نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

التعميم بوصفه "تخبيصة" العقل الأولى

18/04/2024 - مصطفى تاج الدين الموسى

رسائل النيران بين إيران وإسرائيل

15/04/2024 - محمد مختار الشَنقيطي

جنوب لبنان.. بعد غزة

06/04/2024 - عبد الوهاب بدرخان

غزة والأخلاق العابرة للحدود والأرباح

06/04/2024 - عدنان عبد الرزاق

نزار قباني وتلاميذ غزة

06/04/2024 - صبحي حديدي

حرب لإخراج إيران من سوريا

06/04/2024 - محمد قواص

على هامش رواية ياسر عبد ربه

04/04/2024 - حازم صاغية


حرب غزة على الأنترنت..مدونون أذكياء ومنتديات غارقة في المزايدات والشتائم




مع بداية العدوان على غزة أنتقل الصراع العربي الاسرائيلي الى الانترنت حيث أظهر المدونون العرب ذكاء مميزا وقدرة لافتة على التصدي للاكاذيب الصهيونية وكشفها لكن ما أن يبدأ النقاش في المنتديات العربية حتى تعود لغة المهاترات والشتائم وتتقدم الى الواجهة ظاهرة المزايدات والمتاجرة في الجثث ؛فراس محيي الدين عبدالله رصد الظاهرة للهدهد في التقرير التالي :


حرب غزة على الأنترنت..مدونون أذكياء ومنتديات غارقة في المزايدات والشتائم
ما إن تبدأ إسرائيل بقرع طبول الحرب حتى يدخل العرب في حالة من الهذيان الفردي والجماعي على إيقاع القذائف والصواريخ ،ينجذبون لا إرادياً في كل مرة إلى النار والضوء كقبيلة من الهنود الحمر تكرر ذات الطقوس وتقدم أفضل القرابين لكن الطوفان يتكرر وتوشك السيول المتعاقبة على اقتلاع جذورنا،إسرائيل هي المبادرة والفاعلة ونحن نعمل أتوماتيكياً بردّة الفعل كأننا تحولنا إلى آلات أو لعب تكرر ذات الأسطوانة بضغطة زر،مهمتنا تكمن في إحصاء القتلى وعدّ الجرحى وإلقاء الخطب ثم يعود كلّ إلى قوقعته وكأنك يا أبو زيد ما غزيت ،حتى الموهبة الوحيدة التي وهبنا إياها الخالق لا نحسن استخدامها فالمعمعة الإعلامية المصاحبة لهذه الأحداث في الفضائيات والصحف تصيبك باليأس والكآبة لأن معظمها يضيع في المهاترات وتصفية الحسابات العربية والمزايدات ولايهم إن انشغلنا بالفرعيات عن القضية الأساسية فكل يغني على ليلاه ،ولا يبقى إلا القليل من الأصوات التي تضيع في زحمة الشعارات ولا صوت يعلو فوق صوت المعركة الوهمية التي يخوضها دونكيشوت العصر العربي الجنسية .
وبما أننا نعيش في ظل القرية الكونية ومع التطورات المذهلة في تقنيات الإعلام الإلكتروني فإن معركة من نوع مختلف اشتعلت مع اشتعال القصف والغارات نقرأ بعضاً من ملامحها على صفحات الانترنيت وفي المدونات والمنتديات التي باتت تسمى بالصحافة الشعبية فمع بدء الغارات على غزة شرع كثير من المتعاطفين مع ضحايا القصف بإرسال الصور والمستجدات إلى عدة مواقع عالمية كيوتيوب وأطلق عدد من الشبّان المتحمسين أكبر تظاهرة الكترونية باسم المدونات والمنتديات العربية تضامناً مع غزة على الفيس بوك وتم إنشاء قناة إكبس خاصة بغزة تحت شعار{صور عبّر شارك}وإكبس هي خدمة تستطيع من خلالها مشاركة الصور والأفلام التي تلتقطها مع العالم ،وفي تويتر وهو مجتمع من الأصدقاء من مختلف البلدان يتبادلون الأخبار والصداقات ويستخدم كمدونة صغيرة جرى صراع حقيقي بين العرب وإسرائيل التي سارعت بدافع الخوف من الهزيمة وتحت وقع ضربات المدونين العرب إلى إنشاء حساب على الموقع يجيب عن الأسئلة الكثيرة حول ما يحدث مؤكدة أن ما يحدث إحلال للسلام وقضاء على الإرهاب كما أنشأت على اليوتيوب قناة خاصة لهذا الغرض (اوقفت ادارة يو تيوب بث بعض صورها دون الاعلان عن الاسباب)،إذا توقفنا عند هذا الفصل من فصول الصراع فإننا نفاجأ على غير العادة بأن هناك حسن إدارة للصراع تمثّل في الاعتماد على عرض صور الضحايا ونقل آخر المستجدات على الأرض حيث زوّدت مدونة فلسطينية هي نيوز شباب فلسطين الراغبين بالصور والموضوعات في إطار دعوتها لحملة إعلامية مكثفة لدعم غزة ،وبالانتقال من هذه الجزئية إلى الكليات في محاولة لرسم صورة واضحة لما يجري في المنتديات والمدونات نجد أن العرب الذين أجادوا مخاطبة العالم بالصورة والحدث لم يتمكنوا من قراءة الوضع بصورة صحيحة والتعليق عليه حيث تحولت الندوات والمنتديات إلى وسيلة لإفراغ مشاعر الغضب يغلب عليها الطابع الانفعالي العاطفي وتعبر عن حالة من التخبط والعجز مترافقة مع الرغبة في فعل شيء ولم تبن استنتاجات تعرب عن استيعاب دقيق لمسيرة النكبات العربية المتوالية فمعظم ما تقرأه تكرار لما يتردد في نشرات الأخبار وكتابات تتسم بانطباعات شخصية والكثير من الشعارات والعناوين العريضة كدعم صمود أهل غزة والتعاطف معهم وعيب والله يامصر،وهو ما يدفعنا لتغيير قناعاتنا حول ما هو سلبي وما هو إيجابي فكأننا ننتظر محرقة بهذا الحجم لتوقظنا من سباتنا الطويل الذي نعاوده مع زوال المحرضات وهذا ما يقودنا إلى عمق المشكلة العربية المتمثل في غياب وتغييب القيادات الفكرية والثقافية المؤثرة والفاعلة وعدم الاستفادة من دروس سابقة لنتحول إلى المعرفة التي تعتمد التراكمية بالدرجة الأولى ويعقبها الفعل .
في حرب تموز2006بين حزب الله وإسرائيل انتشرت صورة لأطفال إسرائيلين يوقعون على صواريخ ستطلق على القرى اللبنانية والصورة حقيقية لكن مدوناً عربياً أضاف تحتها:أعزائي الصغار من لبنان وفلسطين موتوا بحب التوقيع أطفال إسرائيل وكان لهذه اللقطة الذكية تأثير كبير فقد شاهدها الملايين في العالم وتأثروا بها ولعل مايميزها سخريتها المرّة وعمقها هذا العمق غاب عن كثير من الكتابات والآراء المطروحة في المدونات والمنتديات العربية حالياً وغاب معه الخطاب العقلي المنطقي وهو ما نحتاجه حقيقة لنتجنب مثل هذه النكبات مستقبلاً ولانحتاج ذلك القدر من الشتائم والهوس بتوزيع المسؤولية وإلقاء التهم جزافاً كما تقرأ في مدونة شهروزة تحت عنوان{مقذوفات عكس التيار}تهجماً على الجميع دون تمييز بين غث وسمين وتدني في لغة الخطاب وأيضاً في مدونة الوعي المصري التي خصصت قسماً لرسائل الجوال لا تقرأ فيه غير السباب والإسفاف ،على الجانب الآخر وجدت محاولات لطرق أبواب المشكلة ورسم الخطوط العريضة فقد طرح محمد عمر من الأردن في مدونته تساؤلات عن الحكومات العربية المتخاذلة التي لم تفعل شيئاً سوى إطلاق العنان للناس لشتم مصر ويخلص إلى نتيجة أن الكل يضحك على الكل ويحاول التنصل من دم يوسف ,وفي مدونة رزانيات السورية تصف ما يحدث بأنه جريمة تستدعي حلولاً سياسية وحقوقية لا تضامن يعيد الأمور إلى ما كانت عليه وتتحدث عن التضامن بأنه يكون ممن لا صلة له بالقضية لا من السوريين واللبنانيين وفلسطيني الشتات مما يعكس تردياً في قراءتنا للمشكلات وتناولها وتتطرق للغة الرد العربي التي تتبنى الحالات اللا إنسانية في خطابها ولا تتم دراسة للاستراتيجية الإسرائيلية فنحن نتضامن مع غزة في غزة ومع قانا في قانا ،مدونة أسد المصرية تناولت علاقة الإخوان المسلمين بالسلطة في سياق الأحداث الجارية ورضوخها لإملاءات السلطة خوفاً من اتهامها بالعنف ويتساءل ألا يوجد في القاموس مفردات سوى العنف أو الرضوخ كما يدعوهم لتطوير مناهجهم الفكرية التي أصابها الجمود ،وتضع مدونة الكوميديا الإلهية شروطاً لدعم غزة تتمثل في الصدق في القول والفعل وحسن الخلق ودعم الحق ،
أما المنتديات فقد غلب عليها دعوات التضامن والنصرة وطرحت العديد من الأسئلة المتداولة للتحاور والنقاش وظلت دون المستوى المطلوب ،وعزف الفلسطينيون على ذات الوتر العربي فعرضوا صور الضحايا وزودوا الراغبين بها مع تعليقات ساخرة تشكر العرب وتميزت كتاباتاهم بعمق المعاناة والمرارة مع اليأس من الواقع العربي ولم تخلو من عناوين ملفتة{على هذه الأرض ما يستحق الحياة}و{نحن المحاصرون فأغيثينا يا غزة}كما أنشأوا تجمع المدونين الفلسطينين ودوّن بعضهم باللغة الإنكليزية .
الحالة العربية الرسمية عبّر عنها الأمين العام للجامعة العربية بالمثل الشعبي{الذي تعرف ديته اقتله}وقالها بالفصحى{من يهن يسهل الهوان عليه}ولسان حال القادة العرب يقول إذهب أنت وربك فقاتلا إنّا ها هنا قاعدون أما واقع الشعوب فقد عكسته المنتديات والمدونات التي تظل على علاتها أصدق من الإعلام التقليدي{الفضائيات والصحف}لأنها تعبر عن نبض الشارع المتخبط في أزماته لا نبض الأنظمة وأزلامها الذين يحاولون استثمار الحدث والمتاجرة بالجثث ،فحين يكتب صحفي مرموق عن صواريخ التنك التي تطلقها حماس في مغالطة من مغالطاته لتسويق ثقافة العبودية تؤكد المدونات أننا لم نتحول بعد إلى أقنان{وهم العبيد الذين لاخلاص لهم}كما حدث في بعض مراحل العهد المملوكي حيث أوشك العرب على فقد هويتهم وانتمائهم القومي وكان يحظر على العربي ركوب الخيل في قاهرة المعز،لكن يبقى سؤال يطرح نفسه بإلحاح وينتظر الإجابة ماذا بعد؟ألم يبق أمامنا إلا ترديد الشعارات أو ترديد الأكاذيب .
قطعا هناك طريق ثالث غير ترديد الشعارات او التورط في ترديد الاكاذيب مهما كانت النية خلفها
g[ 

فراس محيي الدين عبدالله
الاحد 4 يناير 2009