وجاءت كلمات مندوبي الدول الأعضاء وخاصة الدول دائمة العضوية متناقضة في الفهم والتفسير لمدلول العبارات الواردة في القرار وكأنها جاءت لتمرير القرار من خلال صياغات فضفاضة ترضي الأطراف صاحبة الشأن وقابلة في نفس الوقت للفهم كل على طريقته، وتبع ذلك حملة التصريحات على وسائل الإعلام العالمية والتي غلب عليها التضارب في تفسير بنود القرار الأممي، والذي طغى عليه تصريح الرئيس الأمريكي أوباما في كلمته أن الأسد فقد شرعيته وعليه الرحيل، وتأكيد وزير الخارجية الفرنسي “فابيوس” أيضاً أن لا دور للأسد في المرحلة الانتقالية أو في سوريا المستقبل، وتصريحات أخرى لرؤساء الدبلوماسية الدولية تدور في نفس الأفق، في حين أكد وزير الخارجية الروسي أن مصير بشار الأسد يقرره السوريون من خلال المفاوضات والتي تم الاتفاق عليها في القرار الاممي خلال الإطار الزمني المحدد ومستقبل سورية لا يقرره إلا السوريين دون الاملاءات الخارجية، وفي الوقت الذي انعقد فيه مجلس الأمن الدولي للتصويت على القرار الخاص بالأزمة السورية تصاعدت وتيرة العمليات العسكرية على الأراضي السورية من خلال هجمات القاذفات الروسية وطائرات النظام في استهداف كافة الأراضي السورية والإيقاع بأكبر عدد من الضحايا من المدنيين في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام دون استهداف أي من المناطق التي يسيطر عليها تنظيم داعش، في الوقت الذي تمكنت قوى الحراك المسلحة من السيطرة على أكثر المناطق إستراتيجية في ريف اللاذقية من سيطرة قوات النظام وميليشيات ما سمي بالدفاع الشعبي الطائفية وسط تجاهل وسائل إعلام النظام في فشل قواته في التمسك بتلك المناطق التي احتفت وسائل إعلامه عند استعادتها في وقت سابق بأهميتها الفائقة.
وبالرجوع إلى مفاعيل الإعلان عن الموافقة الأممية على القرار الدولي 2254 لوضع الإطار الزمني للبدء بالمفاوضات مطلع يناير/ كانون الثاني المقبل والمترافق مع الإعلان عن وقف إطلاق النار الشامل على كامل الأراضي السورية تحت إشراف قوات أممية وبضمانات واضحة، وصولاً إلى مرحلة تشكيل حكومة انتقالية كاملة الصلاحيات معنية بالتحضير للانتخابات الرئاسية والنيابية في سوريا، دون الإشارة في ثنايا القرار الأممي إلى دور ألأسد من عدمه، ليبقى الأمر هنا مفتوح على كل الاحتمالات والتي ستلقي بضلالها على مفاصل المفاوضات المقبلة، ولجوء مفاوضي النظام بالتفسير الذي يتوافق مع أطماع النظام نفسه، في الوقت الذي تم الإعلان في الرياض عن الإطار العام لوثيقة التفاوض من قبل مجموعة مؤتمر الرياض وعلى لسان المنسق العام لهيئة التفاوض باسم المعارضة السورية والتي تمثل معظم القوى والفصائل المناوئة للنظام على الأرض، على أن المفاوضات لا يمكن لها أن تعطي أي أمل أو فرصة لأي دور لبشار الأسد وزمرته وأدواته في المرحلة الانتقالية وبعدها، في إشارة إلى أن المرحلة القادمة من التفاوض ستكون الأصعب ولترفع من إيقاع التصعيد السياسي وحرب التصريحات حتى على مستوى الدول الدائمة العضوية.
وبينما العالم اليوم مشغول بالتحليل والتفسير في مدلولات القرار الأممي يصعد النظام السوري والروس والإيرانيون من مستوى التصريحات بدعم النظام السوري، في الوقت الذي ما زال العالم يترقب مفاعيل محتويات القائمة الدولية لتصنيف المنظمات والفصائل الإرهابية في المنطقة والعالم والذي سرب الروس أنها تجاوزت الـ 160 منظمة وتصريح الأردن على لسان وزير خارجيتها أنها لا تمثل وجهة النظر الأردنية فحسب بل تمثل وجهة نظر وتوافق الدول الإقليمية والدولية، والتي قد تشعل الاعتراضات والمطالبات وعلى مستويات دولية فاعلة إلى إدراج كافة التنظيمات والفصائل والجماعات التي تقاتل في سوريا تحت شعارات طائفية في حال خلو القائمة منها، لتزيد من تشويش الأفق وحرب التصريحات على المستوى الدولي والإقليمي، في حين ما زالت مفاعيل الإعلان عن مفاعيل الإعلان عن تأسيس التحالف الإسلامي لمكافحة الإرهاب ومقره مدينة الرياض السعودية تطغى على المشهد وسط اعتراض وانتقادات الكثير من الفعاليات حتى على مستوى الدول التي أعلنت موافقتها على الانضمام للتحالف الإسلامي وسط تفسيرات متضاربة بين إمكانية المشاركة في التحالف بقوات عسكرية لمحاربة الإرهاب أو كون التحالف غرفة علميات للتنسيق الاستخباري بين الدول الأعضاء، واعتراض دول عربية وشرق أوسطية على إقامة مثل ذلك التحالف كإيران والجزائر وسلطنة عمان ومصر والعراق رغم أن تلك الدول من أكثر الدول التي كانت تعاني من الإرهاب وتدعو إلى محاربته بكل الوسائل المتاحة.
وبين انتظار مفاعيل القرار الاممي لحل الأزمة السورية وانتظار الأيام القادمة ستشهد المنطقة وعواصم القرار الكثير من الحركة الدبلوماسية وحرب التصريحات يبقى العالم في انتظار آليات التنفيذ والتي تبدأ في الدعوة إلى البدء في المفاوضات بين المعارضة والنظام والضمانات التي ستعتمدها الأسرة الدولية لالتزام النظام السوري بمحددات الأطر العامة للتفاوض حسب إطار جنيف1 ومخرجات فيينا الأخير … وهل القرار الاممي ملزماً رغم أنه لم يكن تحت الفصل السابع الذي يجيز استخدام القوة لتنفيذ مخرجات التفاوض والقرار الأممي 2254 لوقف شلال الدم، وماذا عن خروج القوات الأجنبية التي دخلت سورية وأولها الروسية والإيرانية واللبنانية والعراقية والمرتزقة من الدول الأخرى، تبقى عيون السوريون معلقة على نيويورك أو جنيف أو فيينا … والأيام القادم بالتأكيد لن تكون سهلة …!!!
------------
كلنا شركاء