نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

( أيهما أخطر؟ )

24/04/2024 - محمد الرميحي*

إيران.. من يزرع الريح يحصد العاصفة

23/04/2024 - نظام مير محمدي

وقاحة استراتيجية مذهلة

21/04/2024 - راغدة درغام

التعميم بوصفه "تخبيصة" العقل الأولى

18/04/2024 - مصطفى تاج الدين الموسى

رسائل النيران بين إيران وإسرائيل

15/04/2024 - محمد مختار الشَنقيطي

جنوب لبنان.. بعد غزة

06/04/2024 - عبد الوهاب بدرخان

غزة والأخلاق العابرة للحدود والأرباح

06/04/2024 - عدنان عبد الرزاق

نزار قباني وتلاميذ غزة

06/04/2024 - صبحي حديدي

حرب لإخراج إيران من سوريا

06/04/2024 - محمد قواص


ذواق الماء مهنة تشهد انتشارا كبيرا بعد رواج "بيزنيس" بيع المياه




مانهايم – تجاهل مارتن متسنجر كأسا من الشمبانيا باهظة الثمن مفضلا عليها كوب ماء. يترك الخبير الذواقة السائل ينساب ببطء حتى يملأ تجويف فمه، ثم يبتلعه على مهل ليعلق قائلا "تحتوي على مذاق مكربن خفيف"، ثم يتشمم فوهة زجاجة المياه التي تحتوي على الغاز، ويضيف "ليس لها رائحة". يعرب متسنجر عن رضاه: وهكذا اجتاز هذا النوع من الماء الاختبار.


 

يعمل هذا الألماني، ومسقط رأسه مدينة درمشتاين بولاية راينلاند بالاتينات، "ذواقة ماء"، وهي مهنة في منتهى الغرابة في منطقة تشتهر بصناعة النبيذ وبالتالي تشتهر بالخبراء في تذوق أنواعه المختلفة، لكن بالنسبة لمتسنجر تبدو هذه المفارقة في منتهى الطرافة، ويقول "الماء هو سر الحياة. هناك الكثير من الناس الذين يشربون القليل جدا ويسيرون في حالة جفاف تقريبا".
يشهد بيزنس المياه المعدنية حالة ازدهار في ألمانيا هذه الأيام، لدرجة اكتسب معها أهمية اقتصادية لا جدال فيها. وفقًا للجمعية الألمانية لشركات المياه المعبأة في زجاجات (VDM) ، في عام 2019 ، بلغ نصيب استهلاك الفرد الواحد من المياه المعدنية نحو (7ر141) لتر من المياه المعدنية المعبأة في زجاجات، بينما في عام 1970 لم يتجاوز الاستهلاك 5ر12 لترًا للفرد. يؤكد متسنجر أن ألمانيا تعد جنة المياه المعدنية. ربما لا يوجد الكثير من الناس الذين يمكنهم الحديث عن كوب ماء بكل هذا الشغف مثله. وعندما يتحدث الخبير الألماني عن أكسيد الكربون وطبقات المرشحات، تلمع عيناه من فرط الحماس. يقول "لطالما كان الماء عنصرا حيويا بالنسبة لوجود البشرية، ويعتبر الماء المعدني هو القمة، الجائزة الكبرى، والإرث الثقافي".

وقد انخرط متسنجر بقوة منذ ما يقرب من 45 عاما، أي منذ طفولته بقطاع المشروبات. فقد ترعرع في مدينة مانهيم ، في مقاطعة بادنفورتنبرج، حيث كان والداه يديران شركة مشروبات كمشروع عائلي. وعمل منذ سن العاشرة في شركة تعبئة مياه معدنية، بمنطقة لودفيجسبيرج، التابعة أيضا لمقاطعة بادنفورتنبرج.

وبسؤاله عن سبب عمله تحديدا في مهنة ذواقة للمياه؟ وكيف يمكن التدرب لشغل مهنة كهذه؟ أوضح متسنجر أمرا مهمل "اضطررت للعمل على الكثير من المواد للحصول على شهادتي من معهد دومينز، بالقرب من ميونيخ، حيث تدرس به علوم صناعة الماء المتخصصة في ألمانيا، ويضم كل فصل دراسي 20 طالبا يتعين عليهم تعلم كل ما يجب معرفته حول المياه المعدنية بمختلف أنواعها ومواصفاتها".

يستطيع متسنجر استخدام خبراته في مجال المياه في مساعدة أصحاب الحانات والمطاعم. يقول "كما أستطيع أن أقدم لهم أيضا اقتراحات حول الأسعار. لأن السوق ضيق ويعتمد استمرار رجال الأعمال به على نجاحهم". كما يمكنه تقديم المشورة للأفراد العاديين، على سبيل المثال، أي نوع ماء يمكنهم شربه مع شريحة لحم منكهة بتوابل قوية.

وتقدم أسواق السوبرماركت تشكيلة ضخمة ومتنوعة من أنواع المياه المعدنية، وردا على سؤال عن أي نوع يمكن شراؤه، أجاب متسنجر مبتسما: "هذا السؤال يشبه سؤال مريض للطبيب كيف يمكنك أن تعالجني؟"، موضحا أن اختيار نوع معين من المياه يتوقف على تفاصيل كثيرة: "أولا، الماء الجيد يجب أن يكون طيب المذاق، ثانيا، يجب الاهتمام بمعرفة محتوى الماء فعلى سبيل المثال ، الأشخاص الأكثر عرضة للشد العضلي، يتعين عليهم شرب مياه تحتوي على نسبة أعلى من المغنسيوم، أما الذين يتعين عليهم الاهتمام بالعظام بصورة أفضل فيتعين عليهم الاهتمام بنسبة الكالسيوم في الماء، أما إذا كان هناك أشخاص يعانون من مشاكل في الهضم فيتعين عليهم تناول مياه تحتوي على أكثر من ألف ميليجرام من ملح السلفا، وعلى الرغم من أن مذاقها قد يكون عكرا إلا أنها فعالة للغاية.
من جانبه يشير ارمين شويننبرجر، زميل متسنجر في هذا المجال، إلى أن هناك أنواعا كثيرة من الماء، وأنها غير متشابهة. ويعتبر شوننبرجر /52 عاما/ واحد من بين 160 خبير ذواقة للمياه يحملون شهادة رسمية بذلك في ألمانيا وواحدا من اثنين من الخبراء يعيشان في منطقة ساري. يعلق الخبير "أصبح الماء هذه الأيام منتجا يخضع لقواعد وشروط عالم الموضة. لطالما استهلك الناس الكثير من المشروبات الحلوة أو القهوة أو الجعة، ولكن مع التوعية الكبيرة بفوائد شرب الماء العذب للصحة البدنية، يمكن القول بإن الماء يشهد ما يمكن وصفه بأنه عصر النهضة".

يمارس شويننبرج عمله كذواق للماء بشكل مستقل ويعطي دورات تدريبية للراغبين في التأهل لمهنة الذواقة وكذلك للمستهلكين العاديين للتعرف على أنواع المياه والفروق بين أنواعها، كما يعلم معالجو المياه وتجار الجملة، فضلا عن تخصصه في فرع مهم متعلق بالماء وهو تقديم استشارات لخبراء التغذية لتحسين عادة شرب الماء في بيئات مختلفة، سواء في المدرسة أو في محيط العمل. بالإضافة إلى ذلك، يعطي شويننبرج منذ خمس سنوات محاضرات بجامعة بادنفورتمبرج، في مدينة هايلبورن وكذلك في مركز تعليم الكبار بولاية سارلاند.

لا يعطي شويننبرج تقييما كبيرا من وجهة نظره لمشروبات أصبحت موضة واكتسب شهرة عالمية في الآونة الأخيرة، مثل نوعية المياه المعبأة من ثلوج القطب الشمالي في النرويج أو مياه أمطار تسمانيا، يؤكد "أفضل مياه الشرب هي المحلية. لا يوجد مكان في كل أوروبا يحتوي على كل هذا القدر من المياه المعدنية المتنوعة وعالية الجودة في نفس الوقت مثل ألمانيا"، مضيفا أن الأثر البيئي نتيجة انبعاثات غازات ثاني أكسيد الكربون المسببة للاحتباس الحراري، عادة ما تكون حاضر بقوة في المياه المعدنية المستوردة، مما يجعلها أقل جودة من المنتج الألماني المحلي".

وفي معرض الحديث عن قضية حماية البيئة: هل يجب أن تكون زجاجة مياه الشرب مصنوعة من الزجاج دائما؟ يجيب "لا يجب التعميم. السؤال هو: ما هي المسافة التي تنقل زجاجة المياه عبرها، وكم مرة يعاد استخدامها؟ يتذكر خبير المياه أنه قبل أربعين عاما كانت الزجاجات البلاستيكية تتوافر بها معايير صحية متدنية للغاية، ومع ذلك خلال تلك الفترة تضاعفت صناعة البلاستيك بصورة هائلة. يحذر أيضا "على الشاطئ أرى الناس يتركون زجاجات المياه معرضة لدرجات حرارة مرتفعة للغاية. لا شك في أن هذا يؤدي إلى تغير مذاق الماء."
يؤكد متسنجر أن عمل تذوق الماء أصعب بكثير من عمل تذوق الجعة أو حتى النبيذ، يوضح "يتطلب الأمر خبرة كبيرة لتمييز جميع الفروق". يشار إلى أن متسنجر يمتلك أيضا خبرة كبيرة في تذوق الجعة وأنواعها وكافة تفاصيلها وهي مهنة راقية تعرف في المطاعم الفاخرة باسم "سوميلييه". يقول "بالتأكيد تبدو الجعة مشوقة أكثر. الناس تقلل عادة من شأن الماء، يسري ذلك أيضا حتى على بعض خبراء عالم الطهي".

فولفجانج يونج
الثلاثاء 3 مارس 2020