نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

( في نقد السّياسة )

05/05/2024 - عبد الاله بلقزيز*

أردوغان.. هل سيسقطه الإسلاميون؟

03/05/2024 - إسماعيل ياشا

" دمشق التي عايشتها " الغوطة

28/04/2024 - يوسف سامي اليوسف

( أيهما أخطر؟ )

24/04/2024 - محمد الرميحي*

إيران.. من يزرع الريح يحصد العاصفة

23/04/2024 - نظام مير محمدي

وقاحة استراتيجية مذهلة

21/04/2024 - راغدة درغام

التعميم بوصفه "تخبيصة" العقل الأولى

18/04/2024 - مصطفى تاج الدين الموسى

رسائل النيران بين إيران وإسرائيل

15/04/2024 - محمد مختار الشَنقيطي


السعودية تواجه لحظة الحقيقة في اليمن






تواجه السعودية قراراً حاسماً يجب أن تتخذه في حربها في اليمن. فالعملية السياسية لحلّ الأزمة بين الأحزاب المتنازعة في البلاد تفشل ويجب على الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود أن يقرّر بين تصعيد الحرب ضدّ تحالف المتمرّدين أو القبول بالأمر الواقع وهو تقسيم اليمن. قد يختار عدم الاختيار.


يواجه الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز آل سعود ثلاثة خيارات في اليمن ولكن جميعها سيئة


 . تمّ تعليق محادثات السلام بوساطة من الأمم المتحدة في الكويت لشهر على الأقلّ وربما أكثر. على الرغم من أنّ الأمم المتحدة حرصت على ترك الباب مفتوحاً لاستكمال المحادثات، من المستبعد حصول تطوّر سياسي مفاجئ في العملية وفق الشروط المذكورة في قرار مجلس أمن الأمم المتحدة رقم 2216. ويدعو القرار إلى إعادة حكومة عبد ربه منصور هادي إلى السلطة في صنعاء ولكنّ تحالف المتمردين الشيعة اليزيديين والحوثيين ومؤيدي الرئيس السابق علي عبد الله صالح يرفضون ذلك.

شكّل الحوثيون وصالح مجلساً الشهر الماضي لتولّي حكم العاصمة وأغلبية منطقة شمالي اليمن. وهذا فعلياً يقسّم البلاد إلى شمال وشرق تحت حكم شيعي وجنوب وغرب تحت حكم سني. التقسيم همجي تشوبه مناطق ساخنة وحساسة مثل مدينة تعز حيث لم يتوقّف القتال على الرغم من تراجع العنف هذا الربيع بفضل الحوار في الكويت. طلب تحالف الثوار من الأمم المتحدة تشكيل حكومة انتقالية لتحلّ مكان هادي ولكن رفض هذا الأخير التنحّي.

دعمت السعودية هادي بتردّد ولم تكُن مستعدّة لممارسة نفوذها على نظامه لإبعاده. ونفوذ السعودية هائل بالطبع لأنها تؤمّن هي وحلفاؤها في الائتلاف مالاً وأسلحة لهادي لإبقاء حكومته الضعيفة في موقع السلطة في عدن. وقد دعم السعوديون هادي كي يحلّ مكان صالح بعد الربيع العربي، وهو محميهم وسيكون التخلّي عنه مخزياً.

يزعم الائتلاف الذي تقوده السعودية أنّه سيعيد "إشعال" عمليته العسكرية تحت إسم "إعادة الأمل" للتعامل مع الخروقات المستمرة للهدنة الهشة التي رافقت محادثات الأمم المتحدة. كما أنّ الغارات الجوية السعودية ضدّ المتمرّدين تكثّفت.

ولكن ليس واضحاً ما إذا كانت السعودية ترغب في بسط سيطرتها على صنعاء والمدن الشمالية الأخرى وأخذها من الثوار. وكتب معلّق سعودي أنّ مثل هذه العملية ستحوّل العاصمة إلى "مقبرة" وستغذي كراهية يمنية للسعودية ستمتدّ لأجيال وأجيال. إنّ قوات التحالف قريبة من المداخل الشرقية للعاصمة ولكنّ معركة متنقلة من منزل إلى آخر ستكون دامية ومكلفة وستترك السيطرة للحوثيين في معقلهم التقليدي في شمالي اليمن على الحدود السعودية. ويسعى الحوثيون إلى إبقاء المنطقة الحدودية تحت رحمة النار، ما يشكّل خطراً كبيراً على البلدات السعودية الحدودية. يستطيع الحوثيون تصعيد النزاع على الحدود إذا حضّر السعوديون وحلفاؤهم هجمات على صنعاء.

الحرب مكلفة جداً للمملكة. في 2015، كانت السعودية تملك ثالث أكبر ميزانية للدفاع في العالم. ولم تنافسها على ذلك سوى الولايات المتحدة والصين اللتين أنفقتا أموالاً أكثر على جيوشهما. لا شكّ في أنّ نفقات الرياض لا تذهب جميعها لتمويل المغامرة اليمنية ولكن هناك حاجة إلى مبلغ ملحوظ.

تبيع الولايات المتحدة والمملكة المتحدة كميات كبيرة من الذخيرة والإمدادات الأخرى للمحافظة على استمرارية الحرب. وتنوي السعودية أن تصنّع نصف أسلحتها بنفسها ضمن الخطة الكبيرة لرؤية السعودية 2030 ولكنّ هذه التوقعات غير واقعية لسوء الحظ. فبلاد تضمّ 20 مليون نسمة غير قادرة على المحافظة على ميزانيات الدفاع عند هذا المستوى إلى الأبد، خصوصاً مع تراجع أسعار النفط من جديد.

الأسبوع الماضي، دعا الشيخ الوهابي الأعلى في المملكة والمفتي الكبير ورئيس هيئة كبار العلماء المؤسسات الخاصة والمصارف والشركات إلى التبرّع بالمال لمساعدة العائلات المعوزة للجنود الذين قُتلوا في الحرب كما دعا جامعات البلاد إلى تقديم منح لأطفال الشهداء. وأعلن أنّ باب التبرع مفتوح لمساعدة القرى الحددودية التي تتعرّض للهجوم. ويشدّد هذا الأمر على كلفة الحرب والتحدي الذي تواجهه الحكومة لتسديد فاتورة معضلة مفتوحة على كلّ الاحتمالات.

يتوقع بعض المحللين في السعودية أن يندثر خيار الحرب. قد تتقبّل السعودية تقسيم البلاد وتترك الحوثيين يسيطرون على الشمال من دون تحديد مهلة زمنية في حين تحظى دولة جنوبية تؤيد السعودية بشرعية دولية. وتصبح دولة جنوب اليمن عضواً في مجلس التعاون الخليجي. بالتالي، في مثل هذا السيناريو، تسيطر السعودية بحكم الأمر الواقع على مضيق باب المندب الذي هو في غاية الأهمية. ويكون هذا سبيلاً طويل الأمد لردع الخطر الحوثي.

يمضي الملك رحلة طويلة في طنجة في المغرب. وفي الدقيقة الأخيرة قرّر عدم حضور القمة العربية في موريتانيا التي هي جارة المغرب الشهر الماضي، وذلك لأسباب صحية كما أُفيد. في غياب سلمان، يدير ولي العهد محمد بن نايف الشؤون اليومية.

وكان الخيار الأسهل للسعودية المماطلة وعدم اتخاذ قرار. لن يقبل النظام الملكي بأي حكومة انتقالية ويشدّد على أنّ الحرب منعت الإيرانيين من الاستيلاء على اليمن. بفضل بطاقة إيران، يبقى الدعم الشعبي للحرب قائماً وتسانده جميع دول مجلس التعاون الخليجي. يعظّم دور إيران في اليمن ولكن هذه المسألة لا تعني الملك. فهو قادر على استخدام بطاقة الخطر الإيراني دائماً علماً أنّ طهران ستتورّط في مآزق كافية لتبرير مخاوف السعودية والخليج.

أمّا مهندس الحرب السعودية، فما هو إلّا الابن المفضّل لدى الملك، وزير الدفاع محمد بن سلمان. وقد خفّض محمد انخراطه في مجهود الحرب بعد أن بدأت بالتعثر منذ عام. في الِأشهر الأولى من عاصفة الحزم، تصدّر محمد عناوين الأخبار وترأس الحملة. ولا ندري ما إذا كان ولي ولي العهد الذي يبلغ 30 عاماً من العمر يتردّد في أفكاره عن الحرب أو في وضعه خطة لحلها.
تجدر الإشارة إلى أنّ واشنطن كانت مجرّد مراقب للأزمة اليمنية ولكنّ وزير الخارجية الأمريكية جون كيري لم يضع البلاد على لائحة أولوياته الدبلوماسية. وخلف الكواليس، حاول دبلوماسيون أمريكيون دفع عملية الأمم المتحدة ولكنهم فشلوا. فاليمن ليس أولوية علماً أنّ نصف الشعب اليمني لا يتلقّى غذاء كافياً. يواجه عشرات الآلاف من الأطفال مخاطر. وها هي أغنى دول العالم العربي تقصف أفقر دوله والعالم يتفرّج وينشغل بمسائل أخرى
----------
المونيتور


بروس ريدل
الثلاثاء 9 غشت 2016