نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

التعميم بوصفه "تخبيصة" العقل الأولى

18/04/2024 - مصطفى تاج الدين الموسى

رسائل النيران بين إيران وإسرائيل

15/04/2024 - محمد مختار الشَنقيطي

جنوب لبنان.. بعد غزة

06/04/2024 - عبد الوهاب بدرخان

غزة والأخلاق العابرة للحدود والأرباح

06/04/2024 - عدنان عبد الرزاق

نزار قباني وتلاميذ غزة

06/04/2024 - صبحي حديدي

حرب لإخراج إيران من سوريا

06/04/2024 - محمد قواص

على هامش رواية ياسر عبد ربه

04/04/2024 - حازم صاغية


"الحوارنة" يفاوضون النظام






أعجبتني انتفاضة بعض الناشطين من محافظة درعا واعتراضهم على تشكيلة هيئة المفاوضات الجديدة في الرياض، واختيار رئيس الهيئة وأحد نوابه من درعا، متسائلين عن السر وراء هذه التشكيلة، فلا بد أن هناك من يخطط لأن تكون الصفقة النهائية المذلة مع النظام، بأيادي أبناء درعا أنفسهم الذين بدؤوا الثورة عليه.


 
 
من حق أبناء درعا الشرفاء أن يفكروا بهذه الطريقة، وشخصيا وكوني من أبناء هذه المحافظة، أثار استيائي كثيرا أن أهل درعا كانوا الأكثر عددا بين الحاضرين لمؤتمر الرياض الثاني، وكنت أتمنى لو أن نصر الحريري بالذات، اتخذ موقفا مشابها لزملائه في الهيئة السابقة، واستقال بدوره من لعب دور المهرج في مسرحية جنيف القادمة، لكن هيهات أن يفعلها نصر وقد أصبح نجما تلفزيونيا في التفاوض مع النظام..!!
 
في الحقيقة، أكاد أخفي شيئا عن سر صعود نجم الدكتور نصر الحريري الدائم في مؤسسات المعارضة، وما يمنعني من البوح به في كل مرة، أن أداء الرجل ممتع وراء المايكرفون في المؤتمرات الصحفية، وفي ردوده على استفزازات بشار الجعفري، التي أسعدتنا حقيقة في أكثر من موقعة، لكن هناك فرق بين أن تكون متحدثا بارعا، وبين أن تكون سياسيا محنكا، وفي الحالة السورية التي دخلت مرحلة دقيقة، فإنها تتطلب رجال ظل في المعارضة، هم من يوجهون ويقررون.. أما أن يغدو الدكتور نصر الحريري، مقررا وموجها، أو له الحظ الأكبر في القرار، فهو يتطلب منا أن نتريث كثيرا، ونفتح أوراقنا، ليس طعنا بانتماء الشخص للثورة والمعارضة، وإنما تشكيكا بعدم قدرته على القيام بهذا الدور.
 
ولا بد من تنبيهه أن هناك من يحاول دفعه ونفخه، بناء على مشاعر الفخر والعزة التي أخذ يشعر بها بشكل متزايد في أعقاب كل مفاوضات، وجلسة مؤتمر صحفي.
 
ففي النهاية، نصر الحريري طبيب ولم يسبق له أن مارس نشاطا سياسيا، إلا في الثورة، وفي السنة الثالثة منها، وأذكر عندما التقيته في الأردن منتصف العام 2012، وكان حديث العهد في الخروج من سوريا، أثار صدمتي في الكثير من سلوكه وكلامه، لأنه في تلك الفترة كانت جراحات الناس غضة وتنزف كل يوم، ومشاعر الاندفاع مع الثورة في أوجها، بينما وقف نصر الحريري وبكل قسوة وطالب بأجر مالي مقابل اشتراكه في معالجة الجرحى، وأكثر من ذلك أخذ يعدد خسائره من بيت وسيارة وعيادة وشغل، في الوقت الذي لم يكن أحد يفكر بهذه الطريقة.
 
ولا أخفيكم، لم يخطر ببالي في تلك الآونة، ولم أتوقع أبدا أن يكون لنصر الحريري دورا في المعارضة السياسية، فلم تظهر عليه علامات هذا الاهتمام أو المقدرة على ممارسة هذا العمل.. وعندما ظهر لأول مرة في الائتلاف مطلع العام 2013، شكل الأمر بالنسبة لي مفاجأة كبيرة، وأخذت أتصل ببعض الأصدقاء المطلعين، فوقعت على إجابات مشابهة، بأن الإخوان هم من أوصلوه إلى هذا الموقع، لكن بحسب معرفتي، فإن نصر الحريري كان مقربا من السلفيين، ولا أستطيع أن أجزم بأنهم هم من ساهموا برحلة صعوده على سلم المعارضة.
 
على أي حال، المشكلة ليست بنصر الحريري ذاته، وإنما بالمرحلة كاملة، إذ إن المطلوب، أشخاص لا يخشون على تاريخهم، أشخاص لا يملكون شيئا على الأرض كي يتفاوضوا مع نظام لم يعد يملك شيئا كذلك، أما من يمتلكون كل شيء فقد اجتمعوا في سوتشي قبل أيام وقرروا نيابة عن الطرفين، وأقصد الرئيس الروسي والتركي والإيراني.
 
كثيرون، يطلبون منا أن لا نستبق الأمور، وننتظر مؤتمر جنيف القادم الذي سيعقد في 28 الشهر الجاري، وفيه سيتم مناقشة الخطوات التنفيذية للمرحلة الانتقالية، بحسب التسريبات، لكننا نقول لهم: المكتوب واضح من عنوانه، ومن حجم التصريحات الدولية التي عبرت عن ارتياحها والتي رافقت استقالة التيارات "المتشددة"، بحسب وصفها، في الهيئة العليا للمفاوضات، والتي كانت تضع رحيل الأسد كشرط أساسي قبل البدء بالعملية الانتقالية. وهو ما يعني بأن الأشخاص الذين بقوا في الهيئة العليا، هم أكثر رخاوة، أو قد يتم استخدامهم لفرض صورة معينة للحل في سوريا، ورغما عنهم، وعندها لن يتذكر الشعب السوري، سوى أن أبناء درعا، وبعد سبع سنوات من حمل لواء شرف انطلاق الثورة السورية، هم من باعوا الثورة للنظام. 
 
وأكاد أجزم، بأن من صمم اجتماع الرياض الأخير، قد خطط في ليل لهذا المشهد، ولم يتبق سوى إخراجه على أرض الواقع، نظرا لما يتمتع به من دلالات، سوف يكون لها تأثير كبير عندما يتم تأريخ الثورة السورية، والحديث عن مجرياتها، على الأغلب، لن يكون للكرامة والحرية أي وزن فيها.
------------
زمان الوصل

فؤاد عبد العزيز
الاثنين 27 نونبر 2017