نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

( أيهما أخطر؟ )

24/04/2024 - محمد الرميحي*

إيران.. من يزرع الريح يحصد العاصفة

23/04/2024 - نظام مير محمدي

وقاحة استراتيجية مذهلة

21/04/2024 - راغدة درغام

التعميم بوصفه "تخبيصة" العقل الأولى

18/04/2024 - مصطفى تاج الدين الموسى

رسائل النيران بين إيران وإسرائيل

15/04/2024 - محمد مختار الشَنقيطي

جنوب لبنان.. بعد غزة

06/04/2024 - عبد الوهاب بدرخان

غزة والأخلاق العابرة للحدود والأرباح

06/04/2024 - عدنان عبد الرزاق

نزار قباني وتلاميذ غزة

06/04/2024 - صبحي حديدي

حرب لإخراج إيران من سوريا

06/04/2024 - محمد قواص


الفيدرالية واللامركزية الإدارية




( الفيدرالية - في الحالة الراهنة - تؤدي الى دمار ما بقي من سورية واللامركزية الإدارية تؤدي الى إنقاذ ما بقي من سورية وتؤسس لإعادة بنائها دولة عصرية )


كثر الحديث عن الفيدرالية واللامركزية الإدارية كإطار للحل السياسي في الشأن السوري ، وكان لابد ان ابدي رأيي - بشكل مختصر - في هذه الجزئية ضمن حدود معرفتي وهي وفقا لما يلي :
بداية لابد من التنويه إلى أن هذين النظامين ( الفيدرالية - اللامركزية الإدارية ) كلاهما نظام دستوري ومن مدرسة الديمقراطية ولكل منهما مبررات موضوعية وظروف مختلفة
أولا : الفيدرالية
هي نظام دستوري يقوم أساسا على إرادة توحد شعوب تعيش في أقاليم متجاورة ولكل إقليم خصوصية معينة لكنهم يرغبون في العيش المشترك وفق نظام يحافظ على كينونة كل إقليم وانصهاره في اقليم واحد اكبر وأقوى
هذا النظام :
١ - هو تجميعي وليس تقسيمي تفكيكي
٢- هو يجري بين أقاليم كبيرة متجاورة وليس في إقليم شعوبه متداخلة
٣ - هو يحقق قوة لجميع تلك الأقاليم وليس إلى إضعافها جميعا
٤ - هو نتاج إرادة شعوب تعيش في تلك الأقاليم وليس مصدره إرادة مجموعات سياسية منتشرة هنا وهناك
٥ - هو يتطلب في تنفيذه إلى استقرار مجتمعي وأمن وأمان وتوافر مؤسسات حقوقية وأمنية واجتماعية قادرة على المراقبة والمتابعة والإشراف على العملية الديمقراطية التي تسمح للشعب في تقرير مصيره
ثانيا : اللامركزية الإدارية
هو نظام يقوم أساسا على توزيع الوظيفة الإدارية بين الحكومة المركزية في العاصمة وبين أشخاص الإدارة المحلية في الأقاليم ، وتتمتع هذه الأشخاص بالشخصية المعنوية المستقلة ، مع خضوعها لرقابة نسبية من الحكومة المركزية .
هذا النظام تتمتع فيه السلطة المحلية بقدر من الاستقلال في ممارسة اختصاصاتها وتحتفظ الإدارة المركزية بإدارة بعض المؤسسات العامة ( جيش - أمن - قضاء - خارجية - مالية ) وبعض المرافق العامة الوطنية وفق نظام واحد ، بينما تمنح الأشخاص المعنوية المحلية سلطة إنشاء وإدارة بعض المرافق العامة ذات الطابع المحلي .
وللامركزية الإدارية صورتان أساسيتان هما
١ - اللامركزية الإدارية المحلية أو الإقليمية
٢ - اللامركزية المصلحية أو المرفقية
الأولى :
معناها أن تمنح السلطات المركزية إلى جزء من إقليم الدولة جانب من اختصاصاتها في إدارة المرافق والمصالح المحلية مع تمتعها بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي والإداري .
وتستند هذه الصورة إلى فكرة الديمقراطية التي تقتضي إعطاء سكان الوحدات المحلية الحق في مباشرة شؤونهم ومرافقهم بأنفسهم عن طريق مجالس منتخبة منهم .
وتقوم اللامركزية الإقليمية أو المحلية على ثلاث عناصر :
١- مصالح محلية أو إقليمية متميزة منها :
أ - يتم منح الشخصية المعنوية للوحدات المحلية صلاحيات تباشرها هيئات محلية معينة وإسناد إدارتها إلى سكان هذه الوحدات أنفسهم ، وهي تشمل مرافق متنوعة تتضمن كافة الخدمات التي تقدم لمكان الوحدات المحلية كمرفق الصحة والتعليم والكهرباء والماء وغيرها .
ب - يتولى سكان الوحدات المحلية إدارة هذه المرافق بأنفسهم وأن يتم ذلك باختيار السلطات المحلية من هؤلاء السكان وليس عن طريق الحكومة أو الإدارة المركزية
ج - استقلال الوحدات المحلية عن طريق اختيار أعضاء المجالس المحلية من سكان هذه الوحدات
د - استقلال الهيئات اللامركزية في مباشرة عملها عن السلطة المركزية ، وعدم خضوعها لسلطة رئاسة أعلى .إلا أن ذلك لا يعني الاستقلال التام للهيئات المحلية عن السلطات المركزية ، فالأمر لا يعدو أن يكون الاختلاف حول مدى الرقابة التي تمارسها السلطات المركزية على الهيئات المحلية في النظم اللامركزية إذ لابد من تمتع هذه الهيئات باستقلال كافٍ في أدائها لنشاطها .
وقد أطلق الفقهاء على الرقابة التي تمارسها السلطة المركزية على الهيئات اللامركزية الوصاية الإدارية .
الثانية
معناها منح بعض المشاريع والمرافق والمصالح العامة الشخصية المعنوية قدرا من الاستقلال عن الإدارية المركزية مع خضوعها لإشرافها ، كمرفق البريد والهاتف والكهرباء والإذاعة وغيرها ، لتسهيل ممارستها لنشاطاتها بعيداً عن التعقيدات الإدارية .
وتمارس اللامركزية المرفقية نشاطاً واحداً أو أنشطة متجانسة كما هو الحال في الهيئات والمؤسسات العامة على عكس اللامركزية المحلية التي تدير العديد من المرافق أو الأنشطة غير المتجانسة.
ولا يستند هذا الأسلوب على فكرة الديمقراطية إنما هي فكرة فنية تتصل بكفاءة إدارة المرفق وعلى ذلك ليس من حاجة للأخذ بأسلوب الانتخابات في اختيار رؤساء أو أعضاء مجالس إدارة هذه الهيئات العامة .
وهنا لابد من التنويه الى ضرورة التمييز بين الوصاية الإدارية والسلطة الرئاسية ، وهذا يعني الرقابة الإدارية ، والعلاقة بين السلطة المركزية والهيئات المحلية
الرقابة الإدارية في النظام اللامركزي تختلف عن السلطة الرئاسية التي تعتبر أحد عناصر المركزية الإدارية , فالسلطة الرئاسية هي علاقة التبعية والتدرج الرئاسي بين الموظف ورئيسه . أما في النظام اللامركزي فإن الموظفين في الدوائر والهيئات المحلية لا يدينون بالطاعة لأوامر السلطة المركزية ، لأن هذه الهيئات تتمتع بشخصية معنوية تجعلها بمنأى عن الخضوع التام لتوجيهات السلطة المركزية ، ولكنها لا تتخلى عن الرقابة اللاحقة التي تمارسها على أعمال الهيئات المحلية .
ولا يمكن اعتبار هذا الاستقلال منحة من الهيئات المركزية بل هو استقلال مصدره القانون أو الدستور ويقود هذا الاستقلال إلى أعضاء الرئيس الذي يملك الوصايا من المسؤولية المترتبة من جراء تنفيذ المرؤوس لتوجيهاته المرؤوس وتعسفها ، وهذا ما يحدده القانون.
كما تختلف ( الوصاية الإدارية ) عن السلطة الرئاسية في أنه لا يجوز للسلطة المركزية تعديل القرارات التي تصدرها الهيئات المحلية وكل ما تملكه توافق عليها بحالتها أو ترفضها.
فإن حاولت السلطة المركزية فرض رئاستها على المرافق اللامركزية بالتعرض لقراراتها بالتعديل أو إلغائها ، وأنما يتصدى لذلك القضاء ( العادي أو الإداري او الدستوري ) حسبما مقتضى الحال
واخيرا .... في تقييم اللامركزية الإدارية
أولا : في مزايا هذا النظام
نظام اللامركزية الإدارية له الكثير من المزايا من ابرزها ما يلي :
١ - يؤكد المبادئ الديمقراطية في الإدارة: لأنه يهدف إلى اشتراك الشعب في اتخاذ القرارات وإدارة المرافق العامة المحلية .
٢ - يخفف العبء عن الإدارة المركزية إذ أن توزيع الوظيفة الإدارية بين الإدارة المركزية والهيئات المحلية أو المرفقية يتيح للإدارة المركزية التفرغ لأداء المهام الأكثر أهمية في رسم السياسة العامة وإدارة المرافق القومية .
٣ - النظام اللامركزي أقدر على مواجهة الأزمات والخروج منها . سيما وأن الموظفين في الأقاليم أكثر خبرة من غيرهم في مواجهة الظروف والأزمات المحلية كالثورات واختلال الأمن ، لما تعودوا عليه وتدربوا على مواجهته وعدم انتظارهم تعليمات السلطة المركزية التي غالباً ما تأتي متأخرة .
٤ - تحقيق العدالة في توزيع حصيلة الضرائب وتوفير الخدمات في كافة أرجاء الدولة ، على عكس المركزية الإدارية حيث تحظى العاصمة والمدن الكبرى بعناية أكبر على حساب المدن والأقاليم الأخرى .
٥ - تقدم اللامركزية الإدارية حلاً لكثير من المشاكل الإدارية والبطء والروتين والتأخر في اتخاذ القرارات الإدارية وتوفر أيسر السبل في تفهم احتياجات المصالح المحلية وأقدر على رعايتها .
ثانياً : في عيوب اللامركزية الإدارية :
١ - يؤدي هذا النظام إلى المساس بوحدة الدولة من خلال توزيع الوظيفة الإدارية بين الوزارات والهيئات المحلية .
٢ - قد ينشأ صراع بين الهيئات اللامركزية والسلطة المركزية لتمتع الاثنين بالشخصية المعنوية ولأن الهيئات المحلية غالباً ما تقدم المصالح المحلية على المصلحة العامة .
٣ - غالباً ما تكون الهيئات اللامركزية أقل خبرة ودراية من السلطة المركزية ومن ثم فهي أكثر إسرافاً في الإنفاق بالمقارنة مع الإدارة المركزية .
ولا شك أن هذه الانتقادات مبالغ فيها إلى حد كبير ويمكن علاجها عن طريق الرقابة أو الوصايا الإدارية التي تمارسها السلطة المركزية على الهيئات اللامركزية والتي تضمن وحدة الدولة وترسم الحدود التي لا تتجاوزها تلك الهيئات . وفي جانب آخر يمكن سد النقص في خبرة الهيئات اللامركزية من خلال التدريب ومعاونة الحكومة المركزية مما يقلل من فرص الإسراف في النفقات والأضرار بخزينة الدولة
ملاحظة :
ينظم عمل اللامركزية الإدارية قوانين على رأسها :
١ - قانون الإدارة المحلية
٢- قانون الإنتخابات العامة
٣ -قانون الأحزاب السياسية
٤ - قانون الإعلام والمطبوعات
٥ - قوانين سيادية مثل ( السلطة التشريعية - السلطة القضائية - الجيش والقوات المسلحة - والخارجية - المالية والتشريع الضريبي وغيرها )
اعتقد ان نظام الفيدرالية المطروح من بعض القوى السياسية السورية - رغم عدم توافر أسبابه الموضوعية - فهو في هذه الظروف يؤدي الى تقسيم سورية جغرافيا ويدخلها في صراعات بينية كارثية ، وبالمقابل فإن نظام اللامركزية الإدارية يمكن أن يحقق حالة من الاستقرار لسورية وكامل المنطقة

القاضي حسين حمادة
الاثنين 31 يوليوز 2017