ظهر حزب فوكس عام 2013، بهدف محاولة جذب بعض أنصار الحزب الشعبي غير الراضيين عن أدائه، حينما كان الحزب المحافظ يتولى رئاسة الحكومة بقيادة ماريانو راخوي، وروج لخطاب حماسي كاثوليكي مركزا بالأساس على الدفاع عن الأسرة الإسبانية والتقاليد، الملكية ووحدة إسبانيا مقابل النزعات الانفصالية المتنامية في أقاليم مثل بلاد الباسك وكتالونيا.
يبرز من بين مؤسسيه خوسيه أنطونيو أورتيجا لارا، موظف سابق بمصلحة السجون، وأحد أقدم رهائن إيتا، حيث قضى مخطوفا من قبل الحركة قرابة 500 يوم بين عامي 1996 و 1997، خلال فترة نشاط العنف المسلح التي تسببت خلال ما يربو على نصف قرن في مصرع أكثر من 850 شخصا وإصابة المئات من رجال الشرطة والمدنيين، إلى أن أعلنت مؤخرا هذا العام حل نفسها والتخلي عن العنف بصورة نهائية.
كان حضور فوكس رمزيا وهامشيا على المسرح السياسي، في ذروة التحدي الانفصالي الكتالوني، عندما أجري استفتاء الأول من تشرين ثان/ أكتوبر 2017، والذي قضت المحكمة الدستورية العليا بعدم شرعيته، والذي أعلنت الحكومة الإقليمية بموجبه الاستقلال عن إسبانيا من جانب واحد، لتعيش إسبانيا واحدة من أسوأ وأخطر الأزمات السياسية والاجتماعية في تاريخها منذ التحول إلى الديمقراطية. أتاحت هذه الأزمة لاحقا المجال لظهور الخطاب الشعبوي القومي لحزب فوكس اليميني المتطرف بحجة الدفاع عن وحدة البلاد في مواجهة النزعة الانفصالية التي تهددها، مما دفعه لرفع أكثر من دعوة قضائية ضد القيادات الانفصالية نظرتها المحاكم في إطار خطتها لاستعادة السيادة على أراضي الدولة، ومنذ ذلك الحين تزايد عدد أعضاء الحزب، وأصبح يذكر بشكل متزايد في استطلاعات الرأي الراصدة لتوجهات الناخبين.
يوضح مؤشر شهر أيلول/ سبتمبر وفقا للتقرير الذي يعده مركز البحوث الاجتماعية (CIS) أن حزب فوكس من الممكن أن يحصل على 4ر1% من الأصوات حال لو أجريت الانتخابات الآن، مما يعني أنه لأول مرة منذ انتهاء عصر دكتاتورية فرانكو (1939-1975) سيكون لحزب يميني متطرف مقعدا في البرلمان الإسباني، وهو حدث غير عادي، مقارنة بدول أخرى مثل ألمانيا، أو إيطاليا أو فرنسا، لأن إسبانيا كان من المستحيل أن يظهر بها حزب يميني شعبوي متطرف، نظرا لظروفها التاريخية خاصة بعد الحرب الأهلية، وظلت حتى الآن بمنأى عن تلك التوجهات التي تنطوي على عداء صريح لأوروبا وتميل إلى كراهية الأجانب والمهاجرين.
بدوره علق معهد البحوث الملكي الكانو في تقرير العام الماضي، موضحا ما بات يعرف بـ"الاستثناء الإسباني"، خاصة فيما يتعلق بما وصفها "بحالة ضعف الشعور بالهوية الوطنية"، والقناعة التامة لدى الإسبان بأنهم "أوروبيون"، ومن ثم بات يتولد لديهم شعور عام بالتوجس والحساسية اجتماعيا وسياسيا من أي خطاب يمكن أن يذكرهم بأجواء دكتاتورية فرانكو. وبالتالي توجس الإسبان كثيرا من تزايد شعبية فوكس، واستعراض القوة الذي تبدى خلال اجتماعه الأخير، أخذا في الاعتبار أن انتخابات البرلمان الأوروبي باتت على الأبواب مطلع العام المقبل.
وفي تقييم له لصعود حزب فوكس حذرت جريدة الباييس الإسبانية العريقة قائلة "تمثل الانتخابات الأوروبية سيناريو أكثر من مناسب للشرعنة والقبول بشكل مؤسسي بحزب يتبنى خطاب كراهية الأجانب، وديني، ومعادي للمرأة ومعادي لأوروبا واستبدادي ومناهض للدستور، ويحاكي، وإن كان من بعيد حتى الآن توجهات الحركات الشعبوية، المتجذرة في الدول المجاورة".
ردا على سؤال في حوار مع (د. ب.أ) حول هل يقضي صعود حزب سانتي اباسكال على مناعة إسبانيا ضد الشعبوية؟، يؤكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة مدريد المستقلة فرناند باييسبين "لا أعتقد ذلك. الإسبان يدلون بأصواتهم مسترشدين بالحراك الانتخابي ومقدرين لقيمة حقهم في التعبير عن رأيهم من خلال الصندوق، ومن ثم فإن التصويت لحزب فوكس يعني فقدانهم لهذا الحق، ولكن الحزب سيحظى بتأييد الراديكاليين شديدي التطرف".
كما استبعد أستاذ العلوم السياسية خطرا آخر يتمثل في أن يؤدي صعود خطاب حزب فوكس لتطرف خطاب أحزاب أخرى مثل حزب ثيودادانوس (مواطنون) الليبرالي، أو تحديدا الحزب الشعبي، الذي أصبح يميل إلى خطاب أكثر تحفظا بعد وصول زعيمه الجديد بابلو كاسادو لرئاسة الحزب، مؤكدا أن "الحزب الشعبي تنضوي تحت لوائه جميع أحزاب اليمين وجزء كبير من أحزاب الوسط، وقد يخسر بهذا الكثير من الوسطيين أكثر من مكسبه بالتحول إلى اليمين المتطرف".
من ناحية أخرى، يوضح باييسبين أن هناك تراجعا فى حديث الرأي العام عن مأساة تدفق تيار الهجرة التي باتت أخبارها تتصدر عناوين الصحف منذ وصول الاشتراكيين للسلطة، بزعامة بدرو سانشيث في حزيران/ يونيو الماضي وتحول إسبانيا إلى الوجهة الرئيسية للمهاجرين غير الشرعيين واللاجئين، نظرا لقرب انتهاء الصيف الأوروبي ومعه تغير الأحوال الجوية ما يؤدي إلى تراجع كبير في تدفق أعداد المهاجرين القادمين من قارة أفريقيا عبر البحر المتوسط إلى سواحل إسبانيا، مما يفقد حزب فوكس ذريعة أخرى كان قد بنى شعبيته عليها.
ولكن على عكس ما يحدث مع العديد من الكيانات الحزبية اليمينية مثل البديل من أجل ألمانيا أو الجبهة الشعبية أو رابطة الشمال، لم تكن الهجرة الهاجس الأول أو الوحيد الذي أثاره فوكس، نظرا لأنه تأسس على رفض ظاهرة فارقة في تاريخ إسبانيا وهي القومية الانفصالية التي تنادي بها أقاليم مثل الباسك وكتالونيا. ومن ثم يهاجم حزب اباسكال سياسات جميع الأحزاب الإسبانية في تعاملها مع الأزمة الكتالونية، مركزا هجومه على الأحزاب اليمينية ذاتها، وفي مقدمتها الحزب الشعبي أكبر الأحزاب المحافظة في البلاد، حيث اتهمه بـ "اليمين الجبان، فيما نعت الحزب الاشتراكي الحاكم حاليا بـ "الخيانة"، فيما يتهم حزب "بوديموس" اليساري الراديكالي بـ"الإصرار على اتباع روشتات فاشلة من الحقبة الشيوعية".
وفي الوقت الذي يقلل فيه اليمين المحافظ متمثلا في الحزب الشعبي والوسط الليبرالي ثيودادانوس من أهمية صعود حزب فوكس، ويرجعانه إلى الاحتجاج على سياسات حكومة الاشتراكيين بزعامة بدرو سانشيث، لا يخفى على أحد أن شعارات الحزب اليميني المتطرف تثير الكثير من المخاوف، بحسب ما عبرت عنه إحدى وزيرات الحكومة الحالية.
على الرغم من ذلك مازال محللون سياسيون مثل باييسبين يشككون في أن يترجم الحماس الكبير الذي عبر عنه أنصار فوكس في اجتماعهم الأخير في مدريد، بالأعلام والهتافات الهادرة، إلى أصوات حقيقية في الاستحقاق الانتخابي المنظور في 2020، لينهوا بذلك فعليا "حالة الاستثناء الإسبانية".
يبرز من بين مؤسسيه خوسيه أنطونيو أورتيجا لارا، موظف سابق بمصلحة السجون، وأحد أقدم رهائن إيتا، حيث قضى مخطوفا من قبل الحركة قرابة 500 يوم بين عامي 1996 و 1997، خلال فترة نشاط العنف المسلح التي تسببت خلال ما يربو على نصف قرن في مصرع أكثر من 850 شخصا وإصابة المئات من رجال الشرطة والمدنيين، إلى أن أعلنت مؤخرا هذا العام حل نفسها والتخلي عن العنف بصورة نهائية.
كان حضور فوكس رمزيا وهامشيا على المسرح السياسي، في ذروة التحدي الانفصالي الكتالوني، عندما أجري استفتاء الأول من تشرين ثان/ أكتوبر 2017، والذي قضت المحكمة الدستورية العليا بعدم شرعيته، والذي أعلنت الحكومة الإقليمية بموجبه الاستقلال عن إسبانيا من جانب واحد، لتعيش إسبانيا واحدة من أسوأ وأخطر الأزمات السياسية والاجتماعية في تاريخها منذ التحول إلى الديمقراطية. أتاحت هذه الأزمة لاحقا المجال لظهور الخطاب الشعبوي القومي لحزب فوكس اليميني المتطرف بحجة الدفاع عن وحدة البلاد في مواجهة النزعة الانفصالية التي تهددها، مما دفعه لرفع أكثر من دعوة قضائية ضد القيادات الانفصالية نظرتها المحاكم في إطار خطتها لاستعادة السيادة على أراضي الدولة، ومنذ ذلك الحين تزايد عدد أعضاء الحزب، وأصبح يذكر بشكل متزايد في استطلاعات الرأي الراصدة لتوجهات الناخبين.
يوضح مؤشر شهر أيلول/ سبتمبر وفقا للتقرير الذي يعده مركز البحوث الاجتماعية (CIS) أن حزب فوكس من الممكن أن يحصل على 4ر1% من الأصوات حال لو أجريت الانتخابات الآن، مما يعني أنه لأول مرة منذ انتهاء عصر دكتاتورية فرانكو (1939-1975) سيكون لحزب يميني متطرف مقعدا في البرلمان الإسباني، وهو حدث غير عادي، مقارنة بدول أخرى مثل ألمانيا، أو إيطاليا أو فرنسا، لأن إسبانيا كان من المستحيل أن يظهر بها حزب يميني شعبوي متطرف، نظرا لظروفها التاريخية خاصة بعد الحرب الأهلية، وظلت حتى الآن بمنأى عن تلك التوجهات التي تنطوي على عداء صريح لأوروبا وتميل إلى كراهية الأجانب والمهاجرين.
بدوره علق معهد البحوث الملكي الكانو في تقرير العام الماضي، موضحا ما بات يعرف بـ"الاستثناء الإسباني"، خاصة فيما يتعلق بما وصفها "بحالة ضعف الشعور بالهوية الوطنية"، والقناعة التامة لدى الإسبان بأنهم "أوروبيون"، ومن ثم بات يتولد لديهم شعور عام بالتوجس والحساسية اجتماعيا وسياسيا من أي خطاب يمكن أن يذكرهم بأجواء دكتاتورية فرانكو. وبالتالي توجس الإسبان كثيرا من تزايد شعبية فوكس، واستعراض القوة الذي تبدى خلال اجتماعه الأخير، أخذا في الاعتبار أن انتخابات البرلمان الأوروبي باتت على الأبواب مطلع العام المقبل.
وفي تقييم له لصعود حزب فوكس حذرت جريدة الباييس الإسبانية العريقة قائلة "تمثل الانتخابات الأوروبية سيناريو أكثر من مناسب للشرعنة والقبول بشكل مؤسسي بحزب يتبنى خطاب كراهية الأجانب، وديني، ومعادي للمرأة ومعادي لأوروبا واستبدادي ومناهض للدستور، ويحاكي، وإن كان من بعيد حتى الآن توجهات الحركات الشعبوية، المتجذرة في الدول المجاورة".
ردا على سؤال في حوار مع (د. ب.أ) حول هل يقضي صعود حزب سانتي اباسكال على مناعة إسبانيا ضد الشعبوية؟، يؤكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة مدريد المستقلة فرناند باييسبين "لا أعتقد ذلك. الإسبان يدلون بأصواتهم مسترشدين بالحراك الانتخابي ومقدرين لقيمة حقهم في التعبير عن رأيهم من خلال الصندوق، ومن ثم فإن التصويت لحزب فوكس يعني فقدانهم لهذا الحق، ولكن الحزب سيحظى بتأييد الراديكاليين شديدي التطرف".
كما استبعد أستاذ العلوم السياسية خطرا آخر يتمثل في أن يؤدي صعود خطاب حزب فوكس لتطرف خطاب أحزاب أخرى مثل حزب ثيودادانوس (مواطنون) الليبرالي، أو تحديدا الحزب الشعبي، الذي أصبح يميل إلى خطاب أكثر تحفظا بعد وصول زعيمه الجديد بابلو كاسادو لرئاسة الحزب، مؤكدا أن "الحزب الشعبي تنضوي تحت لوائه جميع أحزاب اليمين وجزء كبير من أحزاب الوسط، وقد يخسر بهذا الكثير من الوسطيين أكثر من مكسبه بالتحول إلى اليمين المتطرف".
من ناحية أخرى، يوضح باييسبين أن هناك تراجعا فى حديث الرأي العام عن مأساة تدفق تيار الهجرة التي باتت أخبارها تتصدر عناوين الصحف منذ وصول الاشتراكيين للسلطة، بزعامة بدرو سانشيث في حزيران/ يونيو الماضي وتحول إسبانيا إلى الوجهة الرئيسية للمهاجرين غير الشرعيين واللاجئين، نظرا لقرب انتهاء الصيف الأوروبي ومعه تغير الأحوال الجوية ما يؤدي إلى تراجع كبير في تدفق أعداد المهاجرين القادمين من قارة أفريقيا عبر البحر المتوسط إلى سواحل إسبانيا، مما يفقد حزب فوكس ذريعة أخرى كان قد بنى شعبيته عليها.
ولكن على عكس ما يحدث مع العديد من الكيانات الحزبية اليمينية مثل البديل من أجل ألمانيا أو الجبهة الشعبية أو رابطة الشمال، لم تكن الهجرة الهاجس الأول أو الوحيد الذي أثاره فوكس، نظرا لأنه تأسس على رفض ظاهرة فارقة في تاريخ إسبانيا وهي القومية الانفصالية التي تنادي بها أقاليم مثل الباسك وكتالونيا. ومن ثم يهاجم حزب اباسكال سياسات جميع الأحزاب الإسبانية في تعاملها مع الأزمة الكتالونية، مركزا هجومه على الأحزاب اليمينية ذاتها، وفي مقدمتها الحزب الشعبي أكبر الأحزاب المحافظة في البلاد، حيث اتهمه بـ "اليمين الجبان، فيما نعت الحزب الاشتراكي الحاكم حاليا بـ "الخيانة"، فيما يتهم حزب "بوديموس" اليساري الراديكالي بـ"الإصرار على اتباع روشتات فاشلة من الحقبة الشيوعية".
وفي الوقت الذي يقلل فيه اليمين المحافظ متمثلا في الحزب الشعبي والوسط الليبرالي ثيودادانوس من أهمية صعود حزب فوكس، ويرجعانه إلى الاحتجاج على سياسات حكومة الاشتراكيين بزعامة بدرو سانشيث، لا يخفى على أحد أن شعارات الحزب اليميني المتطرف تثير الكثير من المخاوف، بحسب ما عبرت عنه إحدى وزيرات الحكومة الحالية.
على الرغم من ذلك مازال محللون سياسيون مثل باييسبين يشككون في أن يترجم الحماس الكبير الذي عبر عنه أنصار فوكس في اجتماعهم الأخير في مدريد، بالأعلام والهتافات الهادرة، إلى أصوات حقيقية في الاستحقاق الانتخابي المنظور في 2020، لينهوا بذلك فعليا "حالة الاستثناء الإسبانية".