نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

إيران.. من يزرع الريح يحصد العاصفة

23/04/2024 - نظام مير محمدي

وقاحة استراتيجية مذهلة

21/04/2024 - راغدة درغام

التعميم بوصفه "تخبيصة" العقل الأولى

18/04/2024 - مصطفى تاج الدين الموسى

رسائل النيران بين إيران وإسرائيل

15/04/2024 - محمد مختار الشَنقيطي

جنوب لبنان.. بعد غزة

06/04/2024 - عبد الوهاب بدرخان

غزة والأخلاق العابرة للحدود والأرباح

06/04/2024 - عدنان عبد الرزاق

نزار قباني وتلاميذ غزة

06/04/2024 - صبحي حديدي

حرب لإخراج إيران من سوريا

06/04/2024 - محمد قواص

على هامش رواية ياسر عبد ربه

04/04/2024 - حازم صاغية


الشهر الذي ابتلعت فيه دير الزور"جامع وزهر الدين وخزام"




ليس مستغرباً أن يفقد نظام الأسد كبار ضباطه وأشرسهم خلال الحرب التي يخوضها ضد الثائرين على حكمه منذ آذار 2011، لكن أن تبتلع مدينة دير الزور وفي نفس الشهر خلال سنوات متتالية، ثلاثة من أبرز أذرع النظام في كبح جماح الثورة السورية، فذلك هو المستغرب، رغم أنه يدخل في باب المصادفة البحتة، والقدر.


من اليسار . جامع . زهر الدين ، خزام
من اليسار . جامع . زهر الدين ، خزام

ومنذ مقتلهم، شكل شهر تشرين الأول "ذكرى سوداء" على محبي رفاق السلاح الثلاثة الذين خدموا بكل طاقتهم نظام الأسد في دير الزور، فالعقيد علي خزام كان أول القتلى، تبعه اللواء جامع جامع، وآخرهم وقد لا يكون الأخير الذي يقتل في دير الزور في تشرين الأول، العميد عصام زهر الدين.

العقيد علي خزام صاحب مقولة شهيرة في دير الزور

ترسخت في أذهان أهالي مدينة دير الزور مقولة شهيرة، لـ علي نظير خزام، سيخلدها التاريخ، كونها كانت من آخر ما قاله قبل مقتله.

في 6 تشرين الأول، وقف الرجل عند "دوار الدلة" في مدينة دير الزور الذي يعد مدخل المدينة من الجهة الجنوبية، وقال لعناصره الذين كانوا بالآلاف "سأخلع ما أرتديه بقدمي اليمنى هنا، وسأخلع ما أرتديه بقدمي اليسرى في مدينة البوكمال"، في إشارة إلى أنه كان يعتقد أن الحملة العسكرية التي جاء بها ستقضي على فصائل الجيش الحر في مدينة دير الزور وكامل ريفها وصولاً إلى مدينة البوكمال على الحدود السورية- العراقية.

لم يتمكن خزام من تحقيق مقولته، وما هي إلا أمتار تخطاها عن "دوار الدلة" حتى لقي مصرعه إثر اشتباكات مع فصائل الجيش الحر الذين كانوا يبدون شراسة في التصدي لقذائف وصواريخ وجحافل نظام الأسد.

كان علي خزام ضابطاً وقائداً في قوات "الحرس الجمهوري"، وينحدر من مدينة القرداحة مسقط رأس عائلة نظام الأسد، وكان واحداً من أهم رجال باسل نجل حافظ الأسد، ثم أصبح الساعد الأيمن لماهر الأسد قائد "الفرقة الرابعة".

جمع خزام بداية اندلاع الثورة السورية عشرات العناصر -انتقاهم على أساس طائفي- وخاض معهم العديد من المعارك في المحافظات السورية، وكان يظهر في صوره واقفاً على جثث المدنيين.

أولى عملياته العسكرية على الأرض كانت في اقتحامات الغوطة الشرقية عام 2011، إلى جانب العميد عصام زهر الدين، والذي ظهر في أكثر من فيديو يدوس جثث السكان المدنيين، انتقل خزام بعدها إلى حي بابا عمرو في مدينة حمص، وتمكن برفقة مجموعته من دخول الحي الذي لم يستطع النظام دخوله لفترة طويلة.

بعد دخوله حي بابا عمرو الحمصي أطلق عليه أنصاره لقب "أسد بابا عمرو"، ليرسل بعدها إلى مدينة دير الزور، في 25 أيلول 2012، حيث ارتكب عند وصوله برفقة زهر الدين، مجزرتي "الجورة والقصور" التي راح ضحيتها أكثر من 400  مدني بينهم نساء وأطفال

اللواء جامع جامع.. خزان أسرار ورجل نظام الأسد في لبنان

يعد جامع جامع أحد أعمدة نظام الأسد في حياته، وكونه كذلك، تم إدراجه ضمن قائمة العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي على شخصيات من النظام في آب 2011، ولاحقاً أُدرج على اللائحة "الأميركية السوداء" للاشتباه في دعمه الإرهاب وسعيه لزعزعة استقرار لبنان.

لعب في بداية حياته الأمنية دوراً أساسياً في التحكم بالحياة السياسية والأمنية بلبنان، بعد توليه مسؤولية المخابرات العسكرية وأمن بيروت وأمن المطار حتى انسحاب قوات النظام من لبنان في 2005، بعيد اغتيال رئيس الوزراء، رفيق الحريري.

قبل اندلاع الثورة السورية، بسنوات قليلة، تسلم جامع جامع فرع الأمن العسكري، في مدينة دير الزور، إلى جانب إدارة ملف المنطقة الشرقية أمنياً.

في دير الزور خلق جامع حالة من الرعب بين الأهالي، ففي عهده كانت الرشاشات الثقيلة تجوب أحياء المدينة ليل نهار عبر السيارات التابعة لفرعه، لم يكن عناصره يبحثون عن أحد معارض، فلم تكن هناك ثورة، وإنما كان الرجل يفرد عضلاته على أبناء المنطقة الشرقية.

دارت أحاديث بين أهالي دير الزور، حينئذ، عن أن ما يفعله جامع هو تطبيق فعلي لما كان يقوم به في لبنان، وفهموا الرسالة المراد إيصالها، وبدؤوا بتحاشي دورياته المكثفة، وقد شهد عهده قبل الثورة، حملات حجز الدراجات النارية ومنع التجمعات، وبات الجميع يحمل الهوية الشخصية، ولاذ المتخلفون عن الخدمة في الجيش، بالفرار إلى الريف الديري أو إلى دمشق، هرباً من الاعتقال والسوق للخدمة الإلزامية.

بعد اندلاع الثورة، كشرت الفروع الأمنية عن أنيابها، وبدأت بحملات الاعتقال، كان لجامع بصمته في ذلك، إذ من النادر أن تجد أحدا من شباب دير الزور لم يتعرض للاعتقال والتعذيب، خلال الأشهر الأولى للثورة في فرع الأمن العسكري.

ووفق شهود عيان، فإن جامع كان يدخل إلى المظاهرات المليونية في الساحة العامة بدير الزور متنكراً، كي يتعرف إلى المتظاهرين، ويسمع هتافاتهم عن قرب، كي يواجه من يعتقله وقت التحقيق.

في 17 تشرين الأول 2013، قتل جامع جامع، وتضاربت الأنباء حول الطريقة التي قتل فيها، إذ قيل إنه أصيب برصاصة في الرأس في حي الجورة، بينما أوردت مصادر أخرى معلومات عن قتله مع عشرة آخرين بتفجير استهدف موكبه في المنطقة، كما جرى حديث عن قيام عصام زهر الدين بقتله عند دوار "الدلة".

لكن المؤكد وفق شهود عيان، داخل المشفى العسكري التي نقل إليها، أن آثار حرائق كانت على جثته، ما يرجح الرواية التي تقول إن فصائل الجيش الحر استهدفته بقذيفة هاون.

العميد عصام زهر الدين.. هدد اللاجئين وتباهى بالظهور مع الجثث المقطعة

أطلق زهر الدين، مطلع أيلول 2017، تهديدات موجهة للاجئين السوريين خارج سوريا، قائلاً "من هرب ومن فر من سوريا إلى أي بلد آخر أرجوك ألا تعود".

غضب النظام من تصريحاته، إذ كان النظام وما زال يروج إلى فكرة "الباب المفتوح" للجميع، قاصداً كسب ود الدول التي من الممكن أن تدعمه في حال أعاد اللاجئين، وتقدم له المال لإعادة الإعمار.

عاد زهر الدين ليعتذر بعد تصريحاته، ويقول إنه قصد "الإرهابيين الذين تلطخت أيديهم بالدماء"، سبق هذه التصريحات ظهوره وهو يتباهى بجانب جثتين معلقتين يظهر عليهما آثار تعذيب.

كان لزهر الدين دور مهم في قيادة العمليات العسكرية ضد فصائل المعارضة السورية في حمص وحلب ودير الزور، قبل أن يسيطر تنظيم "الدولة" على الأخيرة منتصف عام 2014.

وبرز اسم زهر الدين المنحدر من مدينة السويداء، في مجزرة مسرابا بريف دمشق في 2012، والتي راح ضحيتها عشرات في إعدامات ميدانية.

وفي أثناء الحملة الروسية- الإيرانية ضد تنظيم "الدولة" في المنطقة الشرقية، وبينما كانت تدور معارك شرسة بين التنظيم، وقوات نظام الأسد والميليشيات الإيرانية قتل زهر الدين في منطقة حويجة صكر، في 18 تشرين الأول 2017.

 وسائل إعلام نظام الأسد، قالت وقتئذ، إنه وقع في حقل للألغام في المنطقة، بينما تحدثت شبكات محلية عن مقتله قنصاً في منطقة هرابش، مرجحين اغتياله من قبل النظام.


تيم الحاج
الاثنين 19 أكتوبر 2020