نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

التعميم بوصفه "تخبيصة" العقل الأولى

18/04/2024 - مصطفى تاج الدين الموسى

رسائل النيران بين إيران وإسرائيل

15/04/2024 - محمد مختار الشَنقيطي

جنوب لبنان.. بعد غزة

06/04/2024 - عبد الوهاب بدرخان

غزة والأخلاق العابرة للحدود والأرباح

06/04/2024 - عدنان عبد الرزاق

نزار قباني وتلاميذ غزة

06/04/2024 - صبحي حديدي

حرب لإخراج إيران من سوريا

06/04/2024 - محمد قواص

على هامش رواية ياسر عبد ربه

04/04/2024 - حازم صاغية


الكتاتيب .. مدارس أهلية تحفظ القرآن وعلومه بمصر منذ قرون




الأقصر/ - تشتهر قرى ونجوع مصر بوجه عام، وصعيد مصر بوجه خاص بظاهرة انتشار " الكتاتيب " - جمع كتًاب - وكانت المهمة التى أنشئت من أجلها الكتاتيب فى قرى ونجوع مصر، هى تحفيظ القرآن الكريم للصغار، وتعليمهم لمبادىء القراءة والكتابة وعلم الحساب أيضا.


وكما تقول الباحثة المصرية الدكتورة حليمة النوبى على - فى كتابها النشاط الاقتصادى والاجتماعى للنوبيين، فقد انتشرت تلك الكتاتيب فى ربوع مصر بوجه عام وقرى ومدن صعيد مصر بوجه خاص، بفضل حرص المصريين على أن يكون أطفالهم من حفظة القرآن الكريم، وأن ينشأوا نشأة تربوية إسلامية . وهكذا نشأت الكتاتيب منذ القدم وحتى اليوم، على أنها نمط من أنماط ما يسمى بـ " التعليم الشعبى " فى مصر، والذى لقى فى بداياته دعما كبيرا من الدولة على مر العصور. وفى العام 1868 ميلادية، ومع ظهور ما سمى بـ " مجلس شورى النواب " رأى نواب البرلمان آنذاك، أن نهضة الأمة ونمو الوعى يحتاج إلى إحداث نهضة فى قطاع التعليم الشعبى، أى " الكتاتيب "، فقرر على مبارك ناظر - وزير - المعارف آنذاك تحسين حال الكتاتيب عبر وضعها تحت إغشراف نظارة المعارف، مع إصلاح المبانى والأساس وتطوير مناهج الدراسة. وكانت تلك الخطوة هى الأولى التى تضع فيها مصر مؤسسات تعليم أهلية تحت اشراف حكومى بجانب المدارس النظامية الرسمية – أى المدارس الحكومية – آنذاك. ومن اللافت ان وزارة المعارف فى ذلك الوقت، قررت تقديم دعم مالى حكومى بلغ 700 جنيه للكتاتيب التى تضم اليها عددا كبيرا من التلاميذ، ثم وصل ذلك المبلغ لاحقا إلى ألف جنبيه فى العام. وكان أمام الخريجين من تلاميذ الكتاتيب أن يتجهوا إلى استكمال تعليمهم فى الأزهر الشريف، أو فى المساجد الكبرى التى كانت تعد الدراسة بها آنذاك دراسة جامعية عالية. وبنظرة سريعة على اعداد تلاميذ الكتاتيب فى ذلك الوقت يكفينا أن نعلم بأن تلاميذ تلك الكتاتيب قد بلغ فى منطقة واحدة هى قرى النوبة فى اسوان، أكثر من 9 آلاف و700 من التلاميذ سنة 1897 ميلادية. مشاهير حفظوا القرآن داخل الكتاتيب المصرية : وقد نشأ كثير من الشخصيات المشهورة فى مصر داخل الكتاتيب، وتلقوا تعليمهم الأولى بها، وحفظ القرآن الكريم على يد شيوخها، مثل الراحل الكبير الشيخ عبد الباسط عبد الصمد، قارىء القرآن الشهير، الذى ولد بقرية المراعزة بمركز ارمنت التابعة لمحافظة قنا آنذاك، عام 1927 وحفظ القرآن الكريم وتعلم القراءة والكتابة فى كتاتيب قريته أرمنت الحيط فى طفولته، والذى انطلق فى دراسة علوم القرآن واصول التجويد، حتى اعتمد قارئا بالإذاعة المصرية عام 1951. وتمكن من تلاوة القرآن الكريم في أكثر من 40 دولة في العالم وكرمه عدد من رؤساء وملوك دول العالم وتوفى في 31 تشرين ثان/نوفمبر عام 1988. وهناك فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، الذى التحق بالكتاتيب فى سن صغيرة، قبيل أن ينتقل للدراسة بالمعاهد الأزهرية بمختلف مراحلها الابتدائية والاعدادية والثانوية، إلى أن التحق بجامعة الأزهر التى صار رئيسا لها ثم صار مفتيا ثم شيخا للأزهر الشريف. تطور الكتاتيب : وفى الاعوام الماضية وحتى اليوم خضعت الكتاتيب المصرية للكثير من التطوير، فتحول بعضها إلى مدارس قرآنية، لا تقتصر الدراسة فيها على قراءة القران الكريم وحفظه، بل تشمل الدراسة أيضا علوم القرآن جميعها، وصار هناك " مقارىء " للكبار بجانب كتاتيب الصغار، ويتجمع بتلك المقارىء التى تقام فى الدواوين – الديونية - العائلية وفى المساجد، رجال كبار من مختلف الطبقات الاجتماعية، ونساء أيضا، لكن لهؤلاء النساء مقارىء خاصة بهن بعيدا عن مقارىء الرجال. كما تطورت الكتاتيب وصارت تفتح أبوابها فى الصباح وفى المساء بعد أن استفادت من التكنولوجيا المعاصرة، وصارت الكتاتيب مشروعات تعليمية تدخل أرباحا جيدة لدى البعض مثل أصحاب دور رياض الأطفال، الذين سرعان ما حولوا دور رياض الأطفال المملوكة لهم والتى تعمل بإشراف من وزارة التضامن الإجتماعى، إلى كتاتيب لتحفيظ القرآن الكريم للصغار، وصار لا يخلو نجع أو شارع من كتاب لتحفيظ القرآن الكريم فى كل عموم مصر، وبخاصة قرى الصعيد التى تشتهر بكتاتيبها التاريخية منذ القدم. لكن الكثير من الكتاتيب لا تزال تحتفظ بنمطها القديم فهناك " اللوح " المصنوع من الصفيح وهناك الحبر والمحبرة " وهناك القلم المصنوع من نبات البوص، وهناك السبورة الأسمنتية التقليدية. وفى شهرى ربيع الأول ورمضان، تحتفل قرى مصر ومدنها بتكريم حفظة القرآن الكريم فى احتفالات سنوية تقام مع حلول ذكرى المولد النبوى الشريف، وحلول شهر الصوم الكريم، فتوزع الهدايا والجوائز المالية وتذاكر السفر إلى بلاد الحجاز لآداء مناسك العمرة. وللساحات الدينية والصوفية فى مدن وقرى مصر وصعيدها، دور لافت فى تشجيع حفظة القرآن الكريم، ورعايتهم وتكريمهم وتقديم الدعم اللازم لهم، وتنظم الساحات الدينية والصوفية المصرية احتفالات سنوية يدعى لها مشاهير العلماء والقراء ومحطات التلفزة فيكرم فى تلك الليالى محفظى القرآن الكريم وحفظته وسط تكبير وتهليل.

حجاج سلامة
الاربعاء 31 يوليوز 2019