قائد ميداني ورمز للثوار
ارتقى العقيد يوسف الجادر شهيدًا في 15 كانون الأول 2012، أثناء عملية تمشيط في محيط "مدرسة المشاة" شمالي حلب، بعد ساعات قليلة من إعلان تحريرها من قبضة قوات النظام، إثر معركة خطّط لها وقادها بنفسه، عُرفت باسم "ثوار الخنادق". وقد استهدفته قذيفة مدفعية أطلقتها قوات الأسد، لتختم مسيرة نضالية تركت أثرًا عميقًا بين رفاقه وعموم السوريين.
"أنا حزين لأن هذه دباباتنا"... كلمات خالدة قبل الاستشهاد
في آخر ظهور إعلامي له، خلال إلقائه بيان السيطرة على "مدرسة المشاة"، قال أبو فرات عبارته الشهيرة التي بقيت محفورة في ذاكرة السوريين: "أنا حزين جداً... لأن هذا العتاد عتادنا، وهذه الدبابات دباباتنا، والذين يموتون إخوتنا، وكل هذا بسبب تمسّك الأسد السفاح بالكرسي".
من جيش النظام إلى صفوف الثورة
وُلد يوسف الجادر في مدينة جرابلس عام 1977، ونشأ في عائلة من عشيرة الجوادرة. التحق بالكلية الحربية في حمص عام 1990، وتخرج عام 1992 برتبة ملازم أول، وشق طريقه في السلك العسكري حتى أصبح قائدًا لإحدى كتائب المدرعات في اللاذقية.
في 18 تموز 2012، أعلن انشقاقه عن جيش النظام، بعدما رفض أوامر بقصف مناطق مدنية، وانضم إلى صفوف الجيش السوري الحر، ليبدأ فصلًا جديدًا في مسيرته، قائداً ميدانياً في "لواء التوحيد" في محافظة حلب، وارتبط اسمه بعدة معارك محورية، أبرزها تحرير أحياء صلاح الدين وسيف الدولة والصاخور.
فارس الجبهات وصديق المقاتلين
عرفه رفاقه بإنسانيته القريبة من الناس، وبابتسامته التي لم تفارقه رغم غبار المعارك وقسوة الميدان. لم يكن قائدًا فقط، بل كان رفيقًا ومعلّمًا وجنديًا في الخندق الأول، يشارك عناصره أوقاتهم وأحزانهم. ونال احترامهم بما مثّله من صدق وموقف ومثال للقائد المتواضع.
مدرسة المشاة... من رمز للرعب إلى معلم للحرية
مثّلت "مدرسة المشاة" مصدر قصفٍ يومي على قرى وبلدات ريف حلب الشمالي، واتخذتها قوات الأسد منصة لإرهاب المدنيين. وقاد أبو فرات معركة تحريرها التي استمرت أيامًا، ليحوّلها بعد استشهاده إلى رمز نضالي، حيث أُطلقت لاحقاً تسميتها بـ"مدرسة العقيد يوسف الجادر - أبو فرات"، تخليدًا لتضحياته ورفاقه.
تكريم وتخليد الاسم في مدينته الأم
وفي مدينة جرابلس، أطلقت الفعاليات الثورية اسم الشهيد يوسف الجادر على أحد الدوارات الرئيسية، لتبقى ذكراه حيّة في ذاكرة الأجيال، ولتكون شاهدة على رجل لم يطلب مجدًا شخصيًا، بل سعى إلى حرية شعبه وكرامة وطنه.
أثر لا يُمحى
لم يكن استشهاد أبو فرات نهاية لمسيرته، بل بداية لحكاية تروى في كل مجلس من مجالس الثورة، وتُردّد كلماته المؤثرة في كل معركة: "والله مزعوج... لأنو هاي الدبابات دبابتنا، وهدول العناصر إخوتنا... والله العظيم كلما بشوف إنسان مقتول منّا أو منهون بزعل قسماً بالله".
يوسف الجادر لم يكن مجرد ضابط منشق، بل كان صوتاً للثوار، وصورة صادقة لقائد مات واقفًا، ليبقى حيًا في وجدان السوريين.


الصفحات
سياسة









