نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

عن روسيا وإيران شرق المتوسّط

08/05/2024 - موفق نيربية

( في نقد السّياسة )

05/05/2024 - عبد الاله بلقزيز*

أردوغان.. هل سيسقطه الإسلاميون؟

03/05/2024 - إسماعيل ياشا

" دمشق التي عايشتها " الغوطة

28/04/2024 - يوسف سامي اليوسف

( أيهما أخطر؟ )

24/04/2024 - محمد الرميحي*

إيران.. من يزرع الريح يحصد العاصفة

23/04/2024 - نظام مير محمدي

وقاحة استراتيجية مذهلة

21/04/2024 - راغدة درغام


الصوم عند الشعوب القديمة عادة وعبادة وبحث عن العلاج والشفافية الروحية




دمشق - عرفت غالبية الأمم الصوم منذ أقدم العصور حيث اتخذته بعض الشعوب القديمة طقسا من طقوس العبادة بينما ارتبط لدى بعضها الآخر بحالة الحزن والوفاة حيث اعتاد القدماء عند موت عزيز لهم أن يأخذ أقارب الميت وأصحابه طعامهم لدفنه معه في قبره حتى لا يبقى لديهم طعام يأكلونه طوال فترة الحداد عليه


وهناك آراء تعتقد بوجود أسباب أخرى وراء لجوء إنسان الحضارات القديمة إلى الصيام اذ ساد الاعتقاد قديما بأن الامتناع عن تناول الطعام والشراب يساعد الإنسان على الوصول إلى حالة من الشفافية الروحية تسمح له بالاتصال بالمعبودات وعالم الأرواح فكان الناس يخرجون إلى الأماكن الصحراوية والجبال العالية ويمكثون هناك فترة طويلة في حالة من التأمل وهم صائمون ثم ينامون معتقدين أن الرؤية ستأتي في الأحلام وتصلهم بالعالم الروحي أو تنبئهم بما سيحدث في مستقبل الأيام.
كان بعض الناس يمتنعون عن تناول الطعام والشراب عندما يريدون التعرف إلى إجابات على ما يشغلهم من الأسئلة اعتقاداً منهم أن الإجابه الصحيحة لن تأتي لمن امتلأت معدته بالطعام والشراب وأن حالة الصيام تؤهل الإنسان للرؤية الصحيحة حيث كان المتنبئون يعيشون في حالة شبه دائمة من الصيام.
ومنذ ظهور الديانات الاولى أصبح الصيام سلاحا يلجأ إليه الإنسان لمساعدته على الابتعاد عن المحرمات أو كوسيلة تؤدي إلى تقوية الإيمان لديه.
وبحسب المؤرخين والباحثين فإن أسباباً ثلاثة كانت وراء لجوء إنسان الحضارات القديمة إلى الصيام اذ ان الناس كانوا قديماً يمتنعون عن تناول الطعام والشراب استعداداً لاستقبال حدث مهم في حياتهم أو احتفالاً بذكرى مناسبة لها اهمية خاصة لديهم حيث كان هذا الامتناع يتم عادة قبل الاعياد الدينية كطريقة من طرق التطهر ووسيلة للابتهال والتضرع.
وفي مصر القديمة كان الكهنة يمتنعون عن تناول أي نوع من أنواع اللحوم أو شراب الخمر لعدة أيام قبل الاحتفالات السنوية وقبل قيامهم بالافتاء في الشرائع الدينية حيث كتب المؤرخ اليوناني بلوتارخ الذي زار مصر خلال القرن الميلادي الأول عن صيام الكهنة المصريين قبل اشتراكهم في احتفالات اوزوريس وكانت هذه الاحتفالات تتم عند بداية الشهر الرابع من السنة المصرية بعد انحسار مياه الفيضان في مدينة ابيدوس بصعيد مصر لتستمر ستة أيام سنوياً وما زالت تعرف في التقاليد المصرية باسم الستة أيام البيض اذ كان الكهنة يقومون خلال تلك الأيام الستة بتقديم عروض درامية لمقتل اوزوريس وعودته إلى الحياة.
كما تضمنت العادات المصرية والبابلية القديمة صيام الكفارة عن خطيئة يرتكبها الإنسان وخاصة أن الشعوب القديمة كانت تعتقد بأن الصيام طلب للغفران يخفف من غضب الآلهة وهم يأملون من صيامهم أن يغفر لهم ما ارتكبوه من خطايا فكان الآشوريون يغطون وجوههم ويبكون متضرعين الى الرب ليغفر لهم بينما كان الهندوس المتقشفون يقومون بالصيام في اوقات زيارة المعابد وقبل الأعياد.
وكذلك كانت بعض الطوائف الصينية تصوم قبل تقديم الاضحية فيما كان آخرون منهم يكتفون بالصيام الروحي اي بالامتناع عن المعاصي كافة فترة معينة مع تناول الطعام.
أما اتباع كونفوشيوس في الصين واليابان فيمتنعون عن تناول الطعام والشراب قبل مواعيد الصلاة بينما يكتفي الكهنة والرهبان البوذيون بتناول وجبة واحدة في عصر كل يوم وكذلك في أول يوم لظهور الهلال ويوم تكامل القمر ولهذا فإن البوذيين يصومون أربعة ايام كل شهر يقومون خلالها بالاعتراف بخطاياهم وطلب المغفرة.
وكان الفيثاغوريون وهم طائفة عاشت في بلاد اليونان والرومان وتأثرت بفكر الفيلسوف الرياضي فيثاغورث يصومون بسبب الزهد والتقشف اعتقادا منهم بان البشرية كانت في البداية حالة من التكامل ثم فقدتها بسبب خطيئة الانسان وطغيانه اذ أن الصيام في اعتقادهم وسيلة لتحصين الانسان ضد الخطئية والطغيان.
واعتقد الفيثاغوريون أن الإنسان لا يستطيع التقرب إلى العالم الروحي إلا عن طريق الصيام والابتعاد عن ملذات الحياة.
وعرفت فوائد الصيام الصحية والنفسية والاجتماعية عند المصريين القدماء الذين كانوا يعتقدون أن عماد الصحة صيام ثلاثة أيام في الشهر .
وفي اليونان القديمة كان يعتقد أن يوم صوم أفضل من تعاطي العلاج وكان رجال أفذاذ مثل سقراط وأفلاطون وفيثاغورث يعمدون للصيام للوصول لذروة الإتقان الذهني والتخلص من طغيان الجسد.
أما في اليابان فكانت الوسيلة الوحيدة لإذلال الطغاة هي الصوم أمام أبوابهم ..حتى الموت .. ومن الهند أخذت عادة الإضراب عن الطعام بين السجناء لإجبار سجانيهم على تحسين أوضاعهم والاستجابة لمطالبهم.
وعرف المنغوليون محاسن الصوم فكانوا يتركون الطعام كل عاشر يوم في الشهر وكان السوريون القدماء والزرادشتيون يتركون الطعام كل خامس يوم .
وفي عصور أقرب وصف الأطباء العرب الصوم لعلاج السيفلس والجدري وتوسع في ذلك ابن سينا حيث وصف الصوم لعلاج جميع الأمراض المزمنة .
وخلال احتلال نابليون لمصر تم تطبيق الصوم في المستشفيات لإتقاء العدوى.
وفي عصر النهضة غدت الموائد العامرة إحدى سمات الوجاهة في إيطاليا الأمر الذي دعا الحكيم لودفيك كارنارو للحث على الصيام وكتب في ذلك يا لإيطاليا البائسة ألاترين أن شهوة الطعام تقودك للموت أكثر من أي وباء أو حرب مدمرة.
وفي هذه الأيام تنتشر في أوروبا وامريكا مراكز متخصصة لاستعادة الصحة والرشاقة ومقاومة الهرم تعتمد على الصوم كبند أساسي فيها.
وأخيرا هناك الصوم بغرض التطبيب وهو أسلوب علاجي معترف به في الغرب وألفت في ذلك كتب عديدة أهمها الصوم الطبي للدكتور الامريكي آلان كوت والتطبيب بالصوم للروسي الكس سوفورين

وكالات - سانا
الاربعاء 26 غشت 2009