نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

التعميم بوصفه "تخبيصة" العقل الأولى

18/04/2024 - مصطفى تاج الدين الموسى

رسائل النيران بين إيران وإسرائيل

15/04/2024 - محمد مختار الشَنقيطي

جنوب لبنان.. بعد غزة

06/04/2024 - عبد الوهاب بدرخان

غزة والأخلاق العابرة للحدود والأرباح

06/04/2024 - عدنان عبد الرزاق

نزار قباني وتلاميذ غزة

06/04/2024 - صبحي حديدي

حرب لإخراج إيران من سوريا

06/04/2024 - محمد قواص

على هامش رواية ياسر عبد ربه

04/04/2024 - حازم صاغية


تونس تتحول إلى جنة المتقاعدين الإيطاليين






تونس - طارق القيزانى - يحرص السياح الإيطاليون باستمرار على زيارة الأحياء القديمة لأجدادهم الرومان بضاحية قرطاج التاريخية، المدينة التي زاحمت يوما ما روما على زعامة البحر الأبيض المتوسط. لكن عددا من الإيطاليين لا يأتون اليوم لزيارة مآثر أجدادهم كسياح فقط وإنما كسكان جدد في البلد الذي حمل لقرون طويلة لقب مطمور روما، أي مزود الامبراطورية بالحبوب والمحاصيل الزراعية. ومنذ أن سمح القانون الإيطالي الذي صدر عام 2007 للمتقاعدين الإيطاليين بالعيش خارج البلاد وتلقي معاشاتهم في البلد الذين يختارون الاستقرار فيه، تحولت تونس إلى وجهة جاذبة للباحثين عن حياة مختلفة وبحد أدنى من التكاليف.


 وقد مكن القانون الإيطالي، ليس فقط في هجرة ما يناهز خمسة آلاف متقاعد ايطالي للعيش في تونس، وإنما أيضا من تدفق التحويلات المالية باستمرار إلى البلد السياحي بشمال افريقيا. وبحسب الأرقام والمعطيات التي يقدمها موقع "ايطاليا تسمى إيطاليا" تمثل تونس اليوم الوجهة الثالثة للمتقاعدين الإيطاليين بعد مالطا والبرتغال. ومع استمرار التدفق بمعدل 500 متقاعد جديد كل عام فإن تونس مرشحة لأن تكون وجهة أولى في المستقبل. يقول رئيس الكونفدرالية الإيطالية للمتقاعدين أنجيلو سولازو أثناء زيارته لتونس على رأس وفد "تونس بلد ثقافي متقدم وله وزنه في المنطقة. ومع أنه بلد مسلم فهم يملك خصوصيات قريبة من المعايير الغربية". وأضاف سولانزو "توفر تونس سواحل جاذبة للسياحة وهو قطاع يمثل 15 بالمئة من الناتج المحلي الاجمالي بالإضافة الى الصناعات الغذائية. يمكن أن يعزز هذا الشراكة بين إيطاليا وتونس". يعيش أغلب الإيطاليين قرب المنتجعات السياحية الشهيرة بتونس في مدن مثل الحمامات ونابل وجربة وسوسة والمهدية وضواحي العاصمة تونس. ويستخدم أغلبهم اللغة الفرنسية المتداولة بكثرة بتونس، كما يمكنهم التواصل بلغتهم الايطالية كونها شائعة على نطاق واسع بين التونسيين ولا سيما في المدن السياحية على ساحل المتوسط. ولا يحتاج الإيطاليون في تونس إلى التفكير طويلا في البحث عن المطاعم المختصة في المطبخ الإيطالي، إذ تنتشر "السباجيتي" والبيتزا على نطاق واسع في تونس وبكلفة أقل بكثير من المطاعم الإيطالية. ويمكن اقتناء البيتزا بنحو اثنين يورو في المتوسط إلى خمسة يورو بينما يصل سعر طبق السباجيتي بفواكه البحر إلى أربعة يورو فقط. لكن الميزة الأكبر أن تونس تقدم حياة مثيرة وصاخبة بكلفة رخيصة، إذ لا يتعدى مثلا إيجار شقة مساحتها 80 متر مربع 200 يورو. كما تقل أسعار الأدوية 70 بالمئة عن الأسعار الإيطالية وينخفض سعر البنزين إلى النصف كما تعتبر أسعار الغلال والخضر الطازجة رخيصة. وكون القانون يخول للإيطاليين بصرف 20 بالمئة من معاشاتهم في تونس، فإن هذه النسبة تعد كافية لتغطية تكاليف المعيشة بسبب انهيار الدينار التونسي إزاء اليورو (1 يورو يعادل حوالي 3 دينار) فضلا عن أن نسبة ضئيلة من الضرائب يدفعها الإيطاليون مقارنة بما يحصلون عليه من بدل. تقول ماريا لوشانتي التي قدمت من إيطاليا مع رفاقها إلى تونس وهي تتجول في المتحف الأثري بقرطاج "يمكن رؤية روما في كل مكان هنا. هذا أمر مذهل". وتضيف ماريا لوكالة الأنباء الألمانية (د. ب. أ) "تونس لا تمثل بلدا سياحيا فحسب ولكنها تقدم أيضا عدة مزايا مغرية لمن يرغبون في الاستقرار بها. هنا الطقس جميل". وعلى الرغم من تداعيات الهجمات الارهابية الكبرى التي ضربت تونس عام 2015 خاصة في متحف باردو ونزل امبريال مرحبا بسوسة، فإن عدد السياح عاد ليسجل انتعاشا في تونس بعد فترة ركود استمرت أشهرا طويلة. وخلال العشرة أشهر الأولى من عام 2017 نما القطاع السياحي بـ24 بالمئة مقارنة بنفس الفترة من عام 2016 مع توافد ستة ملايين و112 ألف سائح وفروا عائدات تقدر بـ 929 مليون يورو بحسب وزارة السياحة. ويقول سهيل شعبان ممثل الوكالة السياحية التونسية بإيطاليا إن حوالي 100 ألف إيطالي قضوا عطلتهم السياحية في تونس هذا العام. لكن خطط صناع السياحة في تونس تهدف إلى استقطاب المزيد من المتقاعدين الإيطاليين والأوروبيين، إذ أن هذه الشريحة تتميز بقدرة انفاق أعلى من السياح الموسميين. ويعتقد لوكا بالماس، وهو باحث جامعي ايطالي في علم الاجتماع جاء لزيارة قرطاج التاريخية مع عائلته أن استعادة السياحة التونسية لنسقها العادي يحتاج إلى علاقات أوسع وأسواق جديدة في العالم. ويضيف بالماس أنه "يجب العمل على أن تكون هناك صناعة سياحية قوية وأن تحدد تونس السياحة التي تريدها". ولبلوغ خططها تعمل تونس على طمأنة الأسواق العالمية بعودة الاستقرار الأمني الكامل إلى مدنا بعد فترة عصيبة في عام 2015 شهدت سقوط العشرات من القتلى السياح في هجمات دامية تبناها تنظيم "داعش" المتطرف. وقالت ماريا لوشانتي لـ (د. ب. أ) "صدمت مثل كل العالم لما حدث في متحف باردو. لكن الحياة عادت الآن إلى طبيعتها وكان على الإعلام الأوروبي ألا يركز على الجوانب السلبية فقط. فتونس لا يزال بلدا جميلا".

طارق القيزانى
الاحد 10 ديسمبر 2017