ولم يطرأ أي تغير على وضع القاعدة الأمريكية في منبج بعد، لكن تفكيكها بات قريباً جداً، إذ من المتوقع أن يعلن الرئيس الأمريكي انتهاء المعارك ضد التنظيم في بلدة الباغوز خلال أيام قليلة، ما سيضع قوات مجلس منبج العسكري وجها لوجه مع القوات المدعومة من تركيا. يقول محمد أبو عادل، القائد العام لمجلس منبج العسكري إن الوحدات انسحبت من البلدة كلياً، وإن عملها كان يقتصر فقط على تدريب قوات مجلس منبج، متهماً تركيا باستغلال هذه الذريعة لاقتحام البلدة وضمها للمناطق التي تسيطر عليها فصائل موالية لها من عفرين إلى بلدة الباب القريبة من منبج. وتتهم تركيا وحدات حماية الشعب بأنها الجناح العسكري السوري لحزب العمال الكردستاني المصنف ضمن قوائم الإرهاب التركية منذ ثمانينيات القرن الماضي، وهو الأمر الذي تنفيه الوحدات التي تؤكد أنها تتبع لحزب سوري هو حزب الاتحاد الديمقراطي، وبأنها تشكلت لمواجهة تنظيم الدولة الإسلامية الذي استطاع فرض سيطرته على مساحات واسعة من شمال سوريا عام ٢٠١٤.
وقد دعمت الولايات المتحدة والتحالف الدولي وحدات الحماية التي شكلت لاحقاً قوات سوريا الديمقراطية في حربها ضد التنظيم، وباتت تسيطر على كامل المساحة الجغرافية الممتدة من الحدود العراقية إلى نهرالفرات، وعبرته عام ٢٠١٦ إلى بلدة منبج.
واتبعت تركيا هذه العملية بأخرى عرفت باسم "غصن الزيتون" سيطرت خلالها على منطقة عفرين في أقصى شمال غرب سوريا لمنع الكرد من الوصول إلى منفذ بحري على المتوسط، بحسب ما تقول مصادر رسمية تركية.
وعلى الرغم من أن هذه الترتيبات حدّت كثيراً من إمكانية توسّع الكرد وربط مناطق سيطرتهم على امتداد الشريط الحدودي، إلا أن تركيا لا تزال تصر على ضرورة هزيمة الوحدات ليس في منبج فحسب، إنما في مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية شرقي الفرات أيضاً.
وفي إطار تغير التحالفات الذي سيخلفه الانسحاب الأمريكي من المنطقة، عادت قوات الشرطة العسكرية الروسية لتسيير دوريات قرب مدينة منبج، بالتنسيق مع المجلس العسكري والقوات الحكومية السورية ويبدو أن ثمة تعويل من قبل قوات سوريا الديمقراطية على دور روسي لملء الفراغ الذي سيخلفه الانسحاب الأمريكي المزمع من شمالي البلاد، والحيلولة دون تنفيذ تركيا لتهديداتها باقتحام المدينة.
ويقول جمال أبو جمعة رئيس مجلس بلدة الباب العسكري إن مركز التنسيق الذي أقامته الشرطة العسكرية الروسية في قرية عريمة لا يبعد سوى بضعة كيلومترات عن القاعدة الأمريكية، ونفى أن يكون ثمة تنسيق بين الجانبين، واكد في حديث لبي بي سي أن الجانب الروسي هو الذي يتولى مسؤولية التنسيق بين مجلس منبج العسكري والقوات الحكومية.
ويقع المركز على الطريق الذي يربط بلدة منبج ببلدة الباب، وتسيطر قوات حكومية سورية على المناطق الواقعة إلى الجنوب منه.
ولم يُلحظ وجود أي حشود عسكرية على امتداد الجبهة التي تفصل مناطق سيطرة مجلس منبج العسكري عن القوات المدعومة من تركيا، خلافاً لما كان عليه الحال قبل نحو شهرين حين هدد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بعمل عسكري كبير يستهدف السيطرة على منبج.
ويقول أبو جمعة إنه باستثناء بعض الاستفزازات بالأسلحة الخفيفة من قبل بعض مسلحي درع الفرات، يبدو الوضع هادئا على نحو كبير.
"بنود سرية"
وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب هدد تركيا بلغة شديد اللهجة من مغبة الإقدام على عمل عسكري يستهدف الكرد، وقال في تغريدة على حسابه على موقع تويتر "سندمر تركيا اقتصاديا إذا هاجمت الأكراد".
لكن ترامب أبقى الباب مشرعاً أمام مفاوضات لإعادة ترتيب المنطقة عقب الانسحاب الأميركي، في إشارته لضرورة إقامة منطقة آمنة على طول الشريط الحدودي بين مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية وتركيا.
ومنذ ذاك الحين يسعى كل طرف لفرض رؤيته لإقامة هذه المنطقة بحسب ما تقتضي مصالحه وتحالفاته.
وفي إطار المحاولات التركية لفرض تصوراتها بشأن المنطقة الآمنة، التقت عدة وفود تركية مع الجانب الروسي على أكثر من مستوى مؤخراً، وتوجت بزيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لموسكو.
وكشفت الزيارة عن عدم تأييد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للرؤية التركية للمنطقة العازلة، وكبديل تم اقتراح العودة للعمل باتفاق "أضنة" الموقع بين تركيا وسوريا عام ١٩٩٨.
وينص الاتفاق الذي ظلت بنوده سرية حتى اليوم على ترتيبات أمنية على الحدود يحق لتركيا بموجبها ملاحقة عناصر حزب العمال الكردستاني داخل الأراضي السورية لمسافة تصل لخمسة كيلومترات.
وتم التوصل للاتفاق بعد أزمة كبيرة في العلاقات بين أنقرة ودمشق على خلفية اتهام تركيا لنظام الرئيس السوري حافظ الأسد آنذاك بدعم حزب العمال الكردستاني، وتهديدها باجتياح كامل خط الحدود السورية، قبل أن يتدخل الرئيس المصري حسني مبارك ضمن وساطة أفضت لتوقيع الاتفاق، وتم بموجبه طرد زعيم حزب العمال الكردستاني من دمشق وإغلاق معسكرات تدريب ومكاتب الحزب في سوريا ولبنان.
بيد أن إعادة العمل باتفاق أضنة تتطلب عودة الجيش السوري للسيطرة على الحدود مع تركيا، وإعادة تفعيل الترتيبات الأمنية بين الجانبين. يقول الدار خليل إن الإدارة الذاتية لا تمانع من عودة الجيش السوري للسيطرة على الحدود مع تركيا والعراق ضمن تسوية شاملة قدمها مجلس سوريا الديمقراطية للجانب الروسي، لكن دمشق التي تترقب المشهد من على أطراف الفرات لم ترد رسمياً بعد على الأفكار التي نقلها الجانب الروسي إليها. ربما تنتظر سكوت المدافع بعد هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية والبدء بالانسحاب الأمريكي، ليضعف موقف الكرد التفاوضي بعد انكشاف ظهرهم لتركيا.
وأعطت تركيا مؤخراً عدة إشارات لاحتمال قبولها بالعودة لترتيبات اتفاق اضنة، من بينها الإشارة لوجود قنوات اتصال على المستوى الأمني مع دمشق، وايضاً تأكيد الرئيس التركي رغبته بالتحرك بالتنسيق مع روسيا فيما يتعلق بالمنطقة الآمنة.
لتبقى إشكالية وحدات حماية الشعب الكردية التي اكتسبت قوة وخبرة قتالية كبرى خلال الأعوام الماضية الصداع الأكبر للرئيس التركي على المدى الطويل، حتى لو تم التوصل لصيغة تفاهم بضمانات روسية خلال المرحلة المقبلة.
--------
بي بي سي
وكانت الترتيبات في هذه المنطقة قد أقرت ضمن اتفاق بين تركيا والولايات المتحدة قبل نحو عام، نص في أحد بنوده على ضرورة خروج وحدات حماية الشعب الكردية من منبج، وهو ما أُعلن بالفعل بعد بضعة أسابيع، لكن تركيا ظلت تؤكد وجود هذه القوات وإشرافها على مجلس منبج العسكري.
وقد دعمت الولايات المتحدة والتحالف الدولي وحدات الحماية التي شكلت لاحقاً قوات سوريا الديمقراطية في حربها ضد التنظيم، وباتت تسيطر على كامل المساحة الجغرافية الممتدة من الحدود العراقية إلى نهرالفرات، وعبرته عام ٢٠١٦ إلى بلدة منبج.
دور روسي
وفي خطوة استباقية لمنعها من فرض سيطرتها على كامل الشريط الحدودي، أطلقت تركيا ما عُرف بعملية درع الفرات، طردت خلالها تنظيم الدولة من مدينة جرابلس وبلدة الباب، وباتت الفصائل التابعة لها وجها لوجه مع قوات سوريا الديمقراطية عند حدود بلدة منبج.واتبعت تركيا هذه العملية بأخرى عرفت باسم "غصن الزيتون" سيطرت خلالها على منطقة عفرين في أقصى شمال غرب سوريا لمنع الكرد من الوصول إلى منفذ بحري على المتوسط، بحسب ما تقول مصادر رسمية تركية.
وعلى الرغم من أن هذه الترتيبات حدّت كثيراً من إمكانية توسّع الكرد وربط مناطق سيطرتهم على امتداد الشريط الحدودي، إلا أن تركيا لا تزال تصر على ضرورة هزيمة الوحدات ليس في منبج فحسب، إنما في مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية شرقي الفرات أيضاً.
وفي إطار تغير التحالفات الذي سيخلفه الانسحاب الأمريكي من المنطقة، عادت قوات الشرطة العسكرية الروسية لتسيير دوريات قرب مدينة منبج، بالتنسيق مع المجلس العسكري والقوات الحكومية السورية ويبدو أن ثمة تعويل من قبل قوات سوريا الديمقراطية على دور روسي لملء الفراغ الذي سيخلفه الانسحاب الأمريكي المزمع من شمالي البلاد، والحيلولة دون تنفيذ تركيا لتهديداتها باقتحام المدينة.
ويقول جمال أبو جمعة رئيس مجلس بلدة الباب العسكري إن مركز التنسيق الذي أقامته الشرطة العسكرية الروسية في قرية عريمة لا يبعد سوى بضعة كيلومترات عن القاعدة الأمريكية، ونفى أن يكون ثمة تنسيق بين الجانبين، واكد في حديث لبي بي سي أن الجانب الروسي هو الذي يتولى مسؤولية التنسيق بين مجلس منبج العسكري والقوات الحكومية.
ويقع المركز على الطريق الذي يربط بلدة منبج ببلدة الباب، وتسيطر قوات حكومية سورية على المناطق الواقعة إلى الجنوب منه.
ولم يُلحظ وجود أي حشود عسكرية على امتداد الجبهة التي تفصل مناطق سيطرة مجلس منبج العسكري عن القوات المدعومة من تركيا، خلافاً لما كان عليه الحال قبل نحو شهرين حين هدد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بعمل عسكري كبير يستهدف السيطرة على منبج.
ويقول أبو جمعة إنه باستثناء بعض الاستفزازات بالأسلحة الخفيفة من قبل بعض مسلحي درع الفرات، يبدو الوضع هادئا على نحو كبير.
"بنود سرية"
وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب هدد تركيا بلغة شديد اللهجة من مغبة الإقدام على عمل عسكري يستهدف الكرد، وقال في تغريدة على حسابه على موقع تويتر "سندمر تركيا اقتصاديا إذا هاجمت الأكراد".
لكن ترامب أبقى الباب مشرعاً أمام مفاوضات لإعادة ترتيب المنطقة عقب الانسحاب الأميركي، في إشارته لضرورة إقامة منطقة آمنة على طول الشريط الحدودي بين مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية وتركيا.
ومنذ ذاك الحين يسعى كل طرف لفرض رؤيته لإقامة هذه المنطقة بحسب ما تقتضي مصالحه وتحالفاته.
وفي إطار المحاولات التركية لفرض تصوراتها بشأن المنطقة الآمنة، التقت عدة وفود تركية مع الجانب الروسي على أكثر من مستوى مؤخراً، وتوجت بزيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لموسكو.
وكشفت الزيارة عن عدم تأييد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للرؤية التركية للمنطقة العازلة، وكبديل تم اقتراح العودة للعمل باتفاق "أضنة" الموقع بين تركيا وسوريا عام ١٩٩٨.
وينص الاتفاق الذي ظلت بنوده سرية حتى اليوم على ترتيبات أمنية على الحدود يحق لتركيا بموجبها ملاحقة عناصر حزب العمال الكردستاني داخل الأراضي السورية لمسافة تصل لخمسة كيلومترات.
وتم التوصل للاتفاق بعد أزمة كبيرة في العلاقات بين أنقرة ودمشق على خلفية اتهام تركيا لنظام الرئيس السوري حافظ الأسد آنذاك بدعم حزب العمال الكردستاني، وتهديدها باجتياح كامل خط الحدود السورية، قبل أن يتدخل الرئيس المصري حسني مبارك ضمن وساطة أفضت لتوقيع الاتفاق، وتم بموجبه طرد زعيم حزب العمال الكردستاني من دمشق وإغلاق معسكرات تدريب ومكاتب الحزب في سوريا ولبنان.
بيد أن إعادة العمل باتفاق أضنة تتطلب عودة الجيش السوري للسيطرة على الحدود مع تركيا، وإعادة تفعيل الترتيبات الأمنية بين الجانبين. يقول الدار خليل إن الإدارة الذاتية لا تمانع من عودة الجيش السوري للسيطرة على الحدود مع تركيا والعراق ضمن تسوية شاملة قدمها مجلس سوريا الديمقراطية للجانب الروسي، لكن دمشق التي تترقب المشهد من على أطراف الفرات لم ترد رسمياً بعد على الأفكار التي نقلها الجانب الروسي إليها. ربما تنتظر سكوت المدافع بعد هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية والبدء بالانسحاب الأمريكي، ليضعف موقف الكرد التفاوضي بعد انكشاف ظهرهم لتركيا.
وأعطت تركيا مؤخراً عدة إشارات لاحتمال قبولها بالعودة لترتيبات اتفاق اضنة، من بينها الإشارة لوجود قنوات اتصال على المستوى الأمني مع دمشق، وايضاً تأكيد الرئيس التركي رغبته بالتحرك بالتنسيق مع روسيا فيما يتعلق بالمنطقة الآمنة.
لتبقى إشكالية وحدات حماية الشعب الكردية التي اكتسبت قوة وخبرة قتالية كبرى خلال الأعوام الماضية الصداع الأكبر للرئيس التركي على المدى الطويل، حتى لو تم التوصل لصيغة تفاهم بضمانات روسية خلال المرحلة المقبلة.
--------
بي بي سي