نظرا للصعوبات الاقتصادية التي رافقت الجائحة وأعقبتها اضطررنا لإيقاف أقسام اللغات الأجنبية على أمل ان تعود لاحقا بعد ان تتغير الظروف

الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بخمس لغات عالمية
الهدهد: صحيفة اليكترونية عربية بأربع لغات عالمية
Rss
Facebook
Twitter
App Store
Mobile



عيون المقالات

إيران.. من يزرع الريح يحصد العاصفة

23/04/2024 - نظام مير محمدي

وقاحة استراتيجية مذهلة

21/04/2024 - راغدة درغام

التعميم بوصفه "تخبيصة" العقل الأولى

18/04/2024 - مصطفى تاج الدين الموسى

رسائل النيران بين إيران وإسرائيل

15/04/2024 - محمد مختار الشَنقيطي

جنوب لبنان.. بعد غزة

06/04/2024 - عبد الوهاب بدرخان

غزة والأخلاق العابرة للحدود والأرباح

06/04/2024 - عدنان عبد الرزاق

نزار قباني وتلاميذ غزة

06/04/2024 - صبحي حديدي

حرب لإخراج إيران من سوريا

06/04/2024 - محمد قواص

على هامش رواية ياسر عبد ربه

04/04/2024 - حازم صاغية


الوان الحج على مر التاريخ ما بين الدينى والدنيوى




الأقصر- قبيل خمسة آلاف عام، كان المصريون القدماء يحجون إلى مدينة أبيدوس، أحد اقدم العواصم المصرية الضاربة بجذورها فى أعماق التاريخ، حيث كان الحج الى تلك المدينة جزءاً هاما من الحياة الدينية لدى قدماء المصريين آنذاك.


مدينة أبيدوس
مدينة أبيدوس
والطريف أن ذلك الحج وبحسب المعتقدات المصرية القديمة، كان يقوم به الأحياء والأموات معا، فالأحياء يحجون إلى أبيدوس بأجسادهم، وأما الأموات فيحجون بأرواحهم، فكان موسم الحج الى ابيدوس، ملتقى لجمع الأحياء والأموات معا، إذ كانت الأرواح تُمنحُ قوارب خاصة تنقلها الى ابيدوس، والحج كلمة تعنى فى المصرية القديمة " الشىء ناصع البياض " و" النقى الأبيض ". وكانت الأعياد أيضا، موسما لحج قدماء المصريين إلى الأماكن المقدسة، كما كان يحدث فى الأقصر خلال عيدى الأوبت والوادى، وكما كان يحدث فى دندرة وأدفو وبوباسطة. وفى مدينة الأقصر، كان عشرات الآلاف من الحجاج يفدون للمدينة قبيل آلاف السنين، ليشهدوا طقوس عيد الأوبت الفرعونى، وخروج السفن المقدسة لآمون والثالوث المقدس، وهى تحمل على أكتاف الكهنة لتوضع فى نهر النيل، حاملة الثالوث المقدس فى رحلته من معبد الكرنك الى معبد الأقصر، حيث يزور الاله آمون زوجته الربة موت فى اليوم الخامس عشر من الشهر الثانى للفيضان فى كل عام، ثم يعود الى معبد الكرنك فى يوم السادس والعشرين، وذلك بمشاركة الجنود والكهنة وعامة الشعب فى الإحتفال بالرقص والغناء، فى مظاهر ثابتة انتقلت من مواكب عيد الأوبت إلى موكب ومولد سيدى أبى الحجاج الأقصرى التى تقام فى منتصف شهر شعبان بالتقويم الهجرى فى كل عام، منذ أكثر من 800 سنة وحتى اليوم. اليونانيون والرومان وقدماء المصريين مارسوا الحج وإذا كان قدماء المصريين قد عرفوا طقوس الحج قبيل خمسة آلاف عام مضت، فإن الكثير من شعوب العالم عرفت ذلك الموروث الانسانى – وهو الحج – والذى يبدو أنه قديم قٍدَمَ التاريخ، وعلى مر التاريخ، تبانيت الوان الحج وتعددت مقاصده وأهدافه، ما بين دينى ودنيوى. وهكذا تركت لنا العصور القديمة،فى مصر الفرعونية الكثير من المعابد والمزارات التى كانت مقصدا للحج فى الأقصر والكرنك وابيدوس، فكانت مكانا لتجمعات ضخمة من الحجاج، وقد مارس اليونانيون، والرومان الحج لتحقيق مقاصد دينية رياضية وسياسية ايضا، ربما بهدف جمع البلدان تحت لواء عقيدة واحدة. الموت غرقا لحجاج نهر الجانج : وهناك من يعتقدون فى أن بعض الأنهار صالحة لتطهرهم من الذنوب، مثل الهندوس الذين يحجون الى نهر جانج بالملايين ليسبحون فى مياهه ويغتسلون من أدران الحياة بحسب اعتقادهم، لكن بعضهم يتعرض للغرق ويلقى حتفه، ربما قضاء وقدرا وربما يتعمد البعض الموت وسط مياه ذلك النهر المقدس لدى الهندوس. وعند البوذيين هناك سبعة أماكن مقصدة تعد مقصدا لمن يعتنقون البوذية، لكن أكثرها شهرة عبر التاريخ هى " بنارس "، والحاج البوذى يقوم بحلاقة شعر الرأس وكل شعر فى الجسد قبل أن يقوم بزيارة المعابد التى يقصدها الحجاج، وقبل أن يزور المنزل الذى ولد فيه بوذا والمكان الذى دفن فيه والقبر الذى ترقد فيه رفاته. وفى اليابان، عرف اليابانيون 180 ألف معبد كانت مقصدا للحجاج عبر التاريخ، وكان الامبراطور يقوم بالحج الى المعابد الكبرى تمجيدا للآلهة. وكان الكاثوليك يحجون الى مدينة " لورد " بالملايين، طلبا للشفاء، كما يحج الملايين فى كل عام الى بيت المقدس حتى اليوم. وهناك حجاج مسيحيون يحجون الى كهف نوتردام تحت الأرض، وسبقهم حجاج آخرون فى العهود السابقة إلى مدينة سان جاك دى كومبو ستيل الأسبانية. ومن المثير ان البعض كان يقوم بالحج الى قبر لينين، وشبان كُثَرٌ كانوا يقومون بالحج الى كاتمندو وسان فرانسيكو وودستوك، وجزيرة وايت، ربما للتعبد وربما من أجل الموسيقى والحشيش. لكن كل الحجاج وعلى مختلف ألوانهم ومعتقداتهم ، سواء كانوا يحجون للتعبد، أو باحثين عن أهداف جديدة لحجهم، أو زائرون مبهورون ، أو جوالة ضالون متقشفون، فقد كانوا يستخدمون وسائل تنقل غير تلك التى عرفها الحجاج فى العصور الحديثة، مثل الطائرة والعربات المكيفة والدراجات البخارية والبواخر السريعة، وغيرها من وسائل النقل الحديثة. أما حجاج الماضى، فكانوا يستخدمون الابل والخيول والمراكب ثم صار القطار أحد وسائل نقل الحجاج، كما فى مكة المكرمة منذ عقود وحتى اليوم. وتبقى الاثارة تارة والغموض تارة أخرى مصاحبا لكثير من محطات الحج عبر التاريخ، حتى فى تلك الحضارات التى زالت وانطفأ نورها، لكن روابط أخرى قد نراها تربط بين طقوس الحجاج منذ العصور القديمة وحتى العصر الحديث، وهى إما بحث الانسان عن الإيمان، أو عن كل ماهو عجيب ومثير، لكن الأكثر طرفة واثارة هو تلك الارواح التى تحج الى ابيدوس فى مصر القديمة، وتلك الارواح التى ترحل عن الدنيا فى وسط مياه نهر الجانج، مقصد الحجاج الهندوس.

حجاج سلامة
الاحد 28 يوليوز 2019