نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

عن نافالني… بعد أربعين يوماً!

27/03/2024 - موفق نيربية

أوروبا والسير نحو «هاوية»...

18/03/2024 - سمير العيطة

( خيار صعب لأميركا والعالم )

18/03/2024 - عبدالوهاب بدرخان*

لماذا لم يسقط نظام الأسد؟

17/03/2024 - يمان نعمة


اليوجا والفلامنكو لعلاج أجيال من ضحايا ورش تأهيل الشباب




برلين – رقص فلامنكو، ويوجا ورفع أثقال: حتى يفرغ العقل وينهك الجسد. بمساعدة الرياضة، عرفت البرلينية إينس تالر كيف تشق طريقها في الحياة بعد سقوط سور برلين.


تقول "التدريب البدني أمدني بالمقومات اللازمة لكي استعيد الشعور بالرضا عن نفسي". اضطرت إينس لقضاء عامين كاملين من حياتها في "ورش الشباب" التي كانت موجودة في جمهورية ألمانيا الديمقراطية السابقة، حيث تم إدخالها حينما كانت فتاة مراهقة في الخامسة عشرة من عمرها في مركز لرعاية الأحداث وبعد ذلك ألحقت بورشة أو إصلاحية لإعادة تأهيل الشباب. كانت هذه الورش في ألمانيا الشرقية مؤسسات يخضع فيها الأحداث والشباب المثيرين للمشاكل لبرامج عقابية، استغلال، وعمل بدون تأهيل تربوي بغرض إعادة تشكيل شخصياتهم وجعلهم متوافقين مع النظام الاشتراكي في ألمانيا الديمقراطية. والآن بعد مرور ثلاثة عقود على سقوط جدار برلين، قررت أستاذة التربية البدنية وعلم النفس الحركي أن تحكي قصتها بصورة مكشوفة وبدون حتى حذف اسمها. تقول إينس، وهي أم ولديها اثنان من الأبناء، وتشعر بالسعادة لأنها تمكنت أخيرا من استعادة السيطرة على حياتها الخاصة "تراجع شيئا فشيئا الشعور بالمرارة". تجتمع إينس تالر والإخصائية الاجتماعية بتينا كييلهورن في مركز "جيجنفند" أو "الريح المضادة" للدعم بمبنى قديم بحي موابيت في العاصمة برلين. وتتبادل المرأتان الحديث أثناء اللقاء، حول محاولات فهم الماضي الذي أنكروه طوال سنوات، وإدراك أنه لم يكن لهن ذنبا في ما جرى. تقول الإخصائية المعالجة كييلهورن "إينس تالر تتمتع بقوة غير عادية. وتمكنت في النهاية من الوصول إلى القدرة على أن تعفو، وهذا مكنها من معاودة التواصل مع والدتها، بالرغم من صعوبة العلاقة المعقدة بينهما". في ذلك الوقت كان لإينس صديق متعاطف مع ألمانيا الغربية وأدين من قبل الشرطة السرية أو الاستاسي في ألمانيا الشرقية، وتعلم أن أمها كانت من أبلغت عنه، وكانت قد جندت من قبل أمن الدولة كمتعاونة لتشي بالمتعاطفين مع نظام ألمانيا الغربية. بفضل قوة الإرادة العالية ومن خلال المحادثات مع إخصائية المركز التربوي، أصبح بإمكان تالر الآن تقييم الوضع بطريقة أكثر تمايزًا واعترفت بالشجاعة التي تحلت بها والدتها لكي تتحدث معها عن الماضي. أولا وأخيرا، إنها تنتمي إلى جيل قرر معظمه التزام الصمت. تقول الباحثة الاجتماعية كييلهورن إنه على الرغم من أن الأم كانت متورطة في احتجاز ابنتها في إصلاحية، إلا أنها منحتها هي وأحفادها الكثير من الدعم بعد سقوط الجدار. وتضيف، الآن تواجه إينس الماضي وتقول إنها في ذلك الوقت حرمت تمامًا من الحق في التعليم. بالإضافة إلى ذلك، تشير إلى أنها لم تكن تعرف من قبل كيف تعمل هذه المؤسسات والورش في نظام ألمانيا الشرقية. يذكر أن مركز الريح المضادة، افتتح عام 1998، ويعتبر مركز الدعم الوحيد في كل ألمانيا الذي يقدم المساعدة للأشخاص الذين يعانون من مشاكل نفسية لأسباب سياسية متعلقة بالنظام الدكتاتوري في ألمانيا الشرقية. تقول كييلهورن إن الغرض هو تخفيف حدة الأذى النفسي والبدني الناتجين عن التجارب التي عانى منها الضحايا في تلك الفترة. توضح تالر "التحدث هنا أفادني كثيرا، لاستعادة احترامي لذاتي ومناهضة الشعور بالنقص والعجز في داخلي". فلطالما عانيت على مدار سنوات بشعور جارف بالعدائية، صاحبها نوبات من الصداع النصفي الحاد. تصف شعورها بنوع من الحيرة "كنت أشعر كما لو كنت جالسة فوق برميل بارود"، وذلك بدون أن تدري أن كل ذلك كان مرتبطا بالتجربة النفسية المريعة التي عاشتها أثناء فترة المراهقة. بعد تنقلها بين العديد من مؤسسات رعاية الأحداث، نقلت إينس إلى دار "براند إيزبيردورف" الإصلاحية الشبابية، التابعة لمقاطعة ساكسونيا الفيدرالية. إثر محاولة هروب، تم وضعها في العزل أو الحبس الإنفرادي في زنزانة. وخلال النهار كانت تعمل في تجميع معدات إضاءة لصالح شركة حكومية، دون السماح لها بالذهاب إلى المدرسة. وتتذكر إينس تلك الفترة "كان العاملون بالمركز يحرصون على جعلنا نشعر بأننا أسوأ شيء في الكون". تقول تالر "لم أكن مجرمة، فقط كنت أريد القيام بأموري". اعتبرت متمردة وخارجة على النظام من قبل الأمن لأنها صبغت شعرها بالأزرق أو الوردي وارتدت ثيابا سوداء كما لو كانت عضوة في عصابة أو فرقة روك. توضح بيرجيت نيومان بيكر مسؤولة الأبحاث والتقييم خلال عصر الدكتاتورية في ألمانيا الشرقية في مقاطعة سكسونيا ، أن ألمانيا الشرقية كان بها 75 ورشة شبابية (إصلاحية)، ولكن عددها تناقص في عام 1989 ليصل إلى 31، وكانت تضم 3500 شخص. كانت أكبرها إصلاحية "أوجست بيبل" في مدينة بورج وكان يتبعها العديد من دور الرعاية في مختلف المدن. في كتابه بعنوان "أنا أسميه سجن أطفال"، يصف المؤرخ الألماني رالف مارتن، أن الأطفال كان يزج بهم في تلك الإصلاحيات لأتفه الأسباب، خلال نظام ألمانيا الديمقراطية. بحسب بيانات مارتن، تم الزج بنحو 135 ألف طفل ومراهق في تلك المؤسسات وقد انهار الكثير منهم تحت وطأة البرامج العقابية العقابية في تلك المؤسسات. قدمت وزيرة العدل الألمانية الاشتراكية الديمقراطية كاتارينا بيرلي مؤخرا مشروع قانون لتوفير دعم أفضل لضحايا التعسف السياسي خلال حقبة جمهورية ألمانيا الديمقراطية. وقد أقرت الحكومة الألمانية مشروع القانون منتصف شهر آيار/ مايو الماضي، ومن ثم أصبح الطريق ممهدا أمام تقنين إعادة التأهيل وتعويض الأطفال والشباب الذين عانوا من العقاب والاستغلال في مؤسسات نظام ألمانيا الديمقراطية. وهكذا سيكون بوسع الضحايا فرض واستعادة حقوقهم بسهولة أكبر، وهذا يقتضي بالضرورة الحصول على المزيد من خدمات الدعم والمساعدة. يذكر أنه رفض مؤخرا طلب لتالر بخصوص إعادة تأهيل مترتب عليها عواقب جنائية، وبسؤالها إذا كانت تعتقد أن القرار يمكن الرجوع فيه، قالت إنها ترفض حكم المحكمة وأكدت "لن أدع أحدا يلوي ذراعي". عقب سقوط جدار برلين، عملت إينس /48 عاما/ على تعويض السنوات الضائعة من عمرها: أكملت دراستها الثانوية، حققت حلمها بالعمل كراقصة بالية ورزقت بابنين. كما اتبعت دورة تدريبية للعمل كمدرسة تربية بدنية وعلم نفس حركي، وفي الوقت الراهن تدرس بنظام التعليم المفتوح. كما تعشق إينس البحر، حيث تجد فيه السلام والقوة، ولأنه لا يزال أمامها الكثير لتقوم به، تقول بعزيمة وإصرار "سأقوم ضمن أمور أخرى بالحديث مع أبنائي عن الماضي". وبالفعل بدأت القيام بذلك مع ابنها الأكبر.

يوتا شويتس
الثلاثاء 11 يونيو 2019