نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

عن روسيا وإيران شرق المتوسّط

08/05/2024 - موفق نيربية

( في نقد السّياسة )

05/05/2024 - عبد الاله بلقزيز*

أردوغان.. هل سيسقطه الإسلاميون؟

03/05/2024 - إسماعيل ياشا

" دمشق التي عايشتها " الغوطة

28/04/2024 - يوسف سامي اليوسف

( أيهما أخطر؟ )

24/04/2024 - محمد الرميحي*

إيران.. من يزرع الريح يحصد العاصفة

23/04/2024 - نظام مير محمدي

وقاحة استراتيجية مذهلة

21/04/2024 - راغدة درغام


الأزمة الاقتصادية الطاحنة جعلت من وظيفة محصل الكهرباء مهنة يمقتها المصريون




القاهرة - عصام فضل - تحت وطأة أزمة اقتصادية طاحنة، وأوضاع سياسية ملتبسة ، تحولت مهنة " محصل الكهرباء " من مجرد وظيفة روتينية يعاني صاحبها نفس المشكلات الاقتصادية التي يعانيها الجميع إلى مهنة يكرهها المصريون ويعتبرونه رمزا لما كان يسمى في عصور ماضية " جابي الضرائب ".


الأزمة الاقتصادية الطاحنة جعلت من وظيفة محصل الكهرباء مهنة يمقتها المصريون
وإذا كانت شخصية محصل الكهرباء قد برزت إلى السطح مع أزمة انقطاع الكهرباء المستمرة التي تعانيها مصر، فإن التحول في هذه المهنة وعلاقة المحصل بالمواطنين قد بدأ مع تصاعد حدة الأزمة الاقتصادية في السنوات العشر الأخيرة من حكم الرئيس السابق حسني مبارك والتي ارتبطت أيضا بارتفاع أسعار معظم السلع الأساسية وكذلك ارتفاع قيمة فواتير الكهرباء بشكل يراه المواطنون مبالغ فيه .
 
 ونتيجة الأزمة الاقتصادية تحولت العلاقة بين المحصل والمواطنين من علاقة " روتينية " إلى " مواجهات مستمرة " خاصة في المناطق الشعبية الأكثر فقرا. وفي جانب آخر من تفاصيل هذه العلاقة نجد المحصل بحكم كونه يعيش نفس المشكلات الاقتصادية يتعامل مع المواطنين بالكثير من رحابة الصدر، فمثلا يذهب إلى أحد المواطنين الذين لم يسددوا فواتير الكهرباء منذ شهور لأنهم لا يملكون المال فيبرم اتفاقا وديا مع المواطن يقضي بأن يسدد فقط قيمة آخر فاتورة ويقوم بتأجيل الفواتير المتأخرة حتى أنه يضطر للعودة أكثر من مرة لتحصيل قيمة الفواتير المتأخرة دون جدوى، وعندما تنقطع الكهرباء في منطقة ما يخشى المحصل الذهاب إلى هذه المنطقة ويؤجل تحصيل فواتيرها إلى الشهر التالي .
 
 ثلاثة أسباب لعدم الدفع 
يقول حازم أحمد " محصل بمنطقة حلوان " أنه يوجد لدى المواطنين ثلاثة أسباب لعدم سداد فواتير الكهرباء ، إما أنهم لا يملكون المال أو لوجود ارتفاع غير منطقي في قيمة الفاتورة أو أنهم غاضبون من تكرار انقطاع الكهرباء ، ويضيف " علاقتنا كمحصلين مع الناس توترت كثيرا ، والأمور اختلفت جدا عقب الثورة حيث انتشرت فكرة البلطجة بشكل عام ، فقبلها كان الناس يخافون من أن نقوم بقطع الكهرباء عنهم ، لكن الآن إذا قلت لمواطن أنك ستضطر لقطع الكهرباء إذا لم يسدد الفواتير يثور في وجهك ويسبك ويقول لك أنك لن تستطيع أن تقطعها " ، موضحا أن المحصل يتعرض لمضايقات كثيرة من الناس رغم أنه لا ذنب له لا في انقطاع الكهرباء ولا في ارتفاع قيمة الفواتير. ويتابع " في معظم الأحيان أتجنب الشجار مع الناس لأنهم يكونون غاضبون جدا ، وإذا تطور الموقف بيننا أعجل بالانصراف وأقوم بقطع التيار عنهم في الموعد المقرر قانونا " .
 
 
يرى محمود محمد " محصل بمنطقة وسط البلد " أن المشكلات بين المحصل والمواطنين تتركز في المناطق الشعبية بسبب تأثير الأزمة الاقتصادية عليهم إضافة إلى ثقافتهم المختلفة ، ويضيف " في منطقة وسط البلد الناس تقوم بسداد فواتيرها في موعدها لأن لديهم وعي ومعرفة وحتى لا تتراكم عليهم قيمتها ، وإذا تآخر  بعضهم في السداد أصبر عليه ولا أقوم بإبلاغ الشركة لفصل العداد ، وعلاقتي بالناس في المنطقة جيدة جدا لأني أعمل بها منذ سنوات طويلة حتى أن بعض الناس يقولون لي أنهم يسددون الفواتير من أجلي وليس من أجل الشركة ". ويشير محمد الذي يعيش مع زوجته وأولاده في محافظة المنوفية ويذهب إلى عمله بالقاهرة يوميا إلى أن مهنة المحصل تحتاج إلى قدر كبير من الدبلوماسية في التعامل مع الناس لامتصاص غضبهم وتجنب الصدام ، ويضيف " الناس معذورون فالأزمة الاقتصادية تطحن الجميع ، وأحيانا أرى فواتير تحوي أرقاما مبالغ فيها جدا فأنصح المواطن بالكشف على حالة العداد وأوجهه إلى اتخاذ الخطوات اللازمة ، ورغم علاقتي الطيبة بالناس لا أذهب أبدا لتحصيل الفواتير إذا تكرر انقطاع الكهرباء عن المنطقة " .  
 
مواطنون غاضبون 
" نعرف أن المحصل موظف بسيط لكننا نكون غاضبين لأننا مضطرين لدفع فواتير مرتفعة القيمة رغم أن الكهرباء تنقطع مرات كثيرة "، هكذا عبر العديد من المواطنين عن موقفهم من محصل الكهرباء ، في حين رأى أخرون أن بعض المحصلين لا يقدرون الأزمة المالية التي يمر بها الناس ويتعاملون معهم بحدة تؤدي إلى الشجار، وتقول آمال مرزوق " ربة منزل من منطقة التبين " أنها عندما يأتي المحصل ولا يكون لديها نقود تستأذنه تأجيل الدفع وأن يمر عليها مرة أخرى ، وتضيف " أحرص على الدفع في الموعد لأني لا أريد أن تتراكم قيمة الفواتير " .
 
وترى نجلاء حسين / من منطقة إمبابة / أن المحصل في منطقتها يتفهم الموقف ويصبر عليهم كثيرا ، وهو نفس ما يراه طه إبراهيم /من منطقة فيصل / الذي يقول " المحصل عندنا محترم جدا ويقدر ظروف الناس مهما تأخروا في السداد " .
 
فيما تقول راوية حمودة / من حلوان /   " عندما تتراكم علينا الفواتير يقومون بفصل العداد فنذهب إلى الشركة لإعادته ونقوم بتقسيط المبالغ المتأخرة  " .
 
ويرى سيد حمدي / من السيدة زينب /  أن "بعض المحصلين يتعاملون مع الناس بشكل غير جيد ، ويضيف " يأتي المحصل ولا يكون لدينا نقود فيهددنا بفصل العداد دون تقدير لما نعانيه ، ومن الطبيعي أن ننفعل ونتشاجر معه " .
 
وتقول هبة رشاد / من منطقة الهرم / أن الأمر دائما يتوقف على شخصية المحصل فإذا كان شخص جيد تكون علاقته بالناس جيدة والعكس ، وتضيف " المحصل في منطقتي محترم وجيد جدا ولا تحدث معه أي مشكلات ، لكن مثلا المحصل في المنطقة التي تعيش بها شقيقتي ليس جيد ويقوم دائما بتهديد الناس ، وذات مرة سافرت شقيقتي لمدة ثلاث شهور وعادت لتجده قطع الكهرباء عن شقتها " .
 
 
وترى الدكتور عزة كريم أستاذة الاجتماع بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية أن السبب في المشاحنات التي تحدث بين المواطن والمحصل هو المواطن نفسه وليس المحصل ، وتضيف " تجد هذه المشكلات تتركز في المناطق الشعبية الأكثر فقرا في حين تقل كثيرا في المناطق الراقية ، وهذا ليس بسبب المستوى الاقتصادي لكن بسبب الوعي ، فعلى المواطن أن يبحث عن سبب مشكلته مع الكهرباء والمسؤولين عنها بدلا من توجيه غضبه إلى المحصل "، موضحة أن بعض المشكلات تحدث عندما يوجه المواطن كلامه للمحصل باعتباره المسؤول فيرد المحصل ردودا غير سليمة قد تستفز المواطن الذي يعاني أساسا من حالة تحفز ضد السلطة ، وتتابع " الموضوع يحتاج إلى توعية الناس بأن المحصل ليس سوى موظف بسيط مثلهم يعاني نفس مشكلاتهم ، وأنه ليس هو المسؤول الذي يجب أن يصبوا غضبهم عليه " .

عصام فضل
الخميس 27 يونيو 2013