نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

( أيهما أخطر؟ )

24/04/2024 - محمد الرميحي*

إيران.. من يزرع الريح يحصد العاصفة

23/04/2024 - نظام مير محمدي

وقاحة استراتيجية مذهلة

21/04/2024 - راغدة درغام

التعميم بوصفه "تخبيصة" العقل الأولى

18/04/2024 - مصطفى تاج الدين الموسى

رسائل النيران بين إيران وإسرائيل

15/04/2024 - محمد مختار الشَنقيطي

جنوب لبنان.. بعد غزة

06/04/2024 - عبد الوهاب بدرخان

غزة والأخلاق العابرة للحدود والأرباح

06/04/2024 - عدنان عبد الرزاق

نزار قباني وتلاميذ غزة

06/04/2024 - صبحي حديدي

حرب لإخراج إيران من سوريا

06/04/2024 - محمد قواص


هل تعبر فرق موسيقى الروك الألمانية الجديدة عن اليمين المتطرف؟




برلين - يردد جمهور، قصير الشعر أشبه بالحلاقة العسكرية، يتمايل ويتصبب عرقا، إيقاعات أغاني فريقهم الموسيقي المفضل، حيث أحيت فرقة جبهة جويتشي على مسرح مدينة مجدبرج، شرقي ألمانيا أولى حفلاتها خلال الجولة الترويجية لألبومها الصادر بعنوان "أوشتجولد" أو "الذهب الشرقي". وكان الألبوم قد احتل الشهر الماضي المرتبة الثانية في قائمة الإصدارات التي حققت أعلى المبيعات في ألمانيا.


 
 

في مقابلة مع وكالة الأنباء الألمانية (د. ب. أ) أوضح ثروشتن هندريخ، عالم الموسيقى بجامعة مايتنس كبرى مدن ولاية راينلند بالاتينات، أن نجاح موسيقى الروك الألمانية ليست ظاهرة جديدة، ولكن مع مطلع الألفية الجديدة، اكتسب الروك الجرماني شعبية متزايدة، استفادت منها فرق مثل فري فيلد (Frei.Wild) بولاية تيرول الجنوبية، الواقعة في الأراضي الإيطالية وذات الغالبية الناطقة بالألمانية وفريق بويزي اونكلاتس (Böhse Onkelz) والاسم يحتوي على تحريف متعمد للمسمى (بويزي أونكل) أو " Böse Onkel" وتعني "الأعمام الأشرار".
وفقا لما يؤكدونه، اكتسبت فرقة (Goitzsche Front) اسمها من منجم جويتشي لفحم اللجينت – نوع من الحجري – ببلدة بيترفيلد التابعة لولاية ساكسونيا أنهالت في الجانب الشرقي من ألمانيا. ويتضمن عالم موسيقى الروك الألماني الكثير من الفرق التي تتعمد اختيار مقطع " Oi" لأسمائها، والذي قد يعني اختيارها توجها معينا تجاه الحياة أو في إشارة إلى أسلوبها الموسيقي. وهو توجه يرجع أصله إلى فرق الموسيقى الإنجليزية المعروفة باسم "حليقو الرؤوس" أو (skinheads) والتي لطالما ارتبطت، خطأ، بظهور النازيين الجدد وأفكارهم اليمينية المتطرفة، نظرا لأنه توجد العديد من الفرق الـ(Oi) التي تقف أيديولوجيتها الموسيقية موقفا معاديا بشكل صريح من التيار النازي.

يوضح عالم الموسيقى هندريخ أن "الروك الألماني الجديد"، حسبما يطلق هو على "البانك روك" الخاص بفرق مثل جويتشي فرونت وفري فيلد، يتحرك في منطقة رمادية تميل أكثر نحو الشعبوية اليمينية، مضيفا أنه من القواسم المشتركة بين كلتا الفرقتين أن نشأتهما تحمل خلفية تراث فريق "الأعمام الأشرار" أو (Böhse Onkelz)، التي كانا جزءا منها قبل انفصالهما. وقد استمر نشاط الفرقة الفني التي تفككت عام 2005 قرابة 25 عاما، حققت خلالها نجاحا منقطع النظير وكانت حفلاتها دائما تحمل شعار "كامل العدد" لدرجة أنها تحولت إلى مرجعية مهمة بالنسبة لموسيقى الروك الألمانية. ولاتزال الفرقة التي كونها المطرب كيفن روسل تثير الجدل إلى الآن.

يذكر أن الفرقة في سنواتها الأولى كانت جزءا من المشهد الذي تصدره تيار "حليقو الرؤوس" وأثارت ضجة كبيرة بأغنيات مثل (Türken raus) أو "اطردوا الأتراك"، و(Bomberpilot) أو "طيار مقاتل"، ولم تحل كلمات الأغاني المثيرة للجدل والعنصرية دون عودة الفرقة للظهور مجددا فيما يشبه المعجزة عام 2015.

وعلى عكس كل التوقعات، احتفل أعضاء الفرقة عام 2017 بالعودة إلى المشهد الموسيقي حيث أحيت حفلتين على مسرح استاد هوكنهايم الشهير، حضرهما جمهور غفير تجاوزت أعداده مئتي ألف شخص، ومن المتوقع أن يطرح ألبوم الفرقة الجديد قريبا.

يقول هندريخ "يقدم أعضاء هذه الفرق أنفسهم على أنهم أشخاص عاديين وطبيعيين". يعلق أعضاء Frei.Wild على المسألة بأن "الفن والموسيقى قد عاشوا دائمًا على خشبة المسرح" ، ويدعون أنهم "بالفعل أنماط عادية وطبيعية حقًا" وأنهم لا يدعون أنهم يريدون أن يكونوا أي شيء آخر. إلا أن هندريخ يؤكد أن "كلمات أغنياتهم تعطي شهادة على رؤية مبسطة للعالم: الخير ضد الشر، أبيض وأسود، من هم تحت ضد من هم فوق". ويقول أعضاء Frei.Wild "أحيانا يكون العالم أقل تعقيدا بكثير مما نتصور".

يوضح عالم الموسيقى الألماني "تكون الأغاني موجهة عادة إلى أعداء لكن مبهمين بقدر الإمكان، في إسقاط قد يكون على الأكاديمين، السياسيين أو وسائل الإعلام. وربما لهذا يرجع السبب في أن بعضا من هذه الفرق أصبحت مرجعية في المشهد الشعبوي اليميني". فيما يقول أعضاء فريق فري فيلد "لا نعتبر أيا من رجال السياسة أو السلك الأكاديمي أو وسائل الإعلام من الأعداء".

توضح سلسلة من الإصدارات نشرتها جامعة فرانكفورت أن " باحثي التيار الشعبوي يتفقون بنسبة كبيرة على أن هذا الاتجاه السياسي يقوم أساسا على التمييز بين مجموعتين متجانستين ومتعارضتين: الشعب والنخبة." يقول فرانك ديكر ، أستاذ السياسة بجامعة بون ، إن الشعوبية تمثل موقفًا معارضًا لما تمثله المؤسسة أو الطبقة الحاكمة المزعومة.

وفقًا لهندريخ، هناك أيضًا اختلافات واضحة بين الفرق، وعلى الرغم من أنهم جميعًا يذكرون الصداقة والإخلاص والأسرة كقيم أساسية ، إلا أن ارتباط كل واحدة منها بمفهوم الوطن يختلف.

يوضح الخبير أنه في حالة فرقة جويتشي فرونت، يعبر مفهوم الوطن عنه كنوع من الحنين إلى الماضي لكل ما كانت تمثله حقبة ألمانيا الشرقية ، ومنطقة جمهورية ألمانيا الديمقراطية السابقة قبل إعادة التوحيد منذ 30 عامًا، وهو ما يعبر عنه بكل وضوح أيضا اسم ألبوم الفرقة الجديد، يكاد يتحدث عن نفسه: "Ostgold" ("الذهب الشرقي").

بالنسبة إلى Frei.Wild ، يشير هندريكس إلى أنه "يتم الإجابة عن الأسئلة المتعلقة بشعور الانتماء من قبل الفرقة بمفاهيم الآباء والأمهات والأطفال والأجداد ، في حين أن فكرة" الشعب "مشحونة دوما بالدم والتراب" . في هذا السياق ، تشير الفرقة إلى أن أشخاصا من أكثر من مئة دولة يعيشون في منطقة تيرول: "بالنسبة لنا، هذا هو الوطن أيضًا".

وتعي الفرق تماما إشكالية احتساب توجههم السياسي أو اعتبار انتمائهم الأيديولوجي لأفكار تيار اليمين. ولهذا، على سبيل المثال، يحرص عازف الجيتار الكهربائي لفريق جويتشي فرونت على الظهور على المسرح أثناء الحفلات مرتديا قميصا يحمل شعار (FCK NZS) وهو اختصار لعبارة " Fuck Nazis" أو "اللعنة على النازيين"، مما يتسبب في استفزاز ردود أفعال متباينة سواء بين مشجعي الفرقة أو أنصار التيار النازي على مواقع شبكات التواصل الاجتماعي.

يذكر أن فريق فري فيلد نجح قبل خمس سنوات في لفت الأنظار من خلال تصريح هجائي ضد حزب البديل الألماني اليميني المتطرف المعروف اختصارا (AfD) وحركة القوميين الجرمان (بيجيدا) أو (PEGIDA) التي تعني "وطنيون أوروبيون ضد أسلمة الغرب"، وغيرها من الحركات اليمينية المتطرفة. كما تتضمن صفحة موقع فري فيلد على الانترنت " rockeros de Bresanona"، بيانات تتصدى بكل جرأة ووضوح للتيارات المروجة للأفكار العنصرية والعداء للأجانب. يرى أستاذ الموسيقى بجامعة ماينتس "لن يجدي أي نقاش حول مصداقية هذه المزاعم"، مؤكدا أن فريق فري فيلد لا يستطيع التراجع بعد تبني موقفا واضحا إلى هذا الحد من هذه القضايا.

ماريك مايوفسكي
الجمعة 28 فبراير 2020