تم إيقاف أقسام اللغات الأجنبية مؤقتا على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

المسار التفاوضي بين الحكومة السورية وقسد.. إلى أين؟

01/10/2025 - العقيد عبدالجبار العكيدي

أعيدوا لنا العلم

18/09/2025 - أحمد أبازيد

عودة روسية قوية إلى سوريا

17/09/2025 - بكر صدقي

لعبة إسرائيل في سوريا

10/09/2025 - غازي العريضي

من التهميش إلى الفاشية

10/09/2025 - انس حمدون

الوطنية السورية وبدائلها

04/09/2025 - ياسين الحاج صالح


أحفاد تولستوي ال 270 يجتمعون في مئويته ويبحثون مثله عن سر الحياة ونشوة السعادة




موسكو - يصادف يوم 20 نوفمبر/تشرين الثاني ذكرى مرور مئة عام على رحيل ليف تولستوي الكاتب الفيلسوف العبقري الروسي فمنذ وفاته قبل مئة عام والعالم يعيش من دونه جسدا . لكن أرثه الادبي يظل جديرا بالاهتمام ومثيرا للإبداع وسيبقى كذلك إلى حينِ أن ينضُبَ مَعين البشرية من المشاعرِ والعواطف والأفكار. تمكن تولستوي من كتابة التاريخ بمشاهد ملحمية، واستطاع تجسيد الحياة بكل تفاصيلها اليومية. وبالاضافة الى كتبه العظيمة فهو يمثل ايضا تاريخَ روسيا ومراحلَ تشكيلِ تراثها الفكري اما امتداده البيولوجي فلا يزال ماثلا في 270 حفيد يجتمعون مرتين في العام في منزله الريفي الذي شهد اعمق تأملاته


تولستوي في الوسط وعلى شماله منزله الريفي حيث يجتمع احفاده
تولستوي في الوسط وعلى شماله منزله الريفي حيث يجتمع احفاده
لو عزمت على القيام بجولة سياحية في معالم موسكو الادبية، فستكون إحدى محطاتك الرئيسية هذا المبنى. هنا سكنت عائلة بطلة الرواية الشهيرة لـليف تولستوي "الحرب والسلام". اليوم اسم ليف تولستوي تخطى النطاق الأدبي ليتسرب الى مجالات اخرى، مفاجئة أحيانا.

المؤتمرات والندوات العالمية من نيويورك الى باريس تناقش موقعه الادبي كونه الحد الفاصل بين الواقعية والحداثة. المفكرون يحللون مبادئه الفلسفية حول عدم مواجهة العنف بالقوة. المؤرخون والأدباء يصدرون الكتب التي يبحثون فيها ما دفع الكاتب الشهير عالميا الذي كان يحظى بحب الجمهور ويتنعم بالعيش الكريم مع عائلته، ما دفعه الى مغادرة بيته قبيل وفاته. تولستوي هو أيضا صاحب الحكايات الجميلة التي ترعرعت عليها أجيال من الاطفال. وحتى عالم الموضة لا يخلو من تأثيره إذ تسمى البلوزة الرياضية بـ"تولستوفكا" كونها تشبه القميص الذي ارتداه الكاتب.

عالم الفنون يكتظ بالترجمات الجديدة لأعماله، وبالمسرحيات التي تعاد فيها قراءة مؤلفاته. أما عدد الافلام المقتبسة عن رواياته فيبلغ الخمسين. للممثلات عبر العالم يعد لعب دور أنا كارينينا أو ناتاشا روستوفا تحديا مثل أداء هاملت للممثلين، ومن بينهن غريتا غاربو وأودري هيبيورن وسوفي مارسو. وتساؤلات تدور هل بإمكان الأجانب التعبير عن الروح الروسية. ومهما كانت وجهة نظرك بهذا الشأن، فالمهم ان كل فنان يقدم إدراكه الخاص لـتولستوي عبر موهبته ومن ثم يضفي شيئا جديدا الى الثقافة العالمية.

ومن الطريف أن تولستوي نفسه لم يكن يأخذ على محمل الجد إخراج الأعمال الأدبية وتجسيدها في اوبرا أو باليه وكان يعتقد أن الإخراج يضفي مبالغة على العنصر الجمالي في الفن.

البساطة والطبيعية مبدآن اعتبرهما تولستوي أساسيين في جميع مجالات الحياة. أما العدو الأهم للحرية فرآه في قهر الانسان للإنسان، لذلك كتب كثيرا عن الحرب لكن ليس من الناحية التاريخية أو الاستراتيجية بل من الناحية الاخلاقية.

لقد أُعجبت بأفكاره شخصيات مرموقة امثال توماس مان الذي قارن أسلوبه الملحمي بإيقاع البحر ومهاتما غاندي الذي لاحظ أن تولستوي طبق المبادئ التي دعا إليها في حياته. الناس من جميع انحاء العالم اليه توافدوا للحديث ونسبة الرسائل التي تسلمها تجاوز خمسين الفا.

عظمة تولستوي تكمن في أن موروثه يشكل مادة هامة لكل من يبحث عن اسئلة حول القضايا الخالدة. رواياته وقصصه مزركشة بالحكم الوجدانية والنصائح لكل يوم. ويا لها من عبارة صائبة حين قال "يجب العمل كانك تعيش ابدا، والتعامل مع الآخر كما لو انك ستُموت غدا".

عزبة "ياسنويا بوليانا" هي مسقط رأسِ تولستوي والمكان الذي بقي يبحث فيه عن العود الأخضر وسرِ السعادة. ليف تولستوي الذي تعمق في القراءات الدينية، ودعا إلى السلام ونَبَذَ الاستغلال وعارض القوةَ والعنف في شتى صورهما، رحل وهو يدعو إلى السعادة وأمل الحياة
قرن مضى ولا يزال هذا المكان مشبعا بعبق تولستوي، فأسطورته تعيش بين جدران هذا المنزل الصغير في ضيعته في ياسنويا بوليانا قرب موسكو، في الغرفة ذاتها التي كتب فيها ليف نيكولايفيتش "الحرب والسلام" يجلس اليوم تولستوي من جديد ولكن ليس ليف بل فلاديمير.

ليف تولستوي أحب ضيعتة في ياسنويا بوليانا لإنزوائها وبعدها عن الضوضاء والحشود. وإلى هنا أتى طلبا للسكينة والإطمئنان في أحضان الطبيعة حيث كان يجد متسعا للتفكر، بعد قرن من وفاته يمكنك ان تصف هذا المكان بأي شيء إلا العزلة والهدوء، فإن توافد إلى هنا في يوم وفاته الالاف يأتي اليوم الملايين من روسيا وخارجها لزيارة متحف منزله الصغير.

هنا في ياسنويا بوليانا حيث قضى ليف تولستوي الجزء الأكبر من حياته تجد كل ما ساهم في خلق هذه الشخصية الفذة على بساطتها و تعقيدها وإلى هنا يأتي أحفاد تولستوي لإستحضار ذكراه ومتابعة عادات هذه العائلة الروسية النبيلة.

ما يقرب من 270 هم عدد احفاد تولستوي فرقتهم الظروف والحياة بين روسيا ودول اوربية عدة وجمعهم حبهم لجدهم الاكبر واصولهم النبيلة فاصبح اجتماع الاحفاد تقليدا نصف سنوي، ويبدو ان احفاد الروائي العظيم لم يرثوا منه اللقب فقط بل الاصرار والسعي وراء النجاح ما جعل جلهم من الشخصيات المعروفة الناجحة في مجتمعاتهم.

و المنزل الذي توفي فيه عملاق الأدب الروسي ليف تولستوي والذي غدا مُتحفا تُعرض فيه للجمهور للمرة الاولى أعمالٌ تقرب لنا الصورةَ عن الحياة التي عاشها الكاتب.

باب المنزل هو الاخير الذي عبره على قدميه احد اعمدة الادب الروسي في القرن التاسع عشر ليف تالستوي وخرج منه محمولا على الاكتاف. هي شرفة اطل منها صاحب "الحرب والسلام" في اخر لحظات حياته. اطل منها ليرى بعضا من المعاناة الروسية ويستشرف معاناته الشخصية.

هذا المكان يتحدث عن أيام ليف تولستوي الاخيرة. ويحاول العاملون هنا ان يقتربوا من تجسيد أجواء هذا العملاق الروسي الكبير، ففي كل غرفة من هذا المنزل موضوع خاص يشد الزائر أكثر الى هذا المكان. و عام الفين وعشرة تصادف ذكرى مرور مئة عام على رحيل ليف تولستوي والعالم يعيش من دونه...

توفي ليف تولستوي في العشرين من نوفمبر عام 1910 في مقاطعة ليبتسك. المزيد من التفاصيل عن سيرة حياة الكاتب وابداع الادبي على موقعنا.

فارق ليف تولستوي الحياة وهو في الثانية والثمانين من عمره بمنزله الواقع في مقاطعة ليبتسك.. ومن اخر مقولاته الشهيرة :" كلنا ركاب في هذه الحياة، البعض يدخل القطار واخرون مثلي يترجلون منه".

نوفوستي
الجمعة 19 نوفمبر 2010