الطفل أو الشاب الفلسطيني كرم التوم
وتبرز حالة كرم الذي يعاني من مرض "النمو المبكر"، كأول حالة من نوعها في فلسطين ورابع حالة على مستوى العالم، لتحمل في طياتها عذابات أم يربكها النظر إليه كشاب مراهق، في حين عقله مازال عقل طفل في السادسة من عمره.
ولم تترك عائلة كرم بابا أو طبيبا متخصصا إلا وتوجهت إليه وطلبت مساعدته وحتى وسائل الإعلام التي أجرت معه مقابلات وأحاديث صحفية خلال الشهور الماضية لم تشفع له ولم تقدم أو تؤخر في حالته نادرة الحدوث في الأراضي الفلسطينية.
تقول والدة كرم 23 عاماً، من حي السلاطين شمال قطاع غزة، "عندما بلغ كرم سن الثالثة من عمره بدأت تظهر عليه علامات غريبة لا يلاحظها الأهل على أي طفل في هذا السن، حيث ظهر شعر عانته وأصبح شكله يبدو أكبر من سنه، في حين بقي نمو عقله مناسباً لسنه ولكنه لا يناسب شكله ومظهره".
واصطحبت والدة كرم طفلها بعلاماته الغريبة إلى أطباء متخصصين، والذين أكدوا لها أنه لا يعاني من أي أمراض عضوية، وأن عليها الاستمرار في التعامل معه بشكل طبيعي ككل الأطفال.
قاد التشخيص الخاطئ إلى استكانة الأم القلقة لحالة ابنها لستة شهور أخرى، خلالها ازدادت حالة كرم تطوراً إلى أن بدأ يظهر شاربه بوضوح وصوته أصبح غليظاً وبدأت تظهر عليه علامات البلوغ والنضج الجسدي رغم بقاء تفكيره كطفل عادي في سنه الزمني، الأمر الذي دفع الأم لعرضه على أكثر من طبيب مختص، لتكتشف أن الحالة مرضية ونادرة ولا علاج لها في فلسطين.
وبحسب الأطباء يعاني كرم من حالة غريبة تسمى "النمو المبكر"، ينمو فيها جسده بشكل سريع ويبقى نمو عقله وإدراكه متناسقا مع عمره وليس مع جسده، الأمر الذي يخلق حالة من الإرباك في التعامل معه، خصوصا مع والدته التي لا تتمكن من منحه حنان ودفء الأم، فهو أكبر من أن تحضنه كطفل.
ويعمل والد كرم (محمد) ابن الثلاثين ربيعاً، كسائق إسعاف متطوع، ولكنه لا يستطيع تحمل تكاليف علاج ابنه الذي من المفترض أن يؤخر نموه الجسدي والذي تتجاوز تكلفته الشهرية 250 دولاراً، لكنه لا يستطيع أن يقف عاجزاً خصوصاً أن كرم هو ابنه البكر.
اضطر والد كرم بعد فاض به الكيل من الأطباء المحليين من اصطحاب ابنه للعلاج في مصر، بعد أن أرسله مع والدته للعلاج في مستشفى المقاصد بمدينة القدس، إلا أن الحالة لا تتحسن وابنه ما زال ينمو بشكل سريع دونما سيطرة.
تكبدت والدة كرم مشقات كثيرة في سفرها لعلاج ابنها في مستشفى المقاصد عبر معبر بيت حانون/ايرز، فلم يكن الجنود الإسرائيليين ليصدقوا أبدا أن الشاب الذي تصطحبه معها لا يتجاوز عمره السادسة، في حين تمتلك كل الوثائق التي تثبت حالة ابنها.
وعلى الرغم من كل محاولات العلاج والأدوية الباهظة، إلا أن حالة كرم لم تتغير، ولم يعد بالإمكان إعادة عقارب الساعة إلى الوراء.
وتشعر والدة كرم بالإحباط والبؤس، فما تراه عينيها لا ينسجم مع ما يشعر به قلبها، ففي كثير من الأحيان تتعامل معه على أنه يبلغ من العمر ستة عشر عاماً كما يبدو عليه، ولكنه يبقى طفلا في السادسة من عمره، الأمر الذي يؤثر نفسياً عليها وعلى طفلها.
لم تقتصر معاناة الأسرة على المنزل والعلاج فقط، فلم تقبل أي من رياض الأطفال احتواء كرم نظراً لحالته وعدم انسجام شكله وخشونة لعبه مع باقي الأطفال، الأمر الذي اضطر والديه للاستغناء عن رياض الأطفال والاكتفاء بتعليمه في المنزل.
وتقول والدة كرم التي لا تدري ما سيكون عليه حال ابنها في المستقبل، "أنا أقوم بطباعة شهادات الروضة لابني بنفسي وأعلقها على جدار غرفته كي يشعر أنه كباقي الأطفال".
وازدادت الأمور تعقيداً عندما رغبت الأسرة في إدخاله للمدرسة التي رفضت استيعابه وطلبت من الأسرة وضعه في مدرسة خاصة، نظراً لحالته الغريبة وعدم انسجام حجمه مع سنه.
وتضيف والدة كرم، " قمنا بتقديم طلب خاص إلى وزارة التربية والتعليم وحصلنا على موافقة تمكنه من الالتحاق بالصف الأول الابتدائي لكن معاناته ازدادت أكثر لأن من يكبرونه سنا من الأطفال في فصله لم يستوعبوا حالته وأصبح بالنسبة لهم ملهاة يستهزؤون به .
وتواجه كرم مشكلة في عدم قدرة الآخرين من الأطفال على احتمال اللعب معه، فعقله لا يتجاوز عقل طفل في السادسة، بينما جسمه وعضلاته وعلامات البلوغ على جسده لشاب مراهق في السادسة عشر من عمره، الأمر الذي يخلق إرباكاً نفسيا لديه ويجعله في عزلة وانطواء.
وتدل بعض تصرفات كرم على ارتباك في بلوغه الجسدي، فهو يلعب تارة بألعاب الأطفال، وتارة أخرى يقوم برفع الأثقال كالبالغين، وفي بعض الأحيان يعتبر مزاحه الفظ والغليظ مشكلة لوالديه، ولكنه يتعامل مع أخته الوحيدة (نور) ابنة الثلاث أعوام بمنتهى الحنان وكأنه يكبرها بعشر سنين.
يقول الدكتور إسماعيل الرفيع المختص في الغدد بمستشفى النصر للأطفال بغزة والمتابع لحالة كرم، "في الغالب تكون هناك زيادة في هرمونات الغدة النخامية التي تسبب البلوغ المبكر، وأن الطفل كرم لديه بلوغ مبكر من النوع الحقيقي، رغم عدم وجود إثباتات يقينية تؤكد صحة هذه الفرضية".
رغم براءة الأطفال في عيني كرم، إلا أن حالته تحرمه من طفولته، وتنذر بحرمانه من مرحلة بلوغه، فهو بالغ الآن دون إرادته وإدراكه، ويصعب التنبؤ بما سيحدث عندما يبلغ كرم بالفعل سن البلوغ الحقيقي
ولم تترك عائلة كرم بابا أو طبيبا متخصصا إلا وتوجهت إليه وطلبت مساعدته وحتى وسائل الإعلام التي أجرت معه مقابلات وأحاديث صحفية خلال الشهور الماضية لم تشفع له ولم تقدم أو تؤخر في حالته نادرة الحدوث في الأراضي الفلسطينية.
تقول والدة كرم 23 عاماً، من حي السلاطين شمال قطاع غزة، "عندما بلغ كرم سن الثالثة من عمره بدأت تظهر عليه علامات غريبة لا يلاحظها الأهل على أي طفل في هذا السن، حيث ظهر شعر عانته وأصبح شكله يبدو أكبر من سنه، في حين بقي نمو عقله مناسباً لسنه ولكنه لا يناسب شكله ومظهره".
واصطحبت والدة كرم طفلها بعلاماته الغريبة إلى أطباء متخصصين، والذين أكدوا لها أنه لا يعاني من أي أمراض عضوية، وأن عليها الاستمرار في التعامل معه بشكل طبيعي ككل الأطفال.
قاد التشخيص الخاطئ إلى استكانة الأم القلقة لحالة ابنها لستة شهور أخرى، خلالها ازدادت حالة كرم تطوراً إلى أن بدأ يظهر شاربه بوضوح وصوته أصبح غليظاً وبدأت تظهر عليه علامات البلوغ والنضج الجسدي رغم بقاء تفكيره كطفل عادي في سنه الزمني، الأمر الذي دفع الأم لعرضه على أكثر من طبيب مختص، لتكتشف أن الحالة مرضية ونادرة ولا علاج لها في فلسطين.
وبحسب الأطباء يعاني كرم من حالة غريبة تسمى "النمو المبكر"، ينمو فيها جسده بشكل سريع ويبقى نمو عقله وإدراكه متناسقا مع عمره وليس مع جسده، الأمر الذي يخلق حالة من الإرباك في التعامل معه، خصوصا مع والدته التي لا تتمكن من منحه حنان ودفء الأم، فهو أكبر من أن تحضنه كطفل.
ويعمل والد كرم (محمد) ابن الثلاثين ربيعاً، كسائق إسعاف متطوع، ولكنه لا يستطيع تحمل تكاليف علاج ابنه الذي من المفترض أن يؤخر نموه الجسدي والذي تتجاوز تكلفته الشهرية 250 دولاراً، لكنه لا يستطيع أن يقف عاجزاً خصوصاً أن كرم هو ابنه البكر.
اضطر والد كرم بعد فاض به الكيل من الأطباء المحليين من اصطحاب ابنه للعلاج في مصر، بعد أن أرسله مع والدته للعلاج في مستشفى المقاصد بمدينة القدس، إلا أن الحالة لا تتحسن وابنه ما زال ينمو بشكل سريع دونما سيطرة.
تكبدت والدة كرم مشقات كثيرة في سفرها لعلاج ابنها في مستشفى المقاصد عبر معبر بيت حانون/ايرز، فلم يكن الجنود الإسرائيليين ليصدقوا أبدا أن الشاب الذي تصطحبه معها لا يتجاوز عمره السادسة، في حين تمتلك كل الوثائق التي تثبت حالة ابنها.
وعلى الرغم من كل محاولات العلاج والأدوية الباهظة، إلا أن حالة كرم لم تتغير، ولم يعد بالإمكان إعادة عقارب الساعة إلى الوراء.
وتشعر والدة كرم بالإحباط والبؤس، فما تراه عينيها لا ينسجم مع ما يشعر به قلبها، ففي كثير من الأحيان تتعامل معه على أنه يبلغ من العمر ستة عشر عاماً كما يبدو عليه، ولكنه يبقى طفلا في السادسة من عمره، الأمر الذي يؤثر نفسياً عليها وعلى طفلها.
لم تقتصر معاناة الأسرة على المنزل والعلاج فقط، فلم تقبل أي من رياض الأطفال احتواء كرم نظراً لحالته وعدم انسجام شكله وخشونة لعبه مع باقي الأطفال، الأمر الذي اضطر والديه للاستغناء عن رياض الأطفال والاكتفاء بتعليمه في المنزل.
وتقول والدة كرم التي لا تدري ما سيكون عليه حال ابنها في المستقبل، "أنا أقوم بطباعة شهادات الروضة لابني بنفسي وأعلقها على جدار غرفته كي يشعر أنه كباقي الأطفال".
وازدادت الأمور تعقيداً عندما رغبت الأسرة في إدخاله للمدرسة التي رفضت استيعابه وطلبت من الأسرة وضعه في مدرسة خاصة، نظراً لحالته الغريبة وعدم انسجام حجمه مع سنه.
وتضيف والدة كرم، " قمنا بتقديم طلب خاص إلى وزارة التربية والتعليم وحصلنا على موافقة تمكنه من الالتحاق بالصف الأول الابتدائي لكن معاناته ازدادت أكثر لأن من يكبرونه سنا من الأطفال في فصله لم يستوعبوا حالته وأصبح بالنسبة لهم ملهاة يستهزؤون به .
وتواجه كرم مشكلة في عدم قدرة الآخرين من الأطفال على احتمال اللعب معه، فعقله لا يتجاوز عقل طفل في السادسة، بينما جسمه وعضلاته وعلامات البلوغ على جسده لشاب مراهق في السادسة عشر من عمره، الأمر الذي يخلق إرباكاً نفسيا لديه ويجعله في عزلة وانطواء.
وتدل بعض تصرفات كرم على ارتباك في بلوغه الجسدي، فهو يلعب تارة بألعاب الأطفال، وتارة أخرى يقوم برفع الأثقال كالبالغين، وفي بعض الأحيان يعتبر مزاحه الفظ والغليظ مشكلة لوالديه، ولكنه يتعامل مع أخته الوحيدة (نور) ابنة الثلاث أعوام بمنتهى الحنان وكأنه يكبرها بعشر سنين.
يقول الدكتور إسماعيل الرفيع المختص في الغدد بمستشفى النصر للأطفال بغزة والمتابع لحالة كرم، "في الغالب تكون هناك زيادة في هرمونات الغدة النخامية التي تسبب البلوغ المبكر، وأن الطفل كرم لديه بلوغ مبكر من النوع الحقيقي، رغم عدم وجود إثباتات يقينية تؤكد صحة هذه الفرضية".
رغم براءة الأطفال في عيني كرم، إلا أن حالته تحرمه من طفولته، وتنذر بحرمانه من مرحلة بلوغه، فهو بالغ الآن دون إرادته وإدراكه، ويصعب التنبؤ بما سيحدث عندما يبلغ كرم بالفعل سن البلوغ الحقيقي


الصفحات
سياسة








