نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
عيون المقالات

عن روسيا وإيران شرق المتوسّط

08/05/2024 - موفق نيربية

( في نقد السّياسة )

05/05/2024 - عبد الاله بلقزيز*

أردوغان.. هل سيسقطه الإسلاميون؟

03/05/2024 - إسماعيل ياشا

" دمشق التي عايشتها " الغوطة

28/04/2024 - يوسف سامي اليوسف

( أيهما أخطر؟ )

24/04/2024 - محمد الرميحي*

إيران.. من يزرع الريح يحصد العاصفة

23/04/2024 - نظام مير محمدي

وقاحة استراتيجية مذهلة

21/04/2024 - راغدة درغام


المال أولا المال غالبا عن الانتخابات طبعا




تعاني الصيغ الانتخابية في كثير من دول العالم من سطوة المال، ويتجلى ذلك أكثر ما يتجلى في السياق الأمريكي الذي استهلكت فيه الانتخابات الرئاسية وحدها 6 مليارات دولار. وحين نتحدث عن المال، فنحن نتحدث بالضرورة عن الفساد وسطوة لوبيات كثيرة تملك منه الكثير كما هو حال اللوبي الصهيوني مثلا وشركات الأسلحة والتبغ وسواها.


لكننا في السياق الأمريكي نتحدث أيضا عن حزبين كبيرين، وبالتالي حياة حزبية مستقرة ودستور شبه مستقر وانتخابات لعمدة كل ولاية، وانتخابات لمجلس النواب ومجلس الشيوخ. وعموما فإن دول العالم لم تستقر بعد على النموذج الانتخابي الذي تراه عادلا بالمعنى الواقعي للكلمة.

ولعل الكيان الصهيوني (مع الأسف كما نردد دائما)، ومعه عدد لا بأس به من الدول هي التي استقرت على نظام انتخابي معقول يتمثل في نظام القائمة النسبية الكامل الذي يجعل مجلس النواب ممثلا لكتل حزبية وانتخابية وليس لدوائر جغرافية بعينها.

في أي حال، سيبقى المعنيون بعدالة التمثيل يبحثون عن صيغ أفضل، بحيث تغدو العملية الديمقراطية معبرة تعبيرا حقيقيا عن نبض الناس، وليست مجرد هياكل مفرغة من المضمون، أو صيغ تسمح بتنافس فئات معينة دون سواها على السلطة.

والحال أن أكثر دول العالم لا زالت تعاني من سطوة المال على العمليات الانتخابية، باستثناء الدول التي استقرت فيها المعادلة الحزبية بشكل معقول، من دون أن تتمرد هي أيضا على سطوة المال، أكان على صعيد التأثير في حصة الحزب نفسه من الكعكة السياسية، أم على صعيد تقدم الأشخاص أنفسهم داخل الوضع الحزبي (للإعلام الخاضع لسطوة المال أيضا دوره في هذه اللعبة).

نتحدث في هذا الشأن في ظل ما نتابعه عندنا هذه الأيام من تنافس على مقاعد البرلمان. ونحن وإن كنا نرى أن البرلمان القادم لن يختلف عن البرلمان الماضي، لأن صيغة الصوت الواحد المجزوء لن تؤدي بأي حال إلى تمثيل معقول، أو حتى برلمان سياسي بالمعنى الواقعي، وسيظل المجلس عبارة عن تجمع لنواب خدمات يمثل كل منهم منطقة بعينها، وحتى نظام القائمة الذي أضيف لن يغير شيئا في ظل مقاطعة أهم الأحزاب، وفي ظل النظام الذي اعتمد ويسمح لأي أحد بتشكيل قائمة، الأمر الذي أنتج صفقات بين المرشحين أنفسهم الذين وزعوا أنفسهم؛ هذا للدائرة وذاك لنظام القائمة، لاسيما أن أكثر القوائم لن تحلم بأكثر من مرشح واحد، هو المرشح رقم واحد الذي صنعت القائمة من أجله.

ما يعنينا هنا هي سطوة المال التي تتبدى في انتخابات من هذا النوع، إذ أن تتبع سيرة أكثر المرشحين، لاسيما من يمتلكون فرصة منهم، وليس من نزلوا لعرض الحال، فلن نعثر في الغالب الأعم، إلا على قطاع من ذوي المقدرة المالية العالية، سواءً استخدموا تلك المقدرة في دفع كلفة الحملة الانتخابية، أم استخدموها في شراء الأصوات.

وبالتالي فإن تعبير المال السياسي لا يبدو كافيا للتعبير عن سطوة المال، إذ أنه يعبر فقط عن عملية شراء الأصوات، فيما يتجاهل قدرة الإنسان عبر المال على تكوين الأتباع أو تقريب الناس بهذه الطريقة أو تلك، فضلا عن القدرة على الصرف على حملة انتخابية، وتاليا تحمل القدرة على تحمل “وجاهة” النيابة التي تتطلب دفعا متواصلا للناس أصحاب الحاجات في وضع يغدو فيه النائب ممثلا لكتلة معينة منهم، وليس لعموم الوطن، لاسيما أن القائمة الوطنية لن تغادر غالبا ذات اللعبة الجغرافية، حتى لو تمكنت هذه القائمة أو تلك من تنويع أصواتها على نحو محدود.

في السياق لا نعثر بين المرشحين إلا على قلة ممن يقدمون أنفسهم للناس عبر كفاءاتهم في العمل السياسي والنضالي والثقافي والاجتماعي والعلمي، فيما يحضر الذين يقدمون أنفسهم للناس بوصفهم من أهل المال الذين يمكنهم المساهمة (أحيانا) في هذا المشروع أو ذاك، فضلا عما يحصل عليه صاحب المال من مكانة اجتماعية بين أقاربه وعشيرته (إذا لم يكن بخيلا بالطبع).

ربما كانت الأحزاب هي الوحيدة التي أوصلت إلى البرلمان نماذج من ذوي الدخل المحدود، أو الإمكانات المالية العادية. وفي ظل مقاطعة حزب جبهة العمل الإسلامي وبعض الأحزاب الأخرى، فإن النموذج الذي يقدمه البرلمان الحالي هو ذاته القديم، أعني ذوي القدرات المالية المتميزة، سواءً استخدموها كما قلنا في شراء الأصوات، أم في دفع كلفة الحملة الانتخابية، أم في شراء القبول في الوسط الاجتماعي، أو الحصول عليه بالكرم والعطاء، والأخير من النوع الجيد بالطبع.

على أن ذلك كله لا ينتج برلمانا سياسيا قادرا على تشكيل الحكومات وتقديم البرامج ولا إنتاج معارضة سياسية حقيقية.

“المال شيطان المدينة”... بدر شاكر السياب.

ياسر الزعاترة
الاثنين 21 يناير 2013