نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

" دمشق التي عايشتها " الغوطة

28/04/2024 - يوسف سامي اليوسف

( أيهما أخطر؟ )

24/04/2024 - محمد الرميحي*

إيران.. من يزرع الريح يحصد العاصفة

23/04/2024 - نظام مير محمدي

وقاحة استراتيجية مذهلة

21/04/2024 - راغدة درغام

التعميم بوصفه "تخبيصة" العقل الأولى

18/04/2024 - مصطفى تاج الدين الموسى

رسائل النيران بين إيران وإسرائيل

15/04/2024 - محمد مختار الشَنقيطي

جنوب لبنان.. بعد غزة

06/04/2024 - عبد الوهاب بدرخان


الحقيقة في تناقص الاحتياطيات الأجنبية(1من2)












وقعت على مقال، لأستاذنا الكبير جمال خاشقجي كتبه السبت الماضي، فيه أخبار استنكَرتُها عقلا، منقولة عن تصريحات محمد آل الشيخ، وزير الدولة وعضو مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، لمجلة «بلومبيرغ» في نيسان (أبريل) ٢٠١٦.



  وهي ،كما قال استاذنا، "تستحق أن تنشر مرة أخرى". ومنوها في إشارة لطيفة لمن كان وراءها، بوصف محمد أل الشيخ بأنه من ""القيادات الفاعلة في عمليات «إنقاذ» الاقتصاد السعودي لا إصلاحه فقط"" وبهذا برر استاذنا الخاشقي حال أل الشيخ بأنه " كان أكثر تفصيلاً في شرح خطورة الوضع الاقتصادي".
فعدت أدراجي الى بلومبرغ لأتأكد من دقة فهمي للترجمة، فوجدت ما هو أشد إنكار للواقع فضلا عن إنكار العقل.
وتصريحات أل الشيخ تنقسم إلى قسمين رئيسيين: 
الأول يتناول الاحتياطيات الأجنبية وكيف أنها كانت تنهار في بداية النصف الأول لعام ٢٠١٥ حتى تم استدراكها والتخفيف من تناقصها، في التسعة أشهر التي تلتها. وهذا عكس الحقيقة تماما، وهو الذي سنبينه هنا.
القسم الثاني: أنه كان هناك هدر مالي شديد في الدولة حتى تم استدراكه بإجراءات التقشف وبالإجراءات التي أسماها استاذنا الخاشقجي «أزمة تأخر الدفعات لشركات المقاولات الكبرى».
والهدر المالي قبل ٢٠١٥ بسبب الفساد والجهل، حقيقة نعلمها بعموم ملامستنا للأوضاع. ولكن انه قد تم استدراكه فهذا غير صحيح، ليس بعموم ملامستنا للأوضاع بل ان الأرقام الرسمية تثبت عكسه. فالهدر المالي قد زاد ولكن أصبح غامضا، لا يُعرف أين ذهبت الأموال. فالأرقام الرسمية تظهر اختفاء مئات المليارات ولكن لا ندري أين اختفت. 
فإلى بيان ذلك من الأرقام الرسمية لمؤسسة النقد بوصف تجريدي لا مدخل فيه للظن او الهوى أو تأثير التصورات.
القسم الأول الاحتياطيات الأجنبية
ففي تقرير أل الشيخ "لكبح الإنفاق الحكومي" ، كما وصفت بلومبرغ حديث أل الشيخ، ذكر أل الشيخ ما نصه "إن إحراق الاحتياطيات بمعدل ثلاثين مليار دولار شهريا في النصف الأول لعام ٢٠١٥م، قد بدأ في النزول". وهذا القول ليس بعيدا عن الصحة فقط، بل عكس الواقع تماما. وذلك حسب المعلومات الرسمية المنشورة لمؤسسة النقد.
والاحتياطيات المقصودة هي الأصول الأقرب للسيولة في استثماراتنا الأجنبية –ما عدا الذهب-، كوضع الاحتياطي في الصندوق الدولي وحقوق السحب والأوراق المالية الحكومية.
وهذه الاحتياطات كانت تشكل ٧٠٪ من صافي استثماراتنا الأجنبية وتناقصت هذه النسبة الى ٦٠٪ مع الربع الثاني ٢٠١٦.  
أولا: وواقع الأرقام الرسمية يخبرنا عن هذه الاحتياطيات بأن معدل تناقصها الشهري في الستة الأشهر الأولى كان أقل من تسعة مليارات ونصف دولار، أي أن ال الشيخ ضاعف الرقم أكثر من ثلاثة مرات.
والأهم أن الأرقام تخبرنا بعكس ما قاله أل الشيخ بأن معدل الإحراق للاحتياطيات قد تناقص الان، فهذا عكس الصحيح بالضبط. فحديث أل الشيخ كان في ابريل ٢٠١٦، أي آن معلومات الاحتياطيات كانت متوفرة لشهر مارس ٢٠١٦. فهذه تسعة أشهر بعد منتصف ٢٠١٥م الذي أشار اليه ابن الشيخ.
وقد ارتفع معدل حرق الاحتياطيات فيها إلى قرابة العشرة المليارات دولار. بل أن الأشهر الثلاثة التي سبقت تصريحاته بشهر، قد جاوز معدل الإحراق فيها الخمسة عشر مليار دولار.
ثانيا: وأما إذا ما نظرنا إلى استثماراتنا الأجنبية التي تشمل أصول الاحتياطيات والأصول الأخرى الأقل سيولة كالأسهم وصناديق الاستثمار وغيرها، فسنجد صورة أوضح وأقوى في تفنيد تصريحات أل الشيخ، وإثبات عكسه.
فتناقص صافي موجوداتنا الأجنبية بما فيها الاحتياطيات في الربع الأول من ٢٠١٥ كان بمعدل ملياري دولار فقط شهريا ثم أزداد التناقص إلى قرابة ستة مليارات شهريا في الربع الثاني ٢٠١٥ ثم جاءت مرحلة ما زعم أل الشيخ بأن الاحتياطيات بدأ يخف تنازلها لنجد الحقيقة عكس قوله في صورة مرعبة، أي في التسعة أشهر التي زعم أل الشيخ انه تم استدراك الاحتياطيات فيها.
فقد أزداد النزول في الربع الثالث ليصل لثمانية مليارات ثم واصلت الانحدار في الربع الرابع ليصل معدل النزول أحد عشر مليار دولار ثم دخلت مرحلة شبه انهيار في الربع الأول أي نهاية مارس  ٢٠١٦ ليصل معدل النزول لقرابة خمسة عشر مليار دولار شهريا. وهي أخر معلومات كانت متوفرة قبل تصريحات أل الشيخ.
والذي يفسر ذلك أنه لعل كان هناك تسييل للأصول الأجنبية من غير الاحتياطيات لتخفف وطأة حدة النزول المتزايد بعد النصف الأول من ٢٠١٥ ، وذلك لكثرة مراقبة ارقام الاحتياطيات الأجنبية من الإعلام العامة والسوق، بخلاف أرقام الاستثمارات الأجنبية جميعها.
فخلاصة أولا وثانيا: وعموما، فكما بينت أعلاه، فسواء نظرنا للاستثمارات الأجنبية جميعا أو للاحتياطيات التي ذكرها أل الشيخ، فما ذكره أل الشيخ هو عكس الحقيقة، اللهم أنه اشد عكسا للحقيقة إذا ما نظرنا للموجودات الأجنبية جميعا، وإشارة إلى التلاعب في الموجودات الأجنبية لإخفاء انهيار الاحتياطيات. 
ثالثا: كما أن في تصريحات مبالغة يستنكرها عقل الرجل العادي. وهذا ما شد انتباهي. فقوله ٣٠ مليار دولار كل شهر لستة أشهر ، يعني أن مجموع تناقص الاحتياطيات في الستة الأشهر الأولى من عام ٢٠١٥ بلغ مقدار ١٨٠ مليار دولار، أي ثلث الاحتياطيات، وهو رقم لا يخطئ به أحد. 
وسأقف هنا لأدع للمواطن والمسئول السعودي فرصة ليستوعب القسم الأول ودلالاته، لنتابع في القسم الثاني تبعيات حديث أل الشيخ العاري تماما من الصحة. فما القسم الأول إلا بداية الإفصاح عن أمور عظيمة وتضييع لانفاق حكومي ، وهدر أموال ضخمة كانت مخفية، كما اخفيت حقيقة الاحتياطيات في تقرير الوزير المستشار لولي الأمر.
إن الحقائق في هذا القسم ماهي إلا بداية تمهد  لنتائج البحث والتقصي في الأرقام الرسمية المعلنة من مؤسسة النقد. والتي أخرجت أمور عظام شملت عموم اقتصاد البلاد. وتحكي في طياتها تناقضات خطيرة لما قدمه أل الشيخ لولي الأمر. 
وفيها ظهور أدلة على هدر عظيم، لا يُعلم أين أهدر وفيما صُرف، قد حصل في الثمانية عشر شهر الماضية، ومازال يحصل، ليُضيع مصروفات الحكومة فلا تبين. فيستهلك هذا الهدر، الغامض العظيم، شحيح ما جاءت به إيرادات النفط، ثم يعود الهدر على احتياطيات واستثمارات قد بُنيت في عقد من الزمان فيحرقها، ليتفرغ الهدر الغامض لإعادة بناء هم سطوة الدين الأجنبي.
إن خطورة تصريحات أل الشيخ في كونها تضليلية للقيادة وللمسئول وللبلاد لهو أعظم من خطورة ما حملته من معلومات لو أنها كانت حقيقية. 
إدراكي لخطورة التضليل، أيقظ همة البحث والاستقصاء عندي. فقامت يحفزها وينشطها وصف بلومبرغ لتصريحات أل الشيخ بأنها كانت كتقرير "كبح الإنفاق الحكومي " قدمه الوزير المستشار المالي لولي الأمر. فلا خير فينا، إن تقاعسنا فلم نعين ولي أمرنا في تبيين الحقائق. 

وفي القسم الثاني يأتيك الخبر العظيم، وما الغد عنا ببعيد. فهناك ما هو أعظم من ذلك وأخطر ويفتح أبوابا للتساؤل عن هدر مئات المليارات من الريالات المفقودة من كشوفات وزارة المالية ومؤسسة النقد.  
----------------
الرياض - بوست
 

د. حمزة بن محمد السالم
الجمعة 4 نونبر 2016