟
وأيضاً لماذا يتحدّث عن ضرورة «الاتفاق حول هذه المبادئ التي طرحتها سوريا»، ثمّ يضيف «أو أيّ مبادئ بشكل عام» قبل الانتقال لمناقشة المواضيع الأخرى؟ أهو يشكّك فيها أم يتفاوض حولها، ومع مَن؟ خاصّة أنّه يقول إنّ ورقة المبادئ هذه هي الحلّ السياسيّ.
ولماذا مزج في خطابه بين أسئلة الوسيط الدوليّ وبين قواسمه المشتركة التي قدّمها في تقريره إلى مجلس الأمن؟ عنوان الأسئلة كان لتمكين الوسيط من فهم وجهة نظر الأطراف لجملة «حكم ذي مصداقيّة يشمل الجميع ولا يقوم على الطائفيّة» الواردة في قرار مجلس الأمن 2254. أمّا القواسم المشتركة فهي جزء من خلاصة الوسيط إلى مجلس الأمن، وتضمّنت التأكيد على ما هو مشترك من خلال إسهامات الجانبين بأنّ «أيّ عمليّة انتقال سياسيّ ستتمّ تحت إشراف حكم انتقالي جديد وجامع وذي مصداقيّة، يحلّ محلّ ترتيبات الحكم الحالي».
وماذا قصده أنّ الأسئلة كانت «عبارة عن فخاخ» وضعها هواة ومبتدئون في علم السياسة؟ أفخاخٌ لمَن؟ الحكومة السوريّة لم تكذّب ما ورد في تقرير الوسيط إلى مجلس الأمن. بالتالي، يُفترَض أنّ ما جاء كقواسم مشتركة قد ورد بشكلٍ أو بآخر ضمن إجابات الحكومة على الأسئلة العتيدة.
ثمّ لماذا تؤرِّق قضيّة «مصداقيّة الحكم» رئيس السلطة بهذا القدر؟ بالطبع لا يهمّ رأي الإرهابيين والعملاء بدلالة هذا التعبير، ولكن كيف تكفل «المبادئ» المزعومة تفسيراً «للمصداقيّة» يأتي بحلّ سياسيّ؟
في المصداقيّة بالتحديد يكمُن نزع فتيل نار الحرب وليس تسعيرها. المصداقيّة في الهدنة. إذ عندما تنتهك السلطة مصالحة عقدتها، ووقفاً لقصف تعهّدت به، فإنّها تؤجّج واقعيّاً نيران الحرب المدمّرة الدائرة. والمصداقيّة أيضاً في التفاوض. والمصداقيّة أوّلاً وأساساً في الحكم، باعتباره مسؤوليّة أمام جميع السوريين.
-----------
السفير