ووفق أرقام مفوضية شؤون اللاجئين الأممية، وصل أكثر من 21 ألف سوري إلى لبنان خلال شهر مارس، معظمهم من مناطق الساحل السوري، كما أعلنت غرفة إدارة الكوارث والأزمات في محافظة عكار اللبنانية، وصول 12,798 سوريا إلى شمالي لبنان خلال الشهر نفسه، وأنهم توزعوا على 23 بلدة.
من بين المهاجرين ضرغام أيوب، وهو من بانياس، وقد وصل قبل أيام إلى لبنان بعد رحلة استمرت لساعات. يقول لـ”العربي الجديد”: “من أهم أسباب هجرتي غياب الأمل، وسوء الأوضاع الأمنية والاقتصادية. كنت موظفاً في مؤسسة الإسكان العسكرية، والتي تم حلها، لأبقى بلا عمل بعد سقوط النظام. مع غلاء المعيشة، وعدم وجود عمل، اضطررت إلى الهجرة، ولبنان سيكون محطة لمحاولة الوصول إلى أوروبا بعد تأمين المال اللازم خلال الأشهر القادمة”.
ومنذ سقوط نظام بشار الأسد، أعلن خفر السواحل السوري اعتراض مركبين كانا متوجهين إلى قبرص، في مؤشر على استمرار محاولات الهجرة السرية.
أنهى العشريني علي رحية، وهو من سكان مدينة جبلة، قبل أيام، تجهيز أوراقه الثبوتية وجواز سفره استعداداً للهجرة إلى العراق، بعد وعود بتأمين عمل له في العاصمة بغداد من قبل عدد من أصدقائه. وأكد لـ”العربي الجديد”، أن “كلفة الحياة اليومية باتت مرهقة للغاية، ولا أمل للشبان في تأمين مستقبلهم في ظل انعدام فرص العمل والأجور الضعيفة وتفاقم الغلاء، فضلاً عن تراجع مستوى الخدمات العامة، والانقطاع المتكرر للكهرباء، وندرة الوقود. تخرجت حديثاً من قسم الهندسة المدنية في جامعة اللاذقية، لكني أعتزم العمل بمطعم شعبي في بغداد، على أمل أن تتحسن الأوضاع في مناطق الساحل السوري، وأعود مجدداً إلى جبلة”.
ويعتمد معظم أبناء الساحل السوري على الوظائف الحكومية لكونها مصدرا دخل رئيسيا، وعدد كبير منهم كان متطوعاً في الجيش أو الأجهزة الأمنية التابعة للنظام السابق قبل حلها، فيما أثرت الأحداث الأمنية التي وقعت مؤخراً، وما رافقها من عمليات سلب ونهب على غالبية الأهالي، وخسر الكثير منهم بعض ممتلكاته.
يقول حسان بدور، من ريف اللاذقية، إن متجره الذي كان يحوي حواسيب وأجهزة هواتف وإلكترونيات تعرض للسرقة في أحداث الساحل الأخيرة، وخسر كل رأس ماله، وليس لديه حالياً إمكانية لاستئناف تجارته. يضيف: “لا يتحدث أحد عن تعويضنا رغم مرور شهرين. هذا المتجر كان فيه كل رأس مالي، واليوم أبحث عن وسيلة للهجرة. قد أتوجه إلى إقليم كردستان العراق، أو لبنان خلال الأيام القادمة، فالأوضاع هنا مأساوية، وبالكاد نتدبر أمورنا اليومية”.
ويُستخدم الطريق الواصل بين حمص ومعبر اليعربية، مروراً بمحافظة الحسكة، خطَّ سير رئيسيا للهجرة إلى العراق، ويلجأ بعض المهاجرين إلى العبور بطرق غير شرعية، فيما يسعى آخرون للحصول على تأشيرات رسمية، رغم تشديد معظم الدول شروط منح التأشيرات للسوريين.
لدى السوري أيهم سليمان ثلاثة أطفال، وهو يقيم في مدينة جبلة، ويتحدث عن العديد من الأسباب التي تدفعه إلى الهجرة، فرغم أوضاعه المادية الجيدة إلا أنه عرض كل ممتلكاته للبيع بعد الأحداث الأمنية الأخيرة في الساحل. ويروي لـ”العربي الجديد”: “يرجع قراري إلى غياب الأمان، وعدم الثقة بالحكومة الجديدة، وتصاعد الخطاب الطائفي. لا أرغب في عيش أولادي ذات الرعب الذي عاشوه خلال الأحداث الأخيرة، ولا تعرضهم لمشاهد القتل والسلاح المنفلت من جديد”.
وشهدت مناطق الساحل السوري أحداثاً دامية في 6 مارس الماضي، استمرت لعدة أيام، بعد محاولة سيطرة على المنطقة قام بها مسلحون موالون للنظام السابق، وانتهت باستعادة الحكومة السورية السيطرة على المنطقة. وعرفت قرى ومدن الساحل انتهاكات بحق مدنيين، وأعمال سلب وحرق للممتلكات.
ووفق الشبكة السورية لحقوق الإنسان، قتل في تلك الأحداث ما لا يقل عن 889 شخصاً، من بينهم 51 طفلاً و63 سيدة على يد قوى مسلحة مرتبطة بالحكومة، و445 شخصاً، من بينهم 9 أطفال و21 سيدة على يد المجموعات المسلحة الخارجة عن إطار الدولة والمرتبطة بنظام الأسد المخلوع.
-------------
العربي الجديد