نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

( أيهما أخطر؟ )

24/04/2024 - محمد الرميحي*

إيران.. من يزرع الريح يحصد العاصفة

23/04/2024 - نظام مير محمدي

وقاحة استراتيجية مذهلة

21/04/2024 - راغدة درغام

التعميم بوصفه "تخبيصة" العقل الأولى

18/04/2024 - مصطفى تاج الدين الموسى

رسائل النيران بين إيران وإسرائيل

15/04/2024 - محمد مختار الشَنقيطي

جنوب لبنان.. بعد غزة

06/04/2024 - عبد الوهاب بدرخان

غزة والأخلاق العابرة للحدود والأرباح

06/04/2024 - عدنان عبد الرزاق

نزار قباني وتلاميذ غزة

06/04/2024 - صبحي حديدي

حرب لإخراج إيران من سوريا

06/04/2024 - محمد قواص


المناضلة جميلة بوحيرد"2": القانون الجزائري لا يحاسب على إهدار الماضي ولا على سرقة الأحلام




حاورتها - صوفية الهمامي - حاصرتها أسئلتي ركزت نظراتها في وجهي، اخترقتني لترحل إلى زمن آخر. عندما تكلمت كانت قد خفضت من صوتها لكأنها قررت أن تبوح فجأة بأسرارها :"ماذا تريدينني أن أقول؟ أربعون سنة مرت على قلبي، وانغرست في ذاكرتي غابات من الشوك والحبق. أنا أحب وطني بدون مقابل، لا أريد الدخول في المزايدات المادية لأنني اعتبر أن كل ما قدمته واجبا وطنيا. هناك من يحب الجزائر لأجل المال والمنصب وبمجرد الاستغناء عنه يصبح عدوا ويبدأ بنشر الغسيل على أعمدة الصحف هؤلاء لن يغفر لهم التاريخ خيانتهم أنا لست منهم. أنا سيدة بداخلها غصة ألم اسمها الجزائر، على صدرها وسام خدمة الجزائر. الوسام نلته من الشعب مثل غيري ممن سقطوا في ميدان التحرير. تمنيت لو كنت صحفية جزائرية يا ابنتي وتسألينني كل هذه الأسئلة وأجيبك بصدق وينشر كلامي دون تدخل ويعلم الشعب من هي جميلة بوحيرد. سرقة الأحلام وإهدار الماضي يا ابنتي لا يحاسب عليها القانون. أظنك فهمت قصدي؟؟ ".


جميلة بوحيرد في شيخوختها الرصينة الحالمة
جميلة بوحيرد في شيخوختها الرصينة الحالمة
@ ضحكت يوم حكموا علي بالاعدام لاستفز اعداء وطني ونجحت
@ في البلاد العربية لا يكرمون المناضلين الا بعد ان يتحولوا الى جثثث
@لو لم تقم الثورة لصرت مصممة ازياء اهم من كوكو شانيل
@ لو ظل ياسف سعدي حيا لصنع قنبلة نووية للجزائر
@ كتاب جاك فرجاس "من اجل جميلة" نقل قضيتها الى العالم
@في السجن كانت تضرب باب الزنزانة باستمرار لتحرم سجانيها من النوم
كبر احترامي لها، فهي رغم كل شيء تبجل الجزائر في كل شيء غير أن الجزائر لم تحقق أمنياتها يوما فلم تكرم تجربة نضالها ولم تداو مرضها ولم تبعث لها بصحفية جزائرية تسجل تاريخها. هي تدرك أنها ستكرم بعد موتها إذ تقول: " الثوار الشرفاء والمناضلون في بلادي كما في البلاد العربية ليس لهم مستقبل. تحب بلداننا العربية موتاها أكثر من أحيائها فالمناضل ملعون وغير مرغوب فيه. يتلقى الطعنات طوال حياته وعندما يموت تكرم جثته أحسن تكريم وتوضع عليها الزهور والعلم في حفل تأبيني مهيب وتعلق على جثته الأوسمة والنياشين . هكذا ... أما أنا فتكريمي الحقيقي وشرفي وأوسمتي ونياشيني نلتها يوم استقلت الجزائر، إنها الحرية التي لا تقدر بثمن، الحرية شيء عظيم لا يدركه إلا من افتقده. انظري ماذا يحدث في العراق الآن هذا الشعب يعز علَي لأنه يعاني ذل الاستعمار ولا يطالب بغير الحرية. أنا متألمة لما يحدث في العراق وفلسطين. شعوب تهتك أعراضها وتفتك أراضيها. أنا حزينة حد الموت. و غير قادرة على الكلام أمام كل هذا الصمت العربي ".
اكتشفت أن حديث الذكريات عن أيام الثورة وأيام السجن وحب الوطن لاقى قبولا في نفسها حاولت فتح هذا الكنز والأخذ منه ولو حفنة صغيرة من هذه الذكريات.

سألتها هل خفت يوم حكم عليك بالإعدام ؟
التفتت إلى السيدة زهرة بوحيرد وكأنها تستشهد برأيها وردت بسخرية "أنا أخاف لقد أضحكتني ... أنا من أذاق الويل للفرنسيين أخاف! لا أخاف إلا من خالقي الواحد القهار، المؤمن بالله وبقضيته وشرف وطنه وعرضه لا يمكن أن يخاف... ضحكت طويلا يوم صدر حكم الإعدام أردت استفزازهم وترعيبهم وزرع الشكوك في نفوسهم المريضة بالحقد ونجحت".
لأنها امرأة لم تعرف الدموع عينيها... فهي تعرف كيف تخنق دموعها في مآقيها، لكنها بكت بحنجرتها وهي تتحدث عن الشهداء. كم هي وفية ومحبة لهؤلاء العظماء الذين ماتوا في سبيل الوطن!
أما أكثر ما يبكيها فهي تلك الصباحات التي يساق فيها رفاقها للإعدام :" لحظات لن أنساها ما دمت على قيد الحياة" هكذا تقول: "كان الفرنسيون يعمدون إلى إخراجهم في الصباح الباكر ويمارسون معهم العنف الشديد لكسر إيمانهم ومعنوياتهم ومزيد تعذيبهم. أما باقي المساجين ولمجرد سماعهم كلمة "الله أكبر" التي يطلقها بصوت مرعب قاصد الإعدام/ الشهادة. فإنهم ينتفضون واقفين في زنزاناتهم مهللين بصوت واحد: الله اكبر الله اكبر تحيا الجزائر الله اكبر"
يختنق صوتها. تصمت قليلا تتنفس وتواصل حديثها:" شيء رائع أن نودع شهدائنا إلى جنات النعيم بالتهليل والتكبير والآذان والنشيد الوطني. ذات مرة اقتادوا أحد رموز الثورة إلى الإعدام فبقينا نردد النشيد الوطني ونهلل ونكبر يوما كاملا دون أن نتعب. احتار الحراس في أمرنا ولم نسكت".
خرج الجميع حوالي الساعة الحادية عشر، واصلنا أنا وهي حديثنا إلى أن باغتا الفجر. لم ارحمها رغم التعب والإرهاق الذي بدا واضحا عليها وسألتها عن نشأتها وانخراطها بصفوف الثورة وكنت متلهفة لسماع أي شيء تقوله.
* حي القصبة وولادة الرموز
يعتبر حي القصبة بموقعه ومعالمه وهندسته شاهدا على ذاكرة الأمة وتاريخ الشعب ‏الجزائري لاحتوائه أكبر تجمع عمراني لمبان يعود تاريخ بنائها إلى العهد ‏التركي ومنها: قصر "مصطفى باشا" وقصر "دار الصوف" و قصر "دار القادوس" و قصر "سيدي عبد ‏الرحمن" و دار "عزيزة بنت السلطان" وقصر "دار الحمرة" الذي تحول إلى دار للثقافة إلى ‏جانب قصر "احمد باي" الذي يستغله المسرح الوطني. وعرف الحي إبان ثورة التحرير بالحي المشتبه فيه دائما من طرف المستعمر نظرا ‏لأنه كان مخبأ جيدا للثوار و المجاهدين لسهولة الاختفاء في بعض المباني ‏القديمة.‏ ومن ثم عرف حي القصبة حكاية شعب إبان الثورة التحريرية حيث كتبت بحروف من الدم ‏حكاية الثوار و المناضلين الجزائريين و الشهداء مثل زيغود يوسف و محمد بومنجل والعربي بن المهيدي وفاطمة زرداني وديدوش مراد وشلغوم العيد.‏
في إحدى بيوت هذا الحي ولدت جميلة بوحيرد يوم 9 يونيو 1935 . نشأت في أسرة متماسكة جدا. والدتها السيدة "بية" رحمها الله تونسية الأصل من مدينة صفاقس التونسية الجنوبية. تحديدا من عائلة بوعكاز الرقيق وهو ولي صالح، لذلك تقول للتونسيين "أخوالي" .
أما والدها فهو السيد عمر بوحيرد أصيل المدينة الساحلية "جيجل" (80 جنوب شرق الجزائر). كانت تربطها علاقة مذهلة مع والدها ومع عالمه فقد كان رجلا رياضيا في تفكيره وفي تصرفاته و نموذجا للرجل الواعي المثقف والثائر المحب لوطنه. كان يذهلها كما تقول وهو يتلاعب بمعاني الكلمات، عبره وعيت الحب والوطن والثورة والنضال. قصدت المدرسة قبل أن تتم عامها السادس، كان التلاميذ يرددون في طابور الصباح "فرنسا أمنا" لكن الطفلة جميلة بوحيرد كانت تصرخ وتقول : "الجزائر أمنا" ، يومها أخرجها ناظر المدرسة الفرنسي من الطابور وعاقبها عقابا شديدا لكنها لم تتراجع
كانت البنت الوحيدة بين أفراد أسرتها، أنجبت والدتها سبع شبان توفي منهم اثنان. زاولت تعليمها بمدرسة "الانديجين" ، ولأنها كانت تعشق الأناقة وتصاميم الأزياء التحقت بمعهد الخياطة والتفصيل بمنطقة "بسوسطارة" الجزائرية ولولا الثورة كما تقول "لكنت كوكو شانيل الجزائر" .
والدها رحمه الله ومنذ كان عمرها أربع سنوات زرع فيَها حبه المعنوي والمادي للرياضة، مارست الرقص الكلاسيكي لعدة سنوات، وكانت بارعة في ركوب الخيل إلى أن اندلعت الثورة الجزائرية.
كأي فتاة جزائرية كان يسكنها الحب الكبير فأصرت على أن تمد جذورها في تربة وطنها و شجعها على ذلك عمها مصطفى بوحيرد فانضمت إلى جبهة التحرير الجزائرية للنضال ضد الاحتلال الفرنسي وهي في العشرين من عمرها. عملت في البداية كأمينة سر "لعبان رمضان" ونظرا لشجاعتها الكبيرة التحقت بصفوف الفدائيين في مجموعة "ياسف سعدي" وكانت أول المتطوعات للموت بزرعها القنابل في طريق الاستعمار الفرنسي. بالتنسيق مع زميلة الكفاح "جميلة بوعزة" التي كانت تسلمها القنابل فتقوم هي بتفجيرها كما حدث في 9 نوفمبر 1956 بنهج ميشلي وفي 26 يناير 1957 بحانة كوك هاردي . ونتيجة لبطولاتها أصبحت جميلة المطاردة رقم واحد، كما كانت السكرتيرة الخاصة بل والذراع الأيمن لياسف سعدي الذي ارتبك كثيرا وتشتت صفوفه عندما تم القبض عليها يوم 9 أبريل 1957 بشارع سيفنكس عندما سقطت على الأرض تنزف دما بعد إصابتها برصاصة في الكتف والقي عليها القبض. وبدأت رحلتها مع العذاب من 9 إلى 26 أبريل 1957، وأي عذاب ؟ عذاب حقير و متعدد الطرق: سكين حاد وحار دغدغوا به مكان الجرح، صعق كهربائي لمدة ثلاثة أيام بأسلاك كهربائية ربطت على حلمتي الثديين، وعلى الأنف والأذنين. كانت جميلة بوحيرد تغيب عن الوعي وحين تستيقظ تقول للمظليين الذين تداولوا على استنطاقها "الجزائر أمنا" دون أن تعترف على زملائها. تحملت التعذيب وظلت صامدة رافضة أن تطلعهم على مكان "ياسف سعدي" و "علي لابوانت" . وتتذكر تاريخ هذا القائد الذي اعدم. فتقول:"هذا الرجل الذي أرعب الفرنسيين ودوخهم كان وراء تصنيع المتفجرات ولو بقي حيا لصنع القنبلة النووية. انه عالم كبيرا ".

ح

المحامي جاك فرجاس .. الشريك ومؤلف كتاب : من اجل جميلة
المحامي جاك فرجاس .. الشريك ومؤلف كتاب : من اجل جميلة
ين يئس المعذبون في انتزاع أي اعتراف منها تقرر محاكمتها صوريا وصدر ضدها حكم الإعدام . وصفت تلك المحاكمة بالمسرحية إذ صدر الحكم قبل الجلسة. وجاءت جملتها الشهيرة التي هزت العالم وزعزعت السياسة الفرنسية "أعرف أنكم سوف تحكمون علي بالإعدام لكن لا تنسوا أنكم بقتلي تغتالون تقاليد الحرية في بلدكم ، ولكنكم لن تمنعوا الجزائر من أن تصبح حرة مستقلة إن شاء الله ". كانت رؤية مبكرة للحرية لدى جميلة. ضحكت جميلة بوحيرد طويلا عندما سمعت القاضي يعلن أمام هيئة المحكمة حكم الإعدام ضدها إلى أن جعلته يصيح "الأمر خطير" . وهنا قرر المحامي جاك فيرجاس نقل قضية جميلة إلى العالم بنشر وتوزيع كتابه "من أجل جميلة" أثار فيه التعذيب الوحشي والمحاكمة غير العادلة مما أثار الرأي العام الفرنسي والعالمي ضد فرنسا. ثار العالم واجتمعت لجنة حقوق الإنسان بالأمم المتحدة بعد أن تلقت ما يكفي من البرقيات من كل أنحاء الدنيا. فتأجل تنفيذ الإعدام. إلى أن جاءت البراءة عن طريق المحامي فرجاس .
تقول ماما جميلة : "عندما أطلقوا علي رصاصة في كتفي خرجت من صدري والقي علي القبض وأودعت السجن كانت الدكتورة "جانين بلخوجة" تهتم بعلاجي داخل السجن كم هي رائعة تلك المرأة. لقد نجحت في تطبيبي دون أدوية حتى الضمادات لم تكن متوفرة. كانت تضعني أمام أشعة الشمس عندما نخرج من الزنزانة وتكشف عن الجرح وتجبرني على تحمل الأوجاع الفظيعة. كانت تقول لمجموعة السجينات :" أرجوكن ابتعدن و دعن أشعة الشمس المنسابة داخل سور السجن العالي لجميلة فهي الفيتامين الوحيد الذي سيساعدها على الشفاء".
وفي تقريرها الطبي تقول الدكتورة جانين بلخوجة :"لقد قمت بفحص جميلة بوحيرد في السجن المدني في مدينة الجزائر إبان رفع نظام السرية عنها في أوائل مايو سنة 1957 وتحققت مما يلي :
وجود جرح قوي فوق الثدي الأيسر بيضاوي الشكل غير منتظم الأطراف ، ينزف منه صديد "القيح". وجود جرح أصغر من الأول عند وسط نتوء عظم الكتف الأيسر. وجود عجز وظيفي في الذراع الأيسر.
وجود اختلال في الجهاز الدموي للذراع كلها وخاصة عند الكتف . وجود ارتجاف في اليد أثناء محاولات تحريكها. وجود نقاط سمراء حول الدائرتين المحيطتين بحلمتي الثديين يبدو أيضا أنها تعود لحروق جد حادة .
إن هذه الظواهر تستدعي بعض الملاحظات: إن منظر وموقع الجرحين الصدريين يحملان على الاكتفاء بأنهما ناشئان عن دخول وخروج رصاصة ما. يحتمل أن يكون هناك كسر في عظم الكتف ، فيجب التأكد من ذلك بواسطة التصوير الشعاعي . يظهر أن الجرح الذي فوق الثدي قد أدى إلى مضاعفات ثانوية إذ انه لا يوجد فيه علامات التئام فهو منتفخ بشكل غير طبيعي وملتهب إلى أقصى حد . كما انه عجز الذراع الأيسر الوظيفي والاختلال في الجهاز الدموي يعود على ما يظهر إلى تهيج عصبي شرياني حيث مرت الرصاصة. كما أنها كانت في فترة الحيض عندما ألمت بها ضروب التعذيب بتاريخ 17 أبريل 1957 وعندها أصيبت بنزيف شديد طوال خمسة عشر يوما ، وقد بدا لي أن حالة جميلة بوحيرد العامة سيئة وملامح وجهها ذابلة وجسمها ضعيفا . كما أن عجز الذراع الأيسر سوف يظل كاملا لمدة شهرين تقريبا، هذا إذا لم تحدث مضاعفات ويحتمل أن يحصل فيما بعد عجز جنسي دائم.
تختم الدكتورة جانيت تقريرها بقولها :"أن هذا التقرير الطبي سلمته إلى جميلة بوحيرد ووكلائها للاستعانة به عند الحاجة ".

بعد ثلاث سنوات من السجن في الجزائر حاولت جماعة مسلحة الهجوم على السجن عدة المرات للتخلص من المساجين بقتلهم. فجاء القرار لنقلهم إلى فرنسا لإكمال باقي العقوبة هناك . أخذوا جميع زملاء جميلة وبقيت هي في الجزائر وحيدة. تقول:" كان علي الوقوف أمام القاضي بما أن لائحة التهم الموجهة ضدي طويلة وعريضة. صحيح نجوت من الإعدام ولكن كان علي مواجهة سنوات طويلة من السجن. وربما من محاسن الصدف أو حماقة الفرنسيين أنهم جمعوا بين آلاف المساجين السياسيين ومساجين الحق العام في سجن واحد ، وهكذا أتاحوا الفرصة للمساجين السياسيين أن يقوموا بتوعية مساجين الحق العام للانضمام للثورة ، ففي نفس اليوم الذي غادر فيه زملائي جاءتني سيدة متهمة في قضية مدنية كانت تتصنت على الفرنسيين لصالح الوطن . قالت لي "راهم معملين عليك" سألتها كيف؟ ركضت بعيدا ... فهمت أن الحرب النفسية ستبدأ معي لتحطيم معنوياتي فقررت أن تكون أحسن وسيلة للدفاع عن نفسي هي الهجوم عليهم ، مع حلول الليل وحتى لا أتعب كنت أتمدد على ظهري وأبدأ في الضرب علي الباب برجليَ وبقوة شديدة طوال الليل (تضحك يا الله ما أحلى أيام الشباب كلها قوة وثورة) يفتح الحراس الباب في عصبية ويقولون "ماذا دهاك ماذا أصابك هل جننت لقد كنت هادئة قبل رحيل زملائك ؟ أصرخ فيهم " لن تناموا يا كلاب مادمت حية أبدا لن تنعموا بالنوم هذه الليلة وكل ليلة". تضحك طويلا وتضيف: "آه لقد "هبلتهم" كان يجب أن أمارس معهم الحرب النفسية. وتم ترحيلي في وقت لاحق إلى فرنسا. قضيت هناك مدة ثلاث سنوات ليطلق سراحي وبقية زميلاتي "الجميلات الجزائريات" سنة 1962 بعد وقف إطلاق النار أي بعد الاستقلال

صوفية الهمامي
الاحد 27 ديسمبر 2009