
الروائي الجزائري الطاهر وطار
أنه عمل طالما وعد به القراء منذ سنة 2007،ولكن شيطان وادي عبقر لم يطلق سراح الكلمات إلا وصاحب "اللاز" ينتظر نتائج التحاليل الطبية بمستشفى باريس،فجاءت الرواية بمولد باريسي على عكس كل أعماله التي كان يعتكف فيها في جبل شنوه بتيبازة(منطقة سياحية غرب العاصمة الجزائر)..
في حديثه عن موضوع روايته الأخيرة "قصيد في التذلل"، قال الطاهر وطار "هو موضوع يشغلني منذ الخمسينيات وكتبت فيه تحديدا روايتي تجربة في العشق،التي كانت عن علاقة المثقف بالسلطة وهي أيضا موضوع روايتي الأخيرة ، فبالنسبة لي وبقطع النظر عن حقيقة أن كل سلطة لا بد لها من مثقفين ومن ركيزة علاقة المثقف بالسلطة يجب أن تكون علاقة تجاوز من طرف الأول، فمن خصائص السلطة الثبات والبقاء، بينما الشاعر والكاتب والفنان، أو المبدع بصفة عامة، يتجاوز في كل لحظة نفسه ومحيطه وسلطته، ومن يقحم نفسه في خانة السلطة وداخل خضمها، يكون قد رهن حريته ويكون قد رهن قدرته على قول الحقيقة كاملة غير منقوصة، ومع الأسف الشديد في العالم العربي، والجزائر جزء منه، هناك من المثقفين من يعتبر السلطة تشريفا، المتنبي سعى للسلطة، حسب ما تعلمنا به الرواية، لكن السلطة رفضته، وكأني بها وقد قالت له: أنت لا تستحق أن تذل وأن تهان،أما الأمراء فاستكثروها عليه، لأنه لو تمكن منها لظفر بالإمارتين، إمارة الإمارة وإمارة الشعر، وهم لا يملكون سوى إمارة واحدة، فلم يعطوه السلطة بالرغم من أنه سعى إليها، أما عندنا فالسلطة هي التي تجري وراءك"
وهكذا جاءت الرواية تواجه النخب الثقافية في الجزائر الحديثة، بحكم معاصرته لمختلف الأجيال وتعايش مع مختلف التيارات فتمكن من سبر أغوارها ،
، وقد ارتأى صاحب نص " قصيدة في التذلل " ان ينشره على شكل حلقات في جريدة الشروق اليومية الجزائرية منذ بداية شهر رمضان و في الحلقات المسلسلة المنشورة في جريدة الشروق اليومي كتب بطريقة سردية رائعة عن تذلل المثقف الجزائري في بلاط السلطة وتحوله إلى مثقف يتفنن في كتابة قصائد التذلل من اجل البقاء فيها ،رواية الطاهر وطار التي قال منذ بداية النشر ان أحداثها قد تتقاطع مع حياة العديد من الناس كانوا ومازالوا في السلطة يمكن ان يعرف المتتبع البسيط للحياة السياسية في الجزائر ان البطل الفلاني هو فلان ، قصيد في التذلل رواية تعري سنوات من التسلق إلى الأضواء والتعطش إلى حاشية السلطان،وجد الطاهر وطار ضالته هذه المرة في المتنبي شاعر العرب، آخر الشاهدين على نهاية نبالة الفحولة العربية المترهلة تحت أقدام السلطة، ليكون نصه آخر النصوص التي يمكن أن تنتمي إليها الثقافة الإبداعية، والوحيد الذي يمكن أن يتحمله قارئ جزائري في العشريتين الأخيرتين.