ويضم القسم المخصص للعزل أكثر من 30 مريضًا، ويركز الكادر على تقديم الرعاية الأولية، التي تشمل تقييم الجفاف والتغذية ووجود الحمى، مع مراقبة المرضى.
وفي حال عدم التحسن، تُحال الحالات التي تتطلب رعاية متقدمة إلى مراكز طبية أكبر في الرقة أو دير الزور شمال وشرقي سوريا.

أكثر من 30 حالة

استقبل مستشفى “الكسرة” العام أكثر من 30 حالة، من بلدات الزغير وحمار الكسرة وحمار العلي، فضلًا عن بلدة الكسرة بشكل أساسي، بالإضافة إلى الهرموشية، منذ مطلع الأسبوع الماضي، بحسب الكادر الطبي الموجود داخل المشفى.
ويتعامل الأطباء مع حالات الإسهال المائي على أنها اشتباه بالكوليرا، وأُخطرت المنظمات المعنية ومنظمة الصحة العالمية بهذا الشأن.
وعلى الرغم من أن بعض المسحات أظهرت نتائج إيجابية تؤكد الإصابة، فإن المستشفى يواجه تحديًا كبيرًا بسبب نقص “كيتات” فحص البراز اللازمة لتأكيد التشخيص بشكل قاطع، ما يجعل الاعتماد على الأعراض والمسحات الأولية ضروريًا.

أعباء اقتصادية وتحديات مجتمعية

في هذا السياق، أشار الصيدلاني خضر الدهوش، في حديث إلى عنب بلدي حول الوضع الصحي بالمنطقة، إلى ارتفاع أسعار الأدوية ونقص بعض الأنواع، ما يدفعهم لتقديم العلاج الإسعافي، وتحويل الحالات التي تتطلب علاجًا خاصًا إلى المستوصفات والمستشفيات المدعومة التي توفر الدواء مجانًا.
وتلقي هذه الظروف بظلالها على الأهالي، الذين يواجهون صعوبة في تحمل تكاليف العلاج المرتفعة.
إبراهيم الجميل، أحد المرضى، عبر عن هذا التحدي قائلًا، “أنا مريض، ولا أستطيع تحمل تكاليف العلاج الباهظة في الصيدليات الخاصة”، آملًا أن يتم توفير الأدوية الأساسية مجانًا بشكل أكبر، فـ”المرض لا ينتظر”، وفق قوله.
ويؤكد الكادر الطبي في مستشفى “الكسرة” ضرورة تعزيز الوعي الصحي، وتحسين خدمات المياه والصرف الصحي في هذه المناطق للحد من انتشار المرض، خاصة مع استمرار تلوث مياه الشرب.

ما الكوليرا؟

الطبيب أكرم خولاني، اختصاصي بطب الأسرة، وعضو “الأكاديمية الأمريكية لأطباء الأسرة” (AAFP)، أوضح لعنب بلدي في تقرير سابق، أن الكوليرا هي عدوى جرثومية تصيب الأمعاء الدقيقة نتيجة ابتلاع كمية كبيرة من الجراثيم.
وقال إن بعض الجراثيم تُقتل بواسطة أحماض المعدة، بينما يستقر بعضها في الأمعاء ويتكاثر، منتجًا سمومًا تؤدي إلى طرح كميات كبيرة من الماء والأملاح، مسببة إسهالًا مائيًا شديدًا.
وأشار إلى أن العدوى تنتقل عبر تناول أطعمة مكشوفة أو مشروبات ملوثة، أو مياه غير صالحة للاستخدام، لا سيما عند تسرب مياه الصرف الصحي إلى شبكات الشرب أو تلوث الخزانات.
وتظهر حوالي 20% من الحالات المصابة أعراضًا شديدة مثل الإقياء والإسهال، ما قد يؤدي إلى جفاف حاد يسبب الوفاة في نصف الحالات إذا لم يُعالج، بينما تنخفض الوفيات إلى أقل من 1% مع العلاج المناسب.

واقع طبي متردٍّ

يشهد القطاع الطبي في ريف دير الزور، بالقسم الخاضع لسيطرة “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، نقصًا حادًا في جميع المستلزمات والخدمات.
وبحسب مصادر من المنطقة، تفتقر المستشفيات والمراكز الطبية هناك إلى الأجهزة الطبية الأساسية، ما يعوق قدرتها على تشخيص وعلاج الأمراض بفعالية.
كما يوجد فقدان شبه كلي للعديد من الأدوية الضرورية، ما يضع حياة المرضى على المحك ويجعل حتى أبسط العلاجات غير متوفرة.
الأزمة لا تتوقف عند حدود المعدات والأدوية، بل تمتد لتشمل نقصًا حادًا في الكوادر الطبية المتخصصة، حيث يعاني الريف من شح في الأطباء والممرضين والفنيين.