نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

خديعة الرحمة

03/07/2025 - هناء محمد درويش

التريمسة...حين يلتقي العائد بظلّه

24/06/2025 - عبير داغر إسبر

انهيار إمبراطورية إيران

17/06/2025 - براءة الحمدو

حزب حاكم جديد في سورية

08/06/2025 - بشير البكر

المفتي قبلان صاحب الرؤية

02/06/2025 - يوسف بزي


ألوان بهيجة مرصعة بالزهور والطيور ...قميص الباتيك جزء من الثقافة الاندونيسية




جاكارتا - كريستياني أورليش - لا توجد فعالية أو احتفال رسمي أو مأدبة أومناسبة من مناسبات الدولة يمكن أن تحدث في أندونيسيا بدون أن يظهر فيها مكون هام: وهو قميص الباتيك الذي يرتديه الرجال المشاركون.


قميص الباتيك الاندونيسي
قميص الباتيك الاندونيسي
وعادة ما تكون هذه القمصان بهيجة الألوان ومنقوشة بنماذج كبيرة وزهور وطيور ومجموعة نقاط ومربعات وأشكال هندسية، ويصنع القميص على قدر الإمكان من أفضل أنواع القماش مثل الحرير الذي يتطلب عدة ساعات للرسم ووضع طبقة من الشمع عليه وصباغته وغسله باليد وتتم هذه الخطوات من جانبي القماش.

ويعد الباتيك بالنسبة لأندونيسيا مثلما يعنيه الدرندل وهو ضرب من ملابس النساء بالنسبة لولاية بافاريا والكيلتيه وهي تنورة ذات ثنيات طولية يرتديها الرجال بالنسبة لاسكتلندا، وتسعى الحكومة الأندونيسية لأن تدرج الباتيك في قائمة اليونيسكو للتراث الثقافي غير الملموس، وستتم دراسة طلب بهذا الخصوص خلال أيلول/ سبتمبر الحالي.

وعلى مشارف العاصمة جاكارتا يوجد مشغل صغير لصناعة الباتيك مختبىء خلف بوابة حديدية يعلوها الصدأ وفناء مزدحم بإطارات السيارات، وتعمل في هذا المكان ثمان أو تسع سيدات منحنيات على عدة أمتار من القماش، وينهضن من حين لآخر ويتوجهن صوب إناء كبير مملوء بسائل الشمع ثم يغرفن منه ما يكفي لملء علب صغيرة مصنوعة من النحاس ولها مقابض من البامبو ومزودة بأنابيب طويلة في نهايتها فتحات دقيقة، وهذه العلب هي الأداة التي تستخدمها كل سيدة لتغطية القماش بالشمع بأشكال ونماذج صغيرة تكون مرسومة مسبقا أحيانا وذلك متر بعد متر بصبر وأناة، ولا يدور بين العاملات حديث كثير وعندما يشرعن في التحدث يكون ذلك بصوت أقرب للهمس حيث أن العمل يتطلب التركيز العميق.

وينتمي الباتيك إلى روح الشعب الأندونيسي على حد قول نرسيروان تيرتاميدجاجا /75 عاما /، وهو الرجل الذي يعد الأب لهذا الشكل الفني ويعرف بشكل أفضل بإسم إيوان تيرتا ويوصف بأنه أشهر مصمم للباتيك في أندونيسيا، ويوضح أن الباتيك تأثر بالفن والموسيقى والأساطير والديانة والرقص في أندونيسيا، ويؤكد أنه ليس من السهل وضع الشمع على القماش، وتعد واردات الباتيك الرخيص السعر من الصين شوكة في جنب الرابطة الأندونيسية لجمعيات الباتيك التعاونية التي تطالب بوقف هذه الواردات. ويقول ممثل عن هذه الجمعيات إن هذه الواردات يمكن أن تشكل خطرا على السوق المحلية.

وبداخل ورشة الباتيك يجذب رجلان يرتديان أحذية مطاطية صفراء ذات رقبة طويلة القماش المكسو بالشمع من خلال أنبوبة ضيقة طويلة يتم فيها صبغه، وعند التأكد من صحة اللون يوضع القماش داخل وعاء ضخم للسوائل ينبعث منه البخار وقطره متران، وتوضع قطع غليظة من الخشب تحت الوعاء لتسخينه بينما يقف رجل عند حافته يحرك ما بداخله بملعقة ضخمة لإذابة الشمع من القماش، ويتم استخراج كتل الشمع من الوعاء بعد أن يبرد الماء بداخله، وتفوح رائحة الشموع في الهواء.

ويبدو منزل تيرتا الذي يقع في منطقة راقية بجاكرتا مثل المتحف حيث تزدان الأبواب والفواصل بين الحجرات بالرسوم والخزانات بقطع فنية من الخزف، وتطل من الحائط صورة كبيرة تضم مجموعة من الشخصيات المهمة ترتدي الباتيك بالطبع، وتجلس أمامهم دمية يلتف حولها قماش ملون من تصميم تيرتا. ويقول تيرتا أن كل شيء يلهمه بالتصميمات : الموسيقى والأخشاب والزهور والكتب بجميع أنواعها حيث يقرأ كل شيء بدءا من مجلات فوج حتى كتب الطهي، ونبع اهتمامه بفن الباتيك عندما كان يدرس في هولندا. ويضيف إنه أدرك أنه يفهم الكثير عن الحضارة الغربية بدرجة تتجاوز فهمه لحضارة بلاده، وعندما عاد إلى أندونيسيا كرس نفسه لدراسة تاريخ الباتيك، ومن بين 33 ولاية أندونيسية تحتفظ 19 منها بالنماذج والأفكار الخاصة بها في العمل الفني، وهناك نموذج لكل مستوى اجتماعي ولكل عمر ولكل مناسبة.

ويؤكد تيرتا أنه ليس مهتما على وجه الإطلاق بالتوسع وإقامة مشروع كبير، ويقول إنه لا يريد أن يرى كل سائق تاكسي يرتدي تصميماته التي يصفها بأنها بمثابة السيارة الرولز رويس أو المرسيدس بين قمصان الباتيك، ويصل سعر أحد القمصان التي ينتجها إلى 250 يورو.

كريستياني أورليش
الاثنين 7 سبتمبر 2009