إلا أن شركات التأمين لم تدفع إلا 58 مليارا و446 مليون ليرة، أي 3.6 بالمئة فقط من إجمالي التعويضات، بحسب أحدث تقرير للجنة مراقبة هيئات الضمان، التي يشرف عليها وزير الاقتصاد، راؤول نعمة.
ووفق الباحث في الشركة الدوليّة للمعلومات (خاصة)، محمد شمس الدين، في تصريح سابق للأناضول، فإن الأضرار الناجمة عن الانفجار امتدت على مسافة 8 كلم، وطالت نحو 62 ألف وحدة سكنية ونحو 20 ألف مؤسسة تجارية.
** بانتظار النتائج
عدم دفع التعويضات كاملة مرده هو عدم صدور نتائج التحقيقات الرسمية حول الانفجار، فعند وقوع أي حادث في العالم، لا تدفع شركات التأمين التعويضات قبل معرفة سبب الحادث، وفق نقيب وسطاء التأمين في لبنان، سيريل عازار.
وتابع عازار للأناضول: "إذا تبين مثلا أن انفجار المرفأ سببه قصف صاروخي أو عمل إرهابي، فإن نحو 95 بالمئة من الأضرار الناتجة عنه لا تغطيها شركات التأمين، فمعظم الزبائن ليس لديهم تأمين ضد مخاطر الحرب والإرهاب".
وبحسب تقديرات رسمية أولية، فإن انفجار المرفأ وقع في عنبر 12، الذي تقول السلطات إنه كان يحوي نحو 2750 طنا من مادة "نترات الأمونيوم" شديدة الانفجار، التي كانت مُصادرة من سفينة ومُخزنة منذ عام 2014.
لكن عازار لفت إلى أن بعض شركات التأمين دفعت تعويضات مقابل الأضرار غير الكبيرة والمحدودة، كسيارات وأبواب ونوافذ منازل، وتلك لا تتعدى قيمتها 10 آلاف دولار.
وأردف أن هذه الخطوة (دفع جزء من التعويضات) اتخذتها الشركات على عاتقها من دون انتظار قرار معيدي التأمين (الشركات الخارجية التي تتعامل معها)، الذين ينتظرون نتائج التحقيق قبل دفع أموال المتضررين.
** 1.5 مليار دولار
محافظ بيروت، القاضي مروان عبود، قال للأناضول إنه في حال دفعت شركات التأمين التعويضات إلى كافة المتضررين، فإن ذلك يشكل حلا لنحو 70 بالمئة من دمار المدينة، و"قيمة التعويضات تقدر بنحو 1.5 مليار دولار".
وتابع عبود أن "حوالي 30% من السكان الذين تضررت منازلهم عادوا إليها بعدما أعادوا تأهيلها على نفقتهم الخاصة أو بمساعدة الجمعيات الأهلية أو الجيش اللبناني".
لكنه زاد بأن "الأبنية الكبيرة والأبراج التجارية المدمرة تنتظر أموال تعويضات شركات التأمين".
وبالأساس، يعاني لبنان أزمة اقتصادية هي الأسوأ منذ انتهاء الحرب الأهلية (1975 – 1990)، أدت إلى تدهور قيمة الليرة بشكل غير مسبوق مقابل الدولار، ووضعت سقوفا قاسية على سحب أموال المودعين من المصارف.
** شيكات مصرفية
إيلي فرحات، وهو صاحب إحدى المؤسسات الخاصة المتضررة، قال للأناضول، إنه لم يتلق حتى اليوم أي تعويضات من شركات التأمين ولا حتى من الدولة.
وعبّر فرحات عن تفهمه لموقف شركات التأمين، التي تنتظر صدور نتائج التحقيقات، إلا أنه "يأسف لغياب الدولة والوزارات المعنية في حل هذه القضية، سواء من خلال الإسراع في إنجاز التحقيقات أو بالتعويض على المتضررين".
وشدد على أن "عدم البت بهذه القضية يحمل عواقب اقتصادية، ويمنع أصحاب المؤسسات من إعادة الانطلاق والدخول في الدورة الاقتصادية مجددا، لا سيما في ظل الظروف الراهنة التي تمر فيها البلاد".
وشكا فرحات من قيام بعض شركات التأمين بدفع تعويضات لزبائنها عن طريق شيكات مصرفية، مشددا على وجوب دفعها بالدولار نقدا.
وتابع أن الدفع عبر شيكات مصرفية يؤدي لخسارة التعويض نحو 70 بالمئة من قيمته؛ بسبب الفرق بين سعر صرف الدولار لدى المصارف (3900 ليرة) والسوق الموازية (8800 ليرة).
وفي 10 ديسمبر/ كانون أول الماضي، وجه المحقق العدلي في الانفجار، القاضي فادي صوان، تهمة "الإهمال والتسبب بوفاة أبرياء"، إلى رئيس حكومة تصريف الأعمال، حسان دياب، و3 وزراء سابقين.
وبعد أيام قليلة، طلب اثنان من الوزراء الثلاثة، وهما غازي زعيتر وعلي حسن خليل (نائبان حاليان في البرلمان) من محكمة التمييز الجزائية نقل القضية إلى قاض آخر، بعد اتهامهما لـ"صوان" بخرق الدستور بادعائه عليهما.
ومنذ 17 ديسمبر الماضي، لم يُعلن استكمال التحقيقات، التي ينتظر المتضررون نتائجها لحسم مصير تعويضاتهم لدى شركات التأمين.