نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

رسائل النيران بين إيران وإسرائيل

15/04/2024 - محمد مختار الشَنقيطي

جنوب لبنان.. بعد غزة

06/04/2024 - عبد الوهاب بدرخان

غزة والأخلاق العابرة للحدود والأرباح

06/04/2024 - عدنان عبد الرزاق

نزار قباني وتلاميذ غزة

06/04/2024 - صبحي حديدي

حرب لإخراج إيران من سوريا

06/04/2024 - محمد قواص

على هامش رواية ياسر عبد ربه

04/04/2024 - حازم صاغية


الطاقة الشمسية رهان مازال له مستقبل بمحطة بنبان في أسوان






أسوان(مصر) - يوهانز شميت تيجه- على أحد محاور الطريق جنوب مصر، يتحول فجأة لون رمال الصحراء الصفراء إلى الأسود. ويمتد هذا الشريط لعدة كيلومترات، باتجاه الشمس، حيث تنتشر على طول الأفق الألواح الشمسية الضوئية لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية بلونها الرمادي الداكن: ويعد هذا المشروع رهان مصر على التحول إلى طاقة المستقبل. وتعتبر محطة بنبان للطاقة الشمسية من أكبر مشاريع الطاقة المتجددة على مستوى العالم، وتستخدم به أحدث ما وصلت إليه التكنولوجيا المتطورة في هذا المجال حتى الآن. وتغطي الألواح الشمسية مساحة تعادل 50 ملعب كرة قدم، لدرجة يمكن معها رؤيتها بوضوح من الفضاء ومن خلال الصور التي تلتقطها الأقمار الصناعية.


 
يرافق العمال بالمحطة عنصران متلازمان الحرارة الشديدة وغبار رمال الصحراء، حيث تتجاوز درجة الحرارة في فصل الصيف إلى أكثر من 50 درجة مئوية، مما قد يصيب العمال في حالة عدم تناول كميات كافية من السوائل والحماية من آشعة الشمس إما بضربة شمس أو هبوط حاد في الدورة الدموية. لهذا يؤكد محمود زيدان، ضابط الأمن بأحد المواقع، أن العمال يمكنهم المغامرة بالنزول إلا إلى أجزاء معينة من الموقع.

كما تحذر لافتات التوعية الصحية الملصقة على المستودعات والحاويات المنتشرة في المحطة بشأن مخاطر تغير لون البول، خاصة إذا أصبح بلون العسل الأسود أو البني الداكن: هذه علامة عىل نقص السوائل! يجب شرب الماء في الحال! يقول المهندس أحمد عاطف "من المهم تناول مياه طوال الوقت، حتى لو لم يكن هناك شعور بالعطش".

يوضح وزير التنمية الألماني جيرد مولر أن هذه المحطة الضخمة، التي تبدو من عالم آخر، تعد الفصل القادم لقصة نجاح يطلق عليها الطاقة الشمسية. ويؤكد في تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية (د. ب. أ) قائلا "نحن مازلنا في بداية استخدام الطاقة الشمسية، ولم نصل بعد لنهاية المطاف. إنها بداية عصر نهضة جديد للطاقة الشمسية في افريقيا وآسيا وأمريكا الجنوبية".

وبالفعل فقد شيدت محطات طاقة شمسية ضخمة في كل من المغرب وأبوظبي والصين والهند، أخذا في الاعتبار أن الصين، التي تصدر بجانب الولايات المتحدة والهند أكبر قدر من غازات الدفيئة المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري على مستوى العالم، تأتيان في طليعة الدول المنتجة للطاقة الشمسية.

ولم تكن الصين تمتلك أية ألواح طاقة شمسية من قبل، إلا أنها تمكنت في غضون أقل من 25 عاما أن تصل للريادة العالمية في هذا المجال، بهامش يصل إلى 100%"، وفقا لتقرير صادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي قبل بضعة شهور، حيث بلغ حجم انتاج الصين من الطاقة الشمسية عام 2018 نحو 44 جيجاوات، تليه الهند بمقدار 8 جيجاوات بينما تأتي اليابان في المرتبة الثالثة (7 جيجاوات)، ثم أستراليا (5 جيجاوات)، ثم ألمانيا (3 جيجاوات).

لكن محطات الطاقة الشمسية تصل إلى الحد الأقصى فيما يتعلق بالسطح. يوضح توم هيجارتي المحلل في شركة وود ماكينزي البريطانية لاستشارات الطاقة: "لا توجد أماكن كثيرة تتوفر فيها مساحة كبيرة بالقرب من مناطق التجمعات ذات الاستهلاك العالي للطاقة". كما يضيف "وكمية الأماكن التي يمكن خلالها نقل هذه الطاقة عبر مسافات طويلة محدودة جدًا". جدير بالذكر أن نقل الكهرباء على نطاق واسع يعد باهظ التكلفة، وحتى يومنا هذا، يمثل تحديًا تقنيًا.

ويعتبر توسيع الشبكة من النقاط المحورية بالنسبة لمحطة بنبان للطاقة الشمسية، حيث تنتصب أبراج الضغط العالي على امتداد الأفق وكأنها عمالقة من المعدن وسط المشهد الصحراوي، ولهذا أخذ المستثمرون في مشروع محطة بنبان في الاعتبار إمكانية وجود نزاع على استغلال الأرض، خاصة وأن المحطة التي يمكن أن تغذي أكثر من مليون منزل بالطاقة الكهربية، تحتاج أيضا إلى مساحة كبيرة من الأراضي لنشر الألواح الشمسية ولأماكن تخزين الطاقة ونقلها.

ومن المعتاد أن تحدث مثل هذه الأمور، خاصة في حالة وجود أراضي زراعية، وقد حدث بالفعل أمر مماثل في إيطاليا. وفقا لرأي هيجارتي، يجب التوسع بشكل أكبر في استخدام الطاقة الشمسية كما يجب أن ينمو السوق بصورة أسرع. ومع ذلك، يعتبر الحصول على الأراضي في البلد الواقع جنوب أوروبا من الأمور الصعبة، كما تعارض الإدارات والسلطات المحلية عادة التوسع في الطاقة الشمسية. كما توضح دراسة حديثة أن الاتحاد الأوروبي يمكن أن يكون له إسهام أكبر في مجال حماية البيئة من خلال ما يعرف بـ"كهربة الاقتصاد". يشير التقرير الذي أعدته كلا من بلومبرج (NEF)، مشغل شركة إيتون للطاقة وشتات كرافت للطاقة الكهرومائية، أن هذا التحول قد يتجاوز الأهداف متوسطة المدى التي وضعها الاتحاد الأوروبي لحماية البيئة، مما يعني إمكانية تخفيض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنسبة 63% بحلول عام 2030، مقارنة بالنسبة المسجلة عام 1990، متفوقة عن النسبة المنشودة حاليا وهي 40%.

يعتقد المحلل هيجارتي أن طفرة الطاقة الشمسية ستستمر لفترة من الوقت، ويتوقف هذا جزئياً على أسباب منها أن المكونات أصبحت أرخص. في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ، يزداد الطلب على الكهرباء بشكل مطرد ، والعديد من المنازل ليست متصلة بعد بشبكة الكهرباء.

بالإضافة إلى ذلك ، على عكس محطات الطاقة الهيدروليكية ، يمكن لمحطات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح أن تتطور بسرعة ولا يستغرق إنشاؤها سوى بضعة أشهر. ومع ذلك ، تظل حصة الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في جميع أنحاء العالم منخفضة للغاية: السيطرة حتى الآن من نصيب الفحم والنفط والغاز الطبيعي.

اشترك دياب علي في مشروع بنبان منذ البداية. كان واحدا من 12 ألفا من العمال الذي شاركوا في تشييد المحطة. حفر في الرمال بمعوله لمد الكابلات، يعمل اليوم مساعدا في أحد المواقع بالمحطة. اضطر لأن يترك أرضه الزراعية لكي يستمر في هذا العمل، حيث يقوم أخوته حاليا بزراعة قصب السكر والقمح، وردا على سؤال إذا كان العمل في المحطة الشمسية أكثر مشقة من العمل في الحقل، أكد دياب أن "كل عمل له تحدياته وظروف الخاصة".

جدير بالذكر أن محطة بنبان الشمسية، أصبحت في تشرين ثان/ نوفمبر الماضي أحد أكبر مجمعات الطاقة الشمسية في العالم بعد اكتمال المرحلة الثانية من المشروع بقيمة 1ر2 مليار دولار.

وهذا المشروع مُصمم لترسيخ قطاع الطاقة المتجددة من خلال جذب مطورين من القطاع الخاص الأجانب والمحليين والداعمين الماليين. ويوفر حاليا ما يقرب من 5ر1 جيجاوات من الكهرباء للشبكة الوطنية في مصر وأدى لخفض سعر الطاقة الشمسية بينما تقلص الحكومة دعم الكهرباء.

وتقدر الطاقة الوطنية لإنتاج الكهرباء في مصر حاليا بنحو 50 جيجاوات، وتهدف البلاد لزيادة حصة الكهرباء التي تتوفر من مصادر طاقة متجددة من نسبة بسيطة حاليا إلى 20% بحلول عام 2022 و42% بحلول 2035.

يوهانز شميت تيجه
الاربعاء 4 مارس 2020