نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

( أيهما أخطر؟ )

24/04/2024 - محمد الرميحي*

إيران.. من يزرع الريح يحصد العاصفة

23/04/2024 - نظام مير محمدي

وقاحة استراتيجية مذهلة

21/04/2024 - راغدة درغام

التعميم بوصفه "تخبيصة" العقل الأولى

18/04/2024 - مصطفى تاج الدين الموسى

رسائل النيران بين إيران وإسرائيل

15/04/2024 - محمد مختار الشَنقيطي

جنوب لبنان.. بعد غزة

06/04/2024 - عبد الوهاب بدرخان

غزة والأخلاق العابرة للحدود والأرباح

06/04/2024 - عدنان عبد الرزاق

نزار قباني وتلاميذ غزة

06/04/2024 - صبحي حديدي

حرب لإخراج إيران من سوريا

06/04/2024 - محمد قواص


الطلاق في الجزائر من " الحوادث الأليمة" إلى موضة شائعة




الجزائر - تشهد الجزائر نموا ديموغرافيا هائلا وواسعا أسفر عن تغييرات سريعة مست كل الجوانب، فأبرزت ظاهرتين خطيرتين تتمثلان في العنوسة والطلاق بأرقام مخيفة جدا دقت ناقوس الخطر، وتسببت باختلال توزان المجتمع الذي عادة ما يوصف بـ" المحافظ".


 

تشير احصائيات غير دقيقة لديوان الاحصاء الحكومي إلى تزايد عدد حالات الطلاق من عام إلى آخر، لتصل إلى نحو 70 الف حالة العام الماضي، بعدما قدرت بنحو 60 ألف حالة في عام 2016، مقابل ذلك تراجع معدل الزواج إلى نحو 8 بالمئة.

كان يعتبر الطلاق في الجزائر من " المواضيع غير المباحة"، حيث ظلت تخفيه وتتستر عليه العائلات لخصوصية المجتمع وخوفا من الفضيحة، لكن بتغير الأزمنة والأمصار وتحول التخمينات والأفكار واحتكاك الأجناس والأعمار، ظهر الطلاق إلى العلن حتى أصبح موضة لدى قسم كبير من الناس.

وفي دراسة قارنت بين ظاهرة الطلاق في الثمانينيات من القرن الماضي و الظاهرة في الألفية الجديدة تقول الدكتورة مسعودة كسال، وهي أستاذة بقسم علم الاجتماع لجامعة الجزائر، إن المرأة المطلقة في السنوات الأخيرة لم تعد تمكث أكثر من ثلاثة أشهر حتى تتزوج مرة ثانية، بعكس المطلقة في الثمانينيات التي لم تتزوج إلى غاية الان.

يؤكد سمير عيمر، وهو أستاذ بقسم علم الاجتماع بجامعة الجزائر، أن الطلاق في الألفية الجديدة صار مفتعلا أو حتى كان مشروعا مقصودا، مضيفا بأن القراءة الحقيقية والتفسير السوسيولوجي له، تبرز العقليات المجسدة في الأجيال الجديدة والتطورات الاجتماعية المختلفة والتحولات الاقتصادية والثقافية التي يشهدها المجتمع الجزائري.

يشرح عيمر، أسباب اختلاف الطلاق بين الماضي والحاضر، فيشير إلى التنشئة الاجتماعية كمؤشر رئيسي ومتغير مهم يمكن القياس عليه. كما يمكن للأسباب أن ترتبط بضعف الوازع الديني وعدم الفهم السليم لما جاء به الدين، دون نسيان ضغوطات الحياة اليومية.

ويعتبر عيمر، أن الفرص التي يتيحها سوق العمل والاختلاط بين الجنسين كثيرا ما يتسبب في الخيانات الزوجية المتفشية سواء في الجامعات أو الادارات، وهو ما يؤدي حتما إلى تدمير عش الزوجية.

ويذكر عيمر، واقعة لطبيبين تعارفا فيما بينهما خلال دراستهما الجامعية فتزوجا بعد فترة. وبعد تحول الزوج إلى مكان عمل أخر والاحتكاك بزملاء العمل، اتضح أنه اقام علاقات غير شرعية، فتنبهت زوجته للأمر بعدما وقفت على خيانة مقرونة بالدليل، فما كان لهذه العلاقة إلا أن تؤول إلى الانفصال.
وتتوافق العديد من الآراء على ان المجتمع الجزائري مجتمع متوتر يعيش في صعوبات ومشاكل متراكمة، ولا تتوقع وجود أسرة هادئة في مجتمع لسبب بسيط يخص مشكلة السكن مثلا.

يقول حسين ايت عيسي، وهو أستاذ محاضر في علم الاجتماع التربوي، إن المقاربة السوسيولوجية لظاهرة الطلاق الموجودة في كل مجتمعات العالم ولا زالت إلى اليوم، تؤكد ارتفاع نسبة الطلاق في كل الدول، بسبب عوامل تتجاوز المجتمعات وترتبط بالتحولات العميقة التي تعرفها المجتمعات العالمية.

واشار إلى أن الطلاق فقد أهمية وخطورته، حيث كان يصنف سابقا ضمن " الحوادث الأليمة"، لكن تزايد أرقامه بات عاملا مشجعا على هذه الخطوة طبقا للمثل الشعبي " اذا عمت خفت".

يلفت ايت عيسي، النظر إلى التناقض والتباعد الذي حدث بين الرجال والنساء في نظرتهم لمؤسسة الزواج، وفي اعتقاده أن المرأة أصبحت ترفض سلطة الزوج، في حين أن الزوج لا زال متمسكا بكل صلاحياته، وهذا الأمر نلاحظه خلال الفترة التي تسبق الزواج وبعدها بفترة قصيرة، حيث أن الرجل خلال فترة الخطوبة يقدم نفسه على أنه النموذج الذي تبحث عنه المرأة، في حين تقدم المرأة نفسها على أنها متدينة مطيعة، خاضعة، لكن بعد الزواج تسقط كل الأقنعة ويصاب الطرفان بالإحباط.
ويقسم ايت عيسي، هذه العوامل إلى حزمة فردية وأخرى مشتركة ثقيلة وفيها عدد مرات الخيانة الزوجية، ومشكلة السكن، والخلافات بين الزوجة والحماه.

ويقول إن الزواج انتقل من علاقة بين العائلات إلى علاقة بين الاشخاص، وأصبح اختيار الزوج أو الزوجة اختيارا فرديا. بينما انتقل عقد الزواج من البعد الديني والعرفي إلى البعد الاداري، وترسيم الزواج بات له قيمة أكبر إداريا وحتى الطلاق أصبح إداريا.

يذكر عدد من الأستاذة قصة زميلين لهما اتفقا على الزواج، لكن كل واحد منهما ذهب للعمل في مكان مختلف، ولم يرد أي أحد منهما التنازل عن مكان التدريس لمدة تزيد عن ثلاث سنوات، فكان الزوجان يلتقيان في نهاية الأسبوع أو في العطلة فقط. وراح كل واحد منهما يعتز بنفسه أمام االآخر ويرى نفسه على انه هو أفضل ومصلحته أولى من الأخر، فكانت النتيجة في النهاية الطلاق الحتمي بسبب التسلط.
مأسي وقصة أغرب من الخيال
التحول الذي أصاب المجتمع الجزائري بات ظاهرة للعيان وتتناولها وسائل الاعلام المرئية والمسموعة بعدما كانت حكرا في وقت مضى على الصحافة المكتوبة أو تلك التي تعرف بـ" الصحافة الصفراء"، إذ لم يعد يجد بعض الناس حرجا في مقاسمة آخرين تجاربهم وحتى ألامهم وأحزانهم.

مساء ذات يوم خميس اتصل واحد من المستمعين بأحد البرامج الجريئة يبث على القناة الاذاعية الشبابية " جيل اف ام"، فراح يحكي قصة أغرب من الخيال أو نراها تستحق لان تكون سيناريو لفيلم بإمكانه أن ينافس على جوائز الأوسكار أو السيزار.
راح المستمع يحكي قصته واقسم بأنها حقيقية، فقال إن صديقا عزيزا له تزوج صغيرا لكنه بعد ثلاثة أشهر طلق زوجته وذهب للعيش في فرنسا، في حين انجبت زوجته السابقة بنتا تكفلت حماته بتربيتها قبل أن تتوفى، لتذهب البنت للعيش مع خالها، غير أن الحال لم يستمر طويلا فقررت البنت الابتعاد عن هذه العائلة بسبب العذاب الذي سببته لها زوجة خالها.

منَ الله –يقول المستمع المفزوع-على الأب برزق واسع فكون ثروة هائلة، تزامنا مع نجاح البنت في الحصول على تأشيرة للدخول للتراب الفرنسي.

لكن الأب تعود على الليالي الحمراء ومعاشرة العاهرات، وذات يوم دخل على بنت اقشعر بدنه عند رؤيتها، فقالت له إنها تعرفت على امرأة نصحتها بدخول هذا العالم إذا أرادت ضمان لقمة العيش، وأنها المرة الأولى التي ستبيع فيها شرفها.

سأل الرجل البنت عن اسم والدها ووالدتها فأجابته بما تعلم وأكدت له انها لا تعرف والدها وأنها لم تراه يوما في حياتها، حينها أدرك أنها ابنته من صلبه. تحمل الرجل الصدمة القوية وتغلب على مشاعره، ودون أن يجاهر ابنته بالحقيقة، كان أول ما قام به هو أنه عمل على ضمان عيش كريم لها واطمأن على حالها.

وفي الخطوة الثانية قام بكتابة كل أملاكه باسم ابنته دون أن تعرف هي ذلك، وقبل وفاته كشف لصديقه كل "صندوق أسراره"، ليتولى هذا الصديق مهمة البحث عن أفضل طريقة تمكنه من قول حقيقة " مؤلمة جدا" لبنت ذهبت ضحية زواج غير مدروس وقرارات متهورة لأبوين لم يقدرا بالتأكيد عواقب انفصالهما.
المطلوب مدراس لتأهيل الأزواج
تقترح "البيضاء مسعي"، رئيسة الاتحاد الوطني لتطوير وتنظيم العائلة الجزائرية، فتح مدارس خاصة لتأهيل الازواج الجدد كخطوة للحد من تزايد حالات الطلاق، معتبرة أن هذا الأمر يتيح للمقبلين على الزواج الاستعداد التام قبل خوض هذه المرحلة المهمة من الحياة.

وشددت مسعي، على ضرورة بناء علاقات مبنية بالدرجة الأولى على الاحترام، مشيرة إلى تسجيل بعض المدن لأرقام مفزعة لحالات الطلاق بعد السنة الأولى من الزواج.
ويشدد الأستاذ عيمر، على عدم الانجرار وراء العولمة وضرورة استخلاص العبر من الماضي، عندما كانت تتحامل العائلات الجزائرية على ظروف العيش القاسية وخلافاتها في سبيل الحفاظ على تماسك العائلة واستمراريتها والابقاء على هيبتها.
 

د ب ا
الاربعاء 4 مارس 2020