نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

أوروبا والسير نحو «هاوية»...

18/03/2024 - سمير العيطة

( خيار صعب لأميركا والعالم )

18/03/2024 - عبدالوهاب بدرخان*

لماذا لم يسقط نظام الأسد؟

17/03/2024 - يمان نعمة

تأملات في الثورة الفاشلة

16/03/2024 - ماهر مسعود


آثار سورية تدفع الفاتورة الاغلى في الحرب السورية




دمشق - دمرت الحرب التي تشهدها سورية منذ أكثر من سبع سنوات مئات المواقع الآثرية التي يعد بعضها من أبرز مواقع التراث العالمي ، وبذلك تكون الآثار السورية هي الخاسر الأكبر في حرب دمرت الحجر والبشر ولا تزال عجلتها تدور .


سورية التي تعتبر متحفاً طبيعياً ؛ حيث أينما ذهبت تجد مواقع اثرية من حضارات متعاقبة تنتشر في جميع مناطقها، البعض منها يعود إلى حقبة ما قبل الميلاد واخرها تعود للحضارة الاسلامية ، مواقع كانت مسرحاً لمعارك بين القوات الحكومية ومسلحي المعارضة بكافة فصائلهم وبين فصائل معارضة بين بعضها ، ولم يراعي الجميع حرمة تلك المواقع التي لا تقدر بثمن . وتعرضت بعض المواقع لتخريب متعمد بحثاً عن اللُقى الآثرية التي عبرت الحدود السورية بكل اتجاهاتها بشكل غير شرعي ووصل البعض منها إلى دول قريبة وبعيدة عبر شبكات عالمية متخصصة بسرقة وبيع الآثار . وحمل مدير العام الآثار السورية الدكتور محمود حمود كل من حمل السلاح في وجه الدولة السورية المسؤولية عن دمار الآثار وسرقتها وقال " كل المواقع الآثرية التي وقعت تحت سيطرة المجموعات الارهابية المسلحة من فصائل المعارضة وتنظيم داعش وجبهة النصرة ووحدات الحماية الكردية تعرضت للاستباحة والتنقيب غير الشرعي والهدم والتخريب، وكل اللقى الآثرية التي تم تهريبها خارج القطر وانتشرت في كل ارجاء العالم خرجت من تلك المناطق ". ويضيف مدير عام الآثار السورية في حديثه لوكالة الانباء الالمانية(د.ب.أ) " تعرضت مدينة حلب القديمة للدمار وتمثال بعل شمين ومواقع في مدينة تدمر أيضاً، وعشرات المواقع في المدن المنسية في محافظة إدلب تم تدميرها ، كما تعرضت عشرات المواقع أيضاً في محافظات دير الزور والرقة والحسكة للتدمير على يد مسلحي تنظيم داعش، والآن تقوم الوحدات الكردية بحفر أكثر من ستين تلاً أثري في شمال سورية بحجة إقامة مقرات وقواعد لهم وهي في الحقيقة البحث عن الآثار وسرقتها ". وانتقد المسؤول السوري المجتمع الدولي والأمم المتحدة في تقاعسهم في حماية الآثار السورية وقال " ننسق مع منظمة اليونسكو لعقد مؤتمر دولي حول إعادة تأهيل مدينة حلب والتراث الثقافي السوري الذي تعرض للدمار خلال الحرب، ولكن هناك مواقف سياسية من بعض الدول تمنع عقد مثل هكذا مؤتمر بحجة عدم استقرار الاوضاع في سورية ، نحن نريد عقد مؤتمر دولي يقدم لنا المساعدات المادية والخبرات للعمل على إعادة ترميم المواقع الآثرية ، كما حصل في مدينة الموصل العراقية التي حصلت على مبلع 50 مليون دولار لمدينة واحدة فقط فما بالك بمئات المواقع الآثرية التي دمرت ". وأوضح مدير الآثار السورية " قدمت لنا منظمة اليونسكو دعما لتدريب كوادرنا في عملية الترميم ، وكذلك معهد الآثار الالماني قدم كثيرا من المساعدات، والحكومة اليابانية قدمت لنا مساعدات أيضاً، ومنظمة أغا خان قدمت مساعدات لإعادة تأهيل مدينة حلب القديمة ". في عام 2012 قامت المديرية العامة للآثار السورية بنقل جميع القطع الآثرية والتي يقدر عددها بمئات الآلاف من كافة المتاحف في سورية إلى العاصمة دمشق ووضعها في مناطق آمنة خوفاً من السرقة والدمار كما حصل في العراق . ووضع المدير العام السابق الدكتور مأمون عبد الكريم استراتيجية هذا العمل الكبير وأشرف عليها ،من خلال جهوده وبمساعدة عدد من الجهات السورية والمجتمع المحلي تمكنت مديرية الآثار من نقل تلك القطع الآثرية. ويقول الدكتور عبد الكريم في حديثه لوكالة الانباء الالمانية " وضعنا خطة للقيام بنقل القطع الآثرية الهامة إلى دمشق ووضعها في أماكن آمنة ...كان عملاً في غاية الصعوبة والتحدي وتم نقلها أكثر من 300 الف قطعة اثرية استثنائية ولها قيمة تاريخية مهمة وتم توثيقها وتغليفها ، وما تم نقله من المتاحف السورية أكثر من مليون قطعة اثرية ، وخوفاً من النهب تم وضعها خلف ابواب مغلقة وآمنة ، ذلك بجهود حكومية جبارة ومن المجتمع المحلي في المناطق التي كانت خارج سيطرة الدولة السورية ومنها حتى الآن متحف مدينة معرة النعمان في محافظة ادلب لا زال المتحف موجود وقطع الفسيفساء الكبيرة موجودة بداخله". وتشير احصائيات المديرية العامة للآثار والمتاحف إلى تضرر أكثر من 710 مواقع أثرية في مختلف أنحاء سورية، وبسبب المعارك والقصف وأعمال التنقيب غير الشرعي . ويقول مدير عام الآثار السابق " تضرر اكثر من 300 موقع له قيمة كبيرة جداً ومنها مدينة حلب القديمة وتدمر وعدد من القلاع والبعض منها نهب ودمر من قبل تنظيم داعش الذي دمر مواقع اثرية في مدينة تدمر لأسباب عقائدية ، إضافة إلى أعمال التنقيب غير المشروعة، ومنها موقع ماري في دير الزور وتل الاشعري في درعا، والمدن التاريخية في الشمال السوري تعرضت للتنقيب غير المشروع في المواقع الآثرية التي كانت تجري بها عمليات تنقيب من بعثات اثرية قبل الحرب فقد سرقت عشرات الاف القطع ويكفي أن نذكر أن ما ذهب إلى تركيا أكثر من 16 الف قطعة من تلك المواقع الآثرية وبعضها من متحف الرقة ، وكثير من الدول الاوربية وصلتها قطع آثرية مهربة من سورية ،ولدينا تواصل مع أغلب علماء الآثار ومع الشرطة الدولية ( الانتربول) ولكن مهربي الآثار يعمدون إلى اخفاء القطع لسنوات طويلة ثم يعرضونها للبيع ". ويضيف الدكتور عبد الكريم " لذلك كل المتاحف بما فيها متحف دمشق اغلقت بشكل كامل ومنذ ايام أعيد افتتاح جزء من متحف دمشق الوطني على أمل عودة افتتاح المتاحف الأخرى ، ولكن التحدي هو إعادة فتح متاحف الرقة ودير الزور وادلب ". وسبق إعادة افتتاح متحف دمشق الوطني إقامة وزارة الثقافة معرضاً بداية شهر تشرين أول /اكتوبر الماضي وتم عبر الجهات الحكومية السورية من جيش وقوات أمنية وجمارك ومجتمع محلي استرداد لقى يصل عددها إلى 500 قطعة أثرية، وهي لقى معدنية وفخارية وزجاجية إضافة إلى أنواع أخرى مختلفة، حيث أعيدت آلاف القطع الآثرية منها ما هو معروف وأخرى غير مكتشفة وقال وزير الثقافة السوري محمد الاحمد في تصريح صحافي " هذه اللقى تعود إلى عصور ما قبل التاريخ وحتى العصور الحديثة مروراً بالعصور التاريخية والكلاسيكية والرومانية والإسلامية ، ومن يشاهد هذه الآثار واللقى والقطع والعملة النقدية النادرة يعرف تماماً حجم الغنى الموجود في سورية ". وقال الوزير السوري " الحرب التي تشن على سورية كانت حرباً تستهدف قطع الصلة بين سورية والحضارة التي تمتد على اراضيها وتعود لآلاف السنين ". وقال وزير الثقافة السوري لو " خرجت تلك القطع الآثرية من المتاحف كان يمكن تتبعها ولكن الكثير منها تمت سرقتها نتيجة أعمال تنقيب غير شرعي لذلك لا نعرف شيئا عن تلك القطع التي تقدر بعشرات الاف ". وحدد مدير عام الآثار السورية مصدر القطع الآثرية التي تم العثور عليها وقال " القطع الآثرية التي يتضمنها المعرض مهمة؛ كونها تمثل آثارا لمناطق مختلفة مثل دير الزور والغوطة الشرقية ووادي بردى والضمير في ريف دمشق الشمالي الشرقي؛ وهي عينة من 9000 قطعة أثرية تم استردادها خلال سنوات الحرب السورية" . وفي شمال سورية انتشرت شبكات تهريب آثار البعض منها مرتبط بجهات خارجية وتم تزويدها بمعدات للكشف عن الآثار لا تملكها الدولة السورية . ويقول "محمد س " الذي كان يعمل في أحد المواقع الآثرية في المنطقة الشرقية من سورية لـ ( د. ب. أ ) " قام تنظيم داعش في بداية سيطرته على الشمال السوري إلى تكسير بعض تلك الآثار إلا أن التنظيم ادرك قيمتها المالية حيث بدأت عمليات التنقيب الاثري في تحالف خبيث بين ضعاف النفوس وعناصر تنظيم داعش حيث عمد هؤلاء إلى التنقيب في مواقع اثرية في محافظات الرقة ، ودير الزور، والحسكة، وريف حلب الشرقي وعثر على الاف القطع الآثرية بيع البعض منها بعشرات ملايين الليرات السورية وتم نقل بعضها إلى كردستان العراق وتركيا ولبنان ، وعندما وصلت إلى لبنان وتركيا بيع البعض منها بمئات الاف من الدولارات حيث اصبحت هناك شبكات تهريب تستقر في المناطق الحدودية السورية التركية ". وفي مناطق سيطرة المعارضة أعلنت مديرية صحة إدلب عن مشاركتها في حملة ( أنقذوا آثار إدلب) التي اطلقت في بداية شهر تشرين اول / اكتوبر الماضي ، حيث نظمت المديرية وقفات شعبية في مدينة إدلب شارك فيها عدد من الكوادر الطبية وناشطون في المدينة، رفعوا خلالها شعارات منددة ومنبهة لخطورة ضياع وتدمير الآثار في المحافظة، ودعت فيها المجتمع الدولي والمنظمات المحلية والدولية إلى إيقاف التعديات والمحافظة على الإرث الإنساني. من جانبها حذرت حكومة الإنقاذ السورية المعارضة العاملة في محافظة إدلب من القيام بأعمال الحفر والتنقيب عن الآثار في أي مَعلم أثري في المحافظة.

خليل هملو
السبت 17 نونبر 2018