نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

وقاحة استراتيجية مذهلة

21/04/2024 - راغدة درغام

التعميم بوصفه "تخبيصة" العقل الأولى

18/04/2024 - مصطفى تاج الدين الموسى

رسائل النيران بين إيران وإسرائيل

15/04/2024 - محمد مختار الشَنقيطي

جنوب لبنان.. بعد غزة

06/04/2024 - عبد الوهاب بدرخان

غزة والأخلاق العابرة للحدود والأرباح

06/04/2024 - عدنان عبد الرزاق

نزار قباني وتلاميذ غزة

06/04/2024 - صبحي حديدي

حرب لإخراج إيران من سوريا

06/04/2024 - محمد قواص

على هامش رواية ياسر عبد ربه

04/04/2024 - حازم صاغية


الألمان يختارون جنوب أوروبا للتقاعد لأسباب اقتصادية




بلوفديف (بلغاريا)– تستعرض آنا هولت بحماس صور منزلها الجديد في مالكو دراينوفو، وهي قرية صغيرة في بلغاريا. نجحت هولت خلال أقل من عشر سنوات في تحويل الضيعة المحيطة بالمنزل والبالغ مساحتها ستة آلاف متر، بالقرب من مدينة بلوفديف، عاصمة الثقافة الأوروبية لعام 2019، إلى فردوسها الخاص. يضم المكان، منزلين، وبستان كروم، وأشجار فاكهة، بذلت هولت مع زوجها، الذي توفي قبل عامين، الكثير من الجهد والعرق بالإضافة إلى 100 ألف يورو ما يعادل 111 ألف دولار في المشروع.


وترجع أصول هولت إلى مدينة انجولشتات البافارية، وكانت تمتلك عدة صالونات تجميل في برلين، وعندما بلغت الـ67 عاما، كان من دواعي سرورها أن تمضي سنوات تقاعدها تحت شمس بلغاريا الدافئة. وجدت هولت في الطبيعة البكر المحيطة بها التعويض المناسب. تتذكر إلى الآن اليوم الذي اتخذت فيه قرار الانتقال إلى المكان، وتؤكد أنه على الرغم من حالة المنزل المتدهورة والحفر التي كانت تملأ الطرق، إلا أنها حين رأت هذا المشهد الفردوسي وسط أحضان الطبيعة، فغرت فاههها ووقفت عاجزة عن الكلام. تجدر الإشارة إلى أنه بمرور الوقت يتزايد عدد المتقاعدين الألمان الذين يشعرون بانجذاب نحو دول جنوب شرق أوروبا لأسباب اقتصادية، في المقام الأول، فهي بكل الأحوال أرخص نسبيا من ألمانيا. ووفقًا للبيانات الصادرة عن وكالة التأمين الفيدرالية الألمانية والمعروفة اختصارا بــ ـــــ(DRV)، يعيش أكثر من عشرة آلاف متقاعد ألماني حاليًا في بلدان مثل المجر ورومانيا وكرواتيا وبلغاريا واليونان، أي ما يقرب من ضعف ما كان عليه الوضع قبل عشر سنوات. توضح الوكالة أنه لم يسبق أن استقر مثل هذا العدد الكبير من المتقاعدين الألمان في الخارج. تشير (DRV)، إلى أنها قامت مؤخرا بتحويل معاشات ما يقرب من 240 ألف متقاعد ألماني يعيشون بشكل شبه مستقر في مختلف دول العالم. تقول مسؤولة الوكالة ديرك مانتلي "نحن بصدد رقم قياسي جديد". وفقًا لمكتب الإحصاء الفيدرالي، فإن بلغاريا لديها أقل تكلفة للمعيشة في أوروبا. يدفع المستهلكون في هذا البلد الواقع في أوروبا الشرقية نصف القيمة تقريبا مقابل المنتجات والخدمات مقارنة بالمعدل العادي لغيرهم في باقي الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي. على سبيل المثال، يبلغ سعر كيلوجرام من التفاح 6ر0 يورو، وتصل قيمة خدمة قص وتصفيف الشعر في المتوسط 15 يورو، ومع ذلك فإن منتجات وخدمات أخرى مهمة يبلغ سعرها أحيانا الضعف مقارنة بألمانيا، ومنها على سبيل المثال: المعجنات والأجبان والأحذية. وفقًا للمكتب الإحصائي الأوروبي (Eurostat)، سعر الطعام في رومانيا والمجر، أرخص أيضًا من ألمانيا، ولكن ليس في اليونان حيث تكون المنتجات الغذائية باهظة الثمن مثلما في ألمانيا. وتختلف تجارب انتقال المتقاعدين، فبينما كان التغيير جذريا في حالة هولت وجاء عبارة عن بداية جديدة على مشارف السبعين، بالنسبة لفرنر كريستيز، اختار أن يكون التغيير تدريجيا. قام المتقاعد الألماني /69 عاما/ باستئجار منزل من ثلاث حجرات مقابل 300 يورو في بلوفديف لمدة عام، ليرى إذا كان سيتكيف مع الوضع أم لا. يرى أن التجربة تسير بشكل إيجابي حتى الآن، مؤكدا بقوله "يمتاز الناس هنا بالود وكرم الضيافة"، مقارنة بالوضع في أوروبا الغربية. من ناحية أخرى تشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن بلغاريا بحاجة إلى سكان بشكل عاجل، نظرا لحالات الهجرة الكبيرة إلى الخارج التي تنتشر بين سكانها، وتتوقع التقارير أن يفقد البلد نصف سكانه بسبب هذه الظاهرة بنهاية القرن الحالي. في ذات الوقت، يشعر ذلك الألماني من بلدة فريبورج، التابعة لإقليم بادن-فورتمبيرغ، بالهدوء والسكينة، يغمره الود في مستقره الجديد، حيث تعلم ترديد بعض المفردات البسيطة باللغة البلغارية، بعد تدربه على الأبجدية السيريلية. ومع ذلك يقول "إذا استدعت الحاجة ألوح بيدي مستخدما لغة الإشارة للتفاهم والتعبير"، مؤكدا "لم أجد صعوبة حتى الآن في التفاهم مع الناس". عمل كريستيز لمدة ثلاثين عاما في سويسرا مهندسا بالمساحة. أقام قبل انتقاله إلى بلغاريا إلى جوار بحيرة كونستانزا، ولكن الحياة الحديثة أنهكته. يقول "الحياة في ألمانيا وسويسرا تسير بوتيرة حديثة أكثر من اللازم". من المقرر أن تنتقل زوجته إلى بلغاريا لتجرب فترة من الوقت إلى أي مدى يروقها تغيير محل إقامتها والاستقرار في بلغاريا. بوسع كريستيز الإقامة بصورة مريحة في بلوفديف بمعاش تقاعده الألماني، بدون حساب مكافأة نهاية الخدمة التي يتقاضاها من سويسرا. لكن كريستس يحذر من أنه لا ينبغي لأحد أن يكون ساذجًا إلى هذا الحد: "هذا ليس للجميع". فهو على دراية بتقارير خبراء سوق العقارات في صوفيا الذين رصدوا حالات المتقاعدين الألمان الذين أخطأوا في تقدير إمكانياتهم. تشير تقارير الخبراء إلى أن "غالبيتهم يفتقرون للخبرة في التعامل مع اللغة أو المنظومة الصحية في البلاد"، كما تحذر التقارير من أنه كلما كان المتقاعدون أكبر في السن كلما كانت التجربة أسوأ. وفقا لهذه التقارير فإن شراء عقار في منطقة الساحل الشعبي على البحر الأسود يعد بمثابة تسجيل الانسان هدفا في مرماه. فهذا المنطقة تتحول في فصل الشتاء إلى مكان شبه مهجور، ومن ثم فإنه ليس المكان الأنسب لإقامة المسنين. كما توصي التقارير بتوخي الحذر في التعامل مع الوكلاء العقاريين السيئين. يشار إلى أن المتقاعدين البريطانيين اكتشفوا بلغاريا كمكان للتقاعد في وقت مبكر أكثر من الألمان. قبل سنوات من انضمام بلغاريا إلى الاتحاد الأوروبي في عام 2007 وبعده مباشرة ، اشترى الإنجليز آلاف العقارات في البلد الواقع في منطقة البلقان، وفقًا لبيانات مؤسسات صناعة السياحة. توجد في رومانيا المجاورة قرى رائعة في ترانسيلفانيا حيث اشترى المتقاعدون الألمان والفرنسيون والهولنديون منازل ويعيشون تحت شعار "العودة إلى الطبيعة". وهو وضع قد يصبح حقيقيا إذا قامت رومانيا بإصلاح بنيتها التحتية، وقبل كل شيء، تحسين خدماتها الصحية. في الوقت الحالي، في حالة الإصابة بنوبة قلبية أو حتى بكسر في عظمة الفخذ، من الصعب الحصول على رعاية طبية كافية. تعرب آنا هولت عن قناعتها بأن بلغاريا يمكن أن تقدم لها أكثر بكثير من مجرد مكان تقاعد دافئ اقتصادي التكلفة، حيث تؤكد "لقد استعدت طاقتي في هذا المكان وعثرت على السكينة والسلام اللذين كنت احتاجهما لكي أعثر على نفسي من جديد". وتقول أيضا أنها تعشق أيضا روائح الفاكهة الطازجة والخضروات البلغارية، بدون أن تنسى أطايب الشراب محلية الصنع مثل الراكيا والدوماشنو البلغارية الأصيلة. لا تشعر هولت بإي معاناة أو إرهاق من الإقامة في قرية يبلغ تعداد سكانها 100 نسمة فقط، حيث تنتهز فرصة وجودها في المكان للقيام بالكثير من الرحلات، وتؤكد أن مشروعها القادم الذي تفكر فيه حاليا هو إمكانية أن يشاركها عجائز آخرون الإقامة في منزلها أو أن تشاركهم هي الإقامة في منزلهم. (د ب أ) ط ز/ ب ت 2019

إيلينا لالوفا
الجمعة 18 أكتوبر 2019