نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

بضاعة بشار الأسد الأخيرة

10/10/2024 - عدنان عبد الرزاق

في قراءة السابع من أكتوبر..!

10/10/2024 - أكرم عطا الله

استراتيجية تجديد أمريكا لإعادة بناء دور قيادي على الساحة العالمية

06/10/2024 - وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن

الفخ التركي

03/10/2024 - علي العبدالله

في تذكر الأعداء

03/10/2024 - فواز حداد

إسرائيل تريد سحق المقاومة

25/09/2024 - إبراهيم الأمين


سقوط عبد اللهيان… على “أرض معركة” المفاوضات النووية






توجّهَت أنظار العالم إلى مُرتفعات غابات جبل سهند. كلّ أجهزة إيران وفرق الإنقاذ التّركيّة والأقمار الاصطناعيّة الأوروبيّة، وحتّى الأميركيّة، شاركَت في البحث عن المروحيّة التي كانت تقلّ الرّئيس الإيرانيّ إبراهيم رئيسي ووزير الخارجيّة حسين أمير عبد اللهيان وبقيّة الرّكّاب.


وُجِدَ حطام الطّائرة فجر الإثنيْن، ومعه أعلِنَت رسميّاً وفاة رئيسي وعبد اللهيان ومن معهما. لكنّ الأجواء السّياسيّة كانت مُهيّأة قبل ساعات من الإعلان للتّعامل مع وفاة الرّئيس ومن معه. إذ كانَ لافتاً تصريح المُرشد الإيرانيّ عليّ خامنئي أنّ “الدّولة لن تتأثّر”. كذلك حين قطَعَ الرّئيس الأميركيّ جو بايدن إجازته وعادَ إلى البيت الأبيض.

من المُهمّ قراءة الظّروف السّياسيّة للحادثة، بعيداً عن نظريّات المُؤامرة. لكنّ النّتيجة التي يصل إليها من يُحلّل الظّروف أنّ المُستفيد الأوّل من حادثة سقوط الطّائرة، لأسباب طبيعيّة أو مُدبّرة، هي إسرائيل.

سارعت وسائل الإعلام الإسرائيليّة بعد ساعة من إعلان تعرُّض المروحيّة لحادثٍ إلى أن تُرجّح مقتل ركّاب المروحيّة الرّئاسيّة. لكنّها في الوقت عينه سارَعت أيضاً عبر القناة 13 للإعلان أن لا علاقة لها بسقوط الطّائرة.

قد تكون تل أبيب سعَدَت لمقتل عبد اللهيان أكثر من مقتل رئيسي. فرئيس الدّبلوماسيّة الإيرانيّة معني بالتواصل مع الأذرع الإيرانية في المنطقة والمفاوضات عن بعد مع واشنطن، وسط معلومات عن تقدّم المُفاوضات بين طهران وواشنطن.

لكن كيف استفادت تل أبيب؟

يتقاطع مصدران، الأوّل مُقرّب من دوائر القرار في طهران، والثّاني مسؤول في مكتب الأمن القوميّ الأميركيّ، حول أنّ المفاوضات بين واشنطن وطهران وصلَت إلى مرحلة مُتقدّمة للغاية في الأسابيع الأخيرة، من دون أن يعني ذلكَ حسم المُفاوضات بينهما. فما يحصل في غزّة، وحصلَ في الأسابيع الماضية من ردّ إيران على قصف إسرائيل قنصليّتها في دمشق أثّر كثيراً على مجريات المُحادثات بين الجانبيْن.

هذه المُفاوضات كانت تجري عبر قناتَيْن:

الأولى: في سلطنة عُمان، حيثُ كانَ مُساعد وزير الخارجيّة الإيرانيّ علي باقري كنّي ومُنسّق الشّرق الأوسط في مكتب الأمن القوميّ الأميركيّ بريت ماكغورك يُجريان على مدى الأسابيع الـ4 الماضية سلسلة لقاءات غير مُباشرة بوساطة عُمانيّة لبحث خفض التّصعيد في الشّرق الأوسط.

قد تكون تل أبيب سعَدَت لمقتل عبد اللهيان أكثر من مقتل رئيسي. فرئيس الدّبلوماسيّة الإيرانيّة أزعَجَ إسرائيل في أكثر من مُناسبة

الثّانية: في أروقة الأمم المُتحدة في نيويورك، حيث كان مندوب إيران والنّائب السّابق لرئيس مكتب الأمن القوميّ سعيد إيرواني يُجريان لقاءات مباشرة مع الأميركيين لبحث الملفّ النّوويّ، والتّوصّل لاتفاقٍ ثنائيّ بعيداً عن اتفاق 2015، ومجموعة الـ 5+1. بحسب ما يُؤكّد المصدران لـ”أساس”.

أزعَجَت هذه الأنباء حكومة بنيامين نتنياهو في تل أبيب. ودفَعت الأخير، بحسب المصدر الأميركيّ، إلى منع مسؤولين إسرائيليين من الموساد والخارجيّة من التّواصل أو اللقاء مع نظرائهم الأميركيين من دون إذنٍ مُسبق منه. وكانَت هذه الأنباء أيضاً العامل الأبرز في رفض نتنياهو الورقة المصريّة لوقف الحرب في غزّة. علماً أنّ رئيس الموساد ديفيد برنياع كانَ قد أبلغ نظيره المصريّ اللواء عبّاس كامل الموافقة على الورقة، بعد تعديلات طلبتها تل أبيب على بعض البنود، ظنّاً منها أنّ حماس سترفضها، قبل أن توافق الأخيرة، وتُحرج نتنياهو.

جاءَت موافقة حماس يومها بعد اتّصالٍ بين حسين أمير عبد اللهيان ورئيس الحركة إسماعيل هنيّة، وإثر تواصل، لم تُعرف طريقته، قامَ به عبد اللهيان مع قائد الحركة في غزّة يحيى السّنوار. وهذا ما لم تنفِه مصادر قياديّة في “حماس”.

كذلكَ تقول مصادر “أساس” إنّ تقدير واشنطن أنّ المفاوضات لن تتأثّر بغياب عبد اللهيان، وإن كانت ستتأخّر إلى حين اتخاذ الإجراءات السّياسيّة والدّستوريّة لملء الفراغ الرّئاسيّ والوزرايّ. وقد عيّن أمس باقري كنّي لخلافة عبد اللهيان واستكمال ما بدأه. على اعتبار أنّ المؤسّسة العميقة هي التي تُقرّر مجرى السّياسة الخارجيّة وليسَ الأشخاص في دولة مثل إيران.

لكنّ صحيفة “نيويورك تايمز ” نشرت تقريراً أعدّه ديفيد سانغر ذكَرَ أنّ العلاقات بين واشنطن وطهران تقترب بشكلٍ خطرٍ من الصّراع المفتوح. وجاءَ في التّقرير أنّ الأيّام المُقبلة ستكشف ما إذا كانَ الطّرفان قادريْن على الخروج من الكثير من الأزمات المُتزامنة. ويرى أنّ الصّراع الأكثر أهميّة سيظلّ على المدى الطّويل يتمحور حول برنامج إيران النّوويّ.

أذرييجان.. عبد اللهيان يكسر الطّوق

بعيداً عن الولايات المُتحدة، كانَ عبد اللهيان يُلاعب تل أبيب في أذربيجان، الحليف التّاريخي لإسرائيل في القوقاز، والخصم اللدود لإيران في المنطقة.

كثيراً ما كانت طهران تتّهم باكو بإيواء الموساد، وتنفيذ “المُخطّطات” ضدّ إيران انطلاقاً من أراضيها. ولعلّ أبرزها سرقة إسرائيل للأرشيف النّوويّ الإيرانيّ قبل أعوام، ونقله إلى تل أبيب عبر أراضي أذربيجان.

مصادر “أساس”: واشنطن تقدّر أنّ المفاوضات لن تتأثّر بغياب عبد اللهيان، وإن كانت ستتأخّر إلى حين اتّخاذ الإجراءات السّياسيّة والدّستوريّة لملء الفراغ الرّئاسيّ والوزاريّ

استطاع عبد اللهيان تحت قيادة رئيسي وموافقة المُرشد أن يُحسّن العلاقات الإيرانيّة – الآذريّة. وكانَ آخر فصول هذا التّحسّن اللقاء التّاريخيّ الذي جمَع الرئيس الإيراني بنظيره الأذربيجانيّ إلهام علييف عند “النّقطة صفر” على الحدود بين البلديْن. كانَ هذا اللقاء هو الأخير لرئيسي، قبل أن تسقط مروحيّته في طريق العودة إلى طهران ظهر الأحد.

جاءَ اللقاء بعد جهود دبلوماسيّة كبيرة قادها عبد اللهيان لتحسين العلاقة المُتدهورة منذ ما قبل انهيار الاتحاد السّوفيتي، وتحالف باكو مع تل أبيب، الذي تجلّى بتأييد إيران لأرمينيا في الحروب التي خاضتها ضدّ أذربيجان، ذات الغالبيّة الشّيعيّة، منذ 1994.

من الصّواب القول إنّ التّقارب المُستجدّ بين البلديْن يُقلق إسرائيل، وكذلك روسيا، إذ يُعتبر البلدان من أكبر منتجي الغاز والنّفط في المنطقة، ولجأت بعض الدّول الأوروبيّة إليهما لاستيراد الغاز الطّبيعيّ بعد القيود التي فُرِضَت على روسيا عقب حربها مع أوكرانيا.

يتجاوز القلق الإسرائيلي القلق الرّوسيّ. إذ تعمل تل أبيب في السّنوات الأخيرة على توطيد علاقاتها بدول طوق إيران، خصوصاً دول بحر قزوين. وهذا ما استدركه عبد اللهيان وبدأ بخرق الطّوق الإسرائيلي حولَ بلاده. فزار باكو أكثر من مرّة في العاميْن الأخيرَيْن، ونجحَ في إبرام اتفاقاتٍ معها عنوانها تجاريّ واقتصاديّ، وعمقها سياسيّ يُحاول إغلاق النّافذة الإسرائيليّة على إيران من حدودها الشّماليّة برّاً، وفي بحر قزوين.

فهل “سقط” عبد اللهيان على “أرض معركة” المفاوضات، لفكّ الطوق السياسي والدبلوماسي والجغرافي؟ وهل هي صدفة أن تسقط مروحية فيها الرئيس ووزير الخارجية، حين كانا يقتربان من تسجيل”انتصاراً” سياسياً في الخاصرة الخلفيّة لإيران، بعيداً عن ساحاتها المترابطة؟

علاقات دافئة مع الخليج

منذ وصوله إلى قيادة الدّبلوماسيّة الإيرانيّة، نجح حسين أمير عبد اللهيان في إعادة الدّفء للعلاقات مع الدّول العربيّة بشكلٍ عام، ومع المملكة العربيّة السّعوديّة بشكلٍ خاصّ.

الهدف الاستراتيجيّ الإيرانيّ والعربيّ من إعادة الدّفء إلى العلاقات أن تكون دول الخليج العربيّ على الحياد في الصّراع بين طهران وتل أبيب. وهذا ما حصل بعد قصف إسرائيل للقنصليّة الإيرانيّة في دمشق، والرّد الإيرانيّ بقصف إسرائيل بعدها بأسبوعيْن.

كذلك كان لافتاً قرار دولة الإمارات، التي تجمعها اتفاقيّة سلام مع إسرائيل، ودول خليجيّة أخرى بإبلاغ واشنطن أنّها لن تسمح أن تكون أراضيها أو مجالها الجويّ منطلقاً لأيّ عملٍ عسكريّ ضدّ إيران. وذلك بحسب ما ذكر “موقع ميدل إيست آي ” البريطانيّ في شهر نيسان الماضي.

بأيّة حال، يقول الواقع إنّ إيران دولة مؤسّسات، وعليه يصدق قول مرشدها إنّ الحياة السّياسيّة لن تتأثّر بغياب الرّئيس. لكنّ فقدان إيران لرئيسها ووزير خارجيّتها ربّما أفقدها ثنائيّة مُستقبليّة على صعيد كرسيّ الإرشاد والرّئاسة معاً. فإن كان إبراهيم رئيسي أحد الخلفاء المُحتملين لخامنئي، فعبد اللهيان كانَ أحد الخلفاء المرشّحين البارزين لخلافة رئيسي في رئاسة الجمهوريّة
-------------
اساس ميديا.
 


ابراهيم ريحان
الاربعاء 29 ماي 2024