نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

( أيهما أخطر؟ )

24/04/2024 - محمد الرميحي*

إيران.. من يزرع الريح يحصد العاصفة

23/04/2024 - نظام مير محمدي

وقاحة استراتيجية مذهلة

21/04/2024 - راغدة درغام

التعميم بوصفه "تخبيصة" العقل الأولى

18/04/2024 - مصطفى تاج الدين الموسى

رسائل النيران بين إيران وإسرائيل

15/04/2024 - محمد مختار الشَنقيطي

جنوب لبنان.. بعد غزة

06/04/2024 - عبد الوهاب بدرخان

غزة والأخلاق العابرة للحدود والأرباح

06/04/2024 - عدنان عبد الرزاق

نزار قباني وتلاميذ غزة

06/04/2024 - صبحي حديدي

حرب لإخراج إيران من سوريا

06/04/2024 - محمد قواص


أختبار أجنبي للرقابة الأمنية على الفنون في سورية




حاول صحافي اجنبي أن يختبر قوة الرقابة الامنية على الفنون والاداب في العاصمة السورية فوجد ان الممنوع أدبيا وفنياموجود في السوق السوداء اما المنتجون للفنون والاداب الذين يؤيدون الحوار مع السلطة ولا يريدون قلبها فهم على حافة اليأس وموزعون بين خيارات الصمت والقهر والرحيل


أختبار  أجنبي للرقابة الأمنية على الفنون في سورية
في محاولة لمعرفة مدى قوة الرقابة التي تفرضها الحكومة السورية على الاعمال الفنية دخلت الى احدى المكتبات وسط العاصمة دمشق وطلبت من صاحب المكتبة رواية "مديح الكراهية" للروائي السوري خالد خليفة الممنوعة في سورية فدهشت للسهولة التي حصلت بها على الرواية.

فقد طلب مني صاحب المكتبة الانتظار لبضع دقائق وبعد الاتصال عبر الهاتف باحد الاشخاص وصل صبي يحمل في يديه كيسا عاديا بداخله الرواية المطلوبة.

لا اخفيكم انني شعرت ببعض الخيبة لان ما حدث بدد الافكار التي كانت لدي حول الرقابة التي تفرضها الحكومة على الاعمال الفنية.

هناك عدد من القضايا التي يعتبرها الحكم في سورية بمثابة محرمات لا يسمح للرأي العام في سورية التطرق اليها مثل قضايا السياسة الداخلية وحكم عائلة الاسد والقضايا الامنية.

وقد خابت خططي لاختبار مدى قوة الرقابة في سورية عندما اشتريت بسهولة رواية مديح الكراهية لكن ما لبث ان تيقنت سريعا مدى قوة الرقابة مرة اخرى عندما طلبت من صاحب المكتبة ايصالا بالرواية.

فقد رفض وقال "انها رواية ممنوعة ولا يمكنني اعطاءك اي ايصال بها"، وفي محاولة لتجاوز هذه المشكلة وافق على اعطائي ايصالا بنفس القيمة لكن باسم كتاب اخترعه من مخيلته سماه "في مديح امرأة" بدلا من مديح الكراهية.

ورغم منع الرواية يمكن لقاء كاتبها خالد خليفة بسهولة في دمشق اذ لم يتردد في قبول دعوتي الى اللقاء به في مقهاه المفضل في احد الاحياء القديمة من دمشق.

قال خليفة اثناء اللقاء ان "العلاقة بين السلطة والكتاب تحولت الى لعبة فنحن نكتب ما نشاء والحكومة تقول ما تشاء ورغم منع روايتي الاخيرة في سورية لكن للكتب اجنحة تطير بها فوق الحدود كما يقولون".

تتناول رواية مديح الكراهية صعود التطرف الاسلامي في سورية في ثمانينيات القرن الماضي والصدام الدموي بين الحكم والجماعات الاسلامية المسلحة في سورية والتي قمعها الحكم بقسوة بعد صراع مرير.

وكانت الرواية قد وصلت الى التصفيات النهائية لافضل الاعمال الروائية لعام 2008 المرشحة للفوز بجائزة الرواية العربية التي باتت تعرف باسم "بوكر العربية" اسوة بجائزة بوكر البريطانية المرموقة السنوية التي تمنح لافضل الروائيين.

ويقول خليفة ان سورية تمر الان بمرحلة انتقالية بعد ثماني سنوات ونصف من حكم الرئيس السوري بشار الاسد واصفا المرحلة بانها "رمادية ولا احد يعرف ان كنا سننتقل الى مرحلة اكثر حرية وانفتاحا ام سنشهد مزيدا من التراجع حيث تفرض الحكومة مزيدا من الرقابة على الانترنت، لكن في المقابل لا يتم اعتقال من يجاهرون بآرائهم المعارضة".

خالد خليفة واحد من مجموعة من الكتاب والمثقفين الذين يؤيدون الدخول في حوار مع الحكم على امل تحسين اوضاع حرية الرأي في البلد.

لكن خليفة يقول انه على وشك الوصول الى مرحلة اليأس من هذا الحوار لانه لم يتم تحقيق شيء يذكر حتى الان فـ "الحكومة تقدر رغبتنا واستعدادنا للحوار معها لكننا تعبنا من هذا الحوار وبحاجة الى الامل للاستمرار فيه وتحقيق شيء ملموس".
هروب

لكن ليس كل الكتاب والفنانين السوريين لديهم نفس القدرة على الاستمرار والتكيف مع الاوضاع القائمة في البلد.

في الطابق السفلي من فندق الفردوس في دمشق هناك بار يتحول كل ليلة اثنين الى ملتقى للفنانين وللكتاب وللشعراء السوريين ذوي الميول البوهيمية يستمعون فيه الى الشعر والموسيقى العربية الكلاسيكية والحديثة.

في اخر السهرة تناولت الرسامة التشكيلية والمغنية السورية هالة الفيصل الميكروفون وادت فقرة غنائية قصيرة صفق لها الحضور بحماس.

امضت هالة اغلب سنوات عمرها في الغربة في نيويورك وباريس وعادت الى سورية قبل سنتين ونصف على امل الاستقرار فيها مجددا.

بعد يومين من اللقاء مع هالة الفيصل في البار التقينا مجددا وكانت تمتلكها مشاعر المرارة من الاوضاع في البلد. وقالت انها لم تعد تحتمل وان عليها حزم حقائبها والرحيل مجددا.

رفضت هالة اعطاء مزيد من التفاصيل عن الاسباب التي جعلتها تتخذ هذا القرار لكنها قالت "قد تكون الاسباب سياسية، انهم يدفعونني دفعا الى الرحيل عن سورية لانني لا اوافق على بعض الاوضاع القائمة هنا ولا استطيع الا ان اكون صادقة مع نفسي. ولا يمكنني اغماض عيني عما موجود وتجاهله، في الاخير عندما اضع رأسي على الوسادة في اخر الليل يجب ان اشعر براحة ضمير".

من المؤسف ان سورية التي تحتفل باختيار دمشق عاصمة الثقافة العربية لعام 2008 تجبر فنانة مثل هالة على الاختيار ما بين القبول بالقمع السياسي او حزم حقائبها للرحيل.

وهو ما يقول المخرج السينمائي السوري عمر اميرلاي انه بالضبط الهدف الذي يسعى الى تحقيقه النظام السياسي القائم في سورية اي اما القبول بالقمع او الرحيل.

ويضيف اميرلاي الذي لم يتم عرض اي من افلامه الوثائقية داخل سورية بسبب الرقابة ان السلطة " تدرك تماما ان الشعب لا يؤمن بأيديولوجيتها" وان ما يهمها هو اظهار الناس الولاء لها.

ويوضح "ان اهم شيء للسلطة ان يظهر الفرد الولاء والطاعة والاستسلام للنظام والقضاء على فكرة الاحتجاج والتمرد لديه".


مارتن آسر/ بي بي سي
السبت 13 ديسمبر 2008