نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

عن نافالني… بعد أربعين يوماً!

27/03/2024 - موفق نيربية

أوروبا والسير نحو «هاوية»...

18/03/2024 - سمير العيطة

( خيار صعب لأميركا والعالم )

18/03/2024 - عبدالوهاب بدرخان*

لماذا لم يسقط نظام الأسد؟

17/03/2024 - يمان نعمة


الأزمة المالية تعصف بالمجتمع الفلسطيني وتضعه أمام خيارات سوداوية




غزة - عماد الدريملي - لا يملك سعيد عابد وهو موظف لدى السلطة الفلسطينية مالا لشراء احتياجات أسرته إلا بتوسيع نطاق ديونه المتراكمة أصلا.


الأزمة المالية تعصف بالمجتمع الفلسطيني وتضعه أمام خيارات سوداوية
ولم يتقاض عابد الذي يعيل أسرة مكونة من سبعة أفراد، سوى نصف راتبه على مدار الشهرين الأخيرين، ومع اقتراب نهاية الشهر الثالث بات أسيرا لانتظار الأسوأ في ظل الازمة المالية الحادة التي تعصف بالمجتمع الفلسطيني.
ويقول عابد إنه بات عادةً يعود إلى منزله في مخيم جباليا للاجئين شمال قطاع غزة، متخفيا خشية من أن يلاحقه أصحاب المحلات التجارية ويلومونه مجددا على تراكم الديون عليه.
وتتأثر عائلة عابد سلبا بأوضاعه المالية المتعثرة، إذ توقف نجله الأكبر عن الالتحاق بالفصل الثاني من دراسته الجامعية فيما يشتكى اثنان آخران من أبنائه من اضطرارهما للذهاب والعودة مشيا على الأقدام إلى مدرستهما من دون أي مصروف يومي.
وهذا الحال ينطبق على نحو 180 ألف موظف في الضفة الغربية وغزة يتقاضون رواتبهم الشهرية من السلطة الفلسطينية التي اشتكت على مدار العامين الأخيرين من نقص في المساعدات الخارجية المقدمة لها.
وجاء قرار إسرائيل مطلع كانون أول/ ديسمبر الماضي بحجز أموال عائدات الضرائب المستحقة للسلطة الفلسطينية والتي تقدر بمليار دولار سنويا ليزيد من حدة أزمتها المالية.
وقال وزير العمل في السلطة الفلسطينية أحمد مجدلاني إن نقص المساعدات الخارجية وحجز إسرائيل عائدات الضرائب فاقم الأزمة لدى السلطة حتى وصل عجزها المالي لأكثر من مليار و200 مليون دولار وأدخلها في نفق مقلق للغاية.
 
وذكر مجدلاني أن السلطة بحاجة آنية إلى أكثر من 700 مليون دولار لتسديد رواتب موظفيها وتلبية ديون القطاع الخاص المتفاقمة عليها واستمرار التأخير في تحويل الأموال لها ينعكس يدفع ضريبته المجتمع المحلي.
وباتت السلطة الفلسطينية تجبر على دفع نصف فاتورة الرواتب لتسيير أزمة تراكم ديونها لصالح موظفيها الذين يحتجون على ذلك بشدة.
وقال أحمد عليان وهو موظف عسكري من رام الله، إن صرف نصف راتب للموظف يزيد من تعقيد أوضاعه وليس حلها في ظل تنامي ديونه وزيادة الأعباء الملقاه عليه والتي لا يغطيها راتبه كاملا في الأصل.
وأضاف عليان بنبرة من الغضب "هذا غير عادل حقا فلن أتقاضى سوى 850 شيقل فقط، لأن راتبي الشهري 2000 شيقل ولدي التزام شهري بتسديد قرض للبنك"، هذا إضافة إلى فاتورة الكهرباء التي تخصمها وزارة المالية بشكل شهري ثابت لصالح شركة الكهرباء.
ويتابع "هذا المبلغ لا يكفي ما بين تسديد ديون مترتبة والتزاماتي تجاه أطفالي، إنه وضع بائس يضعني في نفق مظلم لا نهاية له ".
وتكشف إحصائيات سلطة النقد الفلسطينية أن 77 ألف موظف فلسطيني اقترضوا من البنوك المحلية قرابة 640 مليون دولار خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة ما يجعلهم رهينة لهذه البنوك التي تستقطع من رواتبهم شهريا.
ويصف مازن سنقرط الخبير والمحلل الاقتصادي، أزمة المجتمع الفلسطيني المالية بأنها بنيوية ومتفاقمة بشكل مطرد وخطير لعدة اعتبارات بينها ما يعتبره سوء توزيع الموازنة الفلسطينية.
ويرى سنقرط أن الأزمة الحاصلة تتوجب إعادة هيكلة الموازنة الفلسطينية ودراسة أن الأولويات ليست فقط للأمن الذي يصرف عليه نحو 38% بل أن يجب أن تكون المصروفات أفضل توزيعا وأكثر عدالا للاحتياجات الفلسطينية.
كما يؤكد سنقرط وهو وزير اقتصاد سابق في السلطة الفلسطينية، أن استمرار الانقسام الفلسطيني الداخلي يفاقم الأزمة في ظل الفاتورة العالية التي تصرفها السلطة على قطاع غزة دون أن تجبي أي عوائد مالية منه.
وأظهر تقرير اقتصادي حديث، أن نسبة نمو الاقتصاد الفلسطيني تراجعت خلال عام بنحو 50 في المئة بسبب الأزمة المالية الخانقة التي تواجهها السلطة الفلسطينية.
وذكر التقرير الصادر عن المجلس الاقتصادي الفلسطيني للتنمية والإعمار (بكدار)، أن الاقتصاد الفلسطيني يواجه تراجعا مطردا في نسبة النمو متذبذبة وصلت إلى 5.5 في المئة في عام 2011، مقارنة بما يقارب من 10 في المئة في العام الذي قبله، أي بانخفاض مقداره 50 في المئة.
وحذر التقرير، من أن الأزمة الاقتصادية ستتعمق "حيث ستعيش الأراضي الفلسطينية في اقتصاد يعاني من بطالة متفشية، مشيرا إلى أن نسبتها وصلت إلى 28 في المئة في قطاع غزة، و18 في المئة في الضفة الغربية.
ويأتي تفاقم الأزمة المالية في وقت يشهد فيه المجتمع الفلسطيني غضبا متناميا من استمرار ارتفاع معدلات الغلاء المعيشي دون ان يرافق ذلك تحسن للدخل.
وباتت مواقع التواصل الاجتماعي لمدونين فلسطينيين تغص هذه الأيام بتعليقات ساخرة تتهكم على الغلاء المعيشي وتطالب بتدخل حكومي جاد للتصدى لارتفاع أسعار السلع الأساسية.
ونشر شبان على صفحة في موقع التواصل (فيس بوك) تحمل اسم (صبايا وشباب فلسطين في وجه الغلاء وارتفاع الأسعار) صورة لهم وهو يغنون بعبارات تنطوي على تحريف ساخر لنشيد (موطني) الشهير، من وحي الارتفاع في أسعار المحروقات.
وجرى تحريف النشيد الشهير ليصبح بصيغة تهكمية (موطني موطني .. البنزين والدواء والدخان والهواء في غلاء في غلاء .. والغني والفقير والصغير والكبير في استياء في استياء ).
وتعرضت الحكومة الفلسطينية التي يتزعمها الاقتصادي المستقل سلام فياض لسلسة انتقادات حادة خلال تعليقات نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي.
ووجد عدد من المعلقين على (فيس بوك) أن من بين أهداف هذه "السياسة" الحكومية "تحويل الإنسان الفلسطيني إلى رهينة للراتب والسوق".
ولا يبدو هذا الوضع أحسن حالا كثيرا لدى سلطة حركة حماس في قطاع غزة الذي تديره بالقوة منذ صيف العام 2007 ويعاني من اقتصاد شبه منهار بفعل فرض إسرائيل حصار مشدد منذ ذلك الوقت.
وأدخلت إسرائيل بداية من صيف العام 2010 تسهيلات واسعة على الحصار في غزة المفروض منذ العام 2007 خاصة ما يتعلق بحركة التوريد إليه وتصدير بعض المنتجات الزراعية والصناعية المحدودة لكنها تبقي على تحكمها بمجالات الحياة الأساسية لسكان القطاع واقتصاده.
ولدى حكومة حماس 42 ألف موظف و5 آلاف آخرين تحت بند التشغيل المؤقت تبلغ رواتبهم جميعا شهريا 124 مليون شيقل إسرائيلي إضافة حاجتها إلى 24 مليون شيقل كمصاريف تشغيلية و 700 ألف مصاريف مالية.
وقال وزير المالية في حكومة حماس زياد الظاظا، إن حكومته التي لا تتجاوز موازنتها العام 800 مليون دولار تعتمد على المساعدات الخارجية بأكثر من 70 في المائة لسد احتياجاتها.
وأقر الظاظا، بأن الحكومة تواجه "عجزا كبيرا" رفض تحديده، نتيجة تراجع المساعدات الخارجية التي تتلقاها من جهات "شعبية" في دول عربية وإسلامية ذكر منها إيران "نتيجة ظروف سياسية أخيرة ".
ويجمع مراقبون اقتصاديون على أن المصاعب المالية لسلطتي الحكم في رام الله وغزة تبقي ملقاة على عاتق الموظفين لديهما والمجتمع بشكل عام إذ تدفعه للبقاء أسيرا لأزمة مالية طاحنة تزيد من سوداوية مشهد المستقبل لديه.

عماد الدريملي
الاربعاء 23 يناير 2013