نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

" دمشق التي عايشتها " الغوطة

28/04/2024 - يوسف سامي اليوسف

( أيهما أخطر؟ )

24/04/2024 - محمد الرميحي*

إيران.. من يزرع الريح يحصد العاصفة

23/04/2024 - نظام مير محمدي

وقاحة استراتيجية مذهلة

21/04/2024 - راغدة درغام

التعميم بوصفه "تخبيصة" العقل الأولى

18/04/2024 - مصطفى تاج الدين الموسى

رسائل النيران بين إيران وإسرائيل

15/04/2024 - محمد مختار الشَنقيطي

جنوب لبنان.. بعد غزة

06/04/2024 - عبد الوهاب بدرخان

غزة والأخلاق العابرة للحدود والأرباح

06/04/2024 - عدنان عبد الرزاق

نزار قباني وتلاميذ غزة

06/04/2024 - صبحي حديدي


قصور الضياع العريقة تعود إلى الحياة في دول البلطيق لتجذب الزائرين




كوكسو مويزا (لاتفيا) – ليس بوسع أحد تتيح له الفرصة لأن يخطو فوق الأرضية المكسوة بقطع خشبية متداعية من (الباركيه)، والتي تحدث صريرا من تحت الأقدام في قصر ضيعة كوكسو مويزا بلاتفيا، إلا أن يمتلأ بمشاعر السحر والافتتان.


وتتدلى الثريات المتوهجة من الأسقف المزدانة بأشكال رائعة مصنوعة من الجص، كما تزين اللوحات ذات الأطر المتقنة الصنع الجدران وتفيض الغرف بالأثاث الأثري الذي تفوح منه رائحة العراقة. ويقول دانيال يان خلال جولة في أنحاء الضيعة التي تبعد بمسافة 85 كيلومترا تقريبا باتجاه الغرب عن ريجا عاصمة لاتفيا، "يجب أن يتذوق ضيوفي لمحات من الطريقة التي كانت تعيش بها طبقة الأعيان من ملاك الأراضي في ذلك الزمان". واستحوذ صاحب الفندق الألماني على قصر الضيعة قبل وقت قصير من مقدم القرن الواحد والعشرين وهو في حالة خربة ومهملة، ومنذ ذلك الحين قام بترميمه وتجديده وإعادته للحياة، وبهذا العمل الخلاق يبدو أنه بدأ اتجاها جديدا في دول البلطيق، حيث يتم حاليا ترميم وتجديد مزيد من قصور الضياع القديمة وتحويلها إلى متاحف ومطاعم وفنادق ومعالم للجذب السياحي. ويضيف يان "عندما رأيت المنزل أول مرة كان حطاما مهدما وقفرا"، وكانت هناك فتحات بالأسقف بينما كانت النوافذ غير موجودة والحوائط متداعية، والحديقة مليئة بالحشائش الضارة. ولكن الضيعة مع ذلك كانت تمثل له قصة حب من أول نظرة. ودفع يان 18 ألف دولار أمريكي لشراء القصر الذي تم تسجيل بنائه أول مرة عام 1530، وولدت فيه أم الكاتب الألماني الذي عاش في منطقة البلطيق فيرنر بيرجنجروين. وتابع يان قائلا إن "قرار شراء المنزل جاء تماما نابعا من ذاتي التي تتسم بالشجاعة، وأقام يان في لاتفيا منذ بداية التسعينيات من القرن الماضي، والآن وهو ينظر إلى صور المنزل الذي بدا فيها في ذلك الزمان أصبح يتساءل عما إذا كانت ثمة حكمة تقف وراء قراره. ولكن لم تكن هناك حكمة، بل كل ما في الأمر أنه وقع أسيرا لسحر جمال المبنى وما عكسه من روعة البحيرة المتاخمة له، مما ولد لديه مشاعر إعجاب لم يستطع مقاومتها. ويقول "إنه بدا كما لو كان قلعة مسحورة مثل تلك التي ترويها الحكايات الخرافية". ودرس يان علم الاقتصاد وإدارة الفنادق في ألمانيا قبل أن يعمل أولا كنادل وطاه، وعندما حصلت لاتفيا على الاستقلال تولى إدارة أول فندق فيها يعمل وفقا للمعايير الغربية، والذي سرعان ما أصبح واحدا من الفنادق البارزة في لاتفيا. وفي عام 2007 شرع يان في إقامة مشروعه التجاري الخاص مع قصر كوكسو مويزا، وبالتالي دشن نوعا جديدا من سياحة دور الضيافة في لاتفيا. واستثمر يان عدة ملايين من اليورو في تجديد قصر الضيعة ليعيده إلى بهائه القديم، ولينفذ عملية الترميم والتجديد بشكل يراعي الالتزام بمعماره الأصلي على قدر الإمكان، فدعا يان خبراء المحافظة على البيئة والتاريخ وجمع أثاثا يرجع إلى فترة بنائه القديمة بالاستعانة بقائمة محتوياته الموضوعة بالمخازن واللوحات المشتراة. وكانت النتيجة ظهور فندق ريفي هادئ ومنعزل يحتوي على أكثر من عشر غرف للضيافة، كل واحدة منها لها سحرها الخاص. ويجتذب الفندق 1200 نزيل كل عام يتناولون جميعا الأطعمة المنزلية التي يطهيها يان وتدخل فيها المكونات المحلية، كما اجتذب قصر الضيعة بعضا من كبار الضيوف ذوي الشهرة اعتبارا من رؤساء المقاطعات اللاتفية إلى نجوم المجتمع الأجانب، وفي حالة الاطلاع على الأسماء المسجلة في سجل الزيارات تكون النتيجة مثيرة للإعجاب. غير أن المنافسة آخذة في التزايد باستمرار، ففي لاتفيا مثلما هو الحال في دولة إستونيا المجاورة تم خلال الأعوام الأخيرة تجديد مزيد من الضياع القديمة، وغالبا ما يتم ذلك بإدخال الطابع الحديث في الأثاث والتجديدات. ويقول يانيس لازدانز من رابطة لاتفيا للقلاع والقصور ومنازل الضياع إن "قصور الضياع أصبحت تلقى مزيدا من الإقبال بسبب ارتفاع مستويات المعيشة، ويريد كثير من الأشخاص أن يمارسوا أسلوب الحياة الأرستقراطية". بينما تقول رين ألاتالو من الرابطة الإستونية لقصور الضياع إن بلادها تشهد أيضا اهتماما متزايدا بمثل هذه القصور. وتؤكد أن "هذه القصور تلقى إقبالا بالنسبة للزوار المحليين والأجانب"، وتأخذ هذه القصور أشكالا مختلفة عن المناظر الريفية المحيطة بها بألوانها الزاهية ومعمارها الرائع. ولا يزال 1250 من هذه المباني مستخدما في إستونيا منذ قرن، وهناك عدد مماثل في لاتفيا معظمها مشيد على غرار معمار عصر النهضة والباروك وما يعرف باسم الفن الجديد الذي كان شائعا في أواخر القرن التاسع عشر ويتميز بتدفق الخطوط ونماذج الزهور والنباتات. وظلت قصور الضياع تعتبر رمزا للسيطرة التي يمارسها الألمان الذين يعيشون في دول البلطيق لسنوات طويلة، حيث أنهم باعتبارهم الطبقة العليا الحاكمة كانوا يشكلون السياسات والتاريخ الثقافي في لاتفيا وإستونيا حتى استقلال الدولتين عام 1918. غير أن الاتجاهات بدأت تتغير منذ بضع سنوات، وصارت الضياع التي بدأت شهرتها في النصف الثاني من القرن الثامن عشر، ينظر إليها على أنها جزء مهم من التراث الثقافي. ولكن لا يزال الكثيرون ينتظرون الممولين ليوقظوهم من سباتهم، وصارت المئات من هذه العقارات مطروحة للبيع. فبغض النظر عن المباني التي تحولت إلى مدارس لأبناء القرى أو إلى مقار سكنية أو تم استخدامها في أغراض أخرى أثناء العهد السوفيتي، فإن غالبية العقارات تعرضت للإهمال، وصارت أوضاعها بائسة وظلت مهجورة لسنوات طوال. وتتراوح أسعار هذه الضياع التي غالبا ما تضم عدة مبان وحدائق وساحات انتظار للسيارات من مليون يورو لعدة ملايين، غير أن شراء واحدة منها تحيطه تحديات، فبخلاف أحوالها السيئة يحتاج تجديدها إلى أموال طائلة، ولا توجد اعتمادات للدعم المالي لعمليات التجديد. ويقول يان " يتعين أن تحب منزلا مثل هذا، لأنه من الناحية الاقتصادية يعد شراؤه رصاصة تطلقها في الظلام، ويجب أن تكون متحمسا ومهووسا إلى حد ما لتدخل في هذا المجال".

ألكسندر فيلشر
الاثنين 1 أبريل 2019