نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

( في نقد السّياسة )

05/05/2024 - عبد الاله بلقزيز*

أردوغان.. هل سيسقطه الإسلاميون؟

03/05/2024 - إسماعيل ياشا

" دمشق التي عايشتها " الغوطة

28/04/2024 - يوسف سامي اليوسف

( أيهما أخطر؟ )

24/04/2024 - محمد الرميحي*

إيران.. من يزرع الريح يحصد العاصفة

23/04/2024 - نظام مير محمدي

وقاحة استراتيجية مذهلة

21/04/2024 - راغدة درغام

التعميم بوصفه "تخبيصة" العقل الأولى

18/04/2024 - مصطفى تاج الدين الموسى

رسائل النيران بين إيران وإسرائيل

15/04/2024 - محمد مختار الشَنقيطي


الحكومة الاسرائيلية وأساليبها لتطهير القدس من العرب




القدس - لاورا فيينا - عرفت عائلة الكرد واحدة من أعرق العائلات الفلسطينية في القدس، معنى النوم مع العدو لا يفصل بين رأسها وسن بنادقه سوى حاجز بسيط لا يحمي من عدوان ولا يوفر أمنا. فقد عانت هذه الأسرة منذ عدة أسابيع من اقتحام "جيرانهم الجدد" وهم بعض المستوطنين اليهود، لمنزلهم فجرا تحت حماية شرطة الاحتلال، وقام المستوطنون بنهب المنزل وتحطيم أثاثه وتخريب حديقته، حتى أنهم لم يتركوا فيها ركنا قائما على قواعده.


عائلات فلسطينية تستوطن الخيام بعد هدم منازلها بالآلة الاسرائيلية
عائلات فلسطينية تستوطن الخيام بعد هدم منازلها بالآلة الاسرائيلية
وتأتي هذه الممارسات في إطار عملية التهويد لمدينة القدس، التي دأبت الحكومة الإسرائيلية على تنفيذها بعد سياستها القائمة على هدم منازل العرب في القدس.

ووفقا لبيانات اللجنة الإسرائيلية لمناهضة هدم المنازل، شهد عام 2009 فقط هدم 75 منزلا في القدس الشرقية وحدها، و 56 منزلا آخر في الضفة الغربية، كما تم طرد أربعة من أكبر العائلات الفلسطينية من منازلهم وأصبح هناك ما بين 600 إلى ألف فلسطيني يعيشون في العراء أو مضطرون للبحث عن منازل جديدة لإيوائهم.
وبالرغم من أن إسرائيل دأبت منذ احتلال القدس الشرقية بعد حرب حزيران/ يونيو 1967، على طرد العرب إلا أن تزايد ضحايا سياستها في هذا الشأن تسارع بشكل ملحوظ في الآونة الأخيرة، خاصة مع عزم الحكومة الحالية على سياسة طويلة الأجل لتطهير المدينة من العرب.

جدير بالذكر أنه بعد حرب 1948 حصلت 30 أسرة فلسطينية على وضع لاجئين من بينهما أسرتي الكرد والجاوي، وكلاهما تحاول الآن مع باقي الأسر الأخرى، رتق ثقوب الوضع القانوني الذي تمت صياغته على عجل عام 1956 بين الحكومة الأردنية من ناحية ووكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين (أونروا)، وهو الحل الذي تم بمقتضاه تسكين هذه الأسر في حي الشيخ جراح بالقدس الشرقية.
وتناضل أسرة الجاوي التي تضم 37 فردا، منذ ثلاثة عقود أمام المحاكم لإثبات حقها القانوني غير أنها في 2 آب/ أغسطس الماضي، استيقظ أهلها على حكم المحكمة العليا في إسرائيل، يحمله على باب منزلهم مجموعة من المستوطنين تساندهم قوة من جنود الاحتلال الإسرائيلي جاءوا لطردهم من منزلهم ويحتلوا مكانهم.

يقول نادر الجاوي، أحد أفراد هذه الأسرة الفلسطينية المنكوبة، برغم النزاع الذي استمر 30 عاما أمام المحاكم، لم يستغرق طردنا من المنزل سوى ساعة زمن واحدة، وبعد أقل من ساعة أخرى- يواصل الجاوي بينما يغذي راكية النار التي أوقدها لتقيه وأسرته من برد الشتاء القارص، في الخيمة التي أقامها أمام منزله- استولى المستوطنون على المنزل.
وأصبح نادر الجاوي يرى اليهود كل يوم وهم يدخلون ويخرجون من المنزل الذي احتوى عائلته قرابة نصف قرن، والآن بعد طردهم، سقطوا في حيرة ولم يعد يغمض لهم جفن منذ شهور بسبب التفكير في مستقبلهم الغامض، بعد أن أرغمته العلاقة المتوترة مع "الجيران" ودوريات الشرطة الإسرائيلية المستمرة، علاوة على مظاهرات النشطاء الفلسطينيين المطالبة بإنهاء الاستيطان والتي يتم تنظيمها بصفة دورية عقب صلاة الجمعة، وتنتهي عادة بمواجهات عنيفة بين قوات الاحتلال والنشطاء، وتؤدي إلى إلقاء القبض على عدد منهم، /أرغمته/ على أن يظل مستيقظا تحسبا لما سوف تسفر عنه الأحداث.

ولم يكن حظ جيرانه من عائلة الكرد أفضل حالا على الرغم من أنهم لا زالوا يحتفظون بمنزلهم، إلا أنهم باتوا يعدون الأيام تحسبا للخطوة التالية من جانب المستوطنين، وما سوف تسفر عنه هذه الخطوة غير مأمونة العواقب، فهم لا يزالوا "يتقاسمون" الجدار والحديقة مع "الجيران"، الذين اقتحموا منزلهم واحتلوا نصفه حتى الآن.

ومنذ ذلك الحين، يعبر نبيل وأخوه رمضان ووالدتهم وأبناءهم من عائلة الكرد من بوابة المنزل يوميا ليجدوها محاطة بأعلام إسرائيل، ويصطدمون أحيانا بالحرس الإسرائيليين المدججين بالسلاح لحماية المستوطنين اليهود، كما اعتادوا على تحية النشطاء الفلسطنيين والدوليين الذين ينامون على أعتاب دارهم تضامنا مع موقفهم، لا يكاد يفصل بينهم وبين العدو المحتل سوى حاجز بسيط لا يحمي من شيئ.
لا يمكن أن يكون هناك مناخ أقل عدائية، فبعد تهجير أربعة من الأسر الـ28 الذين استفادوا من خطة الأونروا منذ أكثر من نصف قرن، يقول نادر "نحن نحاول أن نعيش حياة طبيعية، ولكننا ننام مذعورين" يؤكد ذلك بينما عيناه الكليلتان من السهر والقلق، يحدوهما أمل يائس في تحرك المجتمع الدولي أو تقديم الولايات المتحدة شيئا من أجلهم.
يطالب نادر الولايات المتحدة أن تفعل شيئا آخر غير كلمات الإدانة والشجب، التي ترددها الأمم المتحدة، والاتحاد الأوروبي، الذين يقفون بعيدا تماما عن التصدي لجرافات وعائلات المستوطنين اليهود الذين يهددون حي الشيخ جراح.

ومع ذلك، وبالرغم من سياسة التطهير التي تنتهجها إسرائيل منذ أكثر من 40 عاما، بعد احتلال القدس الشرقية عام 1967، وبالرغم من الصراع الديموجرافي بين العرب واليهود في القدس، تمكن العرب من زيادة نسبتهم السكانية من 25% عند الاحتلال، إلى 35% الآن، وفقا لبيانات اللجنة الإسرائيلية لمناهضة هدم المنازل.
وقد تنبهت المحكمة العليا في إسرائيل إلى مدى تعقيد وغموض الوضع القانوني للأسر الفلسطينية الـ28 ومن ثم بعد طرد أربع منها بدأ العد التنازلي ضد الـ24 المتبقية ومن ثم لم يعد بمقدور أي محامي أو مستشار قانوني تحديد مستقبلهم أو إبعاد خطر التهجير عنهم.

وترى السلطات الإسرائيلية أن هذه المنازل الكائنة بحي الشيخ جراح ممتلكات يهودية، تم شراءها أثناء الانتداب البريطاني، في مطلع القرن الماضي، مما يعني أن وكالة أونروا، ليس لها أي سلطة عليها، ومن منطلق هذه المزاعم غير القابلة للنقاش، مارست إسرائيل دورها بوصفها قوة احتلال، بحسب قول لجنة مناهضة هدم المنازل، طوال أكثر من نصف قرن.

وكانت الجمعيات والمنظمات اليهودية قد نجحت بحلول عام 1972 في تسجيل هذه الممتلكات العقارية باسمها رسميا في سجلات الثروة العقارية للدولة العبرية، وبعد ثلاثة عقود من البحث والفحص والإجراءات القانونية أمام المحاكم الإسرائيلية، ازداد الوضع سوءا، نظرا لأن صكوك ملكية هذه الأراضي والمنازل التي عليها قد تم بيعها لشركة إنشاءات يهودية، كانت قد تقدمت للحكومة بخطة، تم إقرارها في 2008 ، من قبل بلدية القدس، وتقضي بهدم جميع المنازل العربية بحي الشيخ جراح من أجل بناء 200 وحدة سكنية للمستوطنين اليهود مكانها.

هذا العدوان السافر يجري تحت سمع وبصر المجتمع الدولي، الذي لا يحرك ساكنا إزاءه على اعتبار أنه فصل آخر ممل ومكرر من المخططات الإسرائيلية لتهويد الأراضي الفلسطينية المحتلة.

لاورا فيينا
الاربعاء 27 يناير 2010