نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

عن روسيا وإيران شرق المتوسّط

08/05/2024 - موفق نيربية

( في نقد السّياسة )

05/05/2024 - عبد الاله بلقزيز*

أردوغان.. هل سيسقطه الإسلاميون؟

03/05/2024 - إسماعيل ياشا

" دمشق التي عايشتها " الغوطة

28/04/2024 - يوسف سامي اليوسف

( أيهما أخطر؟ )

24/04/2024 - محمد الرميحي*

إيران.. من يزرع الريح يحصد العاصفة

23/04/2024 - نظام مير محمدي

وقاحة استراتيجية مذهلة

21/04/2024 - راغدة درغام


الجماعات المتمردة في أمريكا اللاتينية بين حلم السلطة وكابوس الفناء






برلين - كلاوس بلومي - طوال سنوات ظل العنف هو الكلمة والفعل المسيطر على كولومبيا، بأكثر من 200 ألف قتيل في 50 عاما تقريبا لم يتوقف الصراع بين الجماعات المتمردة اليسارية والحكومات التي توالت على الحكم في بوجوتا ليصبح واحدا من أكثر النزاعات دموية في تاريخ أمريكا اللاتينية، وفي الوقت الحالي بدأت جماعة القوات المسلحة الثورية في كولومبيا (فارك) أقوى الجماعات المتمردة وأشهرها مفاوضات سلام مع الحكومة الكولومبية برئاسة خوان مانويل سانتوس، وعلى عكس كل المرات والفرص السابقة، فإن فرص النجاح هذه المرة كبيرة.


الجماعات المتمردة في أمريكا اللاتينية بين حلم السلطة وكابوس الفناء
واذا ما نجحت "فارك" والحكومة في التوصل لاتفاق يتعلق بقضايا مثل توزيع الأراضي ونزع السلاح والدور السياسي الذي ستلعبه عناصر الجماعة بعد ذلك ربما يكون 2013 هو عام السلام بالنسبة لكولومبيا، وبهذا سينتهي أخر أكبر صراع تمردي في أمريكا الجنوبية .. ذلك الجزء من العالم الذي رفع فيه رجال ونساء السلاح في الكثير من الدول في وجه الديكتاتوريات العسكرية أو الحكومات اليمينية تحت هتاف "سننتصر"، مرات قليلة نجحوا في غايتهم والإطاحة بها، وفي أحيان أخرى تخلى بعضهم عن السلاح وبدأوا في لعب أدوار سياسية، في حين ظلت حركات متمردة كثيرة في الماضي وطي النسيان عقب أن فشلت ولم يكتب لها البقاء.
 
النموذج الأنجح عسكريا بالنسبة لكل "الثوار" كان حركة 26 تموز / يوليو في كوبا، حينما نجحت قوات يقودها فيدل كاسترو قادمة من المكسيك نهاية عام 1956 في اقتحام شرق الجزيرة لمواجهة الديكتاتور فولخنسيو باتيستا، وعلى الرغم من أن أمال النصر كانت ضعيفة للغاية إلا أن النصر كان حليف كاسترو الذي نجح كل مرة في الحصول على المزيد من الدعم والتعاطف لتتمكن الحركة من الإطاحة بالديكتاتور في الأول من كانون ثان/يناير عام 1959.
بعد ذلك قام كاسترو بتحويل الجزيرة الكاريبية إلى نظام شيوعي يعمل في إطار الحزب الواحد والذي على الرغم من كل الظروف المحيطة ظل محافظا على وجوده حتى عقب سقوط الاتحاد السوفييتي الذي استلهم إيدولوجيته، وعقب تدهور صحة فيدل قام بتسليم السلطة لشقيقه راؤول.
 
وألهم المثال الذي قدمته كوبا العشرات من حركات التمرد، التي أصبحت أسماء أغلبها حاليا في طي النسيان.
 في 1979 نجحت جبهة "ساندنيستا " للتحرير الوطني في الإطاحة بديكتاتور نيكاراجوا أناستاسيز سوموزا، وعقب سنوات من الإدارة الاقتصادية السيئة وحرب أهلية دامية ضد معارضيهم المدعومين من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، فقدت الحركة السلطة في انتخابات عام 1990 ، إلا أن أتباع هذه الاتجاه نجحوا في العودة مجددا للساحة في 2006 عقب فوز زعيمهم دانييل أورتيجا في الانتخابات الرئاسية، وعلى الرغم من أن الدستور كان يمنع إعادة انتخاب الرئيس بصورة مباشرة، فإن أورتيجا رشح نفسه ليفوز بانتخابات  2011 ويحتفظ بمنصبه وذلك في عملية انتخابية شهدت اتهامات حول وجود حوادث تزوير موسعة، وبفضل الدعم الفنزويلي النفطي من قبل هوجو شافيز، فإن أورتيجا نجح في الدفع بسياسات اشتراكية لمكافحة الفقر مثل دعم النقل والكهرباء وإنشاء مساكن جديدة.
وحينما دخل أتباع  حركة "ساندنيستا" ماناجوا في 1979 ، فإن متمردي الجارة السلفادور اعتقدوا أن النصر اقترب، إلا أن الأمور لم تسر بهذه الصورة، حيث استمرت الحرب الدامية بين جبهة  "فارابوندو مارتي للتحرير الوطني"  والجيش أكثر من عقد إلى أن توصلت الحكومة والجماعة المتمردة في 1992 إلى اتفاق سلام لتتحول الأخيرة لحزب سياسي نجح في 2009 في الفوز بالانتخابات الرئاسية، وقام الرئيس ماوريسيو فونيس، الذي كان يعمل كصحفي سابقا، في تنفيذ إصلاحات اجتماعية لمساعدة العائلات الأكثر فقرا بجانب مشروعات لدعم صغار المزارعين وتحسين وضع المرأة في المجتمع.
 وعلى بعد سبعة ألاف كيلومترا من جنوب غرب سان سلفادور، أصبح القصر الرئاسي لأوروجوائي من نصيب متمرد سابق هو الرئيس الحالي خوسيه موخيكا الذي كان من عناصر جماعة "توباماروس" الأوروجوائية المتمردة والذي قضى الكثير من سنوات عمره في السجون، ويقال إنه يتبرع الآن بأغلب مرتبه لمساعدة العائلات الفقيرة، وكانت الجماعة المتمردة عقب نهاية الديكتاتورية العسكرية في 1985 قد انضمت إلى التحالف اليساري المعروف باسم الجبهة الموسعة، ونجح موخيكا في الوصول للسلطة عام 2010 عن طريق الانتخابات  ليصبح رئيسا للبلاد، ولكنه على الرغم من هذا لا يزال حريصا على الابتعاد عن كل مظاهر الفخامة في حياته الشخصية كما لا يزال يتنقل بسيارته الفولكس فاجن طراز "بيتلز" القديمة.
وعلى الصعيد الآخر لم تحظ قيادات متمردة مثل البيرواني أبيمايل جوزمان الزعيم التاريخي لجماعة "الدرب المضيء" بفرصة لبدء مسيرة مدنية سياسية بعيدة عن العنف، حيث أنه في السجن منذ 20 عاما كما لا توجد أي مؤشرات حول احتمالية العفو عنه أو إخراجه،  والسبب وراء هذا الأمر هو أن جماعته تعتبر من أكثر حركات التمرد وحشية في هذا الجزء من العالم، وإن كان الوهن أصابها الآن وأصبحت متشرذمة في عصابات صغيرة ترتبط بأنشطة المخدرات.
 
وبالتزامن مع سقوط " الدرب المضيء" واتفاق السلام في السلفادور، ظهرت في المكسيك حركة تمرد لم تكن معروفة إنها "لوس ثاباتيستاس"، حيث قاموا في الأول من كانون ثان/يناير 1994 باحتلال عدد من مقار مجالس البلدية في ولاية تشياباس وطالبوا بانهاء التفرقة والتمييز ضد السكان الأصليين، وكان زعيمها صاحب الكاريزما المعروف باسم القائد ماركوس قد راهن على قدرة الكلمات ودعا كل نقاد العولمة من أنحاء العالم إلى مؤتمر ضد النيوليبرالية ومن أجل الإنسانية  في أحراش لاكاندونا بولاية تشياباس، وعقب فترة طويلة من الصمت ظهر القائد ماركوس مؤخرا ليعلن عن مبادرات جديدة لاحتجاجات مدنية وسلمية.
 
وفي البرازيل أكبر دول أمريكا اللاتينية نجحت متمردة سابقة في الوصول للرئاسة، إنها ديلما روسيف /65 عاما/ والتي كانت تتمتع بعضوية عدد كبير من جماعات المقاومة أثناء الحقبة الديكتاتورية العسكرية، وفي1970 تم اعتقالها وتعذيبها لمدة عامين، ووصلت روسيف للرئاسة في 2010 عقب الفوز بالانتخابات بصفتها مرشحة العمال لتخلف إناسيو لولا دا سيلفا الذي كان هو الأخر عنصرا نشطا بجماعات مقاومة متمردة ضد العسكريين.

كلاوس بلومي
الاربعاء 20 مارس 2013