نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

" دمشق التي عايشتها " الغوطة

28/04/2024 - يوسف سامي اليوسف

( أيهما أخطر؟ )

24/04/2024 - محمد الرميحي*

إيران.. من يزرع الريح يحصد العاصفة

23/04/2024 - نظام مير محمدي

وقاحة استراتيجية مذهلة

21/04/2024 - راغدة درغام

التعميم بوصفه "تخبيصة" العقل الأولى

18/04/2024 - مصطفى تاج الدين الموسى

رسائل النيران بين إيران وإسرائيل

15/04/2024 - محمد مختار الشَنقيطي

جنوب لبنان.. بعد غزة

06/04/2024 - عبد الوهاب بدرخان

غزة والأخلاق العابرة للحدود والأرباح

06/04/2024 - عدنان عبد الرزاق

نزار قباني وتلاميذ غزة

06/04/2024 - صبحي حديدي


الفنان المكسيكي سرخيو هرناندز: الفن دعوة للتأمل لكي نتحرر من ثقافة الخوف




واكساكا (المكسيك) - أندريا سوسا كابريوس – هبط الفنان التشكيلي المكسيكي سرخيو هرناندز إلى قاع المجتمع. ترك نفسه على سجيتها تنبهر بسحر ملحمة "بوبول بوه" إنجيل شعوب المايا. سجلت رسوماته الأشياء الغريبة والمثيرة في هذا العالم مثل الحشرات والفراشات المضيئة، لاعبو النيران حيوانات، وجماجم، وحوش وأسواق.


احد لوحات الفنان التشكيلي المكسيكي سرخيو هرناندز
احد لوحات الفنان التشكيلي المكسيكي سرخيو هرناندز
سجلت أعماله طقوس الحياة والموت، بتقنيات وأدوات مختلفة، بالزيت، منحوتات، بالخزف، بأعمال جرافيك (حفر) أو بالرمال أو على ألواح من الرصاص المصبوب ممزوجة بالخل.
يعتبره البعض وريث الفنانين الكلاسيكيين أمثال روفينو تمايو (1889-1991) وفرانسيسكو توليدو (1940)، الذين صهرتهم أحلام وإحباطات ولاية واكساكا، فيما يبحث البعض الآخر عن جذور فنه أبعد من ذلك بين تراث الأسلاف من الهنود الحمر.

أما الفنان المكسيكي /55 عاما/ فيعتبر حياته أبسط من ذلك، فقد عاش طفولته في منطقة الميزيتا القاحلة، وسط أسرة يعمل عائلها نجارا يبني الأكواخ الخشبية، بينما أمه بائعة، فيما كان شقيقه فنان القرية.
في مقابلة له مع وكالة الأنباء الألمانية ( د.ب.أ) أكد هرناندز قائلا "لا اعتقد أن هذه العناصر لها علاقة من قريب أو بعيد بأي تراث ثقافي عريق، على العكس اعتقد أنها ترتبط أكثر بقلق ومخاوف أي أسرة صغيرة عادية".

تميزت المنازل التي كان يشيدها والده بحس جمالي، فقد كان يزخرف الألواح الخشبية، يزين خزانات المطبخ بتكوينات تشكيلية من إبداعه، كان لديه ميل إلى النحت وإلى فنون الجرافيتي، إلى إحداث تأثير فني من خلال الخشب. "اعتقد أنه هنا تكمن جذوري الفنية إحداث تأثير على الأسطح المختلفة".

يتابع الفنان المكسيكي "عندما كنت في الثامنة من العمر، اضطرت عائلتي للرحيل من بلدة هواخابان دي ليون إلى العاصمة مكسيكو سيتي. هذا دفعني إلى التمسك بالفن منذ بداية وعيي بالعالم، وعندما أنظر ورائي إلى الماضي أدرك أن الفن أنقذني من السقوط في مستنقع الغضب وانعدام التسامح مع المجتمع الذي نعيش فيه الآن حيث تتجذر ثقافة الخوف والفساد".

ويؤكد "كلنا شركاء متواطئون في هذا الأمر، ولكن في نهاية المطاف يبقى الرسم حالة تأمل، لأنه في النهاية هناك أشياء شاعرية أيضا داخل أعماق كل هذا الزخم الذي يطغى على العالم".
يقول هرناندز إنه لم يعتبر نفسه فنانا في أي يوم من الأيام، ولكن بمثابة شخص قد ابتكر وسيلة للتواصل مع من حوله من خلال الأشياء.
عندما بلغ السادسة عشرة التحق كطالب مستمع في أكاديمية سان كارلوس العريقة للفنون، بالعاصمة مكسيكو سيتي، ومنها توجه إلى مدرسة إيزميرالدا كوليدج للفنون والنحت.

فاز في العديد من المسابقات الفنية وحصل على العديد من شهادات التقدير، مما أهله لإقامة المعارض الفنية اعتبارا من عام 1980. أقام أول معرض منفردا عام 1984 وذلك بمتحف كارييو خيل بالعاصمة مكسيكو، وفي 1987 توجه إلى باريس حيث درس فنون الجرافيك لمدة عام في ورشة بيتر برامزن (Peter Bramsen)، ليعود بعد ذلك إلى مسقط رأسه في واكساكا.

كتب الصحفي والشاعر والفنان التشكيلي البرتو بلانكو "إن سرخيو هرناندز بلغ مكانة تؤهله لإنهاء سيطرة تأثير توليدو – في إشارة إلى فرانسيسكو توليدو - التي لم تكن يوما محل نزاع، على الفنون التشكيلية المعاصرة في واكساكا".
في حالة هرناندز، يقول بلانكو "يتجاوز الأمر مجرد التأثير إلى مضامين أخرى تمكن الفنان المتمرد منها ولم يتجاوزها مطلقا، وبمعرض الحديث عن توليدو، فإن رسوماته اتخذت مسارا آخر وأنماطا أخرى ولكنها في النهاية ورغم ما حققته انتهى بها الحال مع الأسف لتدور في فلك ذاتي شخصي".

تمثل أعمال هرناندز جزءا من المقتنيات الدائمة لمتحف الفن الحديث بالعاصمة مكسيكو سيتي، كما عرضت أعماله في متاحف عالمية مثل "Würth de Künzelsau " في ألمانيا، كما عُرض له مؤخرا في أوروبا مجموعة "خواريث من واكساكا"، حيث قدمت في قادش في إسبانيا، وفي معهد مكسيكو بباريس، وبسفارة المكسيك في برلين، ومن المقرر أن ينتقل المعرض العام القادم إلى العاصمة الرومانية بوخارست، ومنها إلى روما.

تحمل إحدى لوحات المعرض عنوان "جدار العار" وتسجل مأساة ضحايا الصراع السياسي الاجتماعي التي عاشاتها مدينة واكساكا عام 2006. تجسد أعماله الأخرى الشياطين والعفاريت، وعدم التسامح ومدى توحش الجنس البشري، الجوانب غير المنطقية والأكثر عنفا في بني البشر.

وبالرغم من ذلك يؤكد أن فنه لا يحمل من بين أهدافه تسجيل موقف إدانه، بل يسعى للاحتفاء بنعمة الحياة، موضحا "لا اعتقد في جدوى الإدانة، بالطبع أومن بحق الانسان في أن يدين ما يشاء، ولكن ليس من خلال الفن. أما ما حدث معي فإنه تصادف وجودي في لحظة كان الموت يمر فيها بالمدينة".

يعتبر هرناندز أن "الفن يدعو للتأمل حول الحرية، الاستقلال والتخلص من ثقافة الخوف"، ويوضح "تاريخيا الذين رسموا على جدران الكهوف الأسترالية، كانوا يرغبون في إجبار الزمن على الحديث من خلال الحيات التي رسموها. وكذلك في كهوف ألتاميرا في جنوب إسبانيا: كانت أيضا عملية تأمل حول الزمن، وحول ما نحن عليه أينما كنا".

ويتابع "اليوم الأمر أكثر سهولة، ولكن كان هناك زمن لم يكن الناس يعرفون بعضهم، كانت تمر سنوات دون أن نرى امرأة واحدة، كنا على وشك الانقراض والضياع في غياهب النسيان، ولكن كان لدينا ذلك الحماس، ذلك الإبداع الذي يميز جنسنا وهو ما أوصلنا إلى ما نحن عليه الآن".

يعتبر هرناندز أن "الفن شخصي دوما"، موضحا "أنا اعتقد أن كل الفنانين يرسمون من أجل أنفسهم. وكذلك من أجل متعة الحصول على تقدير شخص وتقديم له زهرة أو لوحة، ولكن في النهاية يمكن تعريف الفن على أنه تعبير عن الحرية والتأمل".

أندريا سوسا كابريوس
الاثنين 7 أكتوبر 2013