نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

( أيهما أخطر؟ )

24/04/2024 - محمد الرميحي*

إيران.. من يزرع الريح يحصد العاصفة

23/04/2024 - نظام مير محمدي

وقاحة استراتيجية مذهلة

21/04/2024 - راغدة درغام

التعميم بوصفه "تخبيصة" العقل الأولى

18/04/2024 - مصطفى تاج الدين الموسى

رسائل النيران بين إيران وإسرائيل

15/04/2024 - محمد مختار الشَنقيطي

جنوب لبنان.. بعد غزة

06/04/2024 - عبد الوهاب بدرخان

غزة والأخلاق العابرة للحدود والأرباح

06/04/2024 - عدنان عبد الرزاق

نزار قباني وتلاميذ غزة

06/04/2024 - صبحي حديدي

حرب لإخراج إيران من سوريا

06/04/2024 - محمد قواص


مؤشر الإرهاب العالمي ..خريطة الانتشار واستراتيجيات المواجهة




ما يزال الإرهاب يشكل الخطر الرئيسي الذي يهدد الأمن والسلم والاقتصاد الدولي، فرغم أن جائحة كورونا»كوفيد- 19» أدت إلى تراجع جزئي في العمليات الإرهابية في بعض مناطق العالم، إلا أنها في المقابل شكلت فرصة للعديد من التنظيمات المتطرفة والإرهابية لإعادة تنظيم صفوفها والتمركز مجدداً في مناطق الأزمات والصراعات، خاصة مع انشغال الحكومات بالتصدي لهذه الجائحة، وهذا ما خلص إليه مؤشر الإرهاب العالمي للعام 2020، والصادر عن معهد الاقتصاد والسلام ومقره في سيدني بأستراليا في الخامس والعشرين من نوفمبر 2020.


 
مؤشر الإرهاب العالمي 2020
مؤشر الإرهاب العالمي هو تقرير سنوي يصدر  منذ العام 2013 عن معهد الاقتصادات والسلام (IEP)، وهو مؤسسة بحثية عالمية مستقلة متخصصة في دراسات وبحوث السلام والاقتصاد والأعمال، ولها أفرع في الولايات المتحدة وأوروبا. ويعتمد التقرير في تصنيفه للدول، على أربعة مؤشرات رئيسية، تتمثل في العدد الإجمالي للحوادث الإرهابية في سنة معينة، ومجموع الوفيات الناجمة عن العمليات الإرهابية في سنة معينة، ومجموع عدد الإصابات الناجمة عن العمليات الإرهابية خلال سنة معينة، والأضرار المادية التي خلفتها الحوادث الإرهابية في سنة معينة. ويضع المؤشر لكل دولة درجة على سلم درجات من 10 إلى صفر، بحيث تكون الدول الأكثر تعرضاً للإرهاب أقرب لدرجة 10 وأقلها أقرب لدرجة صفر. ويأخذ التقرير في الاعتبار السياق الذي تم تنفيذ فيه هذه الهجمات، وعدد الضحايا، وأسلوب التنفيذ، وغيرها من التفاصيل المرتبطة بالهجمات الإرهابية.
 
وقد صدرت النسخة الثامنة من تقرير “مؤشر الإرهاب العالمي” في نوفمبر 2020 ، ويرصد تطور ظاهرة الإرهاب في العالم خلال العام 2019، وتحليل الاتجاهات والأنماط العالمية الرئيسية في مجال الإرهاب. ويعتمد التقرير على بيانات من قاعدة بيانات الإرهاب العالمي في جامعة مريلاند الأمريكية، والتي تحتوي على أكثر من 000 170 حادث إرهابي في الفترة من 1970 إلى 2019.
 
اتجاهات الإرهاب العالمي في العام 2020
تضمن مؤشر الإرهاب العالمي لعام 2020 عدداً من الإحصائيات والمعطيات المهمة، التي ترصد تطور ظاهرة الإرهاب، وطبيعة الأدوات والتكتيكات التي تلجأ إليها التنظيمات المتطرفة والإرهابية في تنفيذ عملياتها، ولعل أبرز هذه الحقائق:
 
1 - التراجع الجزئي لعدد ضحايا الإرهاب في 103 دولة حول العالم في العام 2019، حيث يقدر هؤلاء الضحايا بـ 13826 قتيلا ً أي بتراجع نسبته 15 بالمئة على عام 2018 و59 بالمئة عن العام 2014. وهذا التراجع وإن كان مؤشراً على تقلص العمليات والأنشطة الإرهابية في العالم منذ صدور النسخة الأولى من التقرير قبل ثماني سنوات، إلا أنه لا يعني انتقاء خطر التطرف والإرهاب بدرجة كبيرة، والذي لا يزال يصنف باعتباره الخطر الرئيسي الذي يهدد الأمن والسلم الدوليين.
 
2 - خريطة الانتشار: حسب مؤشر الإرهاب العالمي للعام 2020، فإن حوالي 95 % من ضحايا العمليات الإرهابية وقعت في الدول التي تشهد صراعات وحروب، فقد سجلت كل مناطق العالم معدلات أقل في ضحايا الإرهاب ما عدا ثلاثة مناطق شهدت ارتفاعا في عدد الضحايا، هي أفريقيا جنوب الصحراء، وجنوب آسيا، وأمريكا الشمالية. 
 
وجاءت منطقة أفريقيا جنوب الصحراء التي تنتشر فيها التنظيمات المتطرفة والإرهابية المرتبطة بتنظيمي «داعش» و»القاعدة» في مقدمة هذه المناطق، حيث يوجد سبع من أكثر عشر دول في هذه المنطقة شهدت ارتفاعا في عدد الضحايا.وجاءت منطقة جنوب آسيا في المرتبة الثانية من حيث التأثر بالإرهاب في العام 2019، وبدرجة أقل منطقة أميركا الوسطى والبحر الكاريبي، فيما سجلت منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أكبر تحسن إقليمي في الإرهاب للعام الثاني على التوالي، حيث سجلت أقل عدد من الوفيات منذ عام 2003، رغم استمرار خطر الإرهاب وخاصة في مناطق الأزمات والصراعات كاليمن وليبيا وسوريا. 
 
3 - أخطر العمليات الإرهابية من حيث عدد الضحايا، شهد العام 2019 العـــديد من العمليات الإرهابية التي اتسمــت بارتفاع تكلفتها البشرية من ضحايا ومصابين، وتداعياتهـــا الاقتصاديـــــة والاجتماعية، وجاءت العملية الإرهابية في سريلانكا في أبريل 2019، في مقدمة هذه العمليات، والتي تبناها تنظيم داعش، وسقط فيها 266 ضحية. ثم العملية الإرهابية في مالي في مارس وتبناها تنظيم «دانا أمباساجو»، وسقط فيها 157 ضحية. والعمليــة الإرهابيـــــة في أفغانستان والتي وقعت في يناير 2019 وتبنتها حركة طالبان، وسقط فيها 129 ضحية، ثم العملية الإرهابية في الكاميرون في 9 يونيو 2019  وتبناها تنظيم بوكو حرام وسقط فيه 101 ضحية. كما تم تصنيف حادثة نيوزيلاندا في 15 مارس ضد عدة مساجد في المركز الثالث عشر لأسوأ هجمات هذا العام، وتبناها متطرفون معادون للمسلمين وسقط فيها 51 ضحية.
 
4 - قائمة الدول العشر الأولى في الإرهاب وفقاً لمؤشر الإرهاب العالمي 2020 تضمنت أفغانستان، العراق، نيجيريا، سوريا، الصومال، اليمن، باكستان، الهند، الكونغو، الفلبين. وتصنف خمس من الدول العشر على أنها في حالة حرب، وهي (أفغانستان ونيجيريا وسوريا والصومال واليمن)، أما الخمس الباقية فقد تورطت في صراعات طفيفة. 
 
5 -  قائمة الدول العشر الأقل تأثراً بالإرهاب في مؤشر عام 2020 فإنها تضم دولة الإمارات العربية المتحدة وتركمانستان وتيمور الشرقية وجاميبيا وإيستونيا وسلوفينيا وسنغافورة ورومانيا والبرتغال وسلطنة عمان.
جدول يوضح قائمة الدول الأكثر- الأقل تأثراً بالإرهاب في مؤشر الإرهاب العالمي 2020
 
6 - تصاعد خطر اليمين المتطرف في أمريكا الشمالية وأوروبا الغربية، حيث بات يصنف وفقاً لمؤشر الإرهاب العالمي 2020 باعتباره أحد مصادر الإرهاب التي تهدد الأمن والاستقرار في هذه المناطق.حيث تصاعد خطر اليمين المتطرف بشكل لافت في العام 2019، فقد تزايدت أعداد ضحاياه إلى  89 قتيلا أي بزيادة 250 بالمئة عن عام 2014، ومن بين هؤلاء الضحايا 51 حالة وقعت في هجمات مسجد كرايستشيرش في نيوزيلندا في مارس 2019. 
 
 ويعتبر إرهاب اليمين المتطرف أكثر خطراً من إرهاب اليسار المتطرف على مدار العقدين الماضيين، فحسب مؤشر الإرهاب العالمي 2020 فإن معدل معدل الإرهاب اليميني 0.86 حالة وفاة، وينخفض المعدل في هجمات إرهاب اليسار إلى 0.11 حالة وفاة، وقد شهد الغرب بين عامي 2015 و2019 نحو 359 حادثة إرهابية سياسية أدت إلى مقتل 190 شخصاً، وتنسب 63% من الهجمات الإرهابية و90% من وفيات الإرهاب في الغرب عام 2019 إلى اليمين واليسار المتطرف، حيث قام اليمين المتطرف بهجوم واحد على الأقل عام 2019 في 18 دولة غربية.
 
وقد حازت الولايات المتحدة نصيب الأسد من إرهاب اليمين المتطرف، فمن أصل 332 حادثة إرهابية لليمين المتطرف في الغرب منذ 2002، كان نصيبها 167 حادثة، أدت إلى مقتل 113 شخص، وهو أكبر عدد من الوفيات بسبب الإرهاب اليميني المتطرف، كما تعتبر الولايات المتحدة الدولة الوحيدة في الغرب التي شهدت هجمات متعددة أسفرت عن مقتل أكثر من 10 أشخاص في الفترة ذاتها.
 
قائمة التنظيمات الإرهابية الأكثر خطورة عام 2020
لم تختلف قائمة التنظيمات الإرهابية في مؤشر عام 2020 عن السنوات السابقة بدرجة كبيرة، حيث تضمنت هذه القائمة حركة طالبان في أفغانستان وجماعة بوكو حرام في نيجيريا، وتنظيم داعش، وحركة الشباب الصومالية، حيث تسببت العمليات المنسوبة إلى هذه التنظيمات في وفاة 7578 شخص، بما يمثل 55% من إجمالي وفيات 2019، ويمكن توضيح ذلك على النحو التالي: 
 
1 - حركة طالبان :  تعد الجماعة الإرهابية الأكثر حصدا للأرواح في العام 2019 مع أن الحصيلة المنسوبة إليها تراجعت بنسبة 18 في المئة مقارنة بالعام 2018، لكنها تظل واحدة من أخطر التنظيمات الإرهابية التي تشكل تهديداً للأمن والاستقرار ليس فقط في أفغانستان وإنما في منطقة جنوب آسياً بوجه عام.
 
2 - حركة بوكو حرام: جاءت في المركز الثاني في قائمة أخطر التنظيمات الإرهابية، حيث سجلت زيادة في النشاط الإرهابي عام 2019 . وحسب مؤشر الإرهاب العالمي فإن هذه الحركة غيرت في تكتيكاتها المستخدمة في العمليات الإرهابية، فلم تعد تركز –كما في السابق- على التفجيرات، والتي شكلت 7% فقط من هجماتها الإرهابية لعام 2019، بينما كانت تشكل 46 % من هجماتها عام 2007. أما عن التكتيكات الجديدة لبوكو حرام فإنها باتت تركز على الهجوم المسلح(40% من هجماتها) واحتجاز الرهائن(36%).
 
3 - تنظيم داعش: رغم تراجع قوته بعد هزيمته في العراق وسوريا وانهيار دولته المزعومة، إلا أنه يظل من أخطر التنظيمات الإرهابية في العالم، سواء من خلال الهجمات التي قام بتنفيذها في العديد من دول العالم أو من خلال الاستمرار في نشر فكره المتطرف. فقد نفذ تنظيم داعش حوالي 3000 هجوماً منذ تأسيسه في 48 دولة حول العالم، منها 382 هجوما في 27 دولة خلال عام 2019. وعقب محاصرة نفوذه في سوريا والعراق، انتقل «داعش» لتنفيذ هجماته الإرهابية من خلال الأفرع التابعة له، سواء تحت ما يسمى «الولايات»، أو مجرد المجموعات الإرهابية الصغيرة التي تنفذ هجمات متنقلة بين الدول. وجاءت فرنسا في مقدمة الدول الأكثر تأثرا بنشاط داعش في الغرب، تليها الولايات المتحدة، ثم بلجيكا، ثم بريطانيا، ثم إسبانيا، ثم ألمانيا. 
 
ويتم تصنيف تنظيمات وفروع داعش في العالم من حيث خطورتها استناداً إلى قدرتها على تنفيذ هجمات على مدار سنوات نشاطها، وجاء في المرتبة الأولى تنظيم داعش في غرب أفريقيا (أسقط بهجماته 4188 ضحية، والعدد التقريبي لأعضاء التنظيم 3500 إرهابي)، ويستهدف الكاميرون وتشاد ونيجيريا والنيجر. ثم فرع خرسان (مسئول عن سقوط 3134 ضحية، ويقدر حجمه بحوالي 2200 إرهابي)، ويستهدف افغانستان والهند وباكستان. ثم تنظيم ما يسمى «ولاية سيناء» (مسئول عن سقوط 1240 ضحية، ويقدر حجمه بحوالي 1250 إرهابي)، ثم ولاية طرابلس وبرقة وفزان، وينشط في ليبيا وتونس (مسئول عن سقوط 725 ضحية، ويقدر حجمه بحوالي 500 إرهابي)، يليه داعش في الصحراء الكبرى في بوركينا فاسو ومالي والنيجر (مسئول عن سقوط 266 ضحية، ويقدر حجمه بحوالي 425 إرهابي).
 
4 - حركة الشباب الصومالية: تصنف ضمن قائمة أخطر التنظيمات رغم استمرار انخفاض الحوادث الإرهابية المنسوبة إليها والوفيات الناتجة عنها، فقد انخفضت وفيات عمليات الحركة %8 في 2019 عن العام الذي سبقه. ورغم انخفاض هجمات الحركة ضد المدنيين في 2019 بنسبة ، فإنها احتفظت بالنصيب الأكبر من الهجمات ضد الأهداف الحكومية، وقد شكلت الوفيات  الناجمة عن التفجيرات التي قامت بها الحركة %57 ، مقابل 15% للهجمات المسلحة، و للاغتيالات.
 
جائحة كورونا وتأثيرها على الإرهاب العالمي 
حذر مؤشر الإرهاب العالمي 2020 من خطورة أن توفر جائحة كوفيد- 19 فرصًا للتنظيمات الإرهابية لتوسيع عملياتها ، بسبب انشغال الحكومات على الصحة العامة أكثر من مكافحة الإرهاب، كما قد تساعد الجائحة هذه التنظيمات  أيضاً على تجنيد المزيد من العناصر خاصة في مناطق الأزمات والصراعات من خلال تقديم المساعدات والخدمات الاجتماعية لها، مستغلة في ذلك الأوضاع المعيشية الصعبة التي يعيشها هؤلاء نتيجة تداعيات وباء كورونا.  
 
كما كشف المؤشر في الوقت ذاته أن تنظيمي «داعش» و»القاعدة» عملا على توظيف جائحة كورونا لتعزيز نفوذهما في العديد من دول العالم، فتنظيم القاعدة حث غير المسلمين في الغرب على إعلان إسلامهم، كما حث «داعش» على استغلال الانشغال الحكومي في مواصلة الجهاد العالمي. في حين نظرت الجماعات اليمينية المتطرفة إلى وباء كورونا على أنه فرصة لتأجيج خطاب الكراهية العنصري والإسلاموفوبيا والعداء للمهاجرين. 
 
وأشار المؤشر أيضاً إلى أن الجائحة فرضت أيضًا تحديات للجماعات الإرهابية المحلية، فقد أدى حظر التجول وقيود السفر إلى الحد من تحركات العناصر الإرهابية وهجماتها. وتوقع المؤشر أن يكون لزيادة العجز الحكومي الناجم عن زيادة الإنفاق العام لمواجهة وباء كورونا تأثير سلبي في ميزانيات مكافحة الإرهاب، ما يعيق عمليات مكافحة الإرهاب المحلية أو الدولية، خاصة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وجنوب الصحراء الكبرى.
 
مخاطر الإرهاب .. تهديد متنامي للأمن وتكلفة مرتفعة للاقتصاد
لا تقتصر تداعيات الإرهاب على زعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم، وإنما أيضاً تمتد إلى التكلفة الاقتصادية المرتقعة التي تكلف العالم مليارات الدولارات سنوياً، فقد بلغت الآثار الاقتصادية للإرهاب عام 2019 نحو 26.4 مليار دولار، وذلك بانخفاض قدره 25% عن خسائر العام الماضي، وهو العام الخامس على التوالي الذي تنخفض فيه الخسائر بعد عام الذروة (2014) الذي وصلت فيه الخسائر إلى حوالي 116 مليار دولار، لكن مع ذلك تظل هذه التكلفة مرتفعة، ليس فقط لأن هذه المليارات من الدولارات كان يمكن تخصيصها لأغراض إنمائية، وإنما أيضاً لأن انتشار الإرهاب يؤثر بالسلب على خطط وجهود التنمية في مناطق انتشاره.
 
وكانت أفريقيا أكثر المناطق المتأثرة اقتصادياً بخطر الإرهاب في العام 2019، فتكبدت خسائر تقدر بـ13 مليار دولار في سنة 2019، وارتفع نصيبها من 3.1% العام 2007 إلى 49.2% سنة 2019 بزيادة مقدارها 15 ضعفا منذ العام 2007. وحسب المؤشر فإن افريقيا خسرت خلال الفترة من العام 2007 إلى العام 2019، 171,7 مليار دولار بسبب الإرهاب.
 
وجاءت نيجيريا وليبيا والصومال ومالي في مقدمة الدول الأكثر تأثرا بتداعيات الإرهاب في القارة وتحملت وحدها 86.8% من الخسائر الاقتصادية للإرهاب على القارة مقابل 8.3% لباقي دول أفريقيا. وبلغت خسائر نيجيريا 142 مليار دولار أمريكي خلال الفترة من 2007 إلى 2019، تليها ليبيا بخسائر بلغت حوالي 4.9 مليار دولار أمريكي ثم الصومال بخسائر قدرت بنحو 1.16 مليار دولار وأخيرا مالي بخسائر بلغت نحو 1.13 مليار دولار. وتشمل التكلفة الاقتصادية للإرهاب الخسائر المباشرة ، كـ(تدمير الممتلكات الخاصة، والمرافق العامة ...إلخ) والخسائر غير المباشرة الناجمة عن الكساد المصاحب للهجمات الإرهابية، وعدم انتظام سبل المعيشة، وخسائر الناتج المحلي الإجمالي للدول المتأثرة بالهجمات الإرهابية ...إلخ).
 
استراتيجيات مواجهة الإرهاب في العالم
رغم أن مؤشر الإرهاب العالمي للعام 2020 رصد تراجعاً(جزئياً) في العمليات الإرهابية في العالم، إلا أنه  كشف عن عدد من النقاط المهمة التي يبنغي أخذها في الاعتبار من جانب الجهات المعنية بوضع سياسات واستراتيجيات مكافحة الإرهاب، لعل أبرزها:
 
1 - أن مناطق الأزمات والصراعات والحروب تشكل بيئة خصبة للتنظيمات المتطرفة والإرهابية، والتي تستغل تراجع سلطة الدولة ، وتردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في هذه المناطق في تعزيز تواجدها ونفوذها بها، واتخاذها مناطق تمركز للانطلاق إلى ممارسة أنشطتها الإرهابية، ولهذا جاءت النسبة الأكبر لضحايا الإرهاب خلال العام 2019 في مناطق الصراعات والحروب، لهذا فإن العمل على تسوية هذه الأزمات وإيجاد حلول لها من شأنه أن يعزز من جهود مكافحة الإرهاب .
 
2 - لا يزال الإرهاب يشكل التهديد الرئيسي للأمن والسلم الإقليمي والدولي على حد سواء، فرغم التراجع في عدد العمليات الإرهابية، إلا أن 63 دولة كانت عرضة للإرهاب خلال العام 2019 وشهدت حالة وفاة واحدة على الأقل من هجوم إرهابي، كما سجلت 17 دولة أكثر من 100 حالة وفاة بسبب الإرهاب، وهذا يعني أن الإرهاب يأتي في مقدمة المخاطر التي تهدد حق البشر في الحياة والعيش في أمان، ويقتضي أن تكون مواجهته في مقدمة أولويات المجتمع الدولي. 
 
3 - التراجع الجزئي في العمليات الإرهابية للعام 2019 يمكن تفسيره انطلاقاً من عدة أسباب، بعضها يرجع  إلى الضربات الأمنية المتعددة التي وجهت إلى تنظيم القاعدة أو داعش في العديد من المناطق، والبعض الآخر يرتبط بالحملة الفكرية التي تبنتها الدول للتوعية من خطورة هذه الجماعات والتحذير من الانضمام إليها، والبعض الثالث يرتبط بضعف التمويل نتيجة الإجراءات المشددة التي اتخذتها العديد من دول العالم لتجفيف منابع الإرهاب في العالم، وهذا يؤكد بوضوح أن أية استراتيجية فاعلة لمواجهة التطرف والإرهاب ينبغي أن تأخذ في الاعتبار هذه الجوانب مجتمعة، الأمنية والاقتصادية والمالية والفكرية والثقافية والاجتماعية. 
 
4 - تطورت أساليب التجنيد لدى التنظيمات المتطرفة والإرهابية، فلم تعد تقتصر على التجنيد المباشر من خلال روابط العائلة والصداقة، وإنما باتت تتضمن آليات جديدة مثل الدعاية ونشر الفكر المتطرف عبر وسائل ومنصات التواصل الاجتماعي، باعتبارها تسعى إلى مخاطبة النشء والشباب وإشعارهم بالانتماء إلى كيان أكبر يحقق أحلامهم. وهذا إنما يشير بوضوح إلى أهمية مراقبة المحتوى الرقمي الذي يتم نشره على وسائل ومنصات التواصل الاجتماعي المختلفة، حتى لا يقع الشباب في براثن هذه الجماعات والتنظيمات المتطرفة والإرهابية والانضمام إليها، وهذا يجعل من المواجهة الإعلامية أحد أهم محاور الاستراتيجيات الفاعلة لمواجهة التطرف والإرهاب. 
 
5 - جاءت دولة الإمارات ضمن قائمة الدول العشر الأقل تأثراً بالإرهاب في مؤشر عام 2020 ، وهذا يمكن تفسيره انطلاقاً من رؤيتها الشاملة والمتكاملة في مواجهة الإرهاب والتطرف الذي يقف ورائه،  وهي رؤية تأخذ في اعتبارها كل الأبعاد المرتبطة بهذه الظاهرة، سياسياً ومالياً وثقافياً وتربوياً وإعلامياً وتشريعياً، هذا فضلاً عن مبادرات الإمارات الرائدة لتجفيف منابع التطرف والإرهاب مالياً وفكرياً وإعلامياً، ولهذا فإنها تمثل واحة للأمن والاستقرار الشامل.  
 
خاتمة
في الوقت الذي خلص فيه مؤشر الإرهاب العالمي 2020 إلى أن مواجهة الإرهاب والقضاء عليه تظل التحدي الرئيسي الذي سيتوجب على دول العالم التعامل معه خلال العام المقبل 2021، فإن هناك ضرورة لتعزيز التعاون الإقليمي والدولي في الحرب ضد التطرف والإرهاب، من منطلق أنه تحدي كوني يستهدف البشر في كل مكان بغض النظر عن دينهم وجنسيتهم وثقافتهم ولغتهم، وبالشكل الذي يأخذ في الاعتبار الأدوات و التكتيكات الجديدة التي تستخدمها التنظيمات المتطرفة والإرهابية في ممارسة أنشطتها، من أجل قطع الطريق وتفويت الفرصة عليها، لأن الانتصار في الحرب ضد الإرهاب هي الأولوية التي ينبغي أن يتكاتف العالم حولها، لأنها ترتبط بأمنه وسلامه وازدهاره. 
----------
درع الوطن

داليا السيد أحمد
السبت 30 أكتوبر 2021